قالت الناشطة السياسية “توكل كرمان” المنسق العام لمجلس شباب الثورة والحائزة على جائزة نوبل للسلام، إن اليمن تشهد ثورة مضادة مكتملة الأركان، من قبل جماعة الحوثي، بدعم إيراني مالي وعسكري كامل لها، وبتحالف مع الرئيس المخلوع “علي عبد الله صالح”، بهدف تقويض الجمهورية اليمنية، والانقلاب على ثورتي 11 فبراير و26 سبتمبر، مؤكدة أن اليمن أمام مشروع إيراني يستهدف المنطقة كلها، وهذا المشروع يتمدد نظرًا لما وصفته بتآمر حكام وأنظمة المنطقة ضد “الربيع العربي” ومحاربتهم له، وتم استبدال الربيع العربي بربيع إيراني.
وكشفت لـموقع عربي 21 في أول حوار صحفي لها بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء، كشفت أن هناك تواصلاً بين شباب الثورة وأن تحركهم سيكون أكثر تنظيمًا وظهورًا، وأن الجميع سيرى ويسمع صوتهم سلميًا بشكل أكبر عقب تشكيل الحكومة، وأنه سيبرز صوت شباب الثورة بمظاهراتهم السلمية الحاشدة وفعالياتهم النضالية المطالبة ببسط نفوذ الدولة ونزع سلاح المليشيات ومكافحة الفساد وتأسيس مؤسسات الدولة المختلفة وفي مقدمها الجيش والأمن، والانتهاء من صياغة الدستور الذي يؤسس للحقوق والحريات ويكافح الفساد ويكفل تحقيق الديمقراطية ويعلي من سيادة القانون، وسيظلوا في النضال السلمي المدني الحضاري الكبير حتى النصر.
وأوضحت أنه تم تأجيل الدعوة للتظاهرات في ساحات الثورة وتأجيل كافة تحركاتهم لما بعد تشكيل الحكومة، وذلك حتى تكون هناك جهة معينة يوجهون إليها مطالبهم، لأن الرئيس “عبد ربه منصور هادي” الآن لا يستطيع أن يفعل شيئًا، ولذلك عليهم الانتظار لحين تشكيل الحكومة، كي يستطيعوا مطالبة جهة محددة ويفترض أنها قادرة.
وشدّدت “كرمان” على أن هناك إعاقة ممنهجة ومماطلة واضحة من قبل الحوثي في الموافقة على تسمية رئيس الحكومة الجديد – الذي تم التوافق عليه بشكل شبه نهائي – من أجل التوسع الميداني للحوثي قبل تسميته، مؤكدة أن هذا أمر مقلق للغاية، خاصة أنه لو حدث تأخر وتعثر كبير في تشكيل الحكومة الجديدة فاليمن سيكون أمام مشهد خطير وقاتم جدًا، لأن استمرار حالة الفراغ في الدولة ستجعل هناك زيادة لمساحات العنف بشكل كبير، والجماعات المسلحة ستحاول استغلال هذا الأمر أكثر فأكثر.
فيما يلي نص الحوار كاملاً:
ما الذي يحدث في اليمن؟ وكيف تصفين المشهد الحالي؟
دولة اليمن تعاني من ثورة مضادة مكتملة الأركان، وهذه الثورة المضادة تمكنت من احتلال صنعاء من قبل مليشيات الحوثي المسلحة، بدعم إيراني مالي وعسكري كامل لهذه المليشيات المسلحة، والتي تهدف لتقويض الجمهورية اليمينة، والانقلاب على ثورتي 11 من فبراير السلمية وكذلك ثورة السادس والعشرين من سبتمبر التي قامت ضد حكم الأئمة، فهم يسعون لتقويض الدولة اليمنية خدمة لمشروعهم الطائفي، المشحونون بالانتقام والكراهية لكلا الثورتين السبتمبرية وثورة 11 فبراير الشبابية السلمية.
