سد النهضة الإثيوبي يشكل كابوسًا للمصريين، كاختفاء المياه التي اعتادت نسبة كبيرة منهم توافرها والجفاف الدائم وغلاء المحاصيل، ما ينعكس على المعيشة ذاتها، التي بدورها ستصبح مستحيلة بعدما كانت صعبة فقط وتسير بيد الله.
لكن هناك سيناريو آخر يقابل سيناريو الجفاف، وهو ماذا سيحدث إذا استيقظنا وقد انهار سد النهضة وتدفقت مياهه نحو مصر والسودان؟
هذا السيناريو يأخذنا إليه الكاتب شريف عبد الهادي في مسلسلة الصوتي “ديستوبيا.. اللحظات الأخيرة”.
من شريف عبد الهادي؟
شريف عبد الهادي هو روائي وسيناريست وكاتب صحفي مصري ومعد برامج تليفزيونية وإذاعية، تخرج في كلية الآداب جامعة حلوان، قسم إعلام، شعبة الصحافة، عام 2005، رأس تحرير أكثر من 25 برنامجًا تليفزيونيًا وإذاعيًا، وله الفضل في تدشين مصطلح “الفيلم السينمائي المقروء” في عالم الكتابة من خلال أعماله كـ”كوابيس سعيدة” و”تيستروچين”.
كتب رواية “أبابيل” التي تتحدث عن الفساد القضائي ورواية “ملكوت” التي ناقشت علاقة الملائكة بأهل الأرض، كذلك ألف فيلمًا سينمائيًا بعنوان “ليل داخلي”، طُرح في دور العرض المصرية والعربية عام 2017 بطولة بشرى وأيمن قيسوني، وإخراج حسام الجوهري.
المسلسل بحد ذاته مشوق ومثير، خصوصًا لكونه يتحدث عن قضية تشغل بالنا جميعًا، لكن أحد عوامل تشويقه هو صوت الراوية السورية “منار مراد”، التي تمتلك خبرة وموهبة عظيمة في التعليق الصوتي، كما أنها أدت مئات من الأفلام الوثائقية والروايات الصوتية، وتعمل أيضًا كمدربة معتمدة في فن الإلقاء واستخدامات الصوت، ومن أشهر أعمالها في الأداء الصوتي للكتب: رواية “ثلاثية غرناطة” لرضوى عاشور، و”أحلام فترة النقاهة” للأديب الكبير نجيب محفوظ، وكتاب “قالوا” للكاتب الشهير أنيس منصور.
ماذا لو؟
ماذا سيحدث لو استيقظنا يومًا لنجد أن هناك 75 مليار لتر مكعب من المياه تدفقوا نحو السودان ومصر؟
“ديستوبيا.. اللحظات الأخيرة” مسلسل صوتي من إنتاج منصة “ستوريتل Storytel” يتناول مشكلة سد النهضة بعد فشل المفاوضات مع الجانب المصري والسوداني.
يتناول المسلسل تلك القضية في عشر حلقات صوتية، تُعرض على المنصة، كذلك تجري مناقشات تحويل المسلسل إلى نسخة روائية مطبوعة.
تدور أحداث المسلسل حول النتائج المخيفة والمترتبة على اكتمال سد النهضة، ومدى خطورة تأثيره على شعب مصر والسودان، وأن الجفاف ليس أكثر الأشياء التي قد تحدث سوءًا بل الفيضان!
يسير المسلسل في خط درامي مشوق مليء بالإثارة، مركزًا على البعد التاريخ والسياسي لجمهورية مصر العربية والمستقبل السوداوي الذي ينتظرها، الذي ينعكس بوضوح في اختيار الكاتب لكلمة “ديستوبيا” لتكون عنوانًا لمسلسله، تلك الكلمة تعبر عن كابوسية الأحداث المستقبلية التي تنتظرنا عند انهيار ذلك السد.
تفاصيل كابوسية قابلة للوقوع
يتناول المسلسل الأزمة منذ بدايتها ويعتبر الكاتب مسلسله بمثابة تحذير لما قد يقع، وهو غير مستبعد الحدوث، إن نتائج ملء السد مخيفة وقاسية وتخلف مستقبلًا مظلمًا سيفترش البلاد معيدًا إيانا إلى شدة مستنصرية حداثية.
قد يكون المسلسل كابوسيًا بحق، لكن المستقبل قد يكون أكثر كابوسية، فقد استغرق الكاتب في كتابة العمل أكثر من عام ونصف باحثًا ومدققًا وقارئًا لكل شيء يخص تلك القضية، عمل شاق ودؤوب وأيضًا مخيف! فقد رأى تفاصيل مرعبة، وخطرًا أبشع بكثير مما نعتقده.
إن انهيار سد النهضة يعني غرق كل شيء، في عدة ساعات سوف تصل المياه إلى مصر، لن يعرف أحد قبلها بوقت كافٍ كي يتمكن من النجاة، سيغرق آلاف البشر، حتى إن تلك الأبراج العالية لن تصمد أمام ذلك الفيضان.
في المسلسل الصوتي يستيقظ رئيس الجمهورية على مكالمة من وزير الدفاع يخبره فيها بانهيار سد النهضة، فيجتمع الرئيس بكل أعضاء الأمن القومي لمحاولة حل تلك الأزمة، يكتشف الرئيس في هذا الاجتماع أن هناك ملفًا خاصًا لأشخاص انتابتهم كوابيس بشأن حدوث هذا السيناريو وانهيار سد النهضة قبل بنائه، فيبدأ الوزراء باقتراح بعض المقترحات في محاولة منهم لاحتواء الوضع المأساوي.
تتفرع الأحداث إلى عدد من الخطوط الرئيسية للأحداث منها: عمر ضابط صاعقة سابق ويعمل في جهاز الأمن الوطني، والقمص أرميا الذي كرس حياته لتفسير رؤيا إشعيا، و”سيف الشريعة” وهو تنظيم مسلح ضد الإرهابيين، والحاج سمير العتال صاحب بزار ويتاجر في الآثار ويبحث عن مال “قارون”، وآدم البوهي وهو مهندس ديكور صاحب شركة خاصة للديكور.
تتشابك تلك الخطوط مع دخول الطوفان، بينما يحاول البشر النجاة منه عن طريق محاولة السفر لأي وجهة لكن المطارات تكون مغلقة، كذلك تسقط شبكات الاتصالات بالكامل بسبب ضغط الاتصالات ومحاولة الجميع الاطمئنان على أقاربهم وأصدقائهم، لذلك يقرر البشر الابتعاد عن شريط وادي النيل والهرب إلى الصحراء، لكن الحكاية لا تنتهي بتلك السهولة!