من بين التغيرات العديدة التي يشهدها الاقتصاد الأمريكي، يعد نمو منصات الإنترنت العملاقة العنصر الأكثر بروزًا. أضحت أمازون وآبل وفيسبوك وغوغل وتويتر – التي كانت تحظى بنفوذ كبير بالفعل قبل جائحة كوفيد-19 – أكثر قوة خلالها، لاسيما بعد أن أصبحنا نقضي جزءًا كبيرا من يومنا على الإنترنت. ورغم سهولة استخدامها، فإن ظهور مثل هذه الشركات المهيمنة ينبغي أن يدق ناقوس الخط وذلك ليس لأنها تحتكر قدرًا كبيرًا من القوة الاقتصادية فحسب، بل لأنها تمارس أيضا سيطرة كبيرة على الاتصالات السياسية. وفي الوقت الحالي، تهيمن هذه الشركات العملاقة على تدفق المعلومات وتنسيق التعبئة السياسية. ويشكل هذا تهديدا فريدا من نوعه على حسن سير الديمقراطية.
بينما سعى الاتحاد الأوروبي إلى إنفاذ قوانين مكافحة الاحتكار ضد هذه المنصات، كان موقف الولايات المتحدة تجاهها أكثر فتورا. ولكن يبدو أن الكثير من المعطيات بدأت تتغير. على مدار العامين الماضيين، أطلقت لجنة التجارة الفيدرالية وائتلاف من المدعين العامين تحقيقات في الانتهاكات المحتملة للسلطة الاحتكارية لهذه المنصات.
في تشرين الأول/ أكتوبر، رفعت وزارة العدل دعوى مكافحة احتكار ضد شركة غوغل. وفي الوقت الراهن، يضم منتقدو عمالقة التكنولوجيا كلا من الديمقراطيين الذين يخشون أن يتعرضوا للاستغلال من قبل المتطرفين المحليين والأجانب، والجمهوريين الذين يعتقدون أن المنصات الكبيرة متحيزة ضد المحافظين. في غضون ذلك، تسعى حركة فكرية متنامية بقيادة زمرة من علماء القانون المؤثرين إلى إعادة تحليل قانون مكافحة الاحتكار لمواجهة هيمنة هذه المنصات.
قلة من النقاد يدركون أن الأضرار السياسية التي تسببها هذه المنصات أكثر خطورة من الأضرار الاقتصادية
على الرغم من وجود توافق ناشئ حول التهديد الذي تشكله شركات التكنولوجيا العملاقة على الديمقراطية، إلا أنه لا يوجد اتفاق يذكر حول كيفية ردعها. جادل البعض بأن الحكومة بحاجة إلى حل كل من شركة فيسبوك وغوغل. ودعا آخرون إلى فرض لوائح أكثر صرامة للحد من استغلال هذه الشركات للبيانات. دون طريقة واضحة للمضي قدمًا، يختلف العديد من النقاد حول طريقة الضغط على هذه المنصات لوضع لوائح تنظيمية تنظم المجال، وتشجع على إزالة المحتوى الخطير واتخاذ إجراءات أفضل في تنظيم المواد المنشورة.
لكن قلة من النقاد يدركون أن الأضرار السياسية التي تسببها هذه المنصات أكثر خطورة من الأضرار الاقتصادية. لم يفكر سوى البعض منهم في طريقة عملية تشمل سلب هذه المنصات الحق في الاضطلاع بدور رقابي على المحتوى. يستلزم هذا النهج دعوة مجموعة جديدة من شركات “البرامج الوسيطة” التنافسية لتمكين المستخدمين من اختيار كيفية تقديم المعلومات إليهم. ومن المرجح أن يكون ذلك أكثر فعالية من الجهود الحالمة لحلّ هذه الشركات.
نفوذ المنصات
تعود جذور قانون مكافحة الاحتكار الأمريكي المعاصر إلى سبعينيات القرن الماضي، مع ظهور اقتصاديي السوق الحرة والباحثين القانونيين. حسب روبرت بورك، الذي كان محاميا عاما في منتصف السبعينيات، فإن قانون مكافحة الاحتكار يجب أن يكون له هدف واحد فقط وهو تحسين رفاهية المستهلك. وجادل بأن السبب وراء نمو بعض الشركات هو أنها كانت أكثر كفاءة من منافسيها، وبالتالي فإن أي محاولات لتفكيك هذه الشركات سيكون أشبه لعقاب لها على النجاح الذي حققته.
