ترجمة وتحرير نون بوست
في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، سلطت “مجلة 972” الرقمية الإسرائيلية الضوء على تحقيق أطلقه الصحفي إيتمار بن زاكين منذ سنة 2017 كشف فيه أن وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية، التي أنشأها السياسي اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان سنة 2006، دفعت مبالغ كبيرة لصحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية لنشر محتوى معارض لحركات مدافعة عن حقوق الإنسان.
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، كُشفت معلومات مماثلة من قبل صحفيين ووسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم. في حزيران/ يونيو 2019، نشرت هذه الصحيفة الإسرائيلية وثيقة بعنوان “فضح حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات”. وقد أجرى الصحفيون في هذا الملحق مقابلات مع مسؤولين في الوزارة وأعضاء في مجلس الشيوخ وسياسيين من الحزب الجمهوري الأمريكي. وتضمنت هذه المقابلات عبارات إطراء لدونالد ترامب، الذي وصفته “إسرائيل” بـ “المحارب الشجاع”.
كشفت صحيفة “هآرتس” اليومية الإسرائيلية المرموقة أنه قبل سنتين ونصف، وافقت الحكومة الإسرائيلية على تخصيص حوالي 31.4 مليون يورو لتمويل الدعاية السياسية، أضيف إليها مبلغ مماثل من التمويل الخاص ليصل المبلغ المرصود لتحقيق هذا الهدف إلى حدود 60 مليون يورو.
في هذا السياق، ذكر الصحفي أيدن بينك في تقرير نشرته صحيفة “ذا فورورد” أن الوزارة كُلفت بمهمة شن حرب رأي عام قذرة ضد منتقدي إسرائيل، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي. وأكد الصحفي: “لقد كافحت في المحكمة للحفاظ على سرية بعض أنشطتها، لكنها نشرت أيضا ملفات عن نشطاء مؤيدين لحركة المقاطعة”.
منذ سنة 2017، رفضت غالبية المنظمات اليهودية الأمريكية الأموال الإسرائيلية، نظرا لأن تلقي الأموال من دولة أجنبية للدعاية يعد أمرا غير قانوني، بموجب قانون الولايات المتحدة. وحسب آيدن بينك، فإن القانون الذي يؤطر هذا النشاط هو قانون تسجيل الوكلاء الأجانب الذي “صودق عليه في الثلاثينيات لإحباط الدعاية المؤيدة للنازية التي قام بها الأمريكيون الذين تلقوا دعما سريا من قبل الرايخ الثالث”.
بدافع القلق والإحباط، اضطر عملاء “إسرائيل” إلى إنشاء منظمات وشركات تعمل كواجهة لإخفاء أصولهم المالية، وذلك حسب ما أشار إليه بينك. لكنهم لا يواجهون العدالة الأمريكية فحسب، فقد نجحت حركة حرية المعلومات الإسرائيلية والموقع الإسرائيلي “ذا سفينث آي” في رفع السرية عن بعض المذكرات الحكومية المتعلقة بتمويل الدعاية الوطنية والدولية.
على نحو مماثل، وجد الصحفي الاستقصائي إيتمار بن زاكين في “مجلة 972” أن “الوزارة فخورة بأنها أنشأت شبكة من المنظمات الوطنية والدولية لتنفيذ سياساتها”. ويقول الصحفي إنه “اعتقادا منها بأن الدعاية الحكومية الرسمية غير فعالة، توجه الوزارة رسائلها عبر أفراد ومؤسسات يُنظر إليها على أنها منفصلة عن الدولة”.
في سنة 2018، أفاد الصحفي جوش ناثان كازي في “ذا فورورد” أنه بسبب الطبيعة غير القانونية واليمينية للحملة، لم ترفض المنظمات اليهودية والإسرائيلية التقدمية المشاركة فحسب، بل اعتبرت أنها تتعرض أيضا للهجوم من قبلها. وأضاف كازي أنه “من بين المانحين الذين حددهم موقع “ذا سفينث آي” مؤسسة سنترال فاند، التي تعد من بين أكثر المنظمات المؤيدة لإسرائيل إثارة للجدل في الولايات المتحدة”.