ونحن أمام مشروع إيراني يستهدف المنطقة كلها، وهذا المشروع يتمدد نظرًا لتآمر حكام وأنظمة المنطقة ضد الربيع العربي ومحاربتهم له، وتم استبدال الربيع العربي بربيع إيراني.
كيف تفسرين سرعة سقوط صنعاء في يد الحوثيين دون أي مقاومة، وما هي أسباب الانهيار الواضح للقوات المسلحة؟
هذا يرجع إلى أن معظم هيئات القوات المسلحة كان يقودها النظام السابق برئاسة المخلوع علي عبد الله صالح، والذي تحالف مع مليشيات الحوثي، والقوات المسلحة هي جزء من الثورة المضادة، لكن لم تنهار كل هيئات القوات المسلحة، فالقيادات سلمت واستسلمت وكانت مأمورة ولازالت من قبل النظام السابق الذي حكم اليمن لمدة 33 سنة، والتي كان يتحكم فيها علي صالح وعائلته، وهؤلاء هم ممن كانوا تابعين وخاضعين له، وهؤلاء هم من خانوا الجيش واليمن بعدما تدفقت لهم الأموال، عبر مليشيات الحوثي وعبر علي عبد الله صالح، بتمويل إيراني هدفه إسقاط الجمهورية اليمنية، بل ومحاولة إسقاط المنطقة بأكملها وليس اليمن فقط.
في تقديرك .. ما هو حجم وقوة الحوثيين في اليمن؟
مليشيات الحوثي ليست بالقدر الكبير والقوة التي قد يتصورها البعض، فلولا الدعم الذي حصلت عليه من قبل النظام السابق والدعم الإيراني، ما كان لها أن تستطيع تغيير الأوضاع في اليمن، والثورة السلمية في 2011 تعرضت لخيانة وغدر مليشيات الحوثي، فقد تظاهرات أنها مع الثورة السلمية في حين أنها كانت تتمدد وتقلب الأرض قطعة قطعة بداية بصعدة ثم عمران ثم الحروب التي شنتها على الجوف منذ 2011 وحتى اليوم، وكذلك بإسقاطها لصنعاء.
ولذلك لولا الثورة السلمية لما خرجت جماعة الحوثي المسلحة إلى النور ولظلت محاصرة داخل صعدة، لكن الثورة السلمية بنقائها وطهارتها ودعوتها لجماعة الحوثي في 2011 بأن تترك السلاح وتنخرط في العمل السلمي، لكن ما حدث فيما بعد هو خيانة الحوثيين للثورة وخيانتهم لفكرة العمل السلمي، وكانت هذه المليشيات تتظاهر بأنها مع الثورة من جهة وهي تقلب الأرض وتستولي على المحافظات واحدة تلو الأخرى، ثم بتنسيقها مع على عبد الله صالح الذي ساعدها وسلم لها المعسكرات، وبتنسيقها الكامل مع إيران.
والحوثي لولا هذه المعطيات لكان محاصرًا فقط في كهوف صعدة، ولم يكن شيئًا يذكر، وهو استغل واستفاد من تدهور الأوضاع في الدولة، خاصة أن أي دولة في أي مرحلة انتقالية بعد ثورة تعاني من الارتباك والتدهور، وتحالف مع الذين تحدثت عنهم، مما أظهره قويًا، لكن بدون هذه المعطيات فجماعة الحوثي ليس لها وزن، ولولا قوة السلاح هو الذي يجعل صوتها عاليًا وظاهرًا وخيارهم للعنف أمام خيار استراتيجي اتخذته الدولة بعدم مواجهتهم بالعنف، وهو ما انتهجته الثورة نفسها أيضًا بعدم المواجهة بالعنف حتى اليوم، فخيارنا ألا نقاوم العنف بعنف مماثل، وأن نقاوم العنف بالسلم وأن نسقطه كذلك بالسلم.
