ترجمة وتحرير حفصة جودة
“من المعاناة بزغت أقوى الأرواح، فأعظم الشخصيات معلّمة بندبات” خليل جبران.
عندما نمر بكارثة أو صدمة أو أحداث نفسية مؤلمة في حياتنا الشخصية أو العملية، فإننا عادة ما نتفاعل معها بحزن وسلسلة من المشاعر السلبية، هذه المشاعر بالطبع رد فعل طبيعي لتحطم آمالنا وتبدد أهدافنا.
ومع ذلك فمثل هذه التجارب ليست فقط جزءًا من الحياة لا مفر منه، لكنها بشكل عملي مطلوبة للنمو والتطور والقدرة على النجاة في الشدائد والازدهار كذلك.
في رأيي أعتقد أن أفضل طريقة لتعزيز المرونة والعزم والصلابة النفسية هي الممارسة المقصودة، كانت أول تجربة هادفة لتطوير تلك الفلسفة في أثناء التدريب على برنامج اختيار القوات البحرية الأمريكية الخاصة “Navy SEAL”.
انتقلت إلى بلدة كريستد بات في كولورادو لتدريب جسدي وعقلي على ارتفاعات عالية للغاية لعدة أشهر، هذه العقلية أصبحت لاحقًا الوقود الذي احتاجه في رحلتي في ميادين الصراع سواء في الحرب أم الأعمال، حيث تعد المرونة شرطًا أساسيًا للنجاح.
يلتزم الأشخاص المرنون بحياتهم وأهدافهم، فهم يمتلكون بجدارة خطةً مناسبةً وتنفيذًا جيدًا وتصحيحًا للمسار
لقد احتجنا جميعًا إلى بعض الجلد في بيئة العمل الجديدة خلال الأشهر الثمانية الماضية، وسنحتاج إلى مواصلة ذلك فيما بعد، ورغم عدم وجود قائمة محددة متفق عليها للمكونات الرئيسية للمرونة، فإنني وضعت 3 أبعاد لذلك.
التحدي:
الأشخاص المرنون ينظرون إلى الصعوبات كتحدٍ وليس حدثًا يشل الحركة، ويرون أن الأخطاء والإخفاقات دروس نتعلم منها وفرص للنمو.
الالتزام:
يلتزم الأشخاص المرنون بحياتهم وأهدافهم، فهم يمتلكون بجدارة خطةً مناسبةً وتنفيذًا جيدًا وتصحيحًا للمسار.
السيطرة:
يضع هؤلاء الأشخاص وقتهم وطاقتهم في مواقف وأحداث يملكون السيطرة عليها، ولأنهم يضعون جهدهم وعاطفتهم في المكان الذي يملكون فيه تأثيرًا أكبر، فإنهم أكثر قوةً وثقةً وإنجازًا.
تعد المرونة سمة مهمة في سياق العمل الآن أكثر من أي وقت مضى، فلا أحد يعمل بكفاءة باستمرار كموظف أو زميل عمل أو قائد، في لحظة ما لا بد أن تتلقى نقدًا أو تمر بفشل في العمل.
وفي تلك البيئة الافتراضية تزداد التحديات والتعقيدات في مستويات المشاركة المتوترة بالفعل، ضع في اعتبارك أيضًا أن المرونة مطلوبة لمواجهة التغيرات الإيجابية مثل الترقية أو زيادة المسؤوليات أو حتى التحول الوظيفي المرغوب به.
الأشخاص الذين يمتلكون شبكات دعم اجتماعية قوية أكثر استعدادًا للتعافي من الخسارة والفشل، وبالطبع هذه الشبكات ليست من بينها إنستغرام
لذا قبل أن ننظر في أسباب أهمية المرونة، لنلقي نظرة على أهم السمات التي تقود إلى مستويات عالية من الثبات الذهني.
التفاؤل: هؤلاء الأشخاص المتفائلون يكونون أكثر مرونةً عادة ويحافظون على إيجابيتهم بشأن المستقبل حتى عند مواجهة عقبات تبدو مستعصية.
العطاء ورد الجميل: يتجه الأشخاص الأكثر مرونة عادة إلى مساعدة الآخرين عند حاجتهم للتنفيس عن التوتر وتعزيز الكفاءة الذاتية، هذا الإيثار يعد قوة.
القيم والأخلاق: الأشخاص الذين يمتلكون بوصلة أخلاقية أو مجموعة ثابتة من المعتقدات بشأن الصواب والخطأ من السهل رجوعهم عن الخطأ بشكل عام.
