بعد تقوقع دام قرابة 6 سنوات في ثلاجة النسيان منذ إعفائه من منصبه كأمين عام لمجلس الأمن الوطني في السعودية، خرج الأمير بندر بن سلطان للأضواء من جديد عبر شاشة “العربية” ليثير الجدل – كعادته – عبر تصريحات وصفت بأنها “حمقاء” بشأن القضية الفلسطينية ورموزها بجانب اتهامات أخرى لبعض الدول كقطر وتركيا وإيران.
إطلالة رئيس الاستخبارات الأسبق وعراب السياسة الأمريكية في الخليج وأراجوز ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ومُدلل ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، رغم ما حملته من تجاوزات للخطوط الحمراء، فإنها لم تكن مفاجئة لكثير من المتابعين، كونها تأتي في السياق الزمني والظرفي لحالة الفوضى السياسة التي تشهدها منطقة الخليج لا سيما حيال ملف التطبيع الذي يدافع عنه بندر باستماتة فائقة.
حرص السفير السعودي الأسبق لدى الولايات المتحدة لمدة 22 عامًا (1983-2005)، خلال سلسلة لقاءاته الممنهجة على شاشة “العربية” على مهاجمة القيادة الفلسطينية بشدة، موجهًا سيلًا من الشتائم والاتهامات لها، في مقابل الزود بكل قوة عن اتفاقية التطبيع التي أبرمتها الإمارات والبحرين مع الاحتلال الإسرائيلي في واشنطن 15 من سبتمبر/أيلول الماضي.
اللغة الحادة التي استخدمها الأمير المتقاعد تجاه القضية الفلسطينية والأطراف المتعلقة بها في هذا التوقيت الحساس أثارت تساؤلات عديدة عن توقيت اللقاء وسر اختيار شخصية لا تتولى أي منصب رسمي في الوقت الحاليّ، والسماح لها بالظهور على شاشة قناة معروف إدارتها وطبيعة الملفات التي تتناولها.
الاستعانة ببندر في هذا التوقيت وإخراجه من ثلاجة التجاهل الإعلامي القابع بداخلها منذ سنوات ليست المرة الأولى من نوعها في تاريخ الرجل الذي اعتاد تقديم قرابين الولاء والطاعة للحكام القابع تحت إمرتهم، فالخبرات الطويلة التي حصل عليها طيلة مدة عمله في السلك السياسي والدبلوماسي والأمني جعلته ورقة رابحة يمكن استخدامها وقت الحاجة ليكون فأر تجارب ولي العهد السعودي، يستعين به وقت الأزمات.
هجوم بالأمر
بداية لا بد من الإشارة إلى أن ظهور ابن سلطان على شاشة العربية لا يمكن أن يكون دون موافقة البلاط الملكي السعودي، وعليه فإن التصريحات الصادرة عنه تعكس بشكل أو بآخر إما رؤية المملكة أو تقديمها كـ”جس نبض” لتقييم ردود الفعل خاصة أنها صادرة عن شخص غير ذي صفة ولا يعكس الموقف الرسمي للرياض، أو هكذا يبدو من الناحية النظرية.
الأمير المقرب من ابن زايد المقيم في دبي منذ إعفائه من منصبه، هاجم القادة الفلسطينيين بسبب تصريحاتهم المنددة باتفاق التطبيع مع الكيان الصهيوني، واصفًا تلك التصريحات بأنها “كلام هجين ومستوى واطي، ولغة مرفوضة، فكلمات خان وطعن في الظهر التي استخدمتها القيادة الفلسطينية، هي مستساغة بالنسبة لهم، لأن هذه سنتهم في تعاملهم مع بعضهم”.
كما وصف حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بـ”الانفصاليين الذين يحكمون غزة”، هذا بخلاف هجومه على قطر التي نعتها بـ”الدولة الهامشية”، علمًا بأنها ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها الدوحة، ففي تصريحات له بداية الحصار قال إن باستطاعته احتلالها خلال ساعتين.
الدبلوماسي السعودي السابق هاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قائلًا إنه “أعلن أنه سيسحب سفيره من الإمارات تأييدًا للقضية الفلسطينية، فلماذا لم تطرد سفير إسرائيل في أنقرة أو تسحب سفيرها من تل أبيب؟”، متهمًا في الوقت ذاته إيران بأنها “تتاجر بالقضية الفلسطينية على حساب الشعب الفلسطيني”.
