ترجمة وتحرير: نون بوست
بسبب تهاونها في إجراءات وقف الادعاءات المضللة والأخبار الكاذبة حول الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تعرضت منصة غوغل إلى انتقادات لاذعة مقارنة ببقية شبكات التواصل الاجتماعي.
في ليلة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حصد موقع “يوتيوب” آلاف مقاطع الفيديو الخاصة بالانتخابات الرئاسية. لقد أراد الجميع البروز في هذه اللحظة التاريخية على منصة الفيديو الرائدة في العالم، حيث بدا ذلك جليا من خلال البرامج التلفزيونية، وموقع اليوتيوب والإذاعات المختلفة. في المقابل، هناك بعض التفاصيل التي لم يدركها سوى عدد قليل من الناس، حيث عمدت عشرات القنوات إلى فتح بث مباشر وهمي في محاولة لجني الأموال عن طريق وضع خرائط لنتائج الانتخابات المبتكرة.
تعدّ مقاطع الفيديو خير دليل على كيفية استمرار التلاعب بالمعلومات. في الحقيقة، عندما يفكر شخص ما في الدعاية الانتخابية أو بالتلاعب على مواقع التواصل الاجتماعي ونشر المعلومات المضللة على الإنترنت، يعدّ موقع فيسبوك أو تويتر من الأسماء الأولى التي تتبادر إلى الأذهان، الأمر الذي يُعتبر منطقيا للغاية.
بسبب ما حدث في الانتخابات الأمريكية السابقة، تعرضت هذه الشبكات إلى انتقادات لاذعة، على غرار أحداث خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو الأخبار المتعلقة بفيروس كوفيد-19، لدرجة أن المراقبة المستمرة أجبرت المسؤولين على التصدي لهذا الكم الهائل من المعلومات المضللة رفض الإعلانات السياسية واتخاذ خطوات لمنع أعمال الدعاية.
بالإضافة إلى مقاطع الفيديو الكاذبة التي كشفتها وسائل الإعلام على غرار موقع “إنسايدر”، أصبحت المنصة المملوكة لشركة غوغل، أكثر بروزا بعد هذه الانتخابات الأخيرة لأسباب أخرى على غرار أن العديد من قنوات اليوتيوب، اجتمع عليها كل من أليكس جونز وستيف بانون، الذين يُعدّان من أكبر المدافعين عن “اليمين البديل” في الولايات المتحدة لتحليل حيثيات الانتخابات الأمريكية. وتجدر الإشارة إلى أن جونز وبانون طُردا سابقا من جميع الشبكات العملاقة تقريبًا على مدار سنوات واتهما بالترويج لخطاب الكراهية و”الأخبار الكاذبة”.
حصدت سياسة تطبيق الفيديو الكثير من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي هذه المرة
أغلقت كل من منصة يوتيوب ومنصة تويتر حساب بانون، وذلك بسبب مطالبته علنا بقطع رأس الدكتور فوسي. وفي هذا السياق، قال أليكس جوزيف، المتحدث باسم منصة يوتيوب: “لقد حذفنا هذا الفيديو لانتهاكه سياستنا المناهضة للتحريض على العنف. وسنستمر في المراقبة، بينما سنطبق سياساتنا بعد الانتخابات”. وعمدت إحدى شبكات الأخبار الموالية لترامب إلى تحميل مقطع فيديو آخر أكدت فيه فوز الرئيس دونالد ترامب بعهدة ثانية. من جهته، لم يحذف موقع يوتيوب هذا الفيديو، على الرغم من أنه ينتهك سياساته الإعلانية، الأمر الذي أثار جدلا واسعا.
حصدت سياسة “تطبيق” الفيديو الكثير من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي هذه المرة. ولسائل أن يسأل، هل يعني ذلك أن كل المعلومات المضللة بقيت على منصة يوتيوب أم أن غوغل لم تتخذ أي إجراء إزاءها؟ أوضحت مؤسسة موزيلا، خلال رصدها لسياسات مواقع التواصل الاجتماعي في مواجهة هذه الانتخابات، أن موقع يوتيوب يعدّ الأكثر تساهلا في الحد من تصريحات الفوز الكاذبة.
يوتيوب في مواجهة فيسبوك وتويتر
وفقًا لما وقع شرحه في وسائل الإعلام على غرار “نيويورك تايمز” أو “ذي فيرج” أو “سي إن إن”، اتخذت الشركات الثلاث الكبرى إجراءات مماثلة لمحاولة إيقاف المعلومات المضللة وإبلاغ المستخدمين من خلال رسائل تحذير حول وجود محتوى مثير للجدل سواء على قنواتهم أو من خلال شاشاتهم.