وقد استرشد معسكر العلماء هذا بنهج عدم التدخل لمدرسة شيكاغو للاقتصاد، بقيادة الحائزين على جائزة نوبل ميلتون فريدمان وجورج ستيجلر، اللذين شككا في فعالية اللوائح الاقتصادية. وقد جادلت مدرسة شيكاغو بأنه إذا كان ينبغي هيكلة قانون مكافحة الاحتكار لتحقيق أقصى قدر من الرفاهية الاقتصادية، فينبغي أن يكون مقيدا للغاية.
لهذا السبب، حققت هذه المدرسة الفكرية نجاحًا مذهلاً بكل المقاييس، حيث أثرت على أجيال من القضاة والمحامين وتولت السيطرة على المحكمة العليا. تبنت وزارة العدل خلال إدارة ريغان العديد من مبادئ مدرسة شيكاغو وقننتها. منذ ذلك الحين، استقرت سياسة مكافحة الاحتكار الأمريكية إلى حد كبير على تنبي نهج متساهل ضد هذه الشركات العملاقة.
بعد عقود من هيمنة مبادئ مدرسة شيكاغو، أتيحت للاقتصاديين فرصة كبيرة لتقييم آثار هذا النهج. على خلفية ذلك، اكتشفوا أن الاقتصاد الأمريكي نما بشكل مطرد من خلال اعتماد مبدأ المركزية في جميع المجالات مثل شركات الطيران وشركات الأدوية والمستشفيات والمنافذ الإعلامية، وبالطبع شركات التكنولوجيا. وهذا ما ساهم في تنامي معاناة الكثير من المستهلكين. ويربط الكثيرون، مثل توماس فيليبون، ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة، مقارنة بتلك الموجودة في أوروبا، بقصور إنفاذ قوانين مكافحة الاحتكار.
يرى العديد من المستهلكين أن الشركة توفّر خدمة قيمة للغاية
في الوقت الحالي، تجادل “مدرسة ما بعد شيكاغو” المتنامية بأن قانون مكافحة الاحتكار ينبغي أن يقع تنفيذه بصرامة أكبر. وهم يعتقدون أن تطبيق قوانين مكافحة الاحتكار ضروري لأن الأسواق غير المنظمة لا يمكنها إيقاف صعود الشركات الاحتكارية المانعة للمنافسة. وقد أدت أوجه قصور نهج مدرسة شيكاغو لمكافحة الاحتكار إلى ظهور “مدرسة نيو برانديز”. ويعتقد هؤلاء الباحثين القانونيين أن قانون شيرمان، أول قانون فيدرالي لمكافحة الاحتكار في البلاد، لم يكن يهدف إلى حماية القيم الاقتصادية فحسب وإنما القيم السياسية أيضا، مثل حرية التعبير والمساواة الاقتصادية. ونظرًا لأن المنصات الرقمية تمارس نفوذا اقتصاديا وتتحكم في اختناق الاتصالات، فقد أصبحت هذه الشركات هدفًا طبيعيًا لهذا المعسكر.
من المؤكد أن الأسواق الرقمية تظهر سمات معينة تميزها عن الأسواق التقليدية، حيث أضحت البيانات من العملات الأكثر رواجا في العالم الجديد. بمجرد أن تجمع شركة مثل أمازون أو غوغل بيانات عن مئات الملايين من المستخدمين يمكنها الانتقال إلى أسواق جديدة تمامًا والتغلب على الشركات الموجودة التي تفتقر إلى موارد مماثلة. من جانب آخر، تستفيد هذه الشركات بشكل كبير مما يسمى تأثيرات الشبكة. فكلما زاد حجم الشبكة، زادت فائدتها من مستخدميها، مما يخلق حلقة ردود فعل إيجابية تقود إلى سيطرة شركة واحدة على السوق.
على عكس الشركات التقليدية، لا تتنافس الشركات في الفضاء الرقمي من أجل الحصول على حصة في السوق، بل على السوق نفسه. وتستطيع الشركات الرائدة ترسيخ نفسها في السوق وجعل دخول حلبة المنافسة صعبا على بقية الشركات، وبذلك تكون قادرة على ابتلاع المنافسين المحتملين، على غرار ما فعلته شركة فيسبوك من خلال الاستحواذ على إنستغرام وواتساب.
