ترجمة وتحرير نون بوست
بعد أربعة أيام فقط من بدء الولايات المتحدة حملتها الجوية في سوريا لتدمير قوات الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، بدأت استراتيجية أوباما تظهر علامات الفشل المبكر، الذي بدا في فقدان الدعم من أهم الأشخاص الذين تحتاجهم الولايات المتحدة كي تنجح في مسعاها ضد داعش.
في بيان صدر يوم الجمعة، أعلن الائتلاف من أجل سوريا الديمقراطية، وهو تجمع يضم عددا من المنظمات السورية الأمريكية ويتواصل بشكل دائع مع الثوار السوريين، أعلن إدانته للقصف الأمريكي الذي لم يتم بالتنسيق مع أي من الثوار على الأرض. الثوار والمراصد الحقوقية أكدوا سقوط عشرات المدنيين السوريين في القصف الخليجي الأمريكي على سوريا، واتهموا إدارة أوباما بأنها تحرف عينيها عن الهدف الرئيسي -داعش- واستهداف مجموعات أخرى تحارب نظام بشار الأسد. يؤكد الثوار أن الضربات الجوية سيكون أثرها النهائي: دعم الأسد وإضعاف المعارضة وداعش.
ولأن الولايات المتحدة تخوض هذه الحرب بلا جنود، فإن الجنود الذين تحتاجهم أمريكا هم من تصفهم بـ”المعارضة المعتدلة”، هؤلاء سيكونون عيون وآذان أمريكا في سوريا، وسيقومون بالمهمة التي من المفترض أن يقوم بها الجنود الأمريكيون.
يقول كريستوفر هارمر، المحلل في معهد دراسة الحرب إن “الطريقة الوحيدة للتخلص من داعش هو الحفاظ على شبكة من جامعي الاستخبارات على الأرض، قريبين من الأهداف، والذين يستطيعون التأكيد عما إذا كان القاصفون يختارون الأهداف الصحيحة أم لا”
الرئيس الأمريكي باراك أوباما قال أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن “الثوار المعتدلين هم النموذج الذي سيعادل إرهاب داعش ووحشية نظام الأسد”، لكن أوباما لم يستشرهم في أي من تحركاته الأخيرة التي شاركته فيها خمس دول عربية (السعودية، الأردن، الإمارات، البحرين، قطر) ضد تنظيم “الدولة” بالإضافة للتنظيم الذي أعلنت عنه أمريكا بشكل فجائي، تنظيم خراسان الذي يعتبره البعض مقربا من جبهة النصرة، ويقول الأمريكيون أنه كان على وشك شن هجمات على أهداف غربية، ربما باستخدام طائرات تجارية.
محمد غانم، أحد مسؤولي المؤسسات السورية في الولايات المتحدة، وأحد أنصار المعارضة الذين هم على اتصال مع الثوار المعتدلين، قال إن غياب الاتصال معهم أدى إلى هجوم على المدنيين.
وعلى الرغم من أن الأمريكيين لن يناقشوا بشكل علني قائمة أهدافهم في سوريا، إلا أن المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية، باتريك رايدر، قال أن الولايات المتحدة “اتخذت كل الاحتياطات اللازمة لضمان عدم تضرر المدنيين”. وهو الأمر الذي يتشكك به السوريون، إذ يختلط جنود داعش بالمدنيين عادة، كما أن الولايات المتحدة أعلنت عن تنظيم جديد لم يسمع به أحد، وهو ما يمكن أن يبرر قصف أي هدف!
مسؤولون من المجموعات التي تصفها الولايات المتحدة بأنها جديرة بالثقة بما فيه الكفاية لتلقي التدريب والتسليح الأمريكي، صرحوا أنهم لم يتلقوا حتى اتصالات هاتفيا من الأمريكيين قبل بدء الضربات للتنسيق حول الأهداف.
السوريون يتشككون في أهداف الولايات المتحدة، لا سيما بعد قصف مقرات لجبهة النصرة، فرع القاعدة في سوريا، وهي الطرف الأقوى في المعركة ضد الأسد حاليا. وردا على ذلك، أصدرت مختلف المجموعات المتمردة في سوريا تصريحات تتهم الولايات المتحدة وحلفائها بدعم الأسد من خلال مهاجمة النصرة.
هارمر يقول إن “الجهد الأمريكي المبذول الآن في سوريا هو مجرد جهد واضح لتدمير النصرة، ولا تبذل سوى القليل لتدمير داعش، ولا تبذل أي جهد على الإطلاق لإسقاط الأسد!”
الحملة الجوية الأمريكية العربية تجنبت استهداف أي مرافق تابعة للأسد، وحتى أنظمة الدفاع الجوي الروسية التي تمتلكها سوريا لم تعترض أي من طائرات التحالف! بل إن السوريين صرحوا أنهم تم استئذانهم قبل شن الهجمات، وأنهم يرونها تصب في نفس اتجاه جهدهم، إذ يرى الجميع في داعش عدوا مشتركا.
لكن واشنطن من جانبها تقول إنها لا تنسق مع الأسد على الإطلاق.
وبعد أقل من أسبوع من القصف، اندلعت مظاهرات في أنحاء سوريا احتجاجا على استهداف النصرة!
في إحدى قرى حلب، وفي تظاهرة عرضت لقطات منها قناة الجزيرة، هتف السوريون ضد الأسد وضد قصف المدنيين، ورفعوا شعارات تقول “جبهة النصرة تمثلني”. الغارات في إدلب وحدها قتلت 20 مدنيا على الأقل، وهو ما لم تنفه وزارة الدفاع الأمريكية!
حركة “حزم”السورية، وهي حركة تحصل على دعم أمريكي ومنظمة على الأرض قالت إن المستفيد الوحيد من التدخل الخارجي هو نظام الأسد، خاصة مع غياب اي استراتيجية حقيقية لإسقاطه. موقف حركة حزم يؤشر بشدة إلى التغير في مواقف الثوار السوريين الذين تؤيدهم الولايات المتحدة، حيث أن حزم كانت واحدة من أكثر حلفاء أمريكا المفترضين جدارة بالثقة في الحرب السورية.
المسؤولون الأمريكيون يبررون عدم التنسيق مع المعارضة بسبب حقيقة غياب معارضة سورية موحدة. لكن الأمر يبدو أعقد من ذلك بكثير.
هارمر يؤكد “لم نبذل جهدا كافيا لتدمير داعش، ولا حتى لتدمير النصرة، ولم نبذل جهدا لإسقاط الأسد، ولم ندعم بعد المعارضة المعتدلة في سوريا”. يبدو أن الأمريكيين يحترفون صناعة الأعداء
المصدر: فورين بوليسي