ما رأيكم في اتفاق (السلم والشراكة)، وهل هذا الاتفاق جنب اليمن الانزلاق إلى متاهات الحرب الأهلية؟
حتى الآن الشعب اليمني يصر على عدم مواجهة العنف بعنف آخر، كي نتجنب الحرب الأهلية، بغض النظر عن الاتفاق الذي تم التوقيع عليه، فالاستراتيجية نفسها هي عدم مواجهة العنف بعنف آخر، وهو ما جنب اليمن حرب طائفية يُراد لليمن أن ينزلق إليها ويزج فيها، فالثورة السلمية كذلك، والتي كان خيارها الاستراتيجي لليمنيين بأجمعهم، بأن السلم هو السبيل الوحيد لإيقاف الاستبداد والإرهاب؛ ولذلك فالثقافة السلمية لاتزال راسخة في أذهان اليمنيين، رغم أن هناك من يريد جرهم للعنف، وحتى الآن لم يتخل اليمنيون عن الخيار السلمي الاستراتيجي.
وبالنسبة لاتفاق السلم والشراكة، للأسف الشديد جماعة الحوثي المسلحة لم تنفذ ما جاء فيه، وقد تم تجريبها في أكثر من اتفاق سابق سواء في عمران أو صعدة أو دماج وسبق أن نقضت ما يتم الاتفاق عليه ولا تلتزم به، فهم لا يقبلون بتنفيذ أي شيء من اتفاق السلم والشراكة، إلا مالهم من حقوق وسيرفضون تنفيذ ما عليهم من واجبات والتزامات، وسيختلقون كم من المبررات والأعذار الواهية للتهرب من تنفيذ ما عليهم من التزامات، خاصة بالتخلي عن السيطرة على المناطق وتسليم الأسلحة، ولذلك فهذا الاتفاق حتى لو كان جيدًا إلا أنه لم يتم تنفذه والطرف الذي لم يلتزم به هم جماعة الحوثي.
ما هي دلالة توقيع الحوثي على المحلق الأمني لاتفاقية السلم والشراكة في حين هناك بقاء لمقاتليهم في صنعاء؟
حينما وقعت جماعة الحوثي على اتفاقية السلم والشراكة، لم يجف حبر توقيعهم على الورق حتى قامت مباشرة بعدها بمهاجمة منازل رموز ثورة 11 فبراير 2011، وهاجموا مقر جهاز الأمن القومي، ومقر الدفاع الجوي، وهذا له دلالة هامة وكبيرة، وتوقيعهم أمس الأول على المحلق الأمني بالرغم من أننا في الحقيقة لا نثق فيهم، إلا أننا نتمنى أن ينفذوه وننتظر تنفيذهم وسنضغط بقوة ميدانيًا وسلميًا من أجل إجبارهم على تنفيذه.
وهل تعتقدين أنه في حال ممارسة ضغوط ما على جماعة الحوثي فسوف يلتزمون باتفاق السلم والشراكة؟
لو تم الضغط على مليشيات الحوثي وكذلك ما تبقي من مؤسسات الدولة من أجل تنفيذ هذا الاتفاق ومخرجات الحوار الوطني، فلا شيء أقوي من صوت السلم ولا شيء أقوي من العمل الضاغط غير العنيف، ونحن نثق في شعبنا، لأن أهل اليمن أقوياء ولن يستسلموا أبدًا للمؤامرة الكبيرة التي يتعرضون لها ولا لسقوط صنعاء.
