ترجمة وتحرير نون بوست
عندما أثار الشيخ محمد بن زايد، الزعيم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، دهشة دول الشرق الأوسط بموافقته على تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، لم تعبر سوى دولتان فقط على انزعاجها من الأمر. وكانت إيران الأولى كما هو متوقع. غالبا ما يدعو المتشددون في الحكومة الثيوقراطية إلى تدمير الدولة اليهودية ويعتبرون الإمارات جاسوسا للولايات المتحدة. لكن يمكن القول إن رد الفعل الأكثر صرامة جاء من تركيا، على الرغم من كونها أول دولة ذات غالبية مسلمة تعترف بـ”إسرائيل” منذ سبعة عقود.
بعد أن عبرت أنقرة عن غضبها مشيرة إلى أن “ضمير شعوب المنطقة” “لن يغفر لهذا السلوك المنافق”، هدد الرئيس رجب طيب أردوغان بسحب سفير تركيا في الإمارات. توقعت أبو ظبي هجمات لفظية من كلا البلدين، لكن رد تركيا كان أكثر قسوة.
خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية، سعت الإمارات إلى تخفيف التوترات مع طهران، وأكد المسؤولون الإماراتيون أن الاتفاق المتخذ مع “إسرائيل” في أيلول /سبتمبر لا علاقة له بإيران، قائلين إن أبو ظبي تريد استخدام الدبلوماسية وتخفيف حدة الصراع لحل مشاكلها مع الجمهورية الإسلامية. ولكن مثلما سعى ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد، إلى تهدئة التوترات مع عدو واحد، انتقل التنافس بين الإمارات وتركيا إلى مستوى جديد تماما.
على مدى أكثر من 10 أشهر من الاتهامات والاتهامات المضادة، أصبح الخلاف بين هاتين الدولتين الأكثر خطورة في الشرق الأوسط، حيث يحرض اثنين من أقوى القادة الواثقين من أنفسهم في المنطقة ضد بعضهما البعض؛ أي أحد أكثر الشركاء العرب المقربين للولايات المتحدة ضد أحد أعضاء الناتو. ويُذكر أن صدى التنافس بينهما تردد في أنحاء الخليج الغني بالنفط وصولا للقرن الأفريقي والجبهات الأمامية للحرب في ليبيا، مما تسبب في زيادة حدة التوترات في شرق البحر المتوسط.
وفقا لإميل الحكيم، وهو خبير شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: “يحدد هذا الصراع سياسات الشرق الأوسط في الوقت الحالي، وهو تنافس يحدث بشكل مباشر وبالوكالة في العديد من الأماكن – كما يشكل تنافسا سيجذب جهات فاعلة دولية من كلا الجانبين”.
اللجوء إلى “تحالف أكبر”
يعتقد المسؤولون الأتراك والإماراتيون أن الدافع وراء اتفاق الإمارات مع “إسرائيل” يتمثل جزئيا في رغبة أبوظبي في توسيع تحالفاتها الإقليمية ضد أنقرة وإبراز نفوذها كلما اشتد التنافس. في هذا السياق، يقول عبد الخالق عبد الله، وهو أستاذ إماراتي غالبا ما يعكس طريقة تفكير الإمارات: “بعد سماع تهديدات المسؤولين الأتراك – والتي قيلت علنا – بالطبع من المفيد أن يكون للإمارات حليف مثل “إسرائيل”. عندما تتبادل مع هذا الحليف المعلومات الاستخبارية، تصبح جزء من تحالف أكبر، ويعد إدراك هذا الأمر مهما تماما مثل الواقع”. صدرت هذه “التهديدات” بعد أن كثفت تركيا من تدخلاتها العسكرية في الحرب الليبية هذه السنة لدعم الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس.
وزير خارجية البحرين، عبد اللطيف الزياني ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو ورئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب ووزير خارجية الإمارات العربية المتحدة، عبد الله بن زايد آل نهيان.
احتجاج على قرار الإمارات بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في مدينة غزة في أيلول / سبتمبر.