الملاحظ أن قائمة الهجوم البندري هي ذاتها القائمة التي يتبناها كل من ابن زايد وابن سلمان، وهو ما يعكس حقيقة الدور الذي استدعي لأجله ابن سلطان، فالرجل لم ولن يتكلم من كيسه مطلقًا، ما لم يتلق تعليمات بالتحدث وفي أي المجالات، حتى إن لم تكن بصورة مباشرة.
الأمير بندر بن سلطان يزور مركز الدراسات والشؤون الإعلامية بالديوان الملكي،وكان في استقبال سموه رئيس الديوان الملكي خالد العيسى، ورئيس المركز سعود القحطاني واستمرت الزيارة 12 ساعة، تم فيها تقديم عدد من الإيجازات لسموه،ثم قام بإلقاء محاضرة تاريخية في السياسة والأمن لمدة أربع ساعات. pic.twitter.com/hlp41b7Llo
— خبر عاجل (@AJELNEWS24) February 27, 2018
سياقات ورسائل
يمكن تفهم مثل هذه النوعية من التصريحات الحمقاء كما وصفها البعض، في ضوء مجموعة ممن السياقات التي تستهدف تصدير رسائل محددة، أولها أنها تأتي كجزء من الحملة الممنهجة التي تقودها الرياض منذ قدوم ابن سلمان لشيطنة الفلسطينيين وإجهاض القضية الفلسطينية إرضاءً للحليف الإسرائيلي الذي يعتبره ولي العهد البوابة الكبرى للحصول على الرضا السامي الأمريكي بما يعبد الطريق لخلافة والده على العرش.
أما السياق الثاني فيندرج تحت قائمة التبريرات والحجج الاستباقية التي تقدمها السعودية تمهيدًا للتطبيع مع “إسرائيل”، من خلال خلق رأي عام عربي وخليجي مناهض للسلطة الفلسطينية ورمزيتها من جانب والرواية الوطنية التاريخية الفلسطينية من جانب آخر.
وأخيرًا يأتي السياق الثالث الذي يرتبط بشكل أو بآخر بالسياقين السابقين والمتعلق بالضغط على القيادة الفلسطينية ومحاولة ابتزازها من خلال العزف على وتر وقف المنح والمعونات وحزم الدعم المقدمة، في محاولة للدفع بها للتعاطي مع صفقة القرن بما يخدم الأجندة الصهيوأمريكية وحلفائهم في المنطقة.
لماذا بندر بن سلطان؟
السؤال الذي يفرض نفسه الآن: لماذا بندر على وجه التحديد من تم اختياره لأداء هذه المهمة؟ ويجيب عنه الأكاديمي السعودي محمد العمري، مدير مركز “الجزيرة العربية للإعلام” في لندن، الذي أشار إلى أن استدعاءه يأتي “بسبب فشل وانعدام رجال الدولة، ورجال الخبرة في هذه المرحلة، لقصور كبير لدى القيادة الحاليّة”.
وأضاف العمري في تصريحاته لـ“عربي 21” أن السلطات الحاكمة في المملكة عمدت في الآونة الأخيرة إلى الترويج لسياساتها عبر وجوه سابقة عُرف عنها قربها من الملوك الراحلين، وهو ما قد يكون مبعثًا لثقة واطمئنان المواطنين، لافتًا إلى أن ولي العهد يسعى من خلال تصريحات بندر إلى الترويج لسياسات يخشى تمريرها شعبيًا.
المعارض فهد الغويدي، يرجع اختيار بندر كونه شخصيةً سياسيةً مخضرمةً، وله تجربة طويلة في العمل السياسي والأمني، كما أنه لم يتهم من قبل في قضايا فساد بشكل مباشر وإن تم الزج باسمه أكثر من مرة لكن دون أدلة مؤكدة، ما يجعل منه وجهًا غير مشوه إعلاميًا ويمكن الاستعانة به في الوقت الراهن.
ربما تحمل تلك التصريحات مغازلة للولايات المتحدة فيما يتعلق بالموقف السعودي من التطبيع مع “إسرائيل” والعلاقات الحميمية التي تربط بين البلدين، حسبما أشار الغويدي الذي يرى أن هذه خطوة استباقية سعودية حال فاز المرشح الديمقراطي جون بايدن، غير مستبعد أن يتم تهيئة بندر لمنصب مهم في القريب العاجل ليلحق بابنته التي تشغل منصب سفيرة المملكة في واشنطن وابنه خالد، سفير العاهل السعودي في لندن.
