يبدو أنّ باريس الأنوار أطفأت جميع مصابيحها وألقت بزيت سراجها في محرقة صراع الأديان لإيقاظ نار الفتنة التي لم تكن يومًا نائمة، فلم تعد تلك المدينة التي تشكلت فيها أواخر القرن التاسع عشر ساحات لحراك ثقافي متعدد الأوجه وحوار فكري بين عدد من المثقفين ورجال الدين المسلمين الإصلاحيين ونظرائهم الفرنسيين، وعلى رأسهم الفلاسفة الوضعيين المتحمسين للإسلام والمدافعين عنه، بل أصبحت عنوانًا كبيرًا للنزاعات مشحونة بدوافع سياسية وإيديولوجية وأخرى استراتيجية ببعديها الثقافي والاقتصادي.
تاريخيًا، لا يُمكننا بحال من الأحوال نكران الدور المهم لباريس في تشكل نخب عربية نهلت من النهضة الفكرية الفرنسية وساعدتها في نقل المعارف والعلوم إلى بلدانهم، وأيضًا في مسار اندماج الوافدين العرب وخاصة المسلمين إلى بلد الأنوار خاصة في أعقاب الحرب العالمية الأولى في الحياة الثقافية والاجتماعية، وذلك من خلال السجال المعرفي الذي أحييته نخب دافعت على التنوّع وقيم التعدّد.
في تلك الحقبة، لعبت “مجلة الإسلام” التي أسسها دوجاريك سنة 1894 دورًا مهمًا في هذا المجال، كما نشطت “جمعية الأخوة الإسلامية” التي تشكلت في باريس سنة 1907 والتي ترأسها كريستيان شرفيس وهو فرنسي اعتنق الإسلام ودافع عن إنشاء مسجد باريس الذي دُشِّن بعد وفاته بعدة أشهر(1920).
وبين عامي 1920 و1930 تضاعف عدد المسلمين الجزائريين في فرنسا حتى أصبح بمئات الآلاف، أما في الخمسينيات فقد لعب “المركز الثقافي الإسلامي” دورًا رياديًا حيث شكّل ملتقى لمفكرين إسلاميين كبار مثل مالك بن نبي وخلدون الكناني، ومستشرقين فرنسيين أولوا اهتمامًا كبيرًا للثقافة الإسلامية مثل ماسينيون وجاك بيرك وهنري كوربين.
الأزمة والمشروع
بزغت أولى بوادر الأزمة المعاصرة لفرنسا مع الإسلام حين حاول الرؤساء المتعاقبون على قصر الإليزيه وضع سلطة مقيدة على كل تجليات الإسلام، بما يضمن تناغم الدين الثاني في البلاد داخل المجتمع ويتماشى مع القيم العلمانية للجمهورية، ورغم فشل المحاولات التي قادها كل من جاك شيراك وفرنسوا هولاند وساركوزي، يبدو أنّ الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون مصر على المضي قدمًا في مشروع فرنسة الإسلام من خلال جملة من القرارات التي أعلن عنها سابقًا والمستندة أساسًا على مصطلحات خادعة في مجملها كـ”الإرهاب الإسلامي” و”الإسلام السياسي” و”الانفصال الإسلامي”.
في نهج لا يمكن أن يُفهم منه إلا تعمد وَصْم الإسلام بكل ما هو مسيء، يسعى ماكرون بكل جهده إلى تكريس فكرة “المجتمع الموازي” للمسلمين داخل الجمهورية التي أحييت بدورها الإيديولوجيا الراديكالية واستدعت مصطلح العلمانية حارس الجمهورية للانحياز إلى العرق الأبيض، إلاّ أنّ هذه الحملة لا تعدو أن تكون محاولة من فرنسا التي ظلت لسنوات مهوسة بالإسلام ومشغولة بإدارة معارك معه في الداخل كما الخارج لمنع وصوله إلى الحكم (العشرية السوداء في الجزائر).