قبل أن تنشر أنقرة قواتها، بما في ذلك الميليشيات السورية وأنظمة الدفاع الجوي، تزايدت قوة وكيل الإمارات، الجنرال المنشق خليفة حفتر حيث فرض حصارا على طرابلس ساندته فيه الدولة الخليجية من خلال تقديم شحنات ضخمة من الأسلحة والمعدات، وذلك حسب ما صرح به المسؤولون والدبلوماسيون لدى الأمم المتحدة.
لكن الأسلحة التركية تغلبت على القوات الجوية المتفوقة للجنرال حفتر، وعرقلت محاولته للإطاحة بإدارة طرابلس، وأجبرت مقاتليه على الانسحاب بسرعة. وقد أثر ذلك بشدة على طموحات أبو ظبي في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا حيث أثار الصراع مخاوف من اندلاع نزاع إقليمي أوسع في جنوب البحر المتوسط.
بعد أن شنت طائرة مجهولة الهوية ضربات ضد قاعدة ليبية تستضيف القوات التركية في تموز/ يوليو، حذر وزير الدفاع التركي خلوصي آكار من أن بلاده ستحاسب الإمارات في “المكان والزمان المناسبين”. كما اتهم الدولة الخليجية – ذات النظام الملكي المطلق الذي تقول أنقرة إنه يدعم الطغاة في جميع أنحاء المنطقة – بارتكاب “أعمال خبيثة” ورعاية الإرهابيين المعادين لتركيا.
من ناحية أخرى، تتهم الإمارات أردوغان بالاعتقاد بالأوهام الاستعمارية ودعم الجماعات الإسلامية وتشكيل بيئة عدائية مع قطر، التي تمثل منافستها الخليجية. عموما، يتمثل الاعتقاد السائد في أبو ظبي في أن قطر الثرية توفر التمويل بينما تمثل تركيا القوة الفاعلة، حيث يسعى أردوغان إلى اعتبار نفسه زعيما للعالم الإسلامي السني.
كتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش في مجلة لو بوان الفرنسية في حزيران / يونيو عندما تصاعدت التوترات بشأن ليبيا: “يجب على تركيا أن تُعاقب على محاولاتها طويلة المدى – بالتنسيق مع قطر والإخوان المسلمين – لنشر الفوضى في العالم العربي مع استخدام تفسير عدواني ومنحرف للإسلام كستار”.
يتزعم الشيخ محمد، المعروف بالعامية باسم محمد بن زايد الضغوط العربية ضد نفوذ تركيا. لكن الإمارات لا تعد الدولة الوحيدة التي أعربت عن مخاوفها بشأن معارك أردوغان في الشرق الأوسط، والتي تشمل الهجوم التركي على شمال شرق سوريا السنة الماضية والعمليات العسكرية في شمال العراق، حيث أن هذه الأعمال كانت موجهة ضد المسلحين الأكراد الذين تصنفهم أنقرة إرهابيين.
هددت مصر، التي تدعم حفتر إلى جانب الإمارات وروسيا، بنشر قوات في ليبيا هذه السنة. وفي الأسابيع الأخيرة، فرضت المملكة العربية السعودية حظرا فعليا على الواردات التركية، مما يبرز التوترات بين أنقرة والرياض. من جهة أخرى، يقول مسؤول سعودي رفيع: “إذا نظرت إلى مصفوفة التهديدات في المنطقة، ستجد أن تركيا قد احتلت بسرعة كبيرة مكانا بارزا، فهي موجودة في كل مكان”.
أضاف المصدر نفسه أن إيران لا تزال تشكل تهديدا مباشرا أكثر للمملكة العربية السعودية، “لكننا نرى الأمور تزداد سوء”. وقال أيضا: “إن تورط أردوغان في ناغورني قره باغ [حيث دعم أذربيجان في نزاع مع أرمينيا] هو أمر مزعج للغاية، ليس لأنها قضية لها علاقة بنا، فقط لأنها علامة أخرى تدل على توجّهه”.
الأطراف المتنافسة
إذا كانت ليبيا هي بؤرة التوتر التي أبرزت العداوة بين تركيا والإمارات في أوضح تجلياتها، فإنها لم تكن السبب الرئيسي في حالة العداء تلك. في الحقيقة، إن العلاقة المتوترة بين البلدين نتاج عقد كامل من العداء الذي غذّته الاختلافات الأيديولوجية، حيث تصادمت السياسات الخارجية المجازفة للحكومتين مع بعضها البعض.