وقد سقطت صنعاء بالفعل ولكن سقط الحوثيون معها أخلاقيًا بشكل تام، وسيسقطون خلال الأيام القادمة، لأن الشعب اليمني شعب واعٍ وقوي ومجروح كثيرًا بمعني الكلمة من الخيانة التي تعرض لها من قبل مليشيات الحوثي، وهو مستعد لأن يخوض نضاله حتى آخر لحظة، من أجل إلزام جميع الأطراف الموقعة على اتفاقية “الشراكة والسلم” بتنفيذ بنود الاتفاق وكذلك الالتزام بمخرجات الحوار الوطني، من أجل بناء الدولة المدنية الحديثة، ونحن نثق لأبعد مدى في شعبنا برجاله ونسائه وشبابه وشيوخه، فهم قادرون على إلزام كل الأطراف، خاصة أن جماعة الحوثي التي سقطت أخلاقيًا يومًا بعد الآخر يزداد سقوطها إلى أن تسقط في القريب العاجل سياسيًا.
هل تعتقد أن الحوثي استغل المطالب الاجتماعية والاقتصادية للشعب اليمني بشكل جيد؟
اليمن تدهور اقتصاديًا قبل عام 2011، وقد كانت الأزمة الاقتصادية أحد أهم أسباب قيام ثورة 11 فبراير، والتي قامت ضد الظلم والاستبداد والفساد وضد التدهور الأمني والاقتصادي وضد فشل اليمن أو الحديث عن أن اليمن تكاد تكون دولة فاشلة، فهذا الحديث كله كان قبل عام 2011، فقد كانت الأوضاع الاقتصادية المتردية سابقة للثورة، وأي تحول سياسي يجب أن يكون موازي له تحول اقتصادي، وهذا التحول الاقتصادي التزمت به الدول الراعية للمبادرة الخليجية، حينما تم توقيع المبادرة، فقد كان هناك بند واضح بأن يقوموا هم بدعم اليمن اقتصاديًا والعمل على تحسين أحوال المواطنين، لكن للأسف الشديد الدول الراعية للمبادرة ولاتفاق نقل السلطة لم تقم بتنفيذ ما التزمت به من دعم لليمن اقتصاديًا.
إضافة إلى أن المليشيات المسلحة وفي مقدمتهم الحوثيين هم سبب رئيسي في أزمة التدهور الاقتصادي لإسقاطهم محافظة مهمة مثل (محافظة صعدة)، وللحروب المتتالية التي شنوها على الجوف وعلى عمران، ثم كذلك محاصرتهم واحتلالهم للعاصمة صنعاء وإسقاطهم لها، وأي دولة عظيمة وكبيرة مهما كان اقتصادها قويًا إذا ما كان فيها جماعات مسلحة بهذا الشكل، تحاصرها وتسلب وتنهب محافظاتها وتفعل نفس الشيء مع العاصمة بالتأكيد فهذه الدولة ستفشل تمامًا وتنهار اقتصاديًا.
ولذلك فالسبب الرئيسي والأهم والأول من أسباب التدهور الاقتصادي هو الجماعات المسلحة وخاصة الحوثيين بممارستهم غير المقبولة على الإطلاق في الشمال، وكذلك تنظيم القاعدة في الجنوب، وفي الحقيقة الحوثي يتحمل الدرجة الأولى والأكبر عما آلت إليه الأوضاع، لأن الحوثي كان شريكًا لنا في الحوار الوطني ولم يلتزم بدفع اليمن قدمًا نحو الإمام.
وبالتالي الحشود التي أتى بها الحوثي بتحركات شعبية ومن خلال حشد مذهبي وطائفي للاستيلاء على العاصمة لم تكن رفضًا للجرعة (قرار الحكومة بزيادة أسعار المشتقات النفطية سابقًا) ولا من أجل تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، لأنهم آخر من يتحدثون عن الاقتصاد والاستقرار، وحروبهم التوسعية وميليشياتهم المسلحة لها النصيب الأوفر في تدمير الاقتصاد وضرب فرص اليمن في الحياة الكريمة، بل قاموا باستغلال حاجات الناس من أجل بلوغ أهداف سياسية.