تقوم خطة ماكرون على منع المساجد من تلقِّي تمويل من الخارج وإنهاء برنامج “الأئمة المبتعثين” في فرنسا تدريجيًا حتى عام 2024، والاعتماد على الجمعية التي أسسها قبل عام (إسلام فرنسا) لتقوم بمهمة تزويد المساجد بالأئمة المدربين في فرنسا، بالإضافة إلى إلغاء دروس اللغة الأجنبية، بما في ذلك دروس اللغتين العربية والتركية في جميع مدارس فرنسا.
وتعوّل فرنسا ماكرون في تنفيذ مشروعها على غياب صوت إسلامي رسمي (إمام داعية مفكر فيلسوف) يكون مسموعًا من أغلبية المهاجرين، وعلى أئمة راهنت على صناعتهم تحت عينيها ويحظون باهتمام وتبجيل كبيرين من الإيليزيه ومن دوائر القرار الفرنسية، ممن أثبتوا ولائهم للجمهورية وقيم العلمانية واستعدادهم للانخراط في أجندتها الداخلية والخرجية وقابلية توظيفهم في معارك أخرى.
أئمة الجمهورية
هذا المصطلح يُمكننا تقسيمه إلى أكثر من فئة على اعتبار أنّ مشروع ماكرون الجديد يضم كثيرًا من الفاعلين الرئيسيين ولعل أهمهم الأئمة بالمعنى الديني كأئمة المساجد والدعاة والمسؤولين في الجمعيات والمنظمات التي تُعنى بكل ما هو مرتبط بالدين الإسلامي.
تاريخيًا، استخدمت فرنسا ما يعبر عنه باستراتيجية الضرب الذاتي أي أن تصفع ووجه بيدك وتجلى ذلك سواء في فترة استعمارها لدول شمال إفريقيا كالجزائر وتونس (الصبايحية والحركية) أو من خلال سيطرتها على الحياة السياسية في تلك البلدان حتى في فترة ما بعد الاستقلال، مستخدمة نخب ثقافية ورجال أعمال لتنفيذ خططها واستراتيجياتها المتعددة، ويُمكن معاينة ذلك الأمر في العريضة التي طالبت في وقت سابق بعودة الاحتلال (الانتداب) الفرنسية إلى لبنان أو من خلال الأصوات الداعية للتدخل باريس لحماية الإرث العلماني البورقيبي من الوافدين “الإخونجية” رغم أنّ صناديق الاقتراع هي من حملتهم إلى رأس السلطة.
أمّا فيما يخص الملف الحارق والمتمثل في تعاطي فرنسا مع الإسلام، فسياسة باريس لم تخرج عن هذا السياق واعتمدت في تنفيذ أجندتها على تطويع أسماء بارزة من شيوخ وكتاب وأكادميين عرب وعادة ما يكونون من الضفة الأخرى من المتوسط، ومن بينهم:
حسن الشلغومي: فرنسي من أصل تونسي وإمام مسجد درانسي في الضاحية الشمالية لباريس يقدّم نفسه على أساس أنّه يناضل من أجل إسلام “الأنوار” وهو أيضًا صاحب كتاب ” “الإسلام والجمهورية.. لنتحرك قبل فوات الأوان”.
يرأس الشلغومي منتدى أئمة مسلمي فرنسا المدعوم إماراتيا وهو الوجه الإسلامي الأبرز على القنوات الفرنسية والمحبب للإعلام الغربي، إذ يحضر بصفته مُمثِّلا للأقلية المسلمة على جميع طاولات الحوار الساخنة، في حين تغلق الفضائيات ذاتها أبوابها في وجه أئمة آخرين يُمثِّلون شرائح أكبر ويتقنون الفرنسية التي تعتبرها فرنسا شرطًا أساسيًا لقبول الأئمة التي تسعى لتكوينهم.
الشلغومي عرف عنه زيارته للكيان الصهيوني (بعد العدوان على الغزة عام 2009) ورفضه لحركة مقاطعة إسرائيل (BDS) التي اعتبرها منافية للتعاليم القرآنية، وكذلك دعمه لحركة التطبيع العربية التي تقودها الإمارات في المنطقة وأيضًا بمقولته الشهيرة: “إسرائيل لا تعادي المسلمين، وإنها فقط تحارب الإرهابيين مثل حزب الله وحماس والحوثيين والنظام الإيراني، وإنها ستجلب الأمان والسلام للمنطقة وللمسلمين”، وكذلك بتعليقه على اتفاق الإمارات وتل أبيب في 13 أغسطس/آب 2020، بالقول: “محمد بن زايد رجل سلام من الطراز الأول”.
