ترجمة وتحرير: نون بوست
اسمي علي وأنا معارض سعودي. قبل 22 سنة، منحتني الولايات المتحدة حق اللجوء السياسي. عندما جعل نشاطي من أجل حقوق المرأة وحرية التعبير والحق في المعارضة عودتي إلى المملكة العربية السعودية مستحيلة، استقبلتني الولايات المتحدة- التي يطلق عليها أرض الأحرار. في وقت مبكر من السنة الجارية، تحصلت على الجنسية الأمريكية.
لكن على مدار السنتين الماضيتين، كنت أكافح من أجل حقوقي ليس في المملكة العربية السعودية، ولكن هنا في الولايات المتحدة. خلال شهر أيار/ مايو 2018، أغلق موقع تويتر حسابي باللغة العربية لسبب غير معروف، والذي كان يضم أكثر من 36 ألف متابع. في الواقع، تعد ممارسات تويتر مسألة حياة أو موت للمعارضين داخل المملكة العربية السعودية الذين تعرضت اتصالاتهم للخطر من قبل تويتر أو موظفيها. ينبغي أن تكون الشركة مسؤولة عن أفعالها.
منذ أن حظر تويتر حسابي باللغة العربية، اعتقلت الحكومة السعودية أو أخفت أشخاصا في المملكة إما تابعوني أو تواصلوا معي عبر رسالة مباشرة على تويتر. على الرغم من عدم وجود طريقة لمعرفة العدد الدقيق لأولئك الذين تعرضوا للتعذيب أو القتل أو السجن من قبل النظام السعودي، فأنا أعرف العشرات ممن كنت على اتصال مباشر بهم وأشعر بالمسؤولية لما حصل لهم. لم تشرح شركة تويتر بعد سبب إغلاقهم للحساب ولم يسمحوا لي بالولوج إلى حسابي منذ ذلك الحين. كذلك، رفضت الشركة تسليط الضوء على أسباب حظر حسابي أو ما إذا كان السعوديون قد استخدموا المعلومات والرسائل المرتبطة بالحساب لقمع زملائهم المعارضين.
خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، اتهمت وزارة العدل الأمريكية اثنين من موظفي تويتر السابقين بالعمل كعملاء غير مسجلين للمملكة العربية السعودية. تتهم الحكومة الأمريكية الموظفين السابقين، أحدهما كان سعودي الجنسية، باستخدام بيانات للوصول غير المصرح به إلى معلومات حول أصحاب حسابات تويتر وتقديم تلك المعلومات إلى المسؤولين في المملكة.
يعد تويتر أداة حيوية للمبلغين مثلي ولآلاف آخرين ممن يكرسون جهودهم لإلقاء الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان السعودية
بالعودة إلى عمليات الاختراق الأخيرة لجو بايدن وإيلون ماسك وآخرين التي أثارت جدلا كبيرا، يتّضح أن أحد المتهمين في تلك القضية كان مسؤولا عن إدارة مستخدمي تويتر البارزين في الشرق الأوسط، وبالتالي تمكّن من الوصول إلى حسابات شخصيات بارزة في المملكة العربية السعودية وغيرها. حظيت القضية بتغطية إعلامية ضئيلة نسبية – وإذا كانت هذه الادعاءات صحيحة، فإن هذه الهجمات الالكترونية التي حدثت الصيف الماضي في الولايات المتحدة تُعتبر جزءا من خطة ممنهجة.
في الواقع، تشكل مواقع التواصل الاجتماعي لغزا. من ناحية، يعد تويتر أداة حيوية للمبلغين مثلي ولآلاف آخرين ممن يكرسون جهودهم لإلقاء الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية. كما يعتمد الكثير من السعوديين عليها لتبادل المعلومات ووضع الاستراتيجيات.
من ناحية أخرى، يستخدم الناشطون السيئون تويتر لاستهداف المعارضين. في الواقع، استخدم سعود القحطاني – أحد أتباع ولي العهد محمد بن سلمان الذي أشرف على مقتل جمال خاشقجي – موقع تويتر لمتابعتي وتبادل الرسائل. وخلال اندلاع ثورات الربيع العربي قبل عقد من الزمان، استخدم المنشقون والمصلحون تويتر ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى للتنظيم والتنسيق، ولولا هذه الوسائل لكانت مهماتهم مستحيلة. لم يكن تويتر يتردد في التبجح بدوره في دعم الديمقراطية في الشرق الأوسط آنذاك، لكنه منذ ذلك الحين لم يفصح عن سبب إغلاقه لحسابات مؤيدة للديمقراطية مثل حساباتي.
لا توجد محكمة استئناف لمقاضاة تويتر عندما يقوم بإسكات مستخدم أو منظمة. ففي الشهر الماضي، حظر تويتر حساب منظمة “يونيتي 2020” الشعبية، تبحث عن مرشح بديل من طرف ثالث للتنافس في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستُجرى في تشرين الثاني/ نوفمبر. وقال تويتر إن المجموعة انتهكت شروط خدمة الموقع، لكنه يرفض تقديم أي تفسير آخر يبرر إسكات هذه الحركة. وبالمثل، قوبلت طلباتي المتكررة والمتواصلة لإعادة تفعيل صفحتي أو توضيح سبب حظر تويتر لحساب المعهد الخليجي في واشنطن باللغة العربية، بالصمت.
استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كأداة للتنظيم الاجتماعي قد يعتبر جريمة من قبل النظام السعودي، لكن يجب أن يكون الأمر مختلفا في الولايات المتحدة
يزعم تويتر أن “دعم التغيير العالمي الإيجابي يكون من خلال تعزيز المحادثات المحترمة وخلق روابط بشرية أكثر عمقا وتشجيع التفاعلات المتنوعة بين الأفراد”. ولكن الشركة تتصرف بدون شفافية أو تفسير أو مساءلة في الكثير من الحالات. لهذا السبب رفعت دعوى قضائية ضد تويتر. يجب أن تتحمل الشركة المسؤولية عن انتهاكاتها المتكررة لخصوصية مستخدميها وعن الأضرار التي يسببها لهم سوء توظيف خدمتهم. وفي جميع الأحوال، أصبحت منصات وسائل التواصل الاجتماعي ساحاتنا العامة. لا يمكننا السماح لهم بالاستمرار في التصرف وكأن الموقع مملكتهم الخاصة.
إن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كأداة للتنظيم الاجتماعي قد يعتبر جريمة من قبل النظام السعودي، لكن يجب أن يكون الأمر مختلفا في الولايات المتحدة. لا أستطيع أن أعرف ما إذا كان تويتر قد أغلق حسابي بناء على طلب من النظام السعودي أم ببساطة بدافع الخوف. لكن آمل أن تساعدنا قضيتنا – وآلاف الآخرين – في الحصول على إجابات.
المصدر: إنترناشونال بيزنس تايمز