كيف تنظرين لتشكيل الحكومة الجديدة وعدم تسمية رئيسها حتى الآن، وهل هناك خلافات بشأنها؟
هذا أمر مقلق للغاية، فعدم تسمية رئيس للحكومة حتى الآن بسبب إعاقة جماعة الحوثي، كي لا تتم تسمية رئيس جديد للحكومة، لأنهم يريدون التوسع الميداني قبل تسمية رئيس الحكومة، ولهذا نراهم يومًا بعد الآخر يستولون على مؤسسات الدولة ويحتلون شوارعها ومبانيها ومنازل أبنائها، بالرغم من أنه تم الاتفاق على تسمية رئيس الحكومة الجديد بشكل شبه نهائي، لكن هناك إعاقة ممنهجة ومماطلة واضحة من قبل الحوثي في الموافقة على رئيس الحكومة.
كيف تنظرين لممارسات الحوثيين في ظل رفض الكثيرين لها، وما تأثيرها عليهم وعلى البلاد بشكل عام خاصة بعد تدخلهم في بعض مساجد أهل السنة؟
هذا مشروع خطير جدًا على اليمن، فهو ليس مشروعًا لجماعة متمردة فقط داخل اليمن، فهذا مشروع إقليمي تقوده إيران التي تريد أن تزج بالبلاد في حرب طائفية، وهذا المشروع ليس بعيدًا بأي شكل من الأشكال عما يجري في سوريا والعراق، في ظل تصريحات لمسئولين إيرانيين حول استيلائهم على عاصمة عربية “صنعاء”، وهذه حقيقة فصنعاء عاصمة محتلة بالفعل من قبل الحوثيين.
والأسبوع الماضي تحديدًا كان حافلاً بالكثير من التجاوزات بنهبهم لمحتويات بعض المباني والمدارس والجمعيات الخيرية وبعض المساجد ومداهمة ومنازل الخصوم السياسيين، فضلاً عن استغلالهم للأطفال وتسليحهم.
ولو أن شعب اليمن ليس شعبًا عاقلاً وليس شعبًا حكيمًا وليس شعبًا متمسكًا بالسلمية حتى الآن ولآخر لحظة، لأضطر لمواجهتهم بالعنف ولتم الزج بالبلاد في حرب طائفية لا تبقي ولا تذر، بالرغم من أن الحرب الطائفية قد بدأت، لكن الشعب اليمني حتى الآن لا يقابل العنف بعنف مضاد ويرفض أن تتحول هذه الحرب لحرب طائفية، والآن جماعة الحوثي حتى على صعيد المساجد تطرد أئمة مساجد أهل السنة وتمنع وتطرد أي شخص من أهل السنة وتقوم بالاعتداء عليه، وتقوم بفرض أئمة تابعون لهم.
وهذه الممارسات بكل تأكيد تقود لحرب طائفية في حين لم يعرف مطلقًا عن اليمنيين وجود خلافات بينهم سنية – شيعية، فاليمن شعب واحد ومعترف بتعدده المذهبي ويتعايش ويتعاون في ذلك، لكن للأسف هذا المشروع الإيراني يهدف لتحويل اليمن إلى ساحة حرب طائفية، ومن يمكنه الوقوف في وجه هذا المشروع والتصدي لهذا المشروع هو الشعب اليمني الذي حتى الآن لم ينجر إلى هذه اللحظة الحقيرة.
أليس من حق الحوثيين المشاركة في الحياة السياسية والحكم خاصة أنهم كانوا جزءًا من ثورة التغيير في عام 2011؟
على العكس، نحن لطالما نادينا وطالبنا جماعة الحوثي المسلحة بأن تتحول لحزب سياسي، ولا نزال نطالبها حتى اليوم بذلك، لكي تكون شريكًا فاعلاً في العملية السياسية، وكان أول مشاركة لها في الثورة حينما ناديناها وطالبناها بالتخلي عن السلاح والانضمام لصفوف الثورة، وقد شاركوا في مؤتمر الحوار الوطني وفي جميع فرقه، وكانوا الفريق الأكثر تأثيرًا والأعلى صوتًا داخل مؤتمر الحوار الوطني، وخرجت جميع مخرجات الحوار الوطني مرضية لهم.