Times Of Israel:
للتذكير: مدير الاستخبارات السابق بندر بن سلطان التقى مع رئيس الموساد الإسرائيلي في تاريخ 27 نوفمبر 2013.
تاريخه حافل بـ “الخيانة”!https://t.co/XBaqFzSxbd
— مفتاح (@keymiftah79) October 8, 2020
المزور ابن أمه
وُلد بندر في مدينة الطائف السعودية في الـ2 من مارس/آذار 1949، وهو الابن الثالث لأبيه من أصل 33 ابنًا، والدته هي الأميرة الخيزرانة، وهي جارية من أصول إفريقية (إثيوبية تحديدًا) وكانت مملوكة للأمير سلطان حيث تزوجها وأنجب منها ابنه بندر ثم طلقها بعد ذلك.
عاش الوليد الصغير من والدته في منطقة عسير جنوب المملكة، حيث شكلت الجانب الأكبر من شخصيته في ظل ابتعاده عن أبيه بعد طلاق والدته، وهذا هو السبب وراء تسميته بـ”ابن أمه” فيما تناقلت بعض وسائل الإعلام عدم اعتراف الأمير سلطان به بداية الأمر لأنه من أم جارية وليست من العائلة المالكة.
لكن في المقابل هناك من يشكك في تلك الرواية حتى إن لم يُساوي بندر ببقية إخوته في المنح والعطايا، كونه يعيش مع والدته في صحراء المنطقة الجنوبية، إلا أنه كان يحصل على راتب شهري كبقية الأمراء، ليعود بعد ذلك إلى أحضان والده الذي علمه الصيد والرماية، لكن بعدما تشربت شخصيته بسمات الوالدة أكثر من الوالد.
كان بندر ميكافيللي النزعة، فالغاية عنده تبرر الوسيلة، طالما أنها تحقق حلمه وترضي طموحه، وهو ما تم توثيقه خلال تزويره لتاريخ ميلاده من أجل الانضمام للقوات الجوية الملكية السعودية والالتحاق بكلية كرانويل للقوات الجوية في بريطانيا، وذلك باعترافه شخصيًا.
في كتابه “الأمير” نقل المؤلف وليام سيمبسون عن ابن سلطان اعترافه بأن تاريخ ميلاده الحقيقي هو آواخر عام 1950 وأنه أقنع الطبيب بتغيير شهادة ميلاده لكي ينظم للقوات الجوية، كان ذلك عام 1967 وبالفعل تم إلحاقه بكلية الطيران التي تخرج فيها عام 1969 متقلدًا رتبة ملازم أول.
الله يرحم بو عمار.. لف العالم بالطيارة ونسي القضية https://t.co/H9N5sEvFC7
— بتال القوس (@battalalgoos) October 6, 2020
عراب السياسة الأمريكية في الخليج
في عام 1978 بدأت مسيرة بندر الدبلوماسية وذلك حين تم تعيينه مبعوثًا شخصيًا للملك الراحل فهد بن عبدالعزيز الذي عينه فيما بعد ملحقًا عسكريًا في السفارة السعودية بواشنطن 1982 ثم سفير المملكة لدى أمريكا عام 1983 ليضع الرجل أول أقدامه نحو الانخراط في السياسة الأمريكية.
نجح الأمير الشاب في تدشين شبكة علاقات قوية مع كبار المسؤولين في البيت الأبيض والكونغرس، وكان له دور محوري في صفقات التسليح الغربية للسعودية أبرزها “صفقة اليمامة” لعام 1985، وهي سلسلة من مبيعات الأسلحة الضخمة من المملكة المتحدة إلى المملكة العربية السعودية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني (80 مليار دولار أمريكي)، تلك الصفقة التي أحيط حولها شكوك الفساد لسنوات طويلة.
وبحكم تلك العلاقة الوثيقة بصقور الولايات المتحدة تحول بندر إلى عراب السياسة الأمريكية في الخليج، فبات رجل واشنطن الأبرز في المنطقة ومهندس الملفات الأكثر إثارةً وجدلًا، يكفي أنه خلال رئاسة جورج بوش الإبن (حكم أمريكا من 2001 – 2009) أوصى بالعمل العسكري ضد العراق وكان من أكثر المؤيدين لأجندة نائب الرئيس الأمريكي آنذاك ديك تشيمي لـ”الشرق الأوسط الجديد”.