في المقابل، لم تتساءل يوما هيئة القضاة عما إذا كانت شركات التكنولوجيا الضخمة تقلص من رفاهية المستهلك. توفر الشركات التكنولوجية ثروة من المنتجات الرقمية، مثل عمليات البحث والبريد الإلكتروني وحسابات الشبكات الاجتماعية. ويبدو أن المستهلكين يقدرون قيمة هذه المنتجات بدرجة عالية، حتى في حال اضطروا إلى دفع ثمن ذلك من خلال التخلي عن خصوصيتهم والسماح للشركات الإعلانية باستهدافهم. وكل إساءة استخدام يقع اتهام هذه المنصات بارتكابها تبرر بأنها فعالة اقتصاديًا. فعلى سبيل المثال، أغلقت أمازون متاجر البيع بالتجزئة “موم أند بوب” ولم تلحق بذلك أضرارًا بالشوارع الرئيسية فحسب، بل ببائعي التجزئة الكبار أيضا.
مع ذلك، يرى العديد من المستهلكين أن الشركة توفّر خدمة قيمة للغاية. (تخيل كيف سيكون الوضع إذا اضطر الناس إلى الاعتماد على البيع بالتجزئة بشكل شخصي أثناء الوباء) أما فيما يتعلّق بالادعاء القائل إن هذه المنصات تستحوذ على الشركات الناشئة للقضاء على المنافسة، فمن الصعب معرفة ما إذا كانت شركة ناشئة ستحصد شهرة شركة “آبل” أو “غوغل” في حال ظلت مستقلة، أو ما إذا كانت ستفشل دون تدفّق رأس المال والخبرة الإدارية التي حصلت عليها من مالكيها الجدد. كان من الممكن أن يكون المستهلكون بحال أفضل في حال ظل إنستغرام منفصلاً وأصبح بديلاً عمليا لفيسبوك، إلا أن حالهم كان سيسوء لو أخفق إنستغرام كليًا.
إن الحجة الاقتصادية لكبح جماح عمالقة التكنولوجيا معقدة. ولكن هناك حجة سياسية أكثر إقناعًا. فقد أحدثت هذه المنصات أضرارا سياسيا مثيرة للقلق بشكل متزايد أكثر من أي ضرر اقتصادي آخر. ولا يكمن الخطر الفعلي في تشويه الأسواق فحسب، بل في كونها تمثل تهديدا على الديمقراطية أيضا.
احتكار المعلومات
منذ سنة 2016، استيقظ الأمريكيون على قوة شركات التكنولوجيا في تشكيل المعلومات. وقد سمحت هذه المنصات للمخادعين بنشر الأخبار المضللة كما سمحت للمتطرفين بالتشجيع على نظريات المؤامرة. لقد أنشأت ما يسمى بـ “فقاعات المرشح”، وهي بيئة يتعرض فيها المستخدمون بسبب طريقة عمل خوارزمياتهم للمعلومات التي تؤكد معتقداتهم الموجودة مسبقا فقط. ويمكنهم تضخيم أصوات معينة أو قمعها، وبالتالي يكون لها تأثير مُقلق على النقاش السياسي الديمقراطي. ولكن أعظم المخاوف تتلخص في حقيقة أن هذه المنصات قد عززت قوتها بشكل كبير، وبات بإمكانها التأثير على نتائج الانتخابات سواء كان ذلك عن قصد أو عن غير قصد.
الضغط على المنصات الكبرى لأداء هذه المهمة على أمل أن تمتثل لذلك مع مراعاة المصلحة العامة – ليس حلا طويل الأمد
استجاب النقاد لهذه المخاوف من خلال مطالبة المنصات بتحمل قدر أكبر من المسؤولية عن المحتوى الذي تبثه. وطالبوا تويتر بفرض رقابة على تغريدات الرئيس دونالد ترامب المضللة أو التحقق من صحتها. وانتقدوا أيضا فيسبوك على تأكيده أنه لن يعمل على تعديل المحتوى السياسي. بشكل عام، يرغب الكثيرون في رؤية منصات الإنترنت تتصرف مثل المؤسسات الإعلامية، من خلال تنظيم محتواها السياسي ومحاسبة المسؤولين الحكوميين.