الزنديق حسن الشلغومي إمام مسجد مدينة درانسي الفرنسية الذي وصف المجرم الذي رسم الصورة المسيئة للنبي بإنه شهيد
هذا عميل صهيوني جاء قبل سنة لزيارة الكيان الصهيوني والتقى مع قيادة الجيش والمناطق الرسمي pic.twitter.com/fYXw112kAG
— شؤون المسلمين (@IslamiAffairs) October 26, 2020
إمام مسجد “درانسي” في الضاحية الشمالية بباريس، عرف بتقاربه مع اليهود، وخدمته لأجندتهم تحت مسميات إسلامية، فهو يتمتع بعلاقة ممتازة مع المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، كما شارك في سنة 2006 في تظاهرة مراسم إحياء ذكرى ترحيل اليهود في درانسي وندد بالظلم الذي ترمز إليه “المحرقة”.
طارق أوبرو: إمام مسجد بوردو وصاحب رباعية “الكتمان والرصانة والحشمة والاحتراس” كنظرية لتعامل المسلمين داخل الجمهورية الفرنسية، هو أيضًا شخصية أخرى لها حضور قوي في وسائل الإعلام الفرنسية، ويحظى بمكانة مهمة في الأوساط الدينية والثقافية وغالبا ما يحل ضيفًا مطلوبًا بقوة من طرف الإعلام للحديث عن القضايا الشائكة.
طارق أوبرو عُرف عنه دعوته المسلمين للعيش في سلام وفي سرية تامة ودون إزعاج المواطنين الفرنسيين الآخرين بسبب ممارساتهم الدينية، وفتواه بأكل اللحم غير الحلال في المناسبات والدعوات من باب التأدب مع المضيف، وكذلك رؤيته لحجاب المسلمات، ولكن رغم اتفاق طارق أوبرو مع مضمون رسالة حسن الشلغومي، إلاّ أنّ خطابه يبقى أكثر تماسكا من زميله في مدرسة “إسلام فرنسا”.
محمد موسوي: رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وهي منظمة فرنسية ينطبق عليها قانون الجمعيات وتعنى بتمثيل المسلمين في فرنسا وبالعلاقة مع الحكومة الفرنسية، وتم إنشاؤه بمبادرة من الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي حين كان وزيرا للداخلية (2003)، وحين تقلّد الأخير رئاسة البلاد حاول من خلال هذه التجربة طرح نسخته لحل معضلة التمثيل الإسلامي، مُعتمدًا على دائرة مقربة من الخبراء والمهتمين والباحثين في الديانات الذين نصحوه بإعادة تجربة تحييد الكاثوليكية والبروتستانية من الحياة الاجتماعية لكن هذه المرة مع دين جديد قادم من الشرق اسمه الإسلام.
من أشهر تصريحات الموسوي تلك التي نبه فيها المسلمين من أن القانون الفرنسي يجيز مثل هذه الرسوم (شارلي إيبدو)، ولا يرغم أحدا على الإعجاب بها، ولا يمنع أحدا من النفور منها.
غالب بن الشيخ: جزائري الجنسية رئيس مؤسسة “إسلام فرنسا” التابعة بشكل غير مباشر للدولة الفرنسية التي أعلن وزير الداخلية الفرنسي السابق “دومينيك دو فيليبان” عن تأسيسها عام 2005، إلا أنها لم تبدأ نشاطها الفعلي المنظم إلا عام 2016 عندما ترأسها وزير الدفاع السابق “جون بيار شوفانمون”، غير المسلم أصلًا قبل أن تُسند رئاستها للجزائري غالب بن الشيخ، الذي لا يختلف فكريًا بشكل كبير عن سلفه رغم اختلاف الدين.
