يتميز الشيخ “عبد الفتاح مورو” بقوة حضوره التي مكنته من السيطرة على كل المناظرات التي خاضها طيلة السنوات الماضية مع مناهضين له ولأفكاره سواء كانوا من السلفيين أو من العلمانيين أو حتى من المنتمين لحركة النهضة ذاتها، كما يتميز أيضًا بجرأته على النقد التي تجعله منبوذًا (هو يدعي هذا) من قبل فئة من حركة النهضة التي كان هو أحد أهم مؤسسيها.
الإسلام هو الحل؟
في الأيام الأخيرة أثار الشيخ مورو ضجة إعلامية بسبب تصريحات تحدث فيها عن رأيه المعلن مسبقًا حول الإسلاميين، حيث قال لموقع العربي الجديد، إنه يرى أن شعار الإسلام هو الحل، الذي طالما رفعه الإخوان المسلمون والحركات الإسلامية في تونس وفي مصر وفي باقي الدول “شعار فارغ درج على ألسنة الشعوب وعلى ألسنة قادة الحركات الإسلامية من دون وعي بمضامينه .. وهو يشبه شخصًا مريضًا يأتي للعلاج فيقال له بأن الطب هو الحل”.
وشرح الشيخ مورو رأيه قائلاً: “نظريًا القول إن الإسلام هو الحل صحيح، ولكن على مستوى المضمون الحل هو الذي سنقوم نحن باستنباطه وبنائه على قاعدة (أنتم أعلم بأمور دنياكم)، ولم يقدم لنا تفاصيل القضايا والبدائل، فهذه المسائل تدخل ضمن تصورنا لواقعنا وكيفية النهوض به، لقد سارعنا نحو الأشكال ولم نُعِد المضامين، بل لم نتساءل عن الأسباب التي أوقعتنا في التخلف، وهو السؤال الذي طرحه كل المصلحين في القرن التاسع عشر، وقد كان مؤسسو الحركات الإسلامية على علم به، لكنهم لم يطرحوه بنفس الحدة، ولم يجيبوا عنه”.
وحول موقفه من تقدم الإسلاميين للحكم بعد الثورة، قال الشيخ مورو إنه يرى أن “الحركة الإسلامية أخطأت عندما سارعت نحو السلطة رغم أنها لا تملك برامج وخبرات في مجال إدارة شئون الدولة”، مبررًا رأيه بالقول: “ماذا كانت أهدافنا قبل الثورة؟ كنا نسعى لكي يكون لنا موقع مع باقي الأطراف السياسية، يمكّننا من إبلاغ رأينا تحت شعار (خلوا بيننا وبين الناس)، قضيتنا ليست تقويض الأنظمة بالقوة”.
الثورة:
ويرى الشيخ مورو أن الإسلاميين أساؤوا فهم انعكسات الثورة، فقال: “كانوا واهمين عندما تصوروا بأن العهد الماضي قد تغير، فالذي تغير هو الواجهة فقط، هم لم يفهموا ذلك، أو أنهم تحت وقع الفرح والحماسة أو بحسن الظن أو لانعدام التجربة، اعتقدوا أن تغيير الأنظمة يكون بإزالة حاكم”، مضيفًا: “هم لم يدركوا أن هذه الثورات جاءت لصالح الأنظمة القائمة، بمعنى أن هذه الأنظمة تخلصت من الورم الذي كانت تعاني منه، فالحكام الذين كانوا يقودونها تحولوا إلى أورام مسيئة لتلك الأنظمة”.
ورغم موقفه هذا، يؤمن الشيخ مورو بقيام ثورات في دول الربيع العربي، غير أنه يرى أن ثمارها لم تقطف ويعوز ذلك إلى أخطاء الإسلاميين وغير الإسلاميين، فيقول: “الذي حصل أن الصف الثوري انقسم على نفسه، وهو ما أتاح الفرصة لعودة قوى الردة إلى العمل من جديد، لم يدرك الثوريون أو الذين يمكنهم أن يستفيدوا من التغيير، أن المرحلة الجديدة هي مرحلة تكاتف وتعاون، وأنهم ليسوا قادرين كأفراد على إقامة الصرح الجديد، لأنه ما المعنى من إزاحة الديكتاتورية إذا كان الهدف هو بناء ديكتاتورية أخرى”.
مضيفًا: “هناك من يعيش اللحظة الراهنة ويواجه تحدياتها، وهناك المحافظون الذين يعيشون في الماضي، ومنهم إسلاميون يحلمون بعمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز، وأيضًا علمانيون يحلمون بتولستوي ولينين وستالين وبما حدث في الستينيات، وكلاهما يتحمل مسئولية تعطيل الحراك وعدم دفعه إلى الأمام”.
ويتحدث الشيخ مورو عن أخطاء حركته بالذات، فيقول: “توقعي أن الذين سيصوتون لصالح النهضة هم أبناؤها وأسرهم، لكن أولئك الذين كان حريًا بالنهضة بعد الثورة أن تهتم بهم، والذين ليس لهم عداء للإسلام، حتى ولو لم يرتق سلوكهم إلى درجة الالتزام الأخلاقي، ولن يكونوا في صف اليسار، هؤلاء لا يفهمون ما الذي تعنيه العلمانية، وبالتالي كان بالإمكان أن نجعلهم منحازين إلى النهضة، لكنها خسرت الكثير منهم”.
السلفية والعنف:
عند حديثه عن السلفية، يحمل الشيخ المورو المسئولية للجميع، فيقول: “المسألة الآن لا تستوجب فقط وقفة من الإسلاميين والمتدينين، ولكن أيضًا من المجتمعات التي عليها أن تدرك الأسباب العميقة التي تجعل من شبابنا يرفع السلاح ضد الدولة، حصلت هذه الظاهرة في الغرب خلال الستينيات (حمل السلاح ضد الدولة)، لكنه استطاع أن يحصرها ويسيطر عليها لكونه يملك صحافة ومؤسسات ووعيًا، أما المجتمعات التي لديها مؤسسات حامية، وليس فيها فكر فسيكون من الصعب محاصرة هذه الظاهرة، هناك من المسلمين من يعتقدون بأن الإسلام سيقوم على أيدي هؤلاء، لأن الطبقة الدينية بينت أن ولاءها للأنظمة المستبدة، فالسلفية اليوم ليست أمنية فقط”.
مضيفًا: “القضية اليوم تتجاوز تنظيم داعش، وما يجري حاليًا يدعو إلى الضحك، هؤلاء لا يقاوَمون بهذه الطريقة، لأنهم يتسللون داخل البيوت، ولا يمكن قتل وقصف أسر بكاملها، أعتقد بأن هذا التحالف الدولي وجد لإعادة ترتيب المنطقة، هو مجرد غطاء لمشهد جديد”.