من جانبها، ذكرت صحيفة “هآرتس” في سنة 2015 أن سنترال فاند قام بتحويل منح لجمعية “هونينو” الخيرية الإسرائيلية، التي حتى سنة 2016 “قدمت الدعم المالي لعائلات اليهود الإسرائيليين المتهمين بالإرهاب”. وفي سنة 2018، طالب المحامي الإسرائيلي شاشير بن مئير محكمة العدل الإسرائيلية العليا بوقف الأنشطة التي تقوم بها وزارة الشؤون الاستراتيجية، والتي يسميها “وزارة التجسس والدعاية”.
وفي حديثه عن ذلك، قال بن مئير “في هذه الحالة، لا تتلقى الوزارة المساعدة من قبل المنظمات الخاصة لتنفيذ أنشطتها فقط، بل تنقل أيضا جزءا كبيرا من سلطتها – بما في ذلك صلاحيات صارمة للمراقبة والتجسس ونشر الدعاية – إلى المنظمات الخاصة التي لا تعد مسؤولة بشكل مباشر أمام الحكومة”.
كما يرى بن مئير أن “الوزارة نفسها تقوم بأنشطة متطرفة”. ففي سنة 2017، ندد موقع “ذا سيفينث آي” بمسألة التنسيق بين الحكومة والصحيفة الإسرائيلية اليومية “يديعوت أحرونوت” وكيفية إنفاق الوزارة لحوالي 1.7 مليون يورو لنشر دعاية في وسائل الإعلام داخل “إسرائيل” وخارجها، خلال شهري حزيران/ يونيو وتموز/يوليو من تلك السنة.
نتنياهو وترامب ضد حركة المقاطعة
لابد من الإشارة إلى أن وزارة الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلية بذلت جهودا متعددة لتجريم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، وهي حركة غير عنيفة تضم العديد من الجماعات المناهضة للعنصرية والصهيونية.
تسعى حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات إلى إنهاء التواطؤ مع “إسرائيل” بهدف تحقيق ثلاث نقاط أساسية من القانون الدولي وحقوق الإنسان في فلسطين: إنهاء الاحتلال، إنهاء الفصل العنصري، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين. وقد حصلت حركة المقاطعة على دعم شخصيات مهمة مثل الحائز على جائزة نوبل للسلام ديزموند توتو والصحفية ناعومي كلاين والعالم ستيفن هوكينج.
في شهر آب/ أغسطس 2014، أدان حوالي 327 يهوديا من الناجين من الإبادة الجماعية النازية وذريتهم “المجزرة” الإسرائيلية في غزة ودعوا إلى مقاطعة “إسرائيل”، وهو خبر تداولته الصحف الإسرائيلية مثل “هآرتس”. وقد تمكنت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات أيضًا من إقناع الشركات العابرة للحدود الوطنية الكبيرة مثل “أورنج” أو “فيوليا” بالتخلي عن عقود بملايين الدولارات في “إسرائيل”، وإقناع العديد من الجامعات والكنائس الأمريكية بالانضمام إلى هذه الحملة؛ هذا إلى جانب إعلان المئات من مجالس المدن والأماكن الأوروبية أنها “فضاءات خالية من الفصل العنصري الإسرائيلي”.
في سنة 2017، أعلن تقرير صادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) أن “إسرائيل” تعد دولة فصل عنصري (وهو ما يعتبر جريمة ضد الإنسانية تجعلها عرضة للمحاكمة في أي دولة ذات اختصاص قضائي عالمي)، وأن حركة المقاطعة أداة شرعية لإنهاء هذا الفصل العنصري، وأن الحكومات يجب أن تتبناه.
توضح الناشطة اليهودية المؤيدة لحقوق الفلسطينيين، ليليانا كوردوفا، أن “نشطاء حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات وتجمعاتهم الإقليمية العديدة التي تقام في جميع أنحاء العالم تُعتبر من قبل السلطات الإسرائيلية “التهديد الاستراتيجي الأكبر”، وقد أدى ذلك إلى حالات تجسس وحرب قانونية ودعاية مكثفة للغاية.
وفقًا للصحفية الإسرائيلية الأمريكية مايراف زونسزين، يتهم اليمين زورا أشخاصا وجماعات تنتقد “إسرائيل” ومعادية للصهيونية وتؤيد حركة المقاطعة بمعاداة السامية. وذكرت هذه الصحفية في تقرير نشرته “مجلة 972” أن “الاتهام بمعاداة السامية يسمح للمتهِم بتجنب التورط في المحتوى الفعلي للنقاش بينما يبدو أنه يتمتع بالسلطة الأخلاقية. إنه بالضبط التكتيك الذي استخدمه الجمهوريون، بتشجيع من الرئيس ترامب، ضد الديمقراطيين خلال السنوات القليلة الماضية”.
