تشهد خمس دول عربية، هدنة سياسية، مع حلول عيد الأضحى المبارك الذي يحلّ يوم السبت القادم، وذلك بعدما كانت مناطق ساخنة على كافة الأصعدة سواء ميدانيًا عبر اشتباكات أو مظاهرات احتجاجية، أو سياسيًا من خلال مفاوضات سياسية، لحل الأزمات المشتعلة طوال الأشهر الماضية.
وعادة ما ينتظر أهالي البلاد التي تعاني من مشاكل، الأعياد كي تكون فرصة لالتقاط الأنفاس، وهو الأمر نفسه بالنسبة للساسة وأطراف النزاع، الذين يستجيبون لتلك الهدنة بهدف ترتيب الصفوف، والاستعداد لاستئناف المعركة أو المفاوضات للوصول إلى حلول سياسية.
مصر
تعتبر مصر من الدول التي تنتظرها هدنة سياسية في عيد الأضحى، التي لن تشهد المظاهرات الاحتجاجية اليومية في الميادين والشوارع الرئيسية من قبل معارضين مصريين طوال أيام عيد الأضحى المقبل، مع الاكتفاء بـ “رمزية الاحتجاج”.
وقال إمام يوسف، القيادي بـ”التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب” المؤيد للرئيس المعزول “محمد مرسي” إن “الاتجاه العام لدى التحالف، تخفيف مستوى الاحتجاج خلال أيام العيد، من خلال الاكتفاء برمزية الاحتجاج المتمثلة في رفع شارات رابعة، دون الخروج في مظاهرات حاشدة، مماثلة لما هو عليه الوضع في الشهور الماضية”.
وفي تصريحات له أضاف يوسف “صحيح مازلنا ندرس هل سيكون هناك احتفال بالعيد دون أي مظاهر احتجاجية، أم سيتخلله احتجاج رمزي كرفع شارات رابعة أو توحيد لون الملابس، لكن ما نؤكده أننا لن نفسد على أنفسنا ووطنا وإخواننا المصريون من المعارضين لتوجهنا، بهجة الاحتفال، فجميعنا نسيج واحد”.
ومنذ 3 يوليو من العام الماضي، ينظم أنصار الرئيس المعزول “محمد مرسي” فعاليات منددة بعزله، ومطالبة بعودة “الشرعية”، التي يعتبرونها متمثلة في عودة الرئيس المنتخب إلى الحكم، في إشارة إلى مرسي، وهي المظاهرات التي شهدت في أحيان كثيرة تفريق من قوات الأمن أوقعت قتلى ومصابين.
فلسطين
وفي فلسطين، تعقد الآمال على الجولة الثانية من المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، الغير مباشرة برعاية مصرية، والتي من المقرر أن تستأتف بعد عيد الأضحى.
وقال “قيس عبد الكريم” عضو الوفد الفلسطيني للتفاوض مع إسرائيل إن”المفاوضات سوف تستأنف بعد عيد الأضحى، بعدما جرى عقد جلسة استكشافية، يوم 23 سبتمبر لتحديد جدول أعمال وجلسات الجولة التي تعود بعد العيد”.
وفسّر مسؤول مصري مطلع تأجيل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بقوله إن “ذلك احترامًا للشعائر لدى الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، لاسيما أن عيد الغفران – وهو يوم مقدس لدى اليهود – يوافق ثاني أيام عيد الأضحى”، مضيفًا أن “الطرفين يتفهمان سبب تأجيل المفاوضات، لاسيما مع سريان الهدنة المتفق عليها”.
وكان الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي قد اتفقا في 26 من أغسطس الماضي، على هدنة طويلة الأمد برعاية مصرية، تنص على وقف إطلاق النار وفتح المعابر التجارية مع قطاع غزة بشكل متزامن.
وكانت حركتا حماس وفتح قد اتفقتا مساء الخميس الماضي، عقب لقاءات وفدين من الحركتين بالقاهرة على تنفيذ كافة بنود اتفاق المصالحة الأخير الذي وقع عليه في أبريل الماضي، وتجاوز جميع العقبات التي اعترضت تطبيق بنوده، وتمكين حكومة التوافق الوطني من بسط سيطرتها على قطاع غزة.
ليبيا
أما في ليبيا، فقد أعلن أطراف النزاع في ليبيا استئناف جلسات الحوار، برعاية الأمم المتحدة، حول عدد من القضايا مثل تسليم السلطة البرلمانية، والاتفاق على حكومة توافق وطني عقب عيد الأضحى.