وكذلك دعوناهم للمشاركة في تشكيل الحكومة وأن يتحولوا لحزب سياسي، لكنهم رفضوا، والآن حتى بالرغم من ممارساتهم العنصرية والطائفية واستخدامهم للعنف وإسقاطهم للمؤسسات وللعاصمة وعمران وصعدة، إلا أن اتفاقية “السلم والشراكة” نصت على مشاركتهم في الحكومة، وبالتالي فجميع الأبواب مفتوحة أمامهم للعمل السياسي، لكنهم حتى الآن يرفضون الشراكة الحقيقية ويمضون قدمًا في تنفيذ أجندة خارجية لإسقاط الدولة اليمينية وليس من أجل الشراكة الوطنية.
ومع ذلك نتمنى أن يعودوا إلى رشدهم وأن يغلبوا مصلحة اليمن واليمنيين وأن يعلموا أن الشعب اليمني يقول لهم ويناديهم بألا يتورطوا أكثر في هدم الدولة اليمينة، لأن الشعب اليمني لن يقبل ذلك وسيقف لهم بالمرصاد.
والمطلوب منهم من أجل تحقيق هذا، هو الالتزام بأهم مخرج من مخرجات الحوار الوطني واتفاقية نقل السلطة هو تسليم الأسلحة، وهذا بالنسبة لكل الجماعات المسلحة وفي مقدمتهم الحوثيين، فالسلاح يجب أن يكون حكرًا للدولة فقط، ويمكنهم المشاركة في العملية السياسية، لكن ما يحدث – حتى اللحظة – أنهم يرفضون تسليم سلاحهم للدولة بل ذهبوا لنزع سلاح الدولة.
أين هم شباب الثورة ولماذا لم نجد لهم أي دور في الأحداث الأخيرة؟
شباب الثورة سلميين ولا يؤمنون بالعنف، ولم ينتهجوا العنف أبدًا، وبالتالي بالتأكيد لن تسمع صوتهم في ظل أصوات الرصاص وطلقات المدافع وفي ظل أصوات الخيانة، فشباب الثورة السلميين كانوا عامل رئيسي لنجاح المرحلة الأولى من الثورة في إسقاط رأس الاستبداد والفساد علي عبد الله صالح وعائلته، وكانوا فاعلين جدًا في المرحلة الانتقالية في اختيار رئيس جديد وفي صياغة مخرجات الحوار الوطني ومتابعة عمليات نقل السلطة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
واليوم هم فاعلون في أنهم يرفضون أي انجرار للبلاد نحو العنف، وهناك تواصلاً بين شباب الثورة، وتحركهم سيكون أكثر تنظيمًا وظهروًا بعد تشكيل الحكومة، وسيري الجميع ويسمع صوت شباب الثورة بشكل سلمي بشكل أكبر عقب تشكيل الحكومة، والمنادي بإيقاف الفساد والتصدي ونزع سلاح المليشيات المسلحة، وكذلك بناء مؤسسات الدولة من جديد، وهيكلة الجيش والأمن، وبسط نفوذ وسيطرة الدولة على جميع أنحاء الجمهورية، وأؤكد أن الجميع سيجد صوت شباب الثورة عاليًا بعد تشكيل الحكومة، وأيضًا صوتهم اليوم عاليًا برفضهم وتحريضهم على عدم مواجهة العنف بعنف آخر.
وبالتالي هل قد نجد دورًا بارزًا لشباب الثورة بعد تشكيل الحكومة الجديدة؟
الدور الآن موجود، ويتمثل في رفضهم التام للعنف سواء باستخدامه كوسيلة لتحقيق الحقوق أو استخدامه في مواجهة المليشيات المسلحة، وهذا أمر هام جدًا؛ ولذلك فالهدوء الموجود في اليمن يرجع إلى أن شباب الثورة – مع المكونات الأخرى – رفضوا ولازالوا الانجرار للعنف، وهذا هو المطلوب في المرحلة الحالية، كما أن هناك رفض كبير وواسع ولهم صوت واضح برفض احتلال صنعاء، فشباب الثورة أساسًا يرفضون وجود المليشيات المسلحة ونرفض احتلال صنعاء تحديدًا.
