ترجمة وتحرير: نون بوست
حثت منظمات حقوقية دولية ومحامون بريطانيون وأقارب النشطاء المعتقلين، دول مجموعة العشرين على مقاطعة القمة التي تستضيفتها المملكة العربية السعودية هذا الشهر. كما طالبت المملكة بالإفراج الفوري عن ناشطات حقوق المرأة المعتقلات بشكل غير قانوني، ناهيك عن الناشطات المعارضات للنظام.
من المتوقع أن تحضر مجموعة دول من بينها المملكة المتحدة، الفعاليات الافتراضية التي تُعقد عبر الإنترنت يومي 21 و22 تشرين الأول/نوفمبر الجاري برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز، في ظل تفشي فيروس كورونا. تتولى المملكة رئاسة مجموعة العشرين في وقت تتعرض فيه لانتقادات عالمية شديدة بسبب سجلها الحقوقي السيء، وأساسا جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول سنة 2018، واحتجاز ناشطات في مجال حقوق المرأة، ناهيك عن الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها في حرب اليمن.
في مناسبات عديدة، نفت الرياض إصدار الأوامر بقتل خاشقجي، والمزاعم بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، وعملت على لفت أنظار الرأي العام الدولي إلى الإصلاحات التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بهدف انفتاح المملكة على العالم وتنويع اقتصادها.
في المقابل، يؤكد المدافعون عن حقوق الإنسان ارتفاع وتيرة الممارسات القمعية على مدى السنوات القليلة الماضية، وقد وجّهوا دعوات للدول المشاركة في مجموعة العشرين إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد المملكة.
في هذا السياق، أكدت عائلة لجين الهذلول، البالغة من العمر 31 عامًا، وهي ناشطة سعودية معتقلة ومضربة عن الطعام حاليا احتجاجًا على ظروف احتجازها، لصحيفة الإندبندنت أن “إحدى نقاط الحوار الرئيسية في قمة هذا العام هي تعزيز مكانة المرأة وهو أمر غاية في “النفاق”.
ذُكرت قضيتها في تقرير مكوّن من 40 صفحة كتبته البارونة البريطانية هيلينا كينيدي، وتم تقديمه يوم الثلاثاء إلى البرلمان البريطاني ودول مجموعة العشرين الأخرى، وكذلك إلى الهيئات ذات الصلة في الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
أكد التقرير وجود ما لا يقل عن 22 من المدافعين عن حقوق الإنسان، معظمهم من النساء، معتقلين بشكل غير قانوني منذ 2018، في الوقت الذي رفعت فيه السعودية الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارة. ويقدم التقرير أدلة على عمليات احتجاز غير قانونية وتعسفية ومحاكمات جائرة وجرائم تعذيب يرتكبها أشخاص على صلة وثيقة بكبار القادة في البلاد.
دعت البارونة كينيدي، عضو مجلس اللوردات البريطاني عن حزب العمال، حكومة المملكة المتحدة وقادة دول مجموعة العشرين الآخرين للمطالبة بالإفراج عن المحتجزين بشكل غير قانوني، ومقاطعة القمة، وفرض عقوبات على عدد من المسؤولين، بما في ذلك شخصيات مقربة من ولي العهد.
نفت المملكة العربية السعودية هذه المزاعم مرارًا وتكرارًا، وأشارت إلى أنها تسعى إلى القيام بإصلاحات كبيرة في المجتمع
في حوار مع صحيفة الإندبندنت، أكدت البارونة أنه “ينبغي على الحكومات التي تحضر هذه القمة أن تستخدم نفوذها للدعوة إلى إطلاق سراح النساء المعتقلات”. وأضافت:”لا يمكن للمسؤولين أن يقفوا مكتوفي الأيدي، إذ أن الصمت يعني أنهم شركاء في الجريمة. أطالب بفرض عقوبات على الأشخاص الذين حددناهم. لا ينبغي أن نشارك في مجموعة العشرين لأنه أمر فظيع”.
جاء ذلك في أعقاب إطلاق منظمة هيومن رايتس ووتش حملة جديدة حثت فيها للدول المشاركة في مجموعة العشرين على الضغط على المملكة العربية السعودية لملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات. وقالت المنظمة إن “دول مجموعة العشرين منحت الرياض رئاسة القمة لعام 2020، على الرغم من اعتداء الحكومة السعودية المستمر على الحريات الأساسية”.
من جهتها، نفت المملكة العربية السعودية هذه المزاعم مرارًا وتكرارًا، وأشارت إلى أنها تسعى إلى القيام بإصلاحات كبيرة في المجتمع، كان بينها السماح للمرأة بقيادة السيارة قبل عامين.
تحدثت تقارير في وسائل الإعلام البريطانية مؤخرا عن نية الرياض إصدار قرار عفو عام قبل انعقاد مجموعة العشرين. لكن السفارة السعودية في لندن أوضحت أن التعليقات المنسوبة للسفير السعودي في لندن الأمير خالد بن بندر بن سلطان آل سعود، حُرّفت عن سياقها وأنها “لا تعكس معنى تصريحاته بدقة”. وجاء في بيان السفارة أن “الأمر متروك للمحاكم لتقرير مصير المحتجزين وفقا للإجراءات القانونية المناسبة”.
الناشطة السعودية لجين الهذلول
في حوارات صحفية سابقة، كان السفير السعودي لدى المملكة المتحدة قد شدد على أن الناشطات اعتُقلن لعدة أسباب تتخطى المطالبة بحق المرأة في قيادة السيارة.
من بين الناشطات البارزات المعتقلات، لجين الهذلول التي دافعت عن حق المرأة السعودية في القيادة، لكنها اعتقلت مع تسعة ناشطات أخريات في شهر أيار/ مايو 2018، قبل أشهر من رفع الحظر عن القيادة. مر أسبوعان على إضرابها الثاني عن الطعام، والذي قالت إنه سيستمر حتى تمنحها السلطات الحق في الاتصال بأسرتها.
خلال الأسبوع الماضي، حذرت لجنة حقوق المرأة التابعة للأمم المتحدة من تدهور صحتها. وأوضحت شقيقتها لينا في حوار لصحيفة الإندبندنت أنها احتُجزت في البداية في سجن غير رسمي، وتعرضت للصعق بالصدمات الكهربائية والتعذيب بالماء والجلد والتحرش الجنسي والحرمان من النوم والإجبار على تناول الطعام بشكل قسري.
في وقت لاحق، وُضعت في سجن انفرادي منذ منتصف شهر نيسان/ أبريل حتى كانون الثاني/ يناير من السنة الحالية، وهو الأمر الذي تزعم أسرتها أنه تسبب لها في صدمة نفسية.
وفقًا لتقرير البارونة كينيدي، فإنها تواجه 12 تهمة من بينها التحريض والدعوة لتغيير النظام السياسي في المملكة والتقدم لوظيفة في الأمم المتحدة. لم يتم الحكم عليها بعد، وقد تم تأجيل محاكمتها بشكل متكرر. وأكدت لينا أنه “سُمح لوالديها بزيارتها في 26 تشرين الأول/ أكتوبر في سجن الحائر شديد الحراسة في الرياض.
في هذا الصدد، أكدت لينا أنهم “رأوها في تلك الزيارة في أضعف حالاتها، حيث كانت صحتها النفسية متدهورة جدا”. لهذا السبب، حثت البارونة كينيدي الرياض على السماح للمحامين الدوليين بزيارة السجون ومقابلة الناشطات مثل لجين، مؤكدة أن الطريقة التي يدير بها العالم ظهره لمثل هذه الجرائم وصمة عار”.
المصدر: الأند بندنت