اتخذت هذه الشركات إجراءات للحد من نشر الرسائل المثيرة للجدل وعدّلوا الخوارزميات وأضعفوا سياسة المراقبة أكثر من أي وقت مضى، حيث تعتبر منصة يوتيوب وفيسبوك خير مثال على ذلك. كما تواجه منصة تويتر، العديد من المشاكل في إدارة هذا السيل المستمر من الادعاءات الكاذبة ومحاولات التلاعب.
بالنسبة لشركة مارك زوكربيرغ، اتخذت جميع أنواع الإجراءات في حقها لتجنب المزيد من الانتهاكات. بالإضافة إلى ذلك، واجهت الشركة انتقادات لعدم قدرتها أو عدم رغبتها في فرض رقابة على المحتويات الكاذبة حول تزوير النتائج الانتخابية. في المقابل، لم يتخذ موقع التواصل الاجتماعي تويتر، أي إجراء بشأن التزوير الانتخابي، حيث قررت عدم حذف العديد من التغريدات نظرا لأنها لا تنتهك سياساتها. وفي خضم هذا السيل العارم من الانتهاكات، ما الذي يميز منصة يوتيوب عن غيرها، مما جعلها تبدو أكثر تهاونا؟
في ليلة الانتخابات، تتبّع مراسل “بلومبيرغ” مارك بيرجن الدلائل، التي أظهرت كيفية نجاح المحتوى المضلل في الظهور على منصة يوتيوب من خلال البث المباشر، واتفق معه محلل الشبكات، مارثيلينو مادريغال، حيث أكد أن “منصة يوتيوب دائما ما كانت نظامًا أساسيًا يُستخدم للتّضليل والتلاعب لأسباب مختلفة. والجدير بالذكر أن المنصة تنشر مقاطع فيديو تصل إلى عدد من الأشخاص بشكل أفضل، كما يُعتبر من السهل نشرها على نطاق واسع، حيث تقوم خوارزمية منصة يوتيوب باستعراض الفيديو تلو الآخر. ويلعب ذلك دورا أساسيا خاصة وأنها منصة متعددة الأنظمة، بحيث يمكنك مشاركة مقاطع الفيديو على جميع الشبكات ومشاهدتها بصفة متتالية دون أي مجهود”.
يعتبر تطبيق تيك توك ملاذا لجيل الألفية. لذلك، سيكون من الضروري معرفة تطور استخدامه على مدى السنوات القادمة
أوضح مادريجال، الذي حلل جميع أنواع الاتجاهات والحركات على مواقع التواصل الاجتماعية منذ سنوات، أن الروابط إلى منصة يوتيوب كانت الأكثر مشاركة على قنوات تلغرام المضللة، إلى حد بعيد. وتابع مادريجال حديثه قائلا إن “هناك أسبابا واضحة لذلك، حيث يقع استهلاك المحتوى ومشاركته بسرعة، حيث يمكنك محاولة تحقيق الدخل منه”.
ماذا عن “التطبيقات” الجديدة؟
فيما يتعلق بمستقبل هذه المعلومات المضللة وإذا ما كانت تؤثر على منصات جديدة أخرى، يشير كل شيء إلى أنها تتكيف مع الوضع الراهن. لقد وقع توضيح ذلك بالفعل في مقالات سبق وأن نُشرت في وسائل الإعلام على غرار “نيويورك تايمز”، أو منظمات المهاجرين اللاتينيين، حيث بينت كيفية لعبت منصة “واتساب”، دورًا رئيسيًا في مشاركة المعلومات الكاذبة والتلاعب برأي الناخبين. كما لم يسلم تطبيق “تيك توك” أو “تويتش” من هذه الادعاءات، حيث لعبا دورا محوريا، على سبيل المثال، في عرض مختلف الأنشطة المناهضة لترامب.
يعتبر تطبيق “تيك توك” ملاذا لجيل الألفية. لذلك، سيكون من الضروري معرفة تطور استخدامه على مدى السنوات القادمة، خاصة إذا ما أصبح شائعا. بالنسبة لجيل الألفية، أوضح ديفيد ألفاريز لهذه الصحيفة أنه “ليست هناك علاقة بين جيل الألفية والسياسة. في المقابل، يضم تطبيق “تويتش”، جيشا من “المنخرطين” الموجودين في شتى أنحاء العالم. لكن، أعتقد أن رفض المحتوى السياسي أعلى في هذه الشبكة الاجتماعية مقارنة بتطبيق تيك توك، لا سيما وأنهم يشعرون بتعرضهم للغزو”.
المصدر: الكونفدنسيال