ترجمة وتحرير نون بوست
في غضون أشهر أدت التحولات السريعة إلى العمل عن بُعد، فوفقًا لمؤسسة غالوب 7 من كل 10 موظفين يعملون من المنزل اليوم، وفي الولايات المتحدة انخفض معدل البطالة إلى 8.4% في شهر أغسطس/آب 2020 رغم أن عدد الوظائف المتاحة ما زال أقل بكثير من مستويات ما قبل الوباء.
أدت الجائحة العالمية إلى إعادة تعريف معنى أن تملك وظيفةً واستقرارً ماليًا، تحدّى فيروس كورونا العديد من الشركات والمهنيين وأجبرهم على التصرف سريعًا لتخفيف الخسارة والاستجابة للخلل والارتباك في أثناء الأوقات الصعبة.
مع قضاء الناس المزيد من الوقت في المنازل أكثر من أي وقت مضى، أصبح العمل الجانبي فرصة ليس فقط لشغل الوقت بعد ساعات العمل حيث أصبح وقت الفراغ كبيرًا، بل أيضًا كطريقة لإدارة عملهم وتحقيق أمانهم المادي، ومع استمرار تأقلمنا على الحياة في أثناء الجائحة، قد يصبح العمل الجانبي أحد جوانب العمل في المستقبل.
نشأة العمل الجانبي
وفقًا لقاموس وبستر دخل مصطلح “side hustle” (العمل الجانبي) لأول مرة في اللغة في خمسينيات القرن الماضي وقد استُخدم للإشارة إلى العمل الذي يقوم به الفرد لتحقيق دخل إضافي بجانب عمله الأساسي.
يتجه الناس للعمل الجانبي بدافع الحاجة وكشكل من أشكال النجاة الاقتصادية
لكن كلمة “hustle” التي تعني احتيالًا أو صخبًا أعطت انطباعًا بأن هذا العمل قد يكون قانونيًا وقد يكون احتيالًا، في النهاية أصبح المصطلح يشير بشكل أساسي إلى وظيفة تكميلية قانونية.
في السنوات الأخيرة أصبح العمل الجانبي مرتبطًا بهوايات الفرد وشغفه مثل تصوير حفلات الزفاف أو صنع وبيع المنتجات اليدوية مما يوفر لك دخلًا إضافيًا.
واليوم، ما زال هناك الملايين من العاطلين عن العمل وما زال العالم يواصل مواجهة الأزمة الصحية، لذا يتجه الناس للعمل الجانبي بدافع الحاجة وكشكل من أشكال النجاة الاقتصادية، في الوقت نفسه أدت الظروف الحاليّة إلى إعادة التفكير في وجهة النظر الحديثة بشأت ما نعتبره مسارًا وظيفيًا مستقرًا أو غير مستقر.
يتطلع الكثير من الناس إلى الوظيفة الجانبية كهبة من الله سواء اضطروا لمواصلة العمل فيها بدوام كامل نتيجة فقدان الوظيفة الأساسية أم بدوام جزئي بهدف توفير المزيد من المال لتحقيق الأمان المادي في تلك البيئة التي لا يمكن التنبوء بها.
في المستقبل، تعرف على العمل الجانبي
كشفت الجائحة عن زيف المفهوم الشائع بأن الطريقة الوحيدة لتحقيق الحرية المالية هي القيام بالعمل المكتبي التقليدي من الـ9 صباحًا حتى الـ5 مساءً، ففي هذا الوقت المضطرب مع تسريح العمال بشكل جماعي وانخفاض الأجور، يمكن للعمل الجانبي أن يوفر شبكة أمان.
يتطلب الواقع غير المسبوق اليوم تحقيق أمان مالي أكبر واستقرار وظيفي لكل فرد في العالم، يمكن للوظيفة الجانبية أن توفر أول خطوة لتحقيق مسار وظيفي موجه ذاتيًا ومقاوم للركود.
توجهات صناعية لدعم العمل الجانبي
مع بداية جائحة كورونا ظهرت موجة من النشاط حيث اتجه رواد الأعمال لخلق أعمال جانبية لدعم احتياجات السكان المتزايدة التي تعتمد على العمل من المنزل أو عن طريق الإنترنت، فعلى سبيل المثال، ازدهرت التجارة الإلكترونية والبيع بالتجزئة (من المصنع للبائع مباشرة دون قنوات توزيع).
تتضمن بعض الأعمال الجانبية التي ظهرت في الفضاء الإلكتروني جلسات ممارسة الرياضة عن بعد والاستشارات الحياتية والترويج للمنتجاب عبر مقاطع الفيديو مثل الترويج للمنتجات المصنوعة منزليًا.
ومع انتشار العمل المكتبي من المنزل وزيادة الحاجة إلى جلب بعض العناصر الخارجية داخل المنزل، بدأ بعض التجار في بيع النباتات المنزلية وإكسسوارات النباتات، وعندما أغُلقت صالات الألعاب الرياضية بدأ التجار في بيع الملابس الرياضية المناسبة للمنزل وإكسسوارات اليوجا.
قد تصبح إدارة عمل جانبي الوضع الطبيعي الجديد للكثير من المهنيين مما يوفر مسارات وظيفية محتملة
لتطوير عملك الجانبي ابدأ بالتفكير في كيفية تصور الوقت بمجرد أن تهدأ الجائحة، هل ستستغل الوقت لتوسيع شبكتك والتواصل مع الأشخاص من صناعات أخرى وتوسيع فرصك ومهاراتك؟ إذا كنت خريجًا جامعيًا هل ستقوم بالتدريس لجيرانك أو الحصول على دخل إضافي من خلال تحرير بحث الفصل الدراسي لصديق؟ هذه بعض الأمثلة لتطوير نفسك بشكل منتج لتستطيع في النهاية بدء عمل جانبي.
العمل الجانبي والموازنة بين الحياة والعمل
في عالم سريع الوتيرة لا يمكن التنبوء به، من الصعب تحقيق توازن دائم بين العمل والحياة، لكن في أعقاب الجائحة أصبح هناك عدد متزايد من الناس يخصصون وقتًا للحياة والعمل كأولوية، إن الحفاظ على هذا التوازن ضروري للصحة النفسية والعلاقات الشخصية والمهنية.
خلقت التطورات التكنولوجية – خلال الأشهر الأخيرة فقط – فرصًا ليصبح العمل الجانبي سهل المنال، فلتحقيق التوازن بين العمل والحياة وامتلاك الوقت بشكل أكبر سمح العمل الجانبي للكثيرين باتخاذ خياراتهم مثل التراجع لفترة عن العمل بداوم كامل عند الحاجة لرعاية الأطفال أو أحد أفراد الأسرة، أو التمسك بوظيفة يحبونها لكنها لا تحقق دخلًا كافيًا.
في المستقبل القريب قد تصبح إدارة عمل جانبي الوضع الطبيعي الجديد للكثير من المهنيين مما يوفر مسارات وظيفية محتملة تدعم الصحة النفسية للفرد وتستمر خلال الجائحة وما بعدها.
المصدر: فاست كامبني