يعرف الوضع في منطقة الصحراء الغربية توترا كبيرا بين طرفي النزاع، حيث وردت أنباء عن تبادل لإطلاق النار في محيط الجدار الفاصل بين أراضي سيطرة جبهة البوليساريو ومناطق سيطرة المغرب، بعد وقت وجيز من إعلان الرباط تأمين معبر الكركرات الحدودي واعتبار “الجبهة” ذلك “إعلان انتهاء وقف إطلاق النار”.
توتر ينذر بتحولات كبرى في أزمة الصحراء الغربية المتواصلة منذ عقود عدّة، فكلّ طرف يصرّ على تطبيق طرحه دون تنازل، ما يجعل المنطقة أمام سيناريوهات كثيرة، لكن هل يسارع المغرب لتنفيذ عملية عسكرية واسعة هناك لتطبيق خياراته، أما أن للبوليساريو رأي أخر؟
الدفاع الشرعي الاستباقي
يؤكّد عديد المغاربة أن صبر بلادهم بدأ ينفذ أمام تواصل “استفزازات” جبهة البوليساريو في منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها، ما يجعل إمكانية توجيه ضربة عسكرية ضد البوليساريو واردة جدّة لوضع حدّ لهذه الاستفزازات.
يقول أستاذ القانون الدستوري بجامعة ابن طفيل القنيطرة بالمغرب رشيد لزرق، إنه “إذا استمرت مناوشات جبهة البوليساريو على طول الجدار الأمني في الصحراء الغربية في تهديد السلم و الاستقرار يمكن للمغرب إعمال لدفاع الشرعي الاستباقي وضرب البوليساريو لما بعد الشريط الفاصل.”
في هذه الحالة، يؤكّد رشيد لزرق في حديث لنون بوست، أن “المغرب لن يكتفي فقط بالتدخل لإعادة فتح معبر الكركرات الحدودي بينه وموريتانيا الذي تم إغلاقه من طرف البوليساريو قبل 4 أسابيع، ولكن ستتقدّم لما بعد الجدار العازل.”
حجم الإنفاق العسكري المغربي خلال الفترة الممتدة ما بين 2005 و2015 بلغ نحو 48 مليار دولار
يؤكّد محدّثنا أن هذا الأمر تكفله الشرعية الدولية، في إطار الدفاع الشرعي الاستباقي الذي يعطي للدولة حق استخدام القوة المسلحة في سبيل الوقاية قبل وقوع العدوان، و هو الحاصل من تهديدات جبهة البلويساريو، حفاظا على سلم والأمن.”
يضيف لزرق، “يفرض ذلك عدم انتظار تنفيذ العدوان، فنظرية الدفاع الشرعي الاستباقي لا تستوجب انتظار وقوع العدوان، لهذا يمكن للقوات المسلحة الملكية، تجريد العدو مما يملك من وسائل قوة تهدد سلامة و استقرار المغرب، كما يجوز استخدام الدفاع الشرعي، لمجرد سماع تهديدات موجهة ضد الدولة.
بالرجوع للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة وفقاً لقواعد القانون الدولي العرفي، فإنه يجوز للدولة استعمال القوّة حتى لو كان الخطر غير حالّ وإنما قد يقع مستقبلاً، بالاستناد إلى الدفاع الشرعي الاستباقي،و لا يجب قراءة المادة 51 قراءة عادية، بل تراعي متغيرات الوضع الدولي، لأن هذه المادة أعطت فقط مظهرا من مظاهر الدفاع الشرعي على سبيل الذكر لا الحصر”، وفق قول رشيد لزرق.
قدرات المغرب العسكرية
عند الحديث عن إمكانية نشوب حرب بين البوليساريو والمغرب، علينا أن نتحدّث أيضا عن الجيش المغربي الذي يعدّ من بين الجيوش الأكثر حداثة في أفريقيا، بفضل زيادة الإنفاق الدفاعي بنسبة 50 بالمائة في السنوات العشر الماضية.
وسجّل المغرب هذه السنة تقدماً في تصنيف “غلوبال فاير باور” لأقوى جيوش العالم، للعام الحالي، إذ احتلت القوات المسلحة الملكية المرتبة الـ57 عالمياً من أصل 138 جيشا شمله التقرير الأمريكي الشهير.