تقول زونسزين إن البيت الأبيض استخدم مرارا دعم ترامب السياسي لـ “إسرائيل” لاتهام المعارضة والحركات الاجتماعية بمعاداة السامية، وهي استراتيجية استخدمت أيضا ضد مرشح حزب العمال البريطاني السابق جيريمي كوربين. وفي الواقع، شجعت إدارة ترامب في السنوات الأخيرة القواعد والقوانين المناهضة لحركة المقاطعة في العديد من الولايات الفيدرالية، بهدف إسكات الأصوات الناقدة لـ”إسرائيل” وإضعاف اليسار في نفس الوقت.
في تموز/ يوليو 2018، أكدت أكثر من 40 منظمة يهودية من مختلف أنحاء العالم – بما في ذلك من “إسرائيل” – أن دولة “إسرائيل” لا تمثلهم ورفضوا اعتبار حركة المقاطعة وانتقاد “سياسات ونظام الفصل العنصري في إسرائيل” معاداة للسامية. كما انتقدوا التعريف العملي للتحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست، الذي تتبناه المؤسسات العامة التي تتعرض لضغوط من “إسرائيل” وجماعات الضغط التابعة لها.
ندد صاحب هذا التعريف العملي، كينيث ستيرن، بالتلاعب به لخدمة مصالح الصهيونية وحلفاء ترامب. بالإضافة إلى ذلك، ذكرت أكثر من 40 منظمة يهودية أن: “حركة المقاطعة التي يقودها المجتمع المدني الفلسطيني والمدافعين عن حقوق الفلسطينيين، والمرشحة لجائزة نوبل للسلام، أظهرت التزاما ثابتا بمكافحة معاداة السامية وجميع أشكال العنصرية والتعصب، تماشيا مع تكريسها للإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.
سياسيون إسبان ضد فلسطين
برز مؤخرًا العديد من السياسيين والصحافيين بسبب أنشطتهم وبياناتهم ومنشوراتهم المناهضة للفلسطينيين ولحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات. على غرار الصداقات السياسية الرئيسية والتحالفات الدولية التي أنشأها بنيامين نتنياهو مع شخصيات مثل جايير بولسونارو وناريندرا مودي ودونالد ترامب وفيكتور أوبان، ومع منظمات وأحزاب يمينية متطرفة قد تكون مناهضة لليهود ومؤيدة للصهيونية في نفس الوقت، يؤيد السياسيون في إسبانيا مثل خوسيه ماريا أزنار وبابلو كاسادو وإيزابيل دياز أيوسو إسرائيل أيضا.
فقد أنشأ الرئيس السابق لحكومة حزب الشعب خوسيه ماريا أزنار “مبادرة أصدقاء إسرائيل”، وكان بابلو كاسادو من الأعضاء الأربعة الرسميين في هذه الهيئة. أما إيزابيل دياز أيوسو، فتنشر بشكل دوري تغريدات مؤيدة لـ” إسرائيل” في حسابها على تويتر تؤكد فيها أنها “صديقة إسرائيل”.
يعتبر رافائيل بارداجي أحد “الرموز” الرئيسية في هذه الحملة أيضا، حيث تجمعه علاقة باليمين المتطرف واليمين الإسباني الجديد. أسس عالم السياسة وعلم الاجتماع سنة 1987 مجموعة الدراسات الإستراتيجية. وفي وقت لاحق، كان مستشارًا لوزراء الدفاع من حزب الشعب، ومدير السياسة الدولية لمؤسسة التحليل والدراسات الاجتماعية، ومن بين أهم المنظرين لغزو العراق، وشغل منصب الرئيس التنفيذي لمبادرة أصدقاء إسرائيل.