وجمعت الجلسة الأولى لمؤتمر الحوار الليبي، الإثنين الماضي، نواب يشاركون في اجتماعات مجلس النواب، الذي يعترف به المجتمع الدولي، في مدينة طبرق شرق البلاد، ونواب آخرين يمثل معظمهم الإسلام السياسي، يقاطعون تلك الاجتماعات.
وانتهت جلسة الأمس بالدعوة إلى وقف إطلاق النار في كل أرجاء البلاد بين كتائب تتصارع لبسط السيطرة في عدة مدن، لاسيما العاصمة طرابلس وبنغازي.
وتعقد هذه الجلسات بغرض مناقشة تسليم السلطة من المؤتمر الوطني المنتهية ولايته إلى مجلس النواب والاتفاق على حكومة توافق وطني.
ومنذ الإطاحة بـ”معمر القذافي” في عام 2011، تشهد ليبيا انقسامًا سياسيًا بين تيار محسوب على الليبرالي وتيار آخر محسوب على الإسلام السياسي زادت حدته مؤخرًا؛ ما أفرز جناحين للسلطة في البلاد لكل منه مؤسساته، الأول: البرلمان الجديد المنعقد في مدينة طبرق وحكومة عبدالله الثني، ورئيس أركان الجيش عبد الرزاق الناظوري، والثاني: المؤتمر الوطني العام ومعه رئيس الحكومة عمر الحاسي، ورئيس أركان الجيش جاد الله العبيدي.
ويتهم الإسلاميون في ليبيا فريق برلمان طبرق بدعم عملية “الكرامة” التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر منذ مايو/ أيار الماضي، ضد تنظيم “أنصار الشريعة” الجهادي وكتائب إسلامية تابعة لرئاسة أركان الجيش، ويقول إنها تسعى إلى “تطهير ليبيا من المتطرفين”، بينما يرفض فريق المؤتمر الوطني عملية الكرامة، ويعتبرها “محاولة انقلاب عسكرية على السلطة”.
الجزائر
وفي الجزائر، تستأنف مفاوضات سلام بين حركات أزوادية وأخرى مستقلة، مع حكومة باماكو، بشأن الأزمة في شمال مالي بعد عيد الأضحى في منتصف أكتوبر المقبل.
ووفق “تنسيقية الحركات الأزوادية” التي تضم (الحركة الوطنية لتحرير أزواد، والمجلس الأعلى لوحدة أزواد، والحركة العربية الأزوادية) فإن تأجيل المفاوضات لبعد العيد يعود إلى “السماح للمشاركين بإحياء مناسبة “طاباسكي” – عيد الأضحى – مع عائلاتهم”.
وتطلق تسمية “طاباسكي” على عيد الأضحى لدى المسلمين في غرب ووسط أفريقيا.
وفي 18 من سبتمبر الماضي انطلقت جلسات الجولة الثانية من مفاوضات سلام بين حكومة مالي وست حركات تمثل سكان الشمال، من أجل التوصل إلى حل شامل لأزمة شمال البلد بوساطة دولية تقودها الجزائر.
وكانت مالي قد شهدت انقلابًا عسكريًا في مارس 2012، قاده الجنرال “آمادو صانوغو”، وأطاح بالرئيس آنذاك “أمادو توماني توري” بعد تمرد اندلع في كيدال. وبعدها، تنازعت الحركة الوطنية لتحرير أزواد مع كل من حركة التوحيد والجهاد، وحليفتها حركة أنصار الدين، للسيطرة على مناطق شمالي البلاد، وإثر انتشار الفوضى شمالي مالي، وسيطرة مجموعات مسلحة على مدينة كيدال، وتمبكتو، وغاو، شهدت مالي تدخلاً عسكريًا دوليًا بقيادة فرنسا، وبمشاركة قوات من دول المنطقة، في يناير 2013.
السودان
وفي الشأن السوداني من المنتظر أن تستأنف المفاوضات بين الحكومة ومتمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال بأديس أبابا عقب عيد الأضحى، في 12 أكتوبر المقبل برعاية الوسيط الأفريقي ثابو أمبيكي.
وبعدها بثلاث أيام تستأنف أيضًا بأديس ابابا المفاوضات بين الحكومة وثلاث حركات مسلحة تحارب الحكومة في إقليم دارفور غربي البلاد منذ العام 2003 هي حركة العدل والمساواة بقيادة “جبريل إبراهيم”، وحركة تحرير السودان بقيادة “عبد الواحد نور”، وحركة تحرير السودان بقيادة “اركو مناوي”.
وتهدف جولتي التفاوض مع الحركة الشعبية وحركات دارفور للتوصل لاتفاق وقف عدائيات يمهد لإنخراط الحركات المسلحة في دعوة الرئيس “عمر البشير” للحوار التي أطلقها في يناير الماضي وقاطعتها غالبية فصائل المعارضة.