وبالتالي هناك إجماع من كل شباب الثورة على رفض احتلال صنعاء من مليشيات الحوثي بالإضافة إلى رفض المكونات الأخرى، وبعد تشكيل الحكومة سيبرز صوت شباب الثورة بمظاهراتهم السلمية الحاشدة وفعالياتهم النضالية المطالبة ببسط نفوذ الدولة ونزع سلاح المليشيات ومكافحة الفساد وتأسيس مؤسسات الدولة المختلفة وفي مقدمها الجيش والأمن، والانتهاء من صياغة الدستور الذي يؤسس للحقوق والحريات ويكافح الفساد ويكفل تحقيق الديمقراطية ويعلي من سيادة القانون، وسنظل في النضال السلمي المدني الحضاري الكبير حتى النصر.
لماذا تراجعتي عن الدعوة لتنظيم مسيرة أمس الأحد وأكدتي عدم المشاركة بأي فعالية قبل تشكيل الحكومة؟
بالفعل كنت أحد الذين دعوا لمظاهرات في ساحات الثورة، والتي كان مقررًا لها أمس الأحد، لكن رأينا أنه من الأفضل تأجيلها لما بعد تشكيل الحكومة، إلا أن بعض الشباب تظاهر أمس وكانت لهم فعاليات إيجابية مناهضة للمليشيات المسلحة، لكن نحن كمكونات لشباب الثورة وكثير من القوي الأخرى فضلنا تأجيل النزول لساحات الثورة وتأجيل كافة تحركاتنا لما بعد تشكيل الحكومة، وذلك حتى تكون هناك جهة معينة نوجه لها مطالبنا، لأن الرئيس هادي الآن لا يستطيع أن يفعل شيئًا؛ ولذلك علينا أن الانتظار لحين تشكيل الحكومة كي نستطيع أن نطالب جهة محددة ويفترض أنها قادرة.
وماذا لو حدث تأخر وتعثر كبير في تشكيل الحكومة الجديدة؟
سنكون أمام مشهد خطير وقاتم جدًا، وسيؤدي إلى استمرار وجود حالة الفراغ في الدولة التي ستجعل هناك زيادة لمساحات العنف بشكل كبير، والجماعات المسلحة ستحاول استغلال هذا الأمر أكثر فأكثر، لكن في كل الأحوال علينا أن نحاول قدر المستطاع المحافظة على السلمية، لكن – إن شاء الله – قريبًا سيتم الإعلان عن تشكيل الحكومة.
وكيف تنظرين للعمليات الانتحارية التي تنفذها القاعدة ضد جماعة الحوثي؟
أرفض أي عملية انتحارية تنفذها القاعدة ضد مليشيات الحوثي المسلحة، وأعدها ضربًا من الإرهاب، لا تقل سوءًا عن إرهاب مليشيات الحوثي المسلحة التي تحتل صنعاء، سنعتمد على استراتيجية مواجهة العنف والقمع بالسلم فقط، لأنني أؤمن بأن مقاومة القمع والعنف ممكنة دون اللجوء إلى عنف وقمع مشابهين كما آمنت دائمًا بأن اليمن أقوى من أي قهر أو تفتت أو انكسار.