كان بارداجي، الذي يرتبط اسمه بستيف بانون، أول إسباني يزور البيت الأبيض في عهد ترامب سنة 2017. وفي السنة التالية، انشق عن حزب الشعب لينتقل إلى حزب فوكس السياسي، وهو حزب كان عضوًا في لجنته التنفيذية الوطنية. وفي الحقيقة، يعتبر كل من عضو البرلمان الإسباني خوان كارلوس جيراوتا وهيرمان تيرتستش، نائب الرئيس الحالي لحزب فوكس، من أكبر المدافعين عن حكومة بنيامين نتنياهو ودولة “إسرائيل”.
برز توني كانتو، نائب المواطنين في محاكم فالنسيا، بمبادراته البرلمانية التي تهدف إلى “متابعة ومهاجمة” أي مبادرة تؤيد حقوق الفلسطينيين. وآخر ما قام به هذه السنة هو محاولة تعزيز الرقابة على نشاط تدريبي لمعلمي فالنسيا “ضد الكراهية والعنصرية” (بما في ذلك كراهية اليهود وكراهية الإسلام) التي شاركت فيها ليليانا كوردوفا، وهي ناشطة معروفة بتأييدها للفلسطينيين وابنة يهودي ناج من المحرقة.
في سنة 2018، قام وفد من حزب الشعب ومواطنين برحلة نظمتها السفارة الإسرائيلية إلى “إسرائيل”. وبعد عودته، قال خوان كارلوس كاباليرو، النائب الشاب من منطقة فالنسيا، لصحيفة “الدياريو”: “سأحاول تطبيق أفكار تبنيتها [من إسرائيل] في مجتمع فالنسيا”.
محامون وصحفيون ضد اليسار
وفقًا لمقال نُشر سنة 2005 في المنتدى العالمي “سكشوال بوليسي واتش” بعنوان “الغسيل الوردي: الأرض الموعودة وراء قوس قزح”، عقب أحداث القمع العنيف ضد الانتفاضة الثانية (بين سنتي 2000 و2005) وانتقاد “إسرائيل”، بدأت الحملة الدعائية الإسرائيلية “براند إسرائيل”. كانت تسيبي ليفني، العضوة السابقة في الموساد والوزيرة في ذلك الوقت، واحدة من الشخصيات الرئيسية في تصميم نموذج “مجتمع الميم” في تل أبيب ليتم تصديره دوليًا فيما بعد.
بالنسبة للناشطة ليليانا كوردوفا، فإن “هذه الاستراتيجية تعمل ضمن منظور اليمين المتطرف، وهي قائمة على أساس التفوق الأبيض الذي يحذر عن طريق التلاعب أو الاقتناع من غزو عالمي يقوده الجنوب الكبير والرغبة في تدمير الثقافة الغربية والبيضاء. ومنذ ذلك الحين، بدأ الصحفيون الغربيون بتلقي دعوات رسمية من “إسرائيل” لزيارة المدينة. وقد ارتفع عدد السياح في تل أبيب من سبعة آلاف في سنة 2006 إلى 35 ألفا في سنة 2017. وبحلول سنة 2018، وصل عدد السياح إلى حدود 250 ألفًا.
ارتبطت أسماء العديد من السياسيين والصحفيين المؤيدين لـ “إسرائيل” بـمنظمة “أكوم” المناهضة للفلسطينيين في إسبانيا، وهي منظمة راديكالية تنشر غالبًا تغريدات معادية لحزب بوديموس وضد الحكومة الائتلافية الإسبانية الحالية وضد السيادة الكاتالونية. وقد أشادت “أكوم” علنًا بحزب فوكس وهيرمان تيرتستش. في الرابع من آذار/ مارس 2020، أعلن زعيم “حزب فوكس” إيفان إسبينوسا دي لوس مونتيروس على تويتر، أنه كان من دواعي سروره أنه التقي في واشنطن بأصدقاء من منظمة أكوم، مرفقا التغريدة بصورة جمعته بسانتياغو أباسكال وأنخيل ماس – رئيس منظمة أكوم، والابتسامة تعلو محياهم.
تُخصص منظمة أكوم جزءًا من نشاطها للتنديد بالمؤسسات العامة المساندة لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، التي وافق معظمها على الاقتراحات الداعمة للامتثال للقانون الدولي وحقوق الإنسان في فلسطين، بأصوات إيجابية من الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني وحزب “معا نستطيع” – ومن تحالفاتها الإقليمية المختلفة – بالإضافة إلى حزب ترشيح الوحدة الشعبية واليسار الجمهوري لكتالونيا وحزب كومبروميس في فالنسيا. وفي 22 أيلول/ سبتمبر 2018، أرادت منظمة أكوم المقارنة بين نشاطات حزب بوديموس والمستقلين والنازيين الجدد.