هو دكتور في العلوم متخرج من جامعة باريس 6 زاول موازاة مع ذلك تكوين فلسفي بجامعة باريس 1، و هو مفكر إسلامي ذاع صيته و ألف عديد الكتب، من أهمها “العلمانية في نظر القرآن” أصدرته دار النشر الفرنسية براس دولا رونيسانس سنة 2005، كما يقدم منذ سنة 2000 حصة تلفزيونية حول الإسلام تبث بالتلفزيون الفرنسي.
وغالب الشيخ هو شقيق صهيب بن شيخ أحد أبرز المدافعين عن فكرة توافق الإسلام والعلمانية وتجلى ذلك في أطروحته الجامعية التي نشرت في كتاب تحت عنوان “ماريان والرسول.. الإسلام في فرنسا العلمانية”.
إلى جانب الشخصيات الدينية المعروفة في فرنسا، يُعول ماكرون على النخب العربية (المسلمة) لإضفاء بعض الشرعية على قراراته ومشاريعه التي تستهدف الإسلام، وهي في العادة نخب تعيش حالة اغتراب وقطيعة مع مجتمعها الأم ومنبتة عن مشاغله وهمومه، متأثرة إلى حد النخاع بالعلمانية الأوروبية أو بالأحرى النموذج الفرنسي (اللائكية) لا هم لها سوى إنزال التجربة على الغربية على بلدانها مهما كلفها الأمر.
فالمثقفين العرب بالمهجر لا يقومون عادة بالدور المناط بهم من حيث مقاومة عملية التضليل الرهيبة التي تتعرض لها الشعوب العربية والإسلامية من قبل الإعلام الفرنسي نظرًا لغياب لوبي عربي قادر على فرض طرح فكري أو مقاربة تعبر عن المسلمين عامة، بل يعمل كثير من هؤلاء على ترسيخ رواسب الاستعمار الثقافية من خلال جعل باريس المرجع الوحيد لمعيار المعرفة والبحث العلمي في العلوم الإنسانية والاجتماعية وكذلك في كل ما يتعلق بالحريات والديمقراطية.
حكيم القروي: هو جغرافي ومستشار في مجال الإستراتيجية، ومن الباحثين في معهد “Montaigne”، وهو مرصد مستقل أسس عام 2004 نادي القرن الحادي والعشرين الذي يجمع قادة من خلفيات متنوعة من أمثال وزيرة العدل السابقة من أصول مغربية رشيدة داتي، قبل أن يعمل لحساب بنك “روتشيلد” (زميل ماكرون)، وديوان “رولاند بيرغر” الاستشاري في المجال الإستراتيجي، كما عمل مستشارًا لرئيس الوزراء الأسبق جان بيير رافاران.
ولحكيم القروي العديد من المؤلفات أبرزها: هل الإسلام الفرنسي ممكن (2016)، والإسلام، دين فرنسي (2018)، ومصنع الإسلاموية (2018).
قال عنه الصحافي والكاتب الفرنسي الشهير نيكولا بو: “إن هذا الرجل الذي يدعو إلى التنوع وإلى إسلام يتفق ومبادئ الجمهورية الفرنسية يسعى إلى وضع مراكز تدريب الأئمة تحت السيطرة الإدارية للدولة، لقد نسي صديقنا الذي تدفعه رغبته في التسلق أمرًا بديهيًّا يعرفه أي طالب في عامة الأول؛ ألا وهو حياد الدولة العلمانية في المسائل المتعلقة بالدين”.
يوصف القروي وهو ابن أخ وزير سابق (حامد القروي) بأنّه المسؤول الأول عن خطط علمنة الإسلام في قصر الإيليزيه من خلال استشارات يقدمها للرئيس إيمانويل ماكرون، فيما أشارت صحيفة “لو كانار انشينيه” في وقت سابق إلى علاقته بالرئيس التونسي السابق بن علي خلال الأيام الأخيرة لـحكمه، حيث حاول حكيم قروي إنقاذ الديكتاتور التونسي، من خلال تقديم بعض النصائح له من أجل قطع الطريق أمام الثورة الشعبية ووأدها.
