ترجمة وتحرير نون بوست
كانت إحدى عميلاتي اللواتي تمت ترقيتهنّ حديثًا تعاني من صعوبة إدارة الوقت والمهام، حيث كانت تشعر أنها لا تستطيع أن إنجاز كل المهام الموكولة لها. لقد تجاوزت الكثير من الآجال النهائية المهمة لبعض المشاريع، التي لم تتسبب في إحراج لبعض العملاء فحسب، وإنما تسببت أيضا في مشاكل لبقية أعضاء فريقها. شعرت بالحزن والقلق من عدم قدرتها على إثبات جدارتها في وظيفتها الجديدة. عند النظر بشكل معمق لأسباب هذه المشكلة، اكتشفنا أن الأمر لا يتعلق في الواقع بإدارة الوقت؛ وإنما بمدى قدرتها على إنجاز بعض المهام.
إذا كنت تعتقد أن لديك ساعات كافية في اليوم لإنجاز كل الواجبات المدرجة في قائمة المهام الخاصة بك، ولكنك تشعر بنفاذ طاقتك، فمن المحتمل أنك تعاني من مشاكل في طاقتك أو قدرتك العقلية على التعامل مع موضوع معين. وتعتبر إدارة الوقت الطريقة الأمثل التي تخصص بها هذه الطاقة لإنجاز العديد من المهام الموكولة إليك.
لا يتعلق الأمر بكثرة هذه المهام فحسب، وإنما بمقدار الطاقة التي تحتاجها كل مهمة. عموما، سيحدد هذا الأمر في نهاية المطاف مقدار ما يمكنك إنجازه خلال فترة معينة. وعندما تستنزف طاقتك العقلية، سيصبح من غير المهم ما إذا كان لديك مزيد من الوقت لأنك لن تكون قادرا على أن تكون منتجًا. إذن كيف يمكنك معرفة متى يمكن لقدراتك العقلية مجاراة قدراتك الجسدية؟ فيما يلي بعض العوامل التي قد تستنفذ هذا المقياس الأساسي.
دائما ما تحاول تقديم أفضل ما لديك
يمكنك تقييم نفسك وفقًا لبعض المعايير العالية دون أن تكون مهووسا بالكمال والمثالية. في الحقيقة، يتمثل ما يستنزف طاقتك العقلية في إلزام نفسك بالوصول إلى معايير مستحيلة والشعور بأنك مقصّر في أداء واجباتك على أكمل وجه. وعلى الرغم من أنك تسعى في الكثير من الأحيان إلى تحسين مردودك، إلا أنك الطرف الملام في ذلك لأنك تركز على عيب يستنزف قدراتك العقلية التي يمكنك استغلالها من أجل الوصول إلى مستوى أعلى.
في حال وجدت أنك تفكر باستمرار في أنك لم تكن مديرًا أو موظفًا أو والدًا أو زوجًا جيدا، فستسمح لمبدأ المثالية باستنفاد طاقتك العقلية. لذلك، لا تتردد في تحديد كيفية تحسين أدائك في المرة القادمة. حينها، ستتمكن من تعزيز قدراتك العقلية بطريقة مدهشة، لأنك تمكنت من التخلص من الجانب المدمر لمبدأ المثالية الذي أصبح بمثابة هوس بالنسبة لك.
الموافقة على كل مشروع جديد
سواء على المستوى الشخصي أو المهني، ستستهلك عدم قدرتك على قول “لا” طاقتك العقلية بسرعة. تذكر أن موافقتك على مسالة معينة كان عليك رفضها ولا ترغب في القيام بها، ستجعلك يوما ما ترفض القيام بشيء ترغب فيه حقا. في بعض الأحيان، ينبغي عليك فقط أن تعترض على الأشياء التي تريد فعلها لأنك ببساطة لا تملك القدرة العقلية اللازمة في ذلك الوقت. في إحدى المناسبات، وُجّهت دعوة إلى إحدى عملائي للتحدث في مؤتمر “تيد”، إلا أنها رفضت ذلك ظنا منها أنها ستقصّر في أداء العديد من المهام الأخرى المهمة في حياتها.
كنتيجة لذلك، تذكر أن ربط نفسك بالتزامات جديدة يتطلب منك التنقل في بعض الأحيان والاستعداد جيدا ووضع خطة محكمة. وسيكون من الأفضل بالنسبة لك التفكير في كل ما من شأنه أن يفرض عبئا على طاقتك قبل أن توافق على القيام بمهمة جديدة.
قضاء الكثير من الوقت في تصفّح الإنترنت
في عصر الاتصالات الرقمية المتواصلة والتي تتطلب منك الاستجابة الفورية، تزداد صعوبة قطع الاتصال. فإذا كنت معتادًا على الرد بشكل فوري على اتصالاتك وترغب في تغيير هذه العادة، فستحتاج إلى إدارة توقعات الآخرين. ويعد هذ الأمر صعبا نظرا لأنك اعتدت على الرد بشكل فوري على المراسلات. وإلى جانب إدارة توقعات الآخرين، فإنك مسؤول عن إدارة توقعاتك. ويعني ذلك إدارة حدود طاقتك حتى لا يؤدي “العمل” على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع إلى استنفاد قدراتك العقلية.