في 23 شباط / فبراير 2019، التقى إيفان إسبينوزا دي لوس مونتيروس مع زوري سيسو، المدير العام لحزب الليكود (الحزب السياسي لبنيامين نتنياهو). وقد وصفه زوري بأنه “صديق” وتمنى له “التوفيق” أيضًا. وبعد عشرة أشهر، استقبل إسبينوزا دي لوس مونتيروس وفدا إسرائيليا وأعلن أنهم يعملون بشكل مشترك وفعال ضد حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.
إلى جانب الصحف اليمينية مثل صحيفة “أ بي ثي” و”لا راثون” و”أوك دياريو”، وبعض الصحفيين على غرار الصحافية بيلار راهولا التي تم تكريمها في “إسرائيل” على إثر زراعتها لخمسة آلاف شجرة – وهو خبر نشرته صحيفة لا فانغوارديا في الرابع من تموز/ يوليو 2010 – برز ضمن هذا التوجه الصحفي فيكتور ماسيدا.
في السادس من أيار/ مايو 2020، نُشر مقال في صحيفة “لا فانغوارديا” بعنوان “اليسار المقاطع”، في محاولة لفرض رقابة على الدورة التدريبية للمعلمين في فالنسيا التي شاركت فيها ليليانا كوردوفا واستخدمت فيها حججًا معادية لمنظمة أكوم. وقد شارك هذه المقالة توني كانتو، الذي قام بدوره بتسجيل مقطع فيديو للتعبير عن معارضته للدورة التدريبية، والذي قامت منظمة أكوم بإعادة نشره.
لا ينبغي أن ننسى أن استراتيجية التنسيق بين السياسيين والصحفيين ذات الأغراض الاستراتيجية لها بالفعل سابقة خطيرة في مدينة فالنسيا. وقد كتب الصحفي فرانسيسك فيادل مقالا كشف فيه عن اجتماع إميليو أتارد وفرناندو أبريل مارتوريل، ومديرة “لاس بروفينسياس” ماريا كونسويلو رينا في السنوات التي أعقبت الفترة الانتقالية، في محاولة لخلق مناخ من الاضطهاد ضد اليسار في فالنسيا. وأوضح فيادل أنه: “لم يقتصر الأمر على جعل مناهضة الكتالونية حملة صليبية لا هوادة فيها نُسي فيها عمدا الحد الأدنى من قواعد الأخلاق الصحفية أو الأخلاق السياسية، بل امتد إلى اضطهاد الشخصيات العامة أيضا”.
ولّدت الحملة الدعائية مناخًا من الكراهية والاضطهاد السياسي أسفر عن هجمات بالقنابل ضد مفكرين مثل خوان فوستر أو مانويل سانشيس غوارنر، وحتى قتل شخصيات معروفة مثل تلك التي ارتكبها غويلم أغولو. اليوم، في إطار الحملة الدعائية العالمية لوزارة الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلية، يحاول بعض السياسيين والصحفيين الإسبان خلق مناخ من التجريم ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والشعب الفلسطيني.
بالنسبة لليليانا كوردوفا، فإن هذه الوسيلة التي يهتم بها الصحفيون والسياسيون في مختلف أنحاء إسبانيا تستجيب للفوائد والدعاية التي تقدمها “إسرائيل”. وتقول كوردوفا: “بصفتي يهودية ومن أحفاد عائلة يهودية تم إبادتها باستثناء والدي، يجب أن يفهموا أن مقارنتنا بمنظمات مثل “كو كلوكس كلان” [كما فعل السياسيون والصحفيون من حولهم في منظمة أكوم] “أمر سيء ولا يمكن تصوره”.
وختمت بقول: “لأننا يهود نناضل من أجل المساواة ومناهضة العنصرية. ولهذا نحن أيضًا نكافح من أجل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. قضيتنا مكافحة الاضطهاد وكراهية الأجانب والعنصرية التي عانى منها الكثير من الفلسطينيين على مر التاريخ. لدينا بعض المعايير التاريخية التي تعلمنا من أين تنبع الأخلاق: فنحن جميعًا نستحق العيش بكرامة”.
المصدر: إل سالتو دياريو