لطالما تجاوزت الإمارات العربية المتحدة، التي يبلغ عدد سكانها الأصليين 1.5 مليون فقط ولكنها واحدة من أغنى دول المنطقة، حدود قدراتها. منذ أن هزت الانتفاضات العربية لسنة 2011 المنطقة، استخدمت أبو ظبي عشرات المليارات من الدولارات المتأتية من النفط لدعم الحلفاء في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا من خلال التجارة والمساعدات واستخدام الموارد العسكرية.
مقاتلون ليبيون يؤمنون منطقة أبو قرين ضد القوات الموالية لوكيل الإمارات العربية المتحدة، اللواء خليفة حفتر.
حذر وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، من أن بلاده ستحاسب الإمارات العربية المتحدة بعد أن هاجمت طائرة مجهولة الهوية قاعدة ليبية تضم قوات تركية في تموز/ يوليو.
بلغ الاستثمار الأجنبي للدولة الخليجية والمساعدات الثنائية لثماني دول، بما في ذلك مصر وباكستان وإثيوبيا، ما لا يقل عن 87.6 مليار دولار منذ سنة 2011، وذلك وفقا للمعهد الأمريكي لأبحاث السياسة العامة، الذي حلل البيانات المتاحة للجمهور. في هذا الصدد، تقول كارين يونغ، الخبيرة في الشأن الخليجي في المعهد الأمريكي لأبحاث السياسة العامة: “أصبحت الإمارات العربية المتحدة تستخدم الاستثمار والمساعدات في أحيان كثيرة وبطرق مباشرة أكثر من أي دولة خليجية أخرى. لقد أصبحت سياسية أكثر بكثير”.
إلا أن أردوغان عمل بنشاط على توسيع نفوذ تركيا تماما مثلما سعى الشيخ محمد لتوسيع نفوذ الإمارات العربية المتحدة. يقول مايكل ستيفنز، زميل مشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مؤسسة فكرية: “حيثما تجد نشاطا إماراتيا، غالبا ما تجد نشاطا تركيا يتصدى له بشكل مباشر بطريقة لا تعتمدها إيران. إنهم يعتقدون أنهم يواجهون تركيا المعادية للغاية من حيث قوميتها وإبراز قوتها وتصميمها على التأكد من أن الإمارات العربية المتحدة لا تحظى بما تريده”.
في السنة الماضية، قال أردوغان إن عدد السفارات التركية في إفريقيا ارتفع من 12 إلى 42 على مدار الخمسة عشر سنة الماضية. كما وسع أيضا نفوذ أنقرة لتصبح قريبة من شواطئ الإمارات العربية المتحدة. وفي سنة 2017، سرّعت تركيا في عملية نشر قواتها في قاعدة قطرية في عرض قوي لدعم الدوحة بعد أيام من قيام أبو ظبي والرياض بفرض حظر إقليمي على جارتها الخليجية. في السنة نفسها، افتتحت تركيا أكبر قاعدة عسكرية خارجية لها في مقديشو حيث تنافست أنقرة وأبو ظبي على النفوذ في القرن الأفريقي.
في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، وقعت تركيا اتفاقية تعاون دفاعي مع الكويت، لتعميق تحالفاتها في دول الخليج، في الوقت الذي كانت الرياض تكافح فيه أسوأ أزمة دبلوماسية منذ عقود بعد أن قتل عملاء سعوديون جمال خاشقجي في قنصلية المملكة في اسطنبول. وفي تغريدة على موقع تويتر هذا الشهر، وصف قرقاش الوجود العسكري التركي في الخليج بأنه “حالة طوارئ“. وألقى باللوم على قطر وتركيا بسبب تعزيزهما “سياسة الاستقطاب”.
جذور في الربيع العربي
لم يكن الوضع دائما على هذا النحو. في السنوات الأولى بعد أن قاد أردوغان حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية إلى السلطة في سنة 2002، اعتبر الكثيرون داخل الشرق الأوسط وخارجه تركيا نموذجا للمنطقة. كذلك، سعت الحكومات الخليجية إلى زيادة العلاقات الاقتصادية ورأت شريكا سنيا محتملا لمواجهة إيران الشيعية.