ووفقاً للتّرتيب الذي أعدّهُ الموقع العالمي المتخصص في الشؤون العسكرية “غلوبال فاير باور”، فإن المغرب يتوفر على 17 مليونا و157 ألف شخص مستعدين للخدمة العسكرية، منهم 14 مليونا و500 ألف شخص يصلحون للخدمة العسكرية؛ بينما يبلغ عدد الجنود المغاربة 310 510 آلاف جندي، منهم 210 آلاف كقوة نشيطة و200 ألف كقوة احتياطية.
سنة 2017، أعلن المغرب لأول مرة عن مسعى لتحقيق “السيادة العسكرية الإقليمية”، ومنذ ذلك الحين، خصَّص نحو 20 مليار دولار لهذا المسعى، فأبرم العديد من عقود السلاح المهمة مع بلدان مثل الولايات المتحدة وفرنسا لشراء طائرات F-16 المقاتلة، ومروحيات AH-64E الهجومية، ودبابات M1A1 القتالية، ومدافع هاوتزر من طراز Caesar ذاتية الحركة، ومنظومات صواريخ VL-MICA أرض-جو، وكجزء من هذا المسعى، استثمر المغرب كذلك في قاعدة الإنتاج العسكري المحلي الناشئة.
يتوفر الجيش المغربي على 291 طائرة عسكرية؛ منها 46 طائرة مقاتلة و64 طائرة هيلكوبتر، و31 طائرة مخصصة للنقل و67 طائرة للتدريب والقتال، وأربع طائرات للمهمات الخاصة، وتتوفر القوات المسلحة الملكية أيضا على 1443 دبابة و2901 مدرعة قتالية، و505 مدفعيات ذاتية الدفع، و200 مدفعية بالمقطورة، و144 منصة لإطلاق الصواريخ، و121 مقاتلة بحرية، وثلاث فرقاطات عسكرية، و105 دوريات حربية بحرية.
بالنسبة إلى الميزانية التي يخصصها المغرب للقطاع العسكري فقد بلغت 10 مليارات دولار، يذكر أن حجم الإنفاق العسكري المغربي خلال الفترة الممتدة ما بين 2005 و2015 بلغ نحو 48 مليار دولار، حيث احتل المغرب المرتبة الثانية أفريقيا ضمن كبار مشتري السلاح بين عامي 2012 و2016، واستحوذت الرباط على 15% من إجمالي مشتريات إفريقيا.
خيارات البوليساريو
صحيح أن المغرب متفوق عسكريا، لكن لا يملك الجرأة على الدخول في حرب، وفق العديد من الصحراويين وذلك لأسباب عدّة منها اقتصاده المنهك حاليا بسبب توقف السياحة وارتفاع المديونية، وأيضا خوفه من تكبّد “خسارة قاسية” أمام عناصر جبهة البوليساريو.
يؤكّد الناشط الصحراوي سيد أحمد جولي في حديث لنون بوست أنه “حتى ولو دخل المغرب في حرب فلن تكون جولة أسبوع بل ستكون حرب طويلة سيتفوق فيها الصحراويين الذين يعرفون أرضهم جيدا ويتمتعون بمعنويات عالية وليس لديهم ما يخسرون أكثر”، وفق قوله.
يتابع سيد أحمد جولي حديث لنون، “الشعب الصحراوي انتظر أكثر من 29 سنة لحلحلة النزاع بالطرق السلمية وهو وقت أكثر من كافي، لكن لم يظهر المغرب أي حسن نية للانخراط في مسلسل السلام، بل على العكس كان يعمل على توطيد احتلاله شيئا فشيئا من خلال نهب ثروات الصحراء الغربية التي لا تزال تخضع لتصفية الاستعمار من طرف الأمم المتحدة، ودعوة الشركات الأجنبية للاستثمار هناك.
يضيف محدّثنا، “اليوم وبعد أن خرق المغرب وقف إطلاق النار يوم 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي بمهاجمته المتظاهرين السلميين في المنطقة العازلة لم يبقى للصحراويين غير خيار استئناف الكفاح المسلح لانتزاع حقوقهم المشروعة.”
تعتبر الجزائر لاعبا محوريا في قضية الصحراء الغربية، فهي أبرز داعمي جبهة البوليساريو منذ انسحاب الأسبان من المنطقة وبداية الأزمة سنة 1975
يؤكّد سيد أحمد جولي أن “المغرب يمكن أن يهاجم، لكن طبعا ذلك لن يكون بهذه البساطة، فقد خاضت الرباط حربا لمدة 16 سنة مع الصحراويين وتعرف جيدا أن دخولها الحرب لن يكون نزهة بل ستكون حربا طويلة الأمد لها عواقب وخيمة على المنطقة وخصوصا الاقتصاد والمجتمع المغربي.”
