مع عودة الإغلاق في كثير من الدول بسبب فيروس كورونا، يعود الأطفال للجلوس بالمنزل أوقات طويلة دون ممارسة نشاط بدني كافٍ، وبعد فترة طويلة نسبيًا من الإغلاق الأول، يبدو أن الأطفال اعتادوا الجلوس في المنازل وأمام الشاشات والأجهزة الإلكترونية.
لكن الأزمة بدأت فعليًا قبل ذلك مع التطور التكنولوجي، حيث أصبح الوضع السائد هو الجلوس في المنزل وأمام الشاشات لفترات طويلة حتى تحول لنمط الحياة الطبيعي، وأدت الجائحة إلى تفاقم المشكلة وزيادة الأزمة.
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن 41 مليون طفل حول العالم يعانون من زيادة الوزن والسمنة وإذا استمر الوضع هكذا سيصل الرقم إلى 70 مليون طفل بحلول عام 2025، يقول مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها إن الأطفال غير اللائقين جسديًا أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والأمراض المزمنة وكذلك الاضطرابات النفسية.
يعزز النشاط البدني من نمو الأطفال وتطورهم، حيث يحتاج الأطفال لممارسة الرياضة نحو ساعة يوميًا لنمو العظام وبناء العضلات وتطوير القدرة على التحمل والحفاظ على وزن صحي، كما تشير الأدلة إلى أن النشاط البدني يعزز من مهارات التفكير النقدي للأطفال.
ممارسة الرياضة كنشاط عائلي يشارك فيه كل أفراد العائلة، سيحقق نتائج صحية جيدة كما سيحقق التماسك والتناغم بين أفراد الأسرة
كما تساعد ممارسة الرياضة على الحد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وتحسين جودة النوم.
كيف تشجع الأطفال على ممارسة الرياضة؟
هناك الكثير من الطرق والأدوات التي تساعد الأطفال على ممارسة الرياضة بالسهولة والسعي نحو ممارستها، لكن قبل كل شيء تحدث مع أطفالك أولًا وفقًا لسنهم عن أهمية الرياضة والحركة ومخاطر الجلوس لفترات طويلة وتأثيره البدني والنفسي، فالمعرفة المناسبة أهم خطوة لتحقيق أي نجاح.
-
ممارسة الرياضة كنشاط عائلي:
يحتاج الأطفال غالبًا لمن يحفزهم ويشجعهم ويكون قدوةً لهم، إذا كان الوالدان يمارسان الرياضة أمام الأطفال فغالبًا سيتجهون لتقليدهم، والأفضل من ذلك ممارسة الرياضة كنشاط عائلي يشارك فيه كل أفراد العائلة، ما سيحقق نتائج صحية جيدة كما سيحقق التماسك والتناغم بين أفراد الأسرة.
-
اختر النشاط المناسب:
يؤثر نوع النشاط الذي يمارسه الطفل على قابلتيه لأدائه، فهناك طفل يحب المشي وآخر يحب الحركة الكثيرة وهناك من يحب الحركة في مكان محدود، لذا يجب أن تكتشف أولًا ما يميل إليه كل طفل حتى يتمكن من الاستمرار في ممارسته.
ابحث أيضًا عما يحفز طفلك لممارسة النشاط، فهناك طفل يشجعه التواصل الاجتماعي كأن يمارس الرياضة بشكل جماعي مع أصدقائه أو في صالة ألعاب رياضية، هناك طفل آخر يهتم بالمعرفة ويحفزه اكتشاف الفائدة من وراء ذلك وكيف يعود عليه بالنفع أو يحقق له هدفًا ما يطمح إليه.
-
اصنع مزيجًا من الأنشطة:
هناك بعض الأنشطة التي يمكن دمجها مع بعض المسؤوليات الأساسية بما يحقق أكثر من هدف في الوقت نفسه فيمنحك شعورًا قويًا بالنجاح، فالسير إلى المدرسة يعد نشاطًا بدنيًا وحمل الطفل لأكياس التسوق (بوزن مناسب) يعد جيدًا لتقوية عضلات اليدين.
الأمر كذلك بالنسبة للمشاركة في الأعمال المنزلية، فهي تساعد الطفل على الحركة وتحمل المسؤولية والاهتمام بنظافة وترتيب المكان حوله، بما يحقق مزيجًا هائلًا من الأهداف المطلوبة.
لذا في هذه النقطة يمكننا استغلال عدة أعمال أساسية لا غنى عنها في تحقيق النشاط، كأن نستبدل المصعد بالسلم، وركوب الحافلة بالمشي أو ركوب الدراجة، ومشاركة الجميع في الأعمال المنزلية بدلًا من قيام الأم وحدها بذلك.
-
استغل وقت الشاشة:
ربما لن تستطيع بشكل حاسم أن تمنع الأجهزة الإلكترونية والشاشات عن أطفالك، لذا استغل هذا الوقت في ممارسة الأنشطة، فمن الممكن مشاهدة مقاطع الفيديو التي تعرض تمارين رياضية وتقليدها.
النظام الغذائي الصحي عنصر أساسي لحياة صحية نشيطة متوازنة وعنصر مهم كذلك لتحقيق نتائج جيدة عند ممارسة الرياضة
هناك أيضًا ألعاب فيديو تفاعلية تتطلب بعض النشاط البدني مثل التنس وكرة القدم ومقاطع محاكاة الرقص، إذا كانت الأسرة تشاهد التلفاز معًا من الممكن استغلال الفواصل الإعلانية في قفز الحبل أو أي نشاط في المكان ليعتاد الأطفال ذلك.
-
اجعل ممارسة الرياضة أمرًا روتينيًا:
عادة ما يلتزم الأطفال بالروتين ويعتادونه، قد يتطلب ذلك بعض المجهود من الوالدين في البداية، لكن تحقيق الروتين يجعل كل الأمور سهلة بعد ذلك، لذا فكما تخصص وقتًا لنوم الأطفال ووقتًا لتناول الطعام، خصص كذلك وقتًا لممارسة الرياضة ليصبح جزءًا من الروتين اليومي، لكن انتبه حتى لا تكون التمارين الرياضية أعلى من قدرات الطفل وغير مناسبة لعمره، يمكنك أن تستعين بنصيحة مدرب رياضي لمعرفة ذلك.
إذا كان طفلك يعاني من بعض المخاوف المتعلقة بممارسة الرياضة تحدث معه أولًا ولا تسخر من مشاعره فقد يعيقه ذلك عن ممارسة الرياضة للأبد، اكتشف مشكلته وعالجها أولًا لتمنح طفلك الثقة والأمان اللازمين لاتخاذ الخطوة والاتجاه نحو حياة أكثر نشاطًا.
وفي النهاية، تذكر أن ممارسة الرياضة وحدها ليست أمرًا كافيًا للحصول على صحة جيدة، فالنظام الغذائي الصحي عنصر أساسي لحياة صحية نشيطة متوازنة وعنصر مهم كذلك لتحقيق نتائج جيدة عند ممارسة الرياضة.