لكن الضغط على المنصات الكبرى لأداء هذه المهمة – على أمل أن تمتثل لذلك مع مراعاة المصلحة العامة – ليس حلا طويل الأمد. بعبارة أخرى، يتخطّى هذا النهج مشكلة نفوذها الأساسية، وأي حل حقيقي يجب أن يحد من هذا النفوذ. في الوقت الراهن، يشكوا المحافظون إلى حد كبير من التحيز السياسي لمنصات الإنترنت. ويفترضون، مع بعض الدلائل، أن الأشخاص الذين يديرون منصات اليوم – على غرار جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون، ومارك زوكربيرغ مؤسس شركة فيسبوك، وساندر بيتشاي المدير التنفيذي لشركة غوغل، وجاك دورسي مؤسس شركة تويتر – يميلون إلى التقدمية الاجتماعية، على الرغم من أنهم مدفوعون في المقام الأول بالمصلحة الذاتية التجارية.
قد لا تصمد هذه النظرية على المدى الطويل. ولنفترض أن مليارديرا محافظا قد استولى على أحد هؤلاء العمالقة. مثلا، سيطر روبرت مردوخ على قناة “فوكس نيوز” وصحيفة “وول ستريت جورنال” التي منحته بالفعل نفوذا سياسيا بعيد المدى. ومن السهل ملاحظة التأثيرات المترتبة عن هذه السيطرة: خاصة عندما تقرأ افتتاحية في صحيفة “وول ستريت جورنال” أو تشاهد قناة “فوكس نيوز”. لكن إذا كان مردوخ قادرا على السيطرة على فيسبوك أو غوغل، فبوسعه أن يغيّر خوارزميات التصنيف أو البحث بمهارة لصياغة ما يراه وما يقرأه المستخدمون، مما قد يؤثر على وجهات نظرهم السياسية دون وعي منهم أو عن قناعة. كما أن هيمنة هذه المنصات يجعل الهروب من تأثيرها أمرا صعبا.
بعبارة أخرى، إذا كنت ليبراليًا، فيمكنك ببساطة مشاهدة قناة “إم إس إن بي سي” بدلاً من قناة “فوكس”، حتى لو كان مردوخ مهيمنا على فيسبوك، ولكن قد لا يكون لديك خيار مماثل إذا كنت ترغب في مشاركة القصص الإخبارية أو تنسيق الأنشطة السياسية مع أصدقائك.
خذ بعين الاعتبار أن منصات على غرار أمازون وفيسبوك وغوغل تمتلك معلومات عن حياة المستخدمين لم يكن المحتكرون السابقون يمتلكونها. وهم يعرفون أصدقاء المستخدمين وعائلاتهم، ودخلهم وممتلكاتهم، وأدقّ التفاصيل عن حياتهم. ماذا لو استغل المسؤول التنفيذي لمنصة عن سوء نية معلومات محرجة لابتزاز موظف عمومي؟ بدلاً من ذلك، تخيل سوء استغلال المعلومات الخاصة بالاقتران مع سلطات الحكومة – على سبيل المثال، تعاون فيسبوك مع وزارة عدل مُسيّسة.
إن الهيمنة الاقتصادية والسياسية المتركزة على المنصات الرقمية شبيه بالقنبلة الموقوتة. في الوقت الحالي، من المحتمل ألا يفجّر الأطراف المعارضون هذه القنبلة. ومع ذلك، فإن المسألة المطروحة بالنسبة للديمقراطية الأمريكية تتمثل في حقيقة ما إذا كان من الآمن الإبقاء على القنبلة في مكانها، حيث يمكن لشخص آخر أن يصل إليها ويستغلها عن سوء نية. لا توجد ديمقراطية ليبرالية تكتفي بمنح سلطة سياسية مركزية للأفراد بناءً على افتراضات بشأن نواياهم الحسنة. لهذا السبب، تضع الولايات المتحدة ضوابط وتوازنات على تلك السلطة.
إجراءات صارمة
تتلخص الطريقة الأكثر وضوحا للتحقق من هذه السلطة في التنظيم الحكومي. وهذا هو النهج المتبع في أوروبا، حيث أصدرت ألمانيا مثلا قانونًا يجرم نشر الأخبار المضللة. وعلى الرغم من أن التنظيم قد يظل قائما في بعض الديمقراطيات التي تتمتع بدرجة عالية من التوافق الاجتماعي، إلا أنه من غير المرجