ترجمة وتحرير: نون بوست
من غير المستبعد أن يواصل الرئيس الأمريكي المنتخب حديثا جو بايدن، والمعروف بدعمه الكبير لاعتماد الطاقات البديلة، السير على خطى ترامب فيما يتعلق بالمواجهة مع الصين.
ليست الحرب بين البلدين تجارية بحتة، بقدر ما هي تنافس في قطاعات بعينها، وبالتحديد في مجال الطاقة المتجددة، حيث تعد الصين واحدة من الدول الرائدة في هذا القطاع.
في الواقع، فقدت الصين إلى حد ما مكانتها الريادية في العامين الماضيين. ووفقا لأحدث تقرير صادر عن مدرسة فرانكفورت للتمويل والإدارة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، بالتعاون مع مركز “بلومبيرغ إن إي إف” المتخصص في أخبار الطاقة المتجددة والاقتصاد الرقمي، فقد بلغ حجم الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة (باستثناء المشاريع الكهرومائية) في جميع أنحاء العالم، 282.2 مليار دولار في 2019، بنسبة نمو 1 بالمئة مقارنة بسنة 2018.
في 2017، بلغ إجمالي الاستثمارات عالميا 279.8 مليار دولار، وهي السنة التي رصدت فيها الصين أكبر استثمارات في هذا القطاع.
بسبب بناء محطات الطاقة الشمسية، بلغت استثمارات الصين في تلك السنة 143 مليار دولار، وانخفضت بنسبة 51 بالمئة عام 2018، لتبلغ 91.1 مليار دولار، بينما لم تتجاوز 83.4 مليار دولار عام 2019.
في الفترة ذاتها، ارتفعت الأرقام في الولايات المتحدة بشكل ملفت، حيث نما حجم الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة في 2019 بنسبة 28 بالمئة مقارنة بسنة 2018، لتبلغ 55 مليار دولار.
صحيح أن الرقم مازال بعيدا عن الصين، لكن لا يجب أن ننسى تأثير أزمة كورونا السلبي على صناعة الوقود الأحفوري.
مشاريع بايدن المتعلقة بالطاقة النظيفة قد تحظى بدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس
فعلى سبيل المثال، انخفض الطلب على البنزين في الولايات المتحدة بنسبة 13 بالمئة هذا العام، مما دفع المصافي الأمريكية إلى التحول إلى إنتاج وقود الديزل الحيوي، بحسب ما ذكرته رويترز.
ويؤكد تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن مصادر الطاقة المتجددة أصبحت أقل تكلفة من أي وقت مضى، وبالتالي فإن الاستثمار في هذا القطاع أصبح أمرا ضروريا.
ويميل خبراء سألتهم وكالة رويترز للأنباء إلى الاعتقاد بأن مشاريع بايدن المتعلقة بالطاقة النظيفة قد تحظى بدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس، خاصة إذا ما قدمت إدارة الرئيس المنتخب حوافز إضافية لصناعة النفط وتطوير مصادر الطاقة المتجددة.
بناء على ذلك، قد يعيد الجمهوريون النظر في مواقفهم من مصادر الطاقة التقليدية، والتي دمعها ترامب بقوة خلال فترة رئاسته.
معسكر ترامب على وشك الإنهيار
على الرغم من رفض الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الاعتراف بهزيمته في الانتخابات، فقد ظهرت علامات التردد والارتباك داخل معسكره. وقد ساهم ترامب بنفسه في إحداث شرخ وسط الحزب الجمهوري، ويظهر ذلك في إعلانه يوم التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر عن إقالة وزير الدفاع مارك إسبر، وتعيين كريستوفر ميلر الذي كان مديرا للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب، وزيرا للدفاع بالإنابة.
من الواضح أن قرار ترك البلاد دون وزير دفاع خلال الفترة الانتقالية، تمليه في المقام الأول رغبة ترامب في الانتقام بسبب ما اعتبره خيانة من وزيره. كأنه يقول له “حتى أنت يا مارك”.
ورغم أن إسبر لم يكن أقل ولاءً من باتريك شاناهان، غير أنه رفض تسييس وزارته خدمة لمصالح الرئيس. وكانت القطرة التي أفاضت الكأس، هي تسريب معلومات تلقي باللوم على قيادة البنتاغون بشأن تحريض الروس على قتل جنود أمريكيين في أفغانستان، فضلا عن رفض إسبر خروج الجيش إلى الشوارع من أجل قمع الاحتجاجات التي اندلعت هذه السنة.
كان من الممكن أن تتم إقالة إسبر قبل ذلك الوقت لولا الانتخابات. في الوقت الحالي، يرى ترامب أنه ليس لديه ما يخسره، وذلك ما يدفعه إلى إقالة معارضيه ودون تردد، بغض النظر عن آثار هذه القرارات على الأمن القومي للولايات المتحدة.
يوما بعد يوم، يتناقص عدد المؤيدين لترامب، وقد أكد بعض المشرعين المؤثرين من الحزب الجمهوري أنهم لن يتدخلوا في تشكيل إدارة بايدن، وأنهم لا يرفضون فكرة الحوار مع الديمقراطيين.
على صعيد آخر، لا تزال بعض الأصوات المؤثرة مثل السيناتور ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تبدي تضامنها مع ترامب وتتبنى موقفه بشأن تزوير نتائج الإنتخابات.
تحقيقات المدعين العامين تبدو بلا قيمة. وربما يكون بار قد أقدم على هذه الخطوة لتجنب الخروج من الباب الصغير
كما أعطى المدعي العام الأمريكي وليام بار، الذي نفذ عديد القرارات المثيرة للجدل التي اتخذها ترامب سابقا، أوامره للمدعين العامين الفدراليين، بمتابعة التحقيقات في “الادعاءات الجوهرية بمخالفات التصويت وجدولة الأصوات، في الانتخابات الرئاسية الأمريكية”. وهو القرار
صدر القرار بعد لقاء بار مع ماكونيل في الكابيتول هيل، وقد حصلت وكالة أسوشيتد برس على نسخة منه.
وقد اعتبر كثيرون في الولايات المتحدة أن هذا الأمر التنفيذي مجرد مسرحية لمساعدة الرئيس الحالي في الطعن بنتائج الانتخابات، ورأوا فيه ضربة جديدة للديمقراطية في البلاد.
وبالنظر إلى غياب أي دليل دامغ يثبت تزوير نتائج الإنتخابات، ورفض المحاكم في الولايات المتحدة الدعاوى القضائية التي رفعها محامو ترامب، فإن تحقيقات المدعين العامين تبدو بلا قيمة. وربما يكون بار قد أقدم على هذه الخطوة لتجنب الخروج من الباب الصغير.
بشكل عام، كلما ضعف موقف ترامب، كلما قلت حظوظه في الحصول على الدعم من الحزب الجمهوري. وإذا تمكن بايدن ونائبته كامالا هاريس من إقناع الجمهوريين بالتعاون والعمل معا لتخفيف آثار فيروس كورونا، فضلا عن اتخاذ إجراءات فعالة في مجالات أخرى، بما في ذلك في مجال الطاقة النظيفة، سينخفض عدد الموالين لترامب إذا قرر مواصلة مشواره السياسي.
المصدر: دي سي نيوز