في سابقة تعد الأولى من نوعها في الأردن، خرج قائد الجيش الأردني الفريق “مشعل الزبن” متحدثًا أمام وسائل الإعلام ضمن مؤتمر صحفي مشترك في دار رئاسة الوزراء، يتحدث عما أسماها “أسرار عسكرية” معلنًا تفكيك الجيش وإزالته لأجهزة تجسس إسرائيلية مزروعة منذ عام 1969 في 6 مناطق بالبلاد.
وقال الزبن البارحة الثلاثاء في المؤتمر الذي حضره رئيس الوزراء “عبد الله النسور” ووزير الداخلية “حسين المجالي” ووزير الإعلام “محمد المومني” إنه “تمنى ألا يتعرض لهكذا موقف يكشف فيه أسرار بلاده العسكرية”، إلا أنه اضطر للحديث بعد أقاويل وإشاعات وصلت حدًا غير مسبوق في البلاد تزعم استخراج دفائن وذهب من منطقة هرقلة من محافظة عجلون التي تبعد 70 كم شمال العاصمة عمان.
وكشف الزبن أنه بتاريخ 4 شباط 2013 وقع انفجار على طريق الخالدية المفرق (شرق العاصمة) وبصورة مفاجئة وسبب أضرارًا مادية ببعض الأبنية القريبة لمسافة 400 متر من موقع الحادث وتبين أنه ناتج عن مادة متفجرة مربوطة على أجهزة رصد وتجسس، مدفونة تحت سطح الارض منذ عشرات السنين، وتبين أنه قد تم زرعها من قبل الإسرائلييين في نهاية الستينات وأن الانفجار نتج عن عوامل طبيعية لم تحدد ماهيتها في حينه.
وقال إنه “في ضوء تلك العملية قام الجيش بعمل مسح ميداني شامل وفي جميع أنحاء البلاد واستطاع العثور على 5 مواقع أخرى تم زرع أجهزة مماثلة لها وعلى أعماق تتراوح بين متر ونصف إلى مترين، وعلى إثر ذلك طلب الجيش من الجانب الإسرائيلي تقديم معلومات كاملة عن مواقع الأجهزة في الأردن وأسلوب عملها ونوعية وكمية المتفجرات المزروعة مع هذه الأجهزة وتواريخ زرعها”.
وأكد الزبن أن الجانب الإسرائيلي قدم كافة المعلومات المطلوبة وتبين أن جميعها قد وزعت قبل 45 عامًا وتمت مطابقة لما قدم من معلومات عن عددها وأماكنها ووجد أنه مطابق تمامًا لما تم اكتشافه من قبل الجيش الأردني.
ولفت إلى أنه بعد عمليات مسح دامت عامًا ونصف العام اكتشف أن جهازًا كان موجودًا على طريق عمان – بغداد تم تدميره قبل حوالي عام وتم آنذاك تحويل السير عدة ساعات لتنفيذ العمل.
وفي الموقع الآخر الذي تداولت وسائل إعلام محلية أنه تم العثور فيه على دفائن ذهبية تعود للملك الروماني هرقل، بيّن الزبن أنه تم فيه تفجر أجهزة تجسس مربوطة بكمية من المتفجرات منذ العام 1969.
وأوضح أنه لم يكن بالإمكان تقدير تأثير التفجيرات في حال تمت بالطرق العادية بخاصة أن الجامعة (بمنطقة عجلون) تشهد حركة سير دائمة وبجوارها مناطق سكنية ووجدت صعوبة في تحديد الموقع لأقرب متر نتيجة لشق الطريق ووجود أشجار زُرعت فيما بعد مما أضطر القوات المسلحة وبما يضمن سلامة الأهالي لتفجيرها في أوقات العطلة.
واستطرد لذلك تم إغلاق الطرق، عبر إحضار الجانب الإسرائيلي وتحت إشراف الجيش والاستعانة بمعدات فنية إلكترونية وحواجز أسمنتية وشبك امتصاص عصف التفجيرات، وألبسة واقية للشظايا وطاقم خبراء مختص بمثل هذه التفجيرات وآلية حفر خاصة، وتم تنفيذ العمل بالموقع لعدة ساعات وإجراء التفجيرات في ساعة متأخرة من الليل بعد أخذ كافة الاحتياطات اللازمة وإغلاق المنطقة ولم يحدث أية تأثيرات جانبية لتفجير الموقع وتدمير الأجهزة.
وعبر الزبن عن أسفه الشديد لما تناقلته بعض وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وبعض الجهات زاعمة أن ما تم في منطقة عجلون كان البحث عن الدفائن والعثور على كميات من الذهب والآثار، لافتًا أن هذا الأمر أضطر القيادة العامة للقوات المسلحة لتوضيح ما حدث بالتفصيل.
وشدد قائد الجيش بالقول “كل ما ذكر عن موقع أثري هو عار عن الصحة ومحض خيال لمروجي هذه الإشاعات، وكان أولى بمن تولى الترويج أن يقدروا الدور والمسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتق الجيش في الظروف الحالية وتقدير الخصوصية الأمنية التي يجب أن يُحافظ عليها ويعرفها كل مواطن أردني شريف، وستقوم القوات المسلحة الأردنية بالملاحقة القانونية لكل من يروج أية إساءات أو إشاعات تمس أمن الوطن والقوات المسلحة الأردنية”.
ولفت إلى أن الجانب الإسرائيلي أكد بأن المعلومات التي قدمها كاملة وفق قيوده، مؤكدًا أنه في حال اكتشاف أجهزة أخرى لن يتوان الجيش عن كشف حقيقتها.
من ناحيته قال رئيس الوزراء “عبد الله النسور” الذي ظهر إلى جانب قائد الجيش في سابقة من نوعها، إن ” طبيعة الشائعات والاتهامات في هذه الموضوع أضطرت الحكومة بشكل غير مألوف لكشف عمل القوات المسلحة والتي هي من الأسرار العسكرية”.
وأضاف أنه في حال تم اكتشاف أجهزة تجسس إسرائيلية أخرى فإن ذلك سيسئ للعلاقات بين البلدين، وهذا سيكون له مدلول لا يبشر بعلاقات طيبة وسليمة.
وقال وزير الإعلام “محمد المومني” إن سقف الحريات الموجود بالأردن يجب أن تصاحبه مسؤولية وطنية، إذ لا يجوز إثارة القلق بين الناس، لافتًا أنه سيكون هناك متابعة من قبل الحكومة وفق القانون لمن يبث الإشاعات المضللة.
وكان المجتمع الأردني انشغل منذ نحو إسبوعين بشائعات الكشف عن دفائن وآثار وذهب في مدينة عجلون شمال العاصمة عمان، وأخذت بازدياد في ظل تداعي أهل المنطقة لحفر قطعة الأرض المجاورة لإحدى الجامعات الخاصة، وسط تقدير البعض أنها (أي الدفائن) تعود لعصر القائد الروماني هرقل كونها قريبة من قرية تسمى (هرقلية)، وأخرون نسبوا الدفائن لزمن الإسكندر المقدوني.