ويعتقد الناشط الصحراوي، أن “جبهة البوليساريو ستعتمد في حربها ضدّ المغرب على أسلوب حرب العصابات وهي حرب منهكة لأي جيش نظامي، خلالها سيتمّ استهداف المواقع العسكرية فقط بعيدا عن المدنيين.”
وقبل أيام، أصدرت قيادة البوليساريو، مرسوما تعلن فيه نهاية الالتزام بوقف إطلاق النار الموقع بين الجبهة والمغرب عام 1991، وأوكل المرسوم لقيادة أركان جيش التحرير الشعبي الصحراوي اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير المتعلقة بتنفيذ مقتضيات هذا المرسوم ضمن الاختصاص المسند إليها”.
وكان المسؤول عن الإعلام في جبهة “البوليساريو” حمادة سلمى، قد أكّد في وقت سابق أن “التهور المغربي في منطقة الكركرات أعاد المنطقة إلى المربع الأول، مشددا على أن الشعب الصحراوي مصمم على انتزاع حقه في تقرير المصير مهما كان الثمن.”
قدرات البوليساريو العسكرية
من الصعب جمع معطيات دقيقة عن القدرات العسكرية لجبهة البوليساريو، نظرا لطبيعة هذه القوات التي تتحرك بتكتم شديد، ودرجة الغموض الكبيرة التي تتبناها الجبهة، فضلا عن الحصار الذي يضربه المغرب على المعلومات الداخلة والخارجة من المنطقة التي تتواجد فيها عناصر البوليساريو لكن بالنظر إلى العديد من التقارير يتبيّن ما يلي.
تمتلك جبهة البوليساريو تجهيزات عسكرية قديمة نسبيا، تتكوّن من عربات مدرعة، ودبابات من نوع تي 55، صنع سوفييتي، ودبابات من نوع تي 62، وأخرى خفيفة من نوع أس كي 105، وعشرات المدرعات القتالية من أنواع بي أم بي 1، وإيلاند، وراتيل، وأم 3.
كما تملك الجبهة راجمات صواريخ بي أم 21، وأم 122، وهو ما يعطيها نوعا من العمق العسكري المتعلق بقدرات النيران غير المباشرة، حيث يساعد هذا النوع من السلاح في تدمير مصادر النيران على مستوى الحرب البرية، وعلى مستوى الدفاع الجوي الموجود في المنطقة الأمامية.
فضلا عن ذلك، تملك قوات جبهة البوليساريو مدافع هاون ثقيلة من نوع أم 82، وقطع مدفعية من نوع دي 30، ومضادات للدبابات من نوع أي تي 30، وهي روسية الصنع، يعود تاريخها إلى سنة 1960. أما على مستوى الدفاع الجوي، لا تتعدى قدرات الجبهة العسكرية في هذا المجال بعض الدفاعات الجوية المحدودة، مثل أس أي 7 ستريلا وأس أي 16.
هل تكون أول عملية للجيش الجزائري خارج أراضيه؟
تعتبر الجزائر لاعبا محوريا في قضية الصحراء الغربية، فهي أبرز داعمي جبهة البوليساريو منذ انسحاب الأسبان من المنطقة وبداية الأزمة سنة 1975، ما يجعلها معنية بأي تطوّرات هناك سواء تعلّق بالأمر بحالة السلم أو الحرب.
نظرا للتطورات الحاصلة، يرى المحلل السياسي الجزائري رياض المعزوزي أن المغرب في طريقه لضرب جبهة البوليساريو لما بعد الجدار العازل، خاصة بعد أن حصل على الضوء الأخضر من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإسرائيلي.”
يدخل هذا التحرك، وفق المعزوزي في “إطار تنفيذ أجندة عالمية لرسم خريطة الوطن العربي ما بعد الاعتراف بإسرائيل، فالمغرب تحصل على إغراءات منها السيطرة على ملف الصحراء الغربية، وإغداقه بالاستثمارات والأموال الخليجية، مقابل الاعتراف بإسرائيل والتطبيع مع الكيان المحتل بصفة علنية.”