غير أن ذلك تغير عندما فاز محمد مرسي، زعيم الإخوان المسلمين، بأول انتخابات رئاسية ديمقراطية في مصر بعد ثورة 2011 التي أطاحت بحسني مبارك. في الواقع، يقول مسؤول تركي كان دبلوماسيا في الإمارات العربية المتحدة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين: “كنت أشبه بأمير ودُعيت إلى جميع الاجتماعات – وكانت جميع الأبواب مفتوحة. ثم بدأ جنون الارتياب في أبو ظبي عندما دعمنا الزعيم المنتخب ديمقراطيا، مرسي. كانوا غاضبين جدا”.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يصل إلى الدوحة للقاء أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
سُجن محمد مرسي، الرئيس المصري الراحل، بعد الإطاحة به في انقلاب سنة 2013.
أصبحت الانتفاضات العربية لحظة حاسمة في علاقات تركيا مع محور الإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية. بالنسبة للشيخ محمد، شكلت الفترة المضطربة تهديدا. أما بالنسبة لأردوغان، فقد كانت فرصة. كان ولي العهد مقتنعا بأن واشنطن تخلت عن حليفها القديم، مبارك، وأن انتخاب حكومة الإخوان المسلمين في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان أكد مخاوفه من استغلال الحركات الإسلامية للفوضى.
عززت هذه الأحداث اعتقاد خريج أكاديمية ساندهيرست العسكرية السابق بأنه يجب على الإمارات العربية المتحدة أن تلعب دورا نشطا أكثر في تشكيل المنطقة، من خلال استخدام مواردها لمواجهة الجماعات الإسلامية ذات التعصّب الأيديولوجي. ولطالما كانت هذه الفكرة محور السياسة الخارجية لولي العهد منذ أن أصبح القائد العربي الأكثر نفوذا. في المقابل، مثّلت الثورة المصرية فرصة أمام أردوغان لتشكيل تحالفات مع حليف إسلامي من العالم العربي.
بينما مولت الإمارات وسائل الإعلام المصرية المعادية للإخوان، دعمت أنقرة مرسي سياسيا وماليا، لكن هذه الأوضاع تغيّرت بشكل كبير عندما استولى عبد الفتاح السيسي على السلطة خلال انقلاب سنة 2013. السيسي هو رجل عسكري استبدادي، استقر بسلاسة في معسكر الشيخ محمد، وقضى على الحركة الإسلامية وتلقى مليارات الدولارات من المساعدات الإماراتية.
في المقابل، رأى أردوغان أن الإطاحة بمرسي كانت بمثابة إهانة وتحذير من أنه قد يكون التالي. يشك المسؤولون الأتراك في أن أبو ظبي ربما كان لها دور غير مباشر في محاولة الإطاحة بأردوغان سنة 2016، على الرغم من عدم إيجادهم لأي دليل. وقال أردوغان في خطاب ألقاه سنة 2017: “عندما شهدت تركيا محاولة انقلاب، نعرف جيدا من من دول الخليج كان سعيدا بذلك”.
خلال السنوات التي أعقبت الانقلاب المصري، أصبحت تركيا تمثّل ملاذا لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين فروا من حملة القمع الوحشية. واليوم، تمثّل تركيا مركز تجمّع المنشقين العرب، بينما تدعم كل من أبو ظبي والرياض الرجال الأقوياء. وفي هذا السياق، يقول مسؤول تركي آخر: “إنهم يريدون من الحكام المستبدين أن يردعوا الأحزاب السياسية في الشرق الأوسط. لكن ذلك لن ينجح، فهم دائما ما يبالغون في قدراتهم ويقللون من شأن أعدائهم”.
حدود نفوذ محمد بن زايد
يعتقد البعض أن هذه العداوة قد كشفت عن حدود نفوذ الإمارات، حيث قال مسؤول مخابرات غربي كبير سابق: “لقد شهدنا على الأغلب أقصى النفوذ الإماراتي في جميع أنحاء المنطقة”. وأضاف أن “ما حدث في ليبيا هو مثال جيد على أنه في حال دعمت قوة كبرى الطرف الآخر، لن يستطيع الإماراتيون التدخّل كثيرا لأنهم لا يملكون سوى دفاتر شيكات ومبيعات أسلحة”.