حس الدعابة: إن الشعور الصحي بالفكاهة والضحك على سوء الحظ يعد ميزة لهؤلاء الأشخاص عندما يتعلق الأمر بمواجهة الشدائد.
المعلمون والمدربون: هذه ليست إحدى متطلبات المرونة، لكن الأشخاص الذين يمتلكون في حياتهم مدربين عقلانيين أو مرشدين أو قدوة عادة ما يملكون مصدرًا للإرشاد والتوجيه.
شبكات الدعم: ليس مفاجئًا أن يكون الدعم الاجتماعي مهمًا فيما يتعلق بالمرونة، فالأشخاص الذين يمتلكون شبكات دعم اجتماعية قوية أكثر استعدادًا للتعافي من الخسارة والفشل، وبالطبع هذه الشبكات ليست من بينها إنستغرام.
رغم أن جزءًا من المرونة الفردية مستمر ولا يمكن تغييره، فإن هناك فرصة للتطوير، فمن الممكن أن تحسن مرونتك عن طريق التدريب المتعمد
احتضان الخوف: هذه ليست صفة مميزة، لكن الأشخاص المستعدين لمغادرة منطقة الراحة الخاصة بهم ومواجهة مخاوفهم أكثر قدرة على التغلب على التحديات التي تواجههم والنمو.
الهدف: إن الأشخاص الذين يمتلكون ارتباطًا عاطفيًا بقضية أعلى هم أكثر قدرة على التعافي من الفشل والإحباط، عندما تؤمن أنك تمتلك هدفًا فمن غير المرجح أن تستسلم عندما تواجه خسارة أو مأساة.
التدريب المتعمد: رغم أن جزءًا من المرونة الفردية مستمر ولا يمكن تغييره، فإن هناك فرصة للتطوير، فمن الممكن أن تحسن مرونتك عن طريق التدريب المتعمد.
هناك 5 أسباب تجعل المؤسسات قادرة على فهم أهمية المرونة وأن تبدأ في تقديم برامج لبناء المرونة:
الرفاهية العامة للموظف:
بينما تعمل المؤسسات على معالجة قضايا أعباء العمل، فإن مهارات المرونة مفيدة للرفاهية النفسية للموظف بشكل مباشر، حيث تساعده على إعادة تشكيل تصوراته بشأن التوتر والضغط، فالموظفون الأكثر صحة وسعادة أكثر مشاركة في العمل ويقودون نحو الجودة ورضاء العميل والربحية.
التكيف:
يعد تطوير المرونة لدى القادة والمديرين وكبار الموظفين أمرًا حاسمًا لتجاوز التغييرات الخطيرة والمفاجئة، التي تعد أمرًا لا مفر منه في عالم الأعمال الحديث سريع الوتيرة، مع الوضع في الاعتبار تأثير الجائحة العالمية.
التعلم والابتكار:
تحتاج معظم الشركات للابتكار بشكل مستمر للبقاء على قيد الحياة في عالم الأعمال، هذا يعني أن الموظفين بحاجة إلى العمل باستمرار لصيانة وتطوير قدراتهم، يجب أن يضع المديرون في اعتبارهم أن بوضع الموظفين ذوي القدرات والحوافز العالية في مواقف وأدوار جديدة فإن منحنى التعلم ينخفض على المدى القريب مما قد يؤثر على الروح المعنوية والمرونة، ولهذا يجب أن نتجه نحو التدريب.
العمل الجماعي:
إن السبب الأول لاختبار المرونة في مكان العمل هو العلاقات الشخصية المتوترة، ففهم السلوكيات النموذجية المرتبطة بنقص المرونة يدفع القادة نحو تشجيع الموظفين على فحص أنماط تفكيرهم وتغيير طريقة تفسيرهم للموقف وبالتالي تقليل المشاعر السلبية بين أفراد الفريق وتحسين دينامية عمل الفريق.
التطور الوظيفي:
سيستفيد الموظفون الذين يسعون للنمو وتطوير مهاراتهم من تعلم التعامل مع مواقف العمل المعقدة والسلبية، مثل ردود الفعل السلبية وحل النزاعات، يمكن للمديرين القادرين على فهم دينامية المرونة أن يدربوا موظفيهم بشكل أكثر فعالية.
هذه الأسباب جزء صغير من الأسباب التي يجب أن ننتبه لها بشأن تأثير المرونة وأن نجعلها جزءًا من الإستراتيجية الثقافية.
المصدر: فوربس