أما عن موقف البوليساريو من هذه التحولات، فيؤكّد المعزوزي لنون بوست، أن” عناصر الجبهة لن يبقوا مكتوفي اليدين، فسيدافعون عن الصحراء التي يعتبرونها أرضهم وأرض أجدادهم، ما سيقود المنطقة إلى فوضى وحرب كبيرة كانت من أهداف حكام الإمارات لتطويق الجزائر والضغط على مواقفها التي لا تتماشى مع سياستها سيما في اليمن وسوريا وليبيا.”
الجزائر التي تدافع علنا عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، لن تبقى، وفق رياض المعزوزي، تتفرج فيما يحدث فهي “ستعمل على حماية حدودها وأرضها أمام أي عدوان مرتقب حتى وإن كان من المغرب.”
يعتقد محدّثنا أن “الصحراء الغربية ستكون أول مهمة توكل للجيش الجزائري خارج الحدود، بعدما تم تمرير الدستور الذي يسمح للجيش التدخل خارج حدود الوطن، وقد يستند إلى الجيش في ذلك إلى شرعية حكومة الصحراء الغربية المعترف بها أمميا للتدخل هناك.”
ووفق الدستور الجزائري الجديد الذي تمّ إقراره في استفتاء عام بداية الشهر الحالي، فإنه يُسمح للرئيس بإرسال وحدات من الجيش خارج الحدود الجزائرية، سواء للمشاركة في عمليات حفظ السلام الأممية أو عمليات قتالية لإحلال السلام في دول الجوار، بعد ستة عقود لم يكن مسموحا خلالها للقوات الجزائرية بالقتال في الخارج.
تعبر حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973، آخر حرب شاركت فيها وحدات من الجيش الجزائري خارج الوطن وقد كانت على الجبهة المصرية، بعد ذلك بثلاث سنوات تمّ صياغة ثاني دستور للجزائر المستقلة، تضمن منع أية مشاركة للجيش في عمليات قتالية خارج الحدود، وبذلك دخل الجيش الجزائري في صلب عقيدة دفاعية بحتة.
قدرات الجزائر العسكرية
مؤخرا، نشرت وزارة الدفاع الجزائرية “روبرتاجا” يحمل عنوان “إلا أرض الجزائر”، استعرضت فيه قدرات الجزائر العسكرية، وظهر خلال الفيديو لأول مرة صاروخ “إسكندر” الباليستي، ويبلغ المدى الأقصى لصواريخ إسكندر الباليستية التكتيكية 280 كيلومتر، وتهدف هذه الأنظمة بشكل رئيسي لتدمير أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي للعدو، و كذلك المعدات العسكرية الواقعة ضمن نطاق الصواريخ.
وجاء في “الروبرتاج” تأكيد من وزارة الدفاع الجزائرية أن “حدودنا الوطنية خط أحمر، وسيادتنا الوطنية مبدأ مقدس”، وشدد أن “الجيش مستعد وجاهز لضرب ودحر كل طامع، وكل باغ معتد.. ودفاعاتنا صخرة حجر عندها كل الأطماع تنكسر”، وذلك في أعقاب التطورات الحاصلة في منطقة الصحراء الغربية، حيث جاء فيه أيضا، ” أمننا القومي لا يقتصر على حدودنا الجغرافية، بل يرتبط بحدودنا الأمنية التي تراعي التعامل مع مختلف التهديدات”.
احتلت الجزائر على مدى سنوات موقع الزعامة في منطقة المغرب العربي، حيث حل الجيش الجزائري في المرتبة الثالثة عربيا، كما جاء في الرتبة 28 عالميا، وفق أخر تصنيف لـ”غلوبل فاير باور“، بعد أن سخّرت ثرواتها الباطنية لبناء أقوى جيش في المنطقة.
ووفقاً للتقرير الذي أعدّهُ “غلوبال فاير باور”، فإن الجزائر يتوفر على 20 مليونا و741 ألف شخص مستعدين للخدمة العسكرية، منهم 17 مليونا و536 ألف شخص يصلحون للخدمة العسكرية؛ بينما يبلغ عدد الجنود الجزائريين 280 ألف جندي، منهم 130 ألف كقوة نشيطة و180 ألف كقوة احتياطية.
من المعلوم أن موريتانيا تعترف بالصحراء الغربية كدولة لكنها تقف منها موقف الحياد
يمتلك الجيش الجزائري 551 طائرة حربية، بينها 103 مقاتلة، إضافة إلى 59 طائرة نقل عسكري و87 طائرة تدريب، و257 طائرة هيلوكبتر، ويصل عدد المروحيات الهجومية 45 طائرة هجومية، إلى جانب 880 دبابة و7361 مدرعة، و320 مدفع ذاتي الحركة، و240 مدفع ميدان و316 وحدة مدفعية صاروخية.