كما قام بأدوار مثيرة للجدل في بعض الملفات الأخرى على رأسها الملف السوري وعلاقته ببشار الأسد هذا بخلاف محادثاته المستمرة مع قادة حزب الله منذ 2007 وحتى اليوم، وفي 2011 تم إيفاده لباكستان والهند وماليزيا لحشد الدعم للتدخل العسكري السعودي في البحرين.
سمسار الاغتيالات في المنطقة
لم يقف دور ابن سلطان عند حاجز الدعم السياسي والترويج للأجندة الأمريكية في الشرق الأوسط فقط، بل ساهم بشكل غير مباشر في تنفيذ تلك الأجندة فتحول إلى سمسار اغتيالات لحساب الأمريكان، ورغم إنكاره تلك التهم، فإن شهادات المقربين من بعض تلك الملفات كانت أكبر توثيق لضلوعه في تلك الجرائم.
عام 1983 وبعد الهجوم الذي تعرضت له ثكنة مشاة البحرية الأمريكية في بيروت بشاحنة مفخخة، ما أسفر عن سقوط 241 عسكريًا أمريكيًا، حينها اتهمت واشنطن زعيم حزب الله محمد حسين فضل الله بالوقوف خلف تلك العملية، وكان القرار بتصفيته في أقرب وقت.
وبالفعل تعرض فضل الله لعملية اغتيال فاشلة عام 1985 أمام منزلة بسيارة مفخخة ما تسبب في مقتل 80 شخصًا وإصابة أكثر من مئتي آخرين، وقتها وجهت الاتهامات لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية ومعها رئاسة الاستخبارات العامة السعودية التي كان يرأسها في ذلك الحين بندر بن سلطان.
وتناقلت بعض وسائل الإعلام الأجنبية أن السعودية قدمت 3 ملايين دولار مساعدة لأمريكا لتمويل عملية الاغتيال، وهو ما أشار إليه الصحفي الاستقصائي الأمريكي بوب ودورد في كتابه “الحجاب“، حيث نقل تفاصيل المحادثات السرية التي جرت بين الأمير بندر وجنرال المخابرات الأمريكي وليام كيسي.
الصحفي الأمريكي في برنامج متلفز على التليفزيون الأمريكي كشف تفاصيل تلك المحادثات، لافتًا إلى أن كيسي وضع مع الاستخبارات السعودية خطة مفصلة لاغتيال فضل الله عبر سيارة مخففة، بعيدًا عن الإدارة الأمريكية نفسها التي ليس شرطًا أن يكون الرئيس ودائرته على علم بمثل تلك المخططات.
ورغم نفي الأمير السعودي بتلك الاتهامات، فإن العديد من التقارير الأجنبية كشفت تورطه في دعم العديد من المليشات التابعة للقاعدة وداعش لتنفيذ الأجندة الأمريكية في بعض الدول منها الصومال وليبيا والسودان، وغيرها من دول المنطقة.
التورط في الصراع التشادي الليبي
ومن ضمن الملفات الأخرى التي ساقها الصحفي الأمريكي في كتابه “الحجاب”، الصراع بين تشاد وليبيا (1978-1987) الذي لعب بندر فيه دورًا محوريًا في تأجيجه بصورة كبيرة، حيث كانت تخشى الرياض نظام معمر القذافي بسبب معاهدته التي وقعها مع خصمي المملكة في ذلك الوقت إثيوبيا واليمن الجنوبي، الأمر الذي دفع الاستخبارات السعودية للانتقام من النظام القذافي.
الكتاب يشير إلى أن الرؤية السعودية تلاقت مع نظيرتها الأمريكية في هذا الملف، الانتقام من نظام القذافي، وبالتالي حين عرضت الاستخبارات الأمريكية على بندر تمويل عملية سرية ضد هذا النظام رحبت الاستخبارات السعودية بلا أي تردد، وكان هدف تلك العملية استنزاف نظام معمر عبر تأجيج الصراع مع الجارة الجنوبية تشاد.
وبحسب بوب ودورد عززت السلطات السعودية القوات التشادية الضعيفة حينها بالسلاح والعتاد وكل صور الدعم، كما استقدموا مرتزقة أجانب وتدريبهم ثم نقلهم إلى تشاد للقتال إلى جانب صفوف الجيش هناك ضد القوات الليبية، وكانت النتيجة هزيمة قوات القذافي وانسحابها من تشاد.