كيف تنظرين لمواقف المجتمع الدولي من الأزمة في اليمن؟
ليست ملبية لتطلعاتنا، فهناك خذلان كبير جدًا للشعب اليمني الذي وثق في المجتمع الدولي في رعاية العملية السياسية، وقد خذل المجتمع الدولي الشعب اليمني منذ اللحظة الأولى، فلم يكون هناك تعامل جاد وحاسم مع المخلوع علي عبد الله صالح، وسمح له بممارسة دور سياسي بداية برئاسته لحزب المؤتمر الوطني الشعبي، إضافة إلى علمه أنه يدير عملية تقويض العملية السياسية والجمهورية اليمنية، ولم تتم معالجة ذلك ولم يساهموا في التصدي لهذا الأمر.
فقط كان هناك مجرد تهديد من قبل المجتمع الدولي بينما كان علي عبد الله صالح يقوم بالفعل وكان يدير بأصابعه كل العمليات التخريبية لعرقلة العملية الانتقالية سواء من قطع الكهرباء وأنابيب النفط والتحالف مع الجماعات المسلحة (الحوثي والقاعدة) ومحاولة اغتيال الرئيس الانتقالي ومحاولات إفشال مؤتمر الحوار الوطني وغير ذلك من العمليات.
وبالتالي فالمجتمع الدولي لم يقم بدوره في المرحلة الأولى وتجاهل عن معاقبة علي عبد الله صالح، وكذلك سمح لمليشيات الحوثي بالانتشار وتغاضي عن جميع انتهاكاتها، وحتى الآن لا يوجد موقف دولي صارم وحازم ضد الحوثي، وهذا سيضر بأمن المنطقة والعالم كله، خاصة إذا ما استمر التعامل مع جماعة الحوثي بهذه الطريقة.
كيف تنظرين إلى الدور الذي لعبه المبعوث الأممي القدير “جمال بنعمر”؟
قام بدور جيد خلال الفترة السابقة في محاولته لرعاية العملية الانتقالية، وحاول أن يرعي العملية الانتقالية بشكل جاد، لكنه كذلك ارتكب أخطاء، وللأسف الشديد الأمر ليس بيده، فالأمر بيد أعضاء مجلس الأمن الذين لم يقوموا بدورهم المنوط، وهو لا يمتلك حق الفيتو هو فقط مبعوث الأمم المتحدة، والدول الخمس لم تقم بدورها المنوط بها في هذا الأمر.
هل نحن أمام سيناريو مشابه لسيناريو حزب الله في لبنان أم هل قد يتكرر السيناريو العراقي في اليمن؟
لدينا استراتيجيتين، الأولى: سيناريو حزب الله في اليمن ليكون الحوثي هو المتحكم والمدير، بل بشكل أقوي من حزب الله، من أجل إدارة الملف اليمني والتحكم في جميع مؤسسات الدولة، والثانية تتمثل في إسقاط الدولة اليمينة، وهذا ليس لأن اليمن فقط هي المستهدفة، بل المنطقة بأكملها، بدءًا بالرياض ثم دبي، وهذا هو المخطط المستهدف من جماعة الحوثي، وأجدد تأكيدي أننا سنقاوم هذا السيناريو، فالمنطقة العربية هي عاصمة الخليج العربي ولن نسمح لأن تكون صنعاء هي البوابة التي تُسقط من خلالها إيران المنطقة العربية بأكملها.
وكيف يمكنكم مقاومة هذا المخطط الذي تتحدثين عنه؟ وكيف يمكن إنقاذ اليمن والخروج من أزمته بشكل عام؟
لابد أن يتكاتف الجميع في الداخل والخارج، فلابد للقوي الوطنية اليمنية أن تتحد، وأن يتكاتف المجتمع الدولي ودول الإقليم وفي مقدمتهم دول الخليج لإسقاط هذا المشروع، وبتكاتفنا جميعًا سنكون قادرين على إيقاف هذا المشروع وهذا الانهيار المخطط له، ونحن قادرون على ذلك، واليمن هي التي ستحمي أمن المنطقة والعالم، وبالتالي فهذا ليس أمرًا سهلاً، بل يحتاج لتوحيد كافة الجهود وتكاتف مختلف الأطراف لنتمكن من القضاء عليه.
المصدر: عربي 21