أما الأسطول البحري الجزائري، فيتكوّن من من 5 فرقاطات و3 كورفيت، و6 غواصات، و25 سفينة دورية، إضافة إلى عشرات السفن البحرية، وفي يوليو/ حزيران الماضي استلمت الجزائر كاسحة ألغام تم بناؤها في ورشات بإيطاليا، وهي الثانية بعد كاسحة الألغام “الكاسح 1” التي سلمت للجزائر عام 2017.
تتربّع موازنة الدفاع الجزائرية على عرش الموازنات القطاعية الأخرى، وجاءت قبل وزارتي التربية والصحة، إذ بلغت الموازنة العامة للدفاع 1230 مليار دينار أي ما يعادل 12 مليار دولار وهي تقريبًا نفس الموازنة التي حظيت بها السنة الماضية.
هل تقف موريتانيا مكتوفة الأيدي؟
هناك طرف رابع في هذه الأزمة، وهو دولة موريتانيا التي تقاسمت الصحراء الغربية مع المغرب طبقًا لاتفاقية مدريد عام 1975، وبعد 4 سنوات انسحبت نواكشوط من وادي الذهب بعد توقيعها اتفاق سلام مع جبهة البوليساريو.
بموجب تلك الاتفاقية تخلت موريتانيا عن أي مطالبات بخصوص الصحراء – وهي المطالبات التي كانت قد ترافعت من أجلها أمام محكمة العدل الدولية، وأيضًا خلال مفاوضاتها مع إسبانيا من أجل المطالبة بالاستقلال، أو في إطار اتفاق تقسيم الإقليم بينها وبين المغرب بعد حصولها على الاستقلال.
يرى الخبير السياسي الموريتاني المهتم بقضية الصحراء الغربية الشيخ يب ولد أعليات، أن الحرب في المنطقة ستلقي بظلالها على موريتانيا، رغم اعتقاده أنَ أحداث الكركرات الأخيرة لن تتسبب في اندلاع حرب جديدة في المنطقة كتلك القديمة.
من المعلوم أن موريتانيا تعترف بالصحراء الغربية كدولة لكنها تقف منها موقف الحياد، فموريتانيا تعمل دوما أن تحافظ على مصالحها مع الطرفين المتنازعين وحتى مع الجزائر، وفق الشيخ يب ولد أعليات، وذلك ما عبرت عنه خلال الأزمة الحالية في بيانها بالخصوص، لأنه كما هو معروف أي تمحور لموريتانيا مع أحد الأطراف يعني ذلك خسارتها للبقية.
إذا اندلعت حرب بين جبهة البوليساريو والمغرب، يقول الشيخ يب ولد أعليات، إنَ “موريتانيا لن تقف مكتوفة الأيدي وستعمل جاهدة على المحافظة على حوزتها الترابية الحدودية أولا، وذلك ما نلمسه من الأنباء التي تتحدث من أنَ موريتانيا أرسلت تعزيزات عسكرية خلال الأيام الأخيرة للمنطقة الحدودية.
يؤكّد محدّثنا أن بلاده لن تدخل الحرب إلى جانب أي طرف بل ستعمل فقط على تأمين حدودها حتى لا يستغلّها طرف على حساب طرف أخرى- خاصة وقد سبق أن تسللت عناصر من البوليساريو إلى الأراضي الموريتانية لضرب المغرب- كما ستعمل على تقريب وجهات النظر بين الطرفين كي لا تتأزم الوضعية أكثر وتصل إلى درجة لا تحمد عقباها.
ومؤخرا، دفع الجيش الموريتاني بعدد من وحداته إلى منطقة “بولنوار” المتاخمة لمنطقة ” الكركارات” خشية اندلاع معارك بين المغرب وجبهة البوليساريو، بهدف تأمين الحدود الشمالية الغربية لموريتانيا مع أراضي الصحراء الغربية، خاصة المنطقة العازلة التي تراقب فيها قوات الأمم المتحدة اتفاق وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو.
يذكر أن الجيش الموريتاني يحتلّ المرتبة 124 دوليا، ويبلغ تعداد الجنود 16 ألف جندي، ويمتلك عدد محدود من الطائرات الحربية والدبابات والمدرعات الحربية، أما أسطوله البحري فهو ضعيف جدا لا يتجاوز عدد 5 قطع.