الأمير بندر اعترف أكثر من مرة بدوره في هذا الملف، أبرزها اعترافه في أثناء المفاوضات مع القذافي بشأن أزمة لوكيربي حين قال له: “بما أننا الآن نتحدث بصراحة معًا، فإننا كنّا نرعى تشاد. كنا فيها وألحقنا بك هزيمة منكرة في ذلك الوقت”، وفق ما وثقه الصحفي الأمريكي في كتابه.
تفجيرات 11 سبتمبر واغتيال خاشقجي
من أبرز الاتهامات التي وجهت للأمير صاحب التصريحات الجدلية تورطه في دعم تفجيرات 11 من سبتمبر/أيلول 2001 حيث أشارت بعض الجهات الأمريكية إلى أن بندر وزوجته قاما بتحويلات مالية إلى “أسامة باسنان” المواطن السعودي المتهم بدعم خاطفي الطائرات الذي كان مقيمًا بواشنطن في ذلك الوقت.
التقارير الأمريكية كشفت كذلك أن “باسنان” المدعوم من بندر كان مقربًا من المواطنين السعوديين الثلاث، عمر البيومي، خالد المحضار ونواف الحازمي، أبرز المتهمين بالاشتراك في التفجيرات، حيث وصلوا إلى الولايات المتحدة أوائل 2000 للتخطيط لتنفيذ العملية.
يذكر أن القاضية الفيدرالية في نيويورك، سارة نيتبورن، كانت قد أصدرت حكمًا قبل عدة أشهر، يطالب الحكومة السعودية بتقديم 24 مسؤولًا حاليًّا وسابقًا للاستجواب بشأن تورطهم بشكل مباشر أو غير مباشر بتلك الأحداث، على رأسهم الأمير بندر بن سلطان، إضافة إلى أحمد القطان أحد أهم مساعديه.
#بندر_بن_سلطان مطالَبٌ للاستجواب أمام محكمة منهاتن في نيويورك في قضية هجمات ١١ سبتمبر، وهو منشغل بالهجوم على قطر، والمنّ والأذى ضد الفلسطينيين!! #رأي_بندر https://t.co/LbICCVPBJt
— محمد المختار الشنقيطي (@mshinqiti) October 8, 2020
هذا بخلاف الاتهامات الموجهة ضده بشأن علاقته بالحرب الطائفية في العراق، وتمويل أنشطة تنظيم القاعدة هناك، هذا بجانب تأجيج الأوضاع في سوريا ولبنان، حيث دعم العديد من المليشات التابعة للتنظيمات المسلحة بهدف تحقيق الأجندة الأمريكية والسعودية في بعض الدول.
كما فُرض اسمه بقوة في ملف اغتيال الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي في مقر قنصلية بلاده في إسطنبول، أكتوبر/تشرين الأول 2018، حيث كان آخر ظهور بارز له حينما زار مركز الدراسات والشؤون الإعلامية بالديوان الملكي، الذي كان يترأسه حينها المستشار سعود القحطاني، أحد المتورطين بجريمة الاغتيال، وذلك في فبراير/شباط من العام 2018.
وقد استمر اجتماع الأمير مع مستشار ولي العهد بالديوان الملكي قرابة 12 ساعة متتالية، 4 منها خصصها القحطاني لإلقاء محاضرة تاريخية في السياسة والأمن، كانت بصمات بندر واضحة بقوة من خلال الألفاظ والمصطلحات المستخدمة والمتعلقة بالانتقاص من الخصوم ولغة التهديد كما أشار الناشط السعودي المعارض عمر الزهراني.
في الأخير يبدو أن هناك مخططًا لتهيئة رئيس الاستخبارات الأسبق لمهمة جديدة تتناسب والسياق السياسي والأمني الراهن، بما لديه من خبرات طويلة ومؤهلات تساعده على ذلك، فخروج الرجل من عزلته بعد 6 سنوات من الغياب لم يكن أمرًا عفويًا، كما أنه لم يكن بعيدًا عن أصابع ابن زايد وابن سلمان.. وهو ما يكشفه إطلاقه موقع إلكتروني تحت اسم “رأي بندر” لنشر أكثر من مجرد رأي، وحتى وثائق، وهو ما قد يعني عودته للواجهة لتأدية أدوار جديدة في السياسة السعودية.