بدأت الاحتجاجات في شوارع هونغ كونغ منذ حوالي أسبوع بعد قرار اتخذه البرلمان الصيني، يوم 31 أغسطس، حول النظام الانتخابي في هونغ كونغ، يفرض على كل المترشحين لمنصب “الرئيس التنفيذي” لهونغ كونغ أن يحصلوا على موافقة من لجنة صينية ستقوم – كما هو واضح – بضمان ولائهم للنظام المركزي الصيني في بكين.
ويأتي رفض المحتجين لهذا القرار بسبب رغبتهم في ضمان استقلالية النظام الحاكم في هونغ كونغ عن النظام الحاكم في بكين وفي عموم الصين، ورغبة منهم في ترسيخ مبدأ “دولة واحدة ونظامان” الذي تم إقراره سنة 1997 عند خروج الاحتلال البريطاني من هونغ كونغ والذي ينص على كون هونغ كونغ تبقى تابعة لجمهورية الصين الشعبية ولكنها تتمتع بنظام حكم مستقل عن النظام المركزي في بكين.
ولمواجهة الاحتجاجات، أطلقت شرطة هونغ كونغ قنابل الغاز المسيل للدموع، كما استخدمت الهراوات لفض حشد كان يغلق طريقًا رئيسيًا في حي تنتشر به المقرات الحكومية والسيادية، وبعد مواجهات طويلة طالب زعماء الطلبة والحركة المطالبة بالديمقراطية أنصارهم مساء أمس الأحد بالتقهقر لدواع أمنية وسط تكهنات بأن الشرطة قد تلجأ لاستخدام الطلقات المطاطية مع تصاعد التوتر.
وتراجع بعض الأنصار في حين ظل الآلاف في أماكنهم وقال “تشان كين – مان” أحد مؤسسي حركة (احتلال وسط هونغ كونغ بالحب والسلام) لوكالة رويترز للأنباء إن مؤيديه لن يبرحوا مواقعهم حتى إذا تعرضوا للاعتقال، كما أشار محتجون آخرون إلى أنهم مصرون على المضي في احتجاجاتهم إلى حين تراجع نظام بكين عن قراره وتمكينه لسكان هونغ كونغ من نظام مستقل بالكامل يتم انتخابه بشكل ديمقراطي ودون أي شكل من أشكال الوصاية.
بعض صور الاحتجاجات:
وأما حكومة هونغ كونغ، فقد صرحت صباح اليوم الإثنين، بأنها سحبت شرطة مكافحة الشغب من شوارع المدينة بعد أن بدأت الاحتجاجات في الهدوء، ودعا متحدث باسم الحكومة المحتجين إلى مغادرة أماكن الاحتجاج بشكل سلمي بقدر المستطاع.
موقف بكين:
وأما نظام بكين، فقد أصدر بيانًا قال فيه إن “الحكومة المركزية تثق تمامًا في قدرة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة على التعامل مع حركة (احتلوا وسط هونغ كونغ)وفقًا للقانون”، وأضاف أن “الحكومة المركزية تعارض تمامًا جميع الأنشطة غير القانونية التي قد تقوض حكم القانون وتضر بالسلم الاجتماعي، وأنها تدعم حكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة بقوة في جهود الحفاظ على السلم الاجتماعي في هونغ كونغ والحفاظ على سلامة الأفراد والممتلكات”.
كما أشار البيان إلى أن قرار يوم 31 أغسطس الذي اتخذته اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني حول النظام الانتخابي في هونغ كونغ “يتماشى مع القانون الأساسي ويراعي آراء المنتمين لكافة مناحي الحياة في هونغ كونغ وبالتالي له وضعية قانونية وقوة “ملزمة”، رافضة بذلك التراجع عنه ومعلنة عن مضيها في فرضه وفي دعم الحكومة القائمة في هونغ كونغ الآن وإلى حين إقامة الانتخابات التي يفترض أن تكون في سنة 2017.
تايوان متضامنة:
وأما في تايوان، حيث يحظى النظام باستقلالية كاملة ومطلقة عن النظام الصيني في بكين، فقد احتلت مجموعة من الطلاب التايوانيين مدخل مكتب الاتصال الرئيسي لهونغ كونغ في وقت مبكر من اليوم الإثنين، مظهرين تضامنهم مع الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في إقليم هونغ كونغ، ومطالبين بتمكين سكان هونغ كونغ من حقهم في اختيار رئيسهم بشكل ديمقراطي ودون وصاية من نظام بكين.
ومن أبرز اللافتات التي رفعها المتظاهرون في تايوان تأييدًا للمحتجين في هونغ كونغ، لافتة كتب عليها: “هونغ كونغ اليوم، وغدًا تايوان”، محذرين من أن بسط نظام بكين لسيطرته على نظام هونغ كونغ سيجعله يعمل مستقبلاً على بسط سلطته على نظام تايوان المستقل بشكل كامل عن الصين والذي يتميز عن هونغ كونغ بإقامته لعلاقات دبلوماسية وعسكرية وثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وبدوره، قال الرئيس التايواني “ما ينج – جو” إن الشعب التايواني يولي اهتمامًا كبيرًا للأحداث التي تشهدها هونغ كونغ، ويأمل بأن تتمكن هونغ كونغ والصين من التوصل لحل يقبله الجانبان بشأن الديمقراطية، مضيفًا في مقابلة مع قناة الجزيرة أن الوضع فى هونغ كونغ سيؤثر على نظرة العالم للصين، مضيفًا أن تايوان مازالت تؤكد أنها لا تقبل مبدأ “بلد واحد ونظامان” والذى تحكم الصين بموجبه هونغ كونغ.