ترجمة وتحرير نون بوست
تحوّلت مزاعم الرئيس ترامب حول الرسائل المسربة من البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون، إلى مادة دسمة ضمن حملة يقودها أنصار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على تويتر، مدّعين كذبا أن إدارة أوباما كانت تتآمر ضده.
تصدر هاشتاغ #رسائل هيلاري الإلكترونية الترند على موقع تويتر في المملكة العربية السعودية يوم الاثنين، بأكثر من 170 ألف تغريدة، وذلك وفقًا لمواطن سعودي يعيش خارج المملكة ويتابع عن كثب منصات التواصل الاجتماعي في بلاده.
بدأت “العاصفة” على تويتر يوم السبت الماضي ببضعة آلاف من التغريدات، واستشهد البعض ببيان وزير الخارجية مايك بومبيو الأسبوع الماضي، والذي أكد فيه إمكانية نشر المزيد من رسائل البريد الإلكتروني التي أرسلتها كلينتون، بناء على طلب ترامب. تم تعزيز التغريدات بمقاطع فيديو وصور، فيما بدا أنه هجمة منظمة من أنصار ولي العهد محمد بن سلمان.
وفقا لمحلل إعلامي سعودي، فإن الفكرة الأساسية تتلخص في أن إدارة أوباما، بمن في ذلك وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، ومدير وكالة المخابرات المركزية السابق جون برينان، كانوا قد خططوا لوصول ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف إلى سدّة الحكم. ويزعم النشطاء أن هذه الجهود كان مدعومة من قبل كبير مستشاري محمد بن نايف، سعد الجابري. وحسب هذه الرواية، اكتشف محمد بن سلمان المؤامرة وأنقذ السعودية من الهيمنة الأميركية ومن الإخوان المسلمين.
يقبع محمد بن نايف الذي عُزل من منصبه كولي العهد سنة 2017، حاليا في السجن داخل المملكة العربية السعودية، بينما يعيش الجابري في كندا. لم نتمكن من الوصول إلى أي منهما للحصول على تعليق، لكن المقربين منهما نفوا في الماضي تورطهما في أي تحركات غير مشروعة بالتنسيق مع الولايات المتحدة أو داخل المملكة.
وفقا للمحلل السعودي، يقول أحد المغردين في رسم جرافيك تظهر في أعلاه صور محمد بن نايف وكلينتون والجابري “ظهرت إيميلات تابعة لهيلاري كلينتون أثبتت الدعم الخارجي لاستهداف السعودية عبر عدة مشاريع كان آخرها السعي إلى تمكين محمد بن نايف من الحكم بتدبير من الهارب سعد الجبري إلا أن المشروع تم إجهاضه ليبدأ الإعلام بالهجوم والإساءة للأمير محمد بن سلمان”.
في الواقع، يبدو أن الحملة تقوم على هدفين. فقد بدا أن أنصار محمد بن سلمان يمهّدون لمحاكمة محتملة لولي العهد المخلوع بتهم الخيانة والفساد. وربما كانوا أيضا يحشدون الدعم الشعبي لمواجهة إدارة ديمقراطية جديدة، في حال انتُخب نائب الرئيس السابق جو بايدن في تشرين الثاني/ نوفمبر. ويتوقع المحلل السعودي أن “أي ضغط قد يمارسه بايدن على محمد بن سلمان سوف يُعتبر إحياءً للمؤامرة المزعومة”.
تصف التغريدات المؤامرة المزعومة بشكل مبالغ فيه. وقد هاجم أحد المغردين الموالين لمحمد بن سلمان “الواهم جون برينان والمعزول محمد بن نايف”. كما زعم المغرد، بالأسلوب نفسه الذي يستخدمه ترامب، أن التقارير أظهرت “قصة فشل محاولات تأسيس دولة عميقة داخل المملكة العربية السعودية”.
وغرد مناصر آخر لمحمد بن سلمان بتهم مماثلة قائلا: ” كانوا يعتقدون أنه أصبح بإمكانهم التحكم في السعودية وقيادة هذه السيارة ( السعودية )، وفجأة تم تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد وتم إقصاؤهم”.
ويصف المغردون ولي العهد محمد بن سلمان بأنه منقذ البلاد. وكتب أحد المغردّين قائلا “السعودية حرة لم يدخلها مستعمر، عشنا أحرارا ونموت أحرارا”.
من بين المواضيع المتكررة ضمن حملة التغريدات على تويتر هو أن محمد بن سلمان ضحية للهجمات الغربية. وجاء في تغريدة نشرها مؤيد آخر لبن سلمان “نقولها بكل أسف ومرارة بأن الهجوم الغربي ضد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سببه: فشل سياستهم بإختراق المملكة وجعلها تابعة ذليلة بيد من كان يعول عليه أن يكون ملكا وهو محمد بن نايف، فأجندتهم في المنطقة تحطمت وقلاعهم هدمت بوجود الأمير الأسطوري محمد بن سلمان”.
بشكل عام، تقوم الحملة على مزيج من الوقائع المعروفة التي لا تثبت أيّا من اتهامات أنصار بن سلمان، والتخمينات التي تروّج لمؤامرة غير موجودة على أرض الواقع.
على سبيل المثال، أشاد برينان علناً بتعاون محمد بن نايف مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب عندما كان وزيراً للداخلية، وأكد أنه عمل مع الجابري، كبير مساعدي محمد بن نايف. كما قادت كلينتون، باعتبارها وزيرة للخارجية، جهودا أمريكية حذرة للتعامل مع خيرت الشاطر أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين، في أعقاب ترشحه لرئاسة مصر بعد تنحي حسني مبارك في سنة 2011.
أما رسالة البريد الإلكتروني التي ذُكرت مرارًا وتكرارًا في الحملة، فإنها تعود إلى 17 أيلول/ سبتمبر 2012، وقد أرسلها جاك سوليفان الذي كان حينها أقرب مستشاري هيلاري كلينتون، وأشار فيها إلى أن جماعة الإخوان المسلمين كانت تخطط لحملة إعلامية بقيمة 100 مليون دولار في قطر.
وفي رسالة تتكون من جملتين، كتب سوليفان أنه في ضوء تلك التطورات، فقد “التزم بشكل كامل” بإطلاق استراتيجية تواصل أميركية “للقرن الحادي والعشرين”.
ركّز المعلقون السعوديون على الرسالة زاعمين أن كلينتون “أعطت الضوء الأخضر للإخوان المسلمين لتنفيذ مخططاتهم”، وهو ما يُظهره تقرير نشرته سكاي نيوز عربية.
عموما، ربما يعتقد أنصار محمد بن سلمان أن الصخب الذي يُحدثونه بشأن رسائل هيلاري كلينتون المسرّبة قد يساعد ترامب قبل انتخابات الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر.
ومهما كان الدافع، فإن هذه الحملة تعتبر تذكيرا بأن مزاعم ترامب، مهما كان حجمها، تجد لها دائما صدى في الخارج بشكل يمكن أن يضر بمصالح الولايات المتحدة.
المصدر: واشنطن بوست