الاستهانة بوقتك
غالبًا ما نشعر بالتفاؤل حول قدرتنا على إنجاز الأمور في فترة زمنية معينة، ولكننا ننسى العوامل التي تشتت انتباهنا. لدي موظفة ترهق نفسها باستمرار في أداء مهامها اليومية، حيث تبالغ في تقدير قدرتها على العمل بأقصى قدر من الكفاءة طوال اليوم.
بعد فحص قائمتها النموذجية، اكتشفنا أنها كانت تسمح لمصادر الإلهاء بتشتيت انتباهها من جانب زملائها والانتقال من مهمة إلى أخرى والتحضير للطلبات الجديدة والتفكير الإبداعي ومجموعة متنوعة من القضايا الصغيرة الأخرى التي تتطلب وقتًا. كنتيجة لذلك، لم تنجز أبدًا ما كانت تخطط للقيام به كل يوم. وغالبًا ما كانت تستنفد طاقتها الذهنية في التركيز على مدى تأخرها.
لقد درّبتها على وضع جدول زمني أكثر واقعية لكل يوم، مع تحديد زمن معين لكل مهمة، وفترة انتقالية بينها، وتعيين وقت للرد على رسائل زملائها في العمل، وحتى تحديد وقت كل يوم لتعويض الأمور التي لم تنتبه إليها. بناء على ذلك، نجحت في إنجاز المزيد من المهام وعززت نطاق قدراتها العقلية نظرا لأنها كانت أكثر واقعية ولم تستمر في القلق حول عدم امتلاكها للوقت الكافي لإنجاز المهام.
فقدان مسار أولوياتك
إذا أقبلت إلى مكتبك كل صباح بفكرة مبهمة حول ما يجب إنجازه في ذلك اليوم، فإنك ستهدر قدراتك العقلية في محاولة لمعرفة توجه تركيزك أولاً. ومن خلال تخصيص بضع لحظات في نهاية كل يوم لتحديد ما يجب القيام به في اليوم التالي، ستتمكن من بدء صباحك بتفكير واتجاه واضحين. كما ستساعدك هذه الاستراتيجية على تحديد المهام التي ينبغي عليك إنجازها وفقا لأهميتها.
لدي زميلة تلتزم بتطبيق مفهوم “أكل الضفدع على الإفطار”. وتعني “بالضفدع” أصعب مهمة في اليوم، أي أن هذه المهمة تكون أول شيء تعمل على إنجازه في الصباح. وتتمثل عملية التفكير في أنه بمجرد الانتهاء من المهام الأكثر صعوبة، سيبدو كل شيء بعد ذلك أسهل. وعندما لا تكون واضحًا بشأن أولوياتك، يمكنك إهدار طاقتك العقلية الثمينة من خلال الإبحار في قائمة مهامك واستهلاك قدراتك العقلية.
عدم الحضور
يعد البشر ماهرين في العيش في الماضي أو المستقبل، ولكنهم أقل نجاحًا في العيش في الحاضر. لذلك، خذ وقتا للتفكير في الوقت الذي كنت فيه منتجًا للغاية في العمل وتمكنت من تحقيق نجاح باهر. ربما كنت آنذاك تركز بشكل كامل على المهمة التي تقوم بها ولم تلته بأمور أخرى. بعبارة أخرى، عندما تفكر فيما لم تفعله بالأمس أو ما كان عليك القيام به غدًا، فإنك تهدر بذلك طاقتك العقلية.
هناك نصيحة أخرى تتعلق بالإنتاجية ألا وهي الانتباه إلى الأمور المقلقة التي لا داعي لها. ويمكن القول إن القلق يعدّ من أكثر المشاعر السلبية عديمة الجدوى. وفي حال كنت عاجزا عن فعل أي شيء حيال ما يحدث، فلماذا تهدر طاقتك في التفكير بشأنه؟ والسؤال الوحيد الذي يطرح نفسه حاليا هو ما إذا كنت قادرا على السيطرة على الموقف. وفي حال لم تكن قادرا على ذلك، فإنك تهدر مخاوفك. لذلك، يتمثل كل ما ينبغي عليك فعله في تحرير مخاوفك وتفريغ قدراتك العقلية.
تعد إدارة القدرات العقلية أمرًا مهمًا بشكل خاص عندما تجد نفسك تمر بأوقات مرهقة أو عصيبة. وفي حال لاحظت أنك تمر بمثل هذه الأوقات، تشجّع حيث أنه يمكن حتى للتعديلات الصغيرة أن تحدث فرقًا كبيرًا. وإذا كنت تستغرق بعض الوقت لتقييم ما يرهق قدراتك العقلية، فيمكن أن يخفف ذلك الضغط بشكل كبير.
المجلة: فاست كومباني