ماكرون.. الخديعة
خطط ماكرون المتعلقة بالإسلام أو بما يعبر عنّه بأسلمة فرنسا هو مسار متواصل يخوضه حكام الإيليزيه لإفراغ الدين الإسلامي من مضمونه النصي العقدي والروحي وإعادة تشكيل مضامين الإسلام بما يتلاءم مع فكر التنوير ومفهوم الدولة الحديثة ومقتضياتها وقيم الجمهورية والتزاماتها (التذويب والانصهار)، إلاّ أن مشروع ماكرون يشمل على عديد النقاط التي يجب الوقوف عندها، ومن بينها:
- التركيز على المساجد وتمويلها يُخالف الموجود فالكنيسة الأرثوذكسية مثلًا تتلقى تمويلًا من روسيا.0
- الأئمة الأجانب أكثر اعتدالًا بكثير من بعض أئمة الجيل الثاني الفرنسي الذين تلقوا تكوينهم في فرنسا.
- مشروع إيمانويل ماكرون يُخالف مبادئ العلمانية وقيم الجمهورية الفرنسية لاعتبارات كثيرة أهمها أنّ برنامجه يُعزز نظرية العلمانية المُغلقة والمسيحية المتحيّزة لهُويتها.
- التشريع القادم لن يحل الأزمة بقدر ما يزيد من وصم الغالبية العظمى من المسلمين الفرنسيين الذين يمارسون عقيدتهم سلميًا.
- إنّ مشروع ماكرون في مجمله لن يكافح التطرف بل سيصنعه من خلال عدم السماح للمسلمين باختيار قيادات دينية يرضونها، وسيزيد من الشرخ المعرفي الديني من خلال فرض نماذج مشوهة لقيادة المسلمين مثل الأشخاص الذين يحاربون الإسلام من داخله.
أما فيما يخص الأئمة الوافدين، فالمغرب وتونس والجزائر، كلها دول نجحت إلى حد بعيد في وضع المساجد ودور العبادة تحت وصاية الدولة، بمعنى أنّ أي إمام لا يصعد المنبر في خطبة الجمعة إلا بعد تحريات أمنية واسعة النطاق، وتعمل أيضًا على تكوين ومرافقة الأئمة المشمولين بالتعاون الفني وبالإيفاد إلى الخارج، ما يعني أنّ أطروحة ماكرون في التصدي للتشدد تبدو غير واقعية.
4 – ماكرون قال في آخر خطابه الذي تهجم فيه علي الإسلام وذلك قبل مقتل المدرس، إنه لن يسمح لأئمة يأتون من السعودية وتركيا والجزائر بأن يخطبوا في المساجد وأن فرنسا ستكون أئمتها بنفسها.. أئمة على المقاس لا يحرمون حراما، ولا يخالفون ربهم الاعلى “مبادئ الجمهورية”!
— Maryame Mohammed (@RaMaryame) October 26, 2020
من جهة أخرى، فإنّ استعمال ماكرون لمصطلح السياسي شعارًا لحربه على الإسلام دليل على أنّ المشروع الذي يقوده ليس نابعًا من الضرر الحاصل لبلده وإنما هو انخراط في مشروع أكبر تقوده الإمارات والسعودية في المنطقة والأخيرة تُعد من أكثر الجهات المانحة للمؤسسات الدينية في الخارج في إطار المد الوهابي سابقًا وضمن خطة غسيل لسياسة سلمان وابنه، ولكن ماكرون حاول عن قصد توجيه الأنظار إلى تركيا ودول شمال إفريقيا وخاصة تونس.
يبدو أنّ المحرّكات الرئيسية التي دفعت ماكرون إلى محاصرة الإسلام والمسلمين، تعود بالأساس إلى الأزمة التي تعيشها فرنسا على كل المستويات السياسية والاقتصادية، فباريس فقدت في العقدين الأخيرين الكثير من نفوذها في ليبيا وتونس والجزائر، ويرى الإيليزيه أنّ السبب فقدان فرنسا لنفوذها الاستعماري في كل إفريقيا هو الإسلام نفسه الذي حافظ على قدرة الشعوب الإفريقية على تثبيت هويتها ومقاومة الاحتلال، لذلك فإنّ كسر هذا الحاجز هو من أهم شروط تجاوز الأزمة.