في الواقع، لا ينظر هذا المسؤول إلى الوضع على أنه عداوة إقليمية، بل ينظر إليه على أنه استهدافٌ لتركيا من طرف أبو ظبي، وذلك لأن الإمارات تعتبر نفسها “محرّك” التحالف المناهض للإسلاميين. كذلك، ذكر المسؤول أن “أقصى حدّ لطموحات محمد بن زايد يواجه بعض العقبات الحقيقية. فهو يبحث عن مجندين لمواجهة تركيا، من بينهم الأمريكيون، لكنني لست متأكدا من أنه سينجح في ذلك”.
الطائرات الإماراتية تستعد للمشاركة في تدريب مشترك مع القوات اليونانية.
الشيخ محمد بن زايد مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سنة 2017.
في هذا الشأن، يتوقع بعض الأطراف أن الشيخ محمد سيدعم التحالفات القائمة داخل المنطقة وخارجها. وبعد أقل من أسبوعين على توقيعها على الاتفاقيّة مع “إسرائيل”، أرسلت الإمارات أربع طائرات مقاتلة من طراز إف-16 للمشاركة في مناورة عسكرية يونانية، في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات بين أنقرة وأثينا بشأن الحقوق البحرية. في الواقع، تشارك الإمارات العربية المتحدة في مناورات عسكرية مع اليونان منذ سنة 2017، لكن هذا سمح للشيخ محمد بإبراز تحالفاته خارج منطقة الشرق الأوسط.
قال البروفيسور عبد الله: “كانت الإمارات العربية المتحدة بحاجة إلى توجيه هذه الرسالة “نحن متواجدون هنا سواء أعجبك ذلك أم لا، ولم نتخل عن ليبيا'” تعدّ مصر والمملكة العربية السعودية أفضل حلفائنا الإقليميين، لكننا نعمل على توسيع مجموعة أصدقاءنا العالميين، التي تتواجد ضمنها اليونان وانضمّت إليها إسرائيل”.
لم يعقد الشيخ محمد والرئيس أردوغان أي اجتماع ثنائي رسمي منذ سنة 2012، لكن ولي العهد استضاف رئيس وزراء اليونان، كيرياكوس ميتسوتاكيس، في شباط/ فبراير، وأجرى معه ثلاث مكالمات هاتفية على الأقل منذ ذلك الحين في إطار تعزيز البلدين لعلاقتهما.
يضمن اتفاق التطبيع مع “إسرائيل” أن تبقى الإمارات في مأمن من تداعيات الانقسام السياسي في الولايات المتحدة، وهو الهدف الرئيسي الذي وقّعت من أجله أبو ظبي الاتفاقية. علاوة على ذلك، يقيم الشيخ محمد أيضا تحالفا مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قدم الدعم السياسي للجنرال حفتر في ليبيا، ويشاركه مخاوفه بشأن الحركات الإسلامية وأصبح ينتقد بشكل متزايد سياسة أردوغان الخارجية. وبينما يتجاهل المسؤولون الأتراك خصمهم الأصغر، تدرك أنقرة النفوذ الذي يحظى به الشيخ محمد في العواصم الغربية.
قال محيتين أتامان، رئيس أبحاث السياسة الخارجية في مؤسّسة سيتا، وهي مؤسسة فكرية مقرها أنقرة وقريبة من حزب العدالة والتنمية الحاكم: “تركيا لا تخشى الإمارات، بل تخشى أن تستخدم الإمارات الغرب ضدها، إذ أن محمد بن زايد كان ينفق ملايين الدولارات للضغط على تركيا”. وأضاف أتامان أن الشيخ محمد وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يسعيان إلى تحقيق “معادلة صفرية في العلاقات مع تركيا. لا تظهر هذه العداوة أي بوادر للانحسار، إذ يقول الحكيم: “إنها ستكون بمثابة سمة دائمة للشرق الأوسط الحديث”.
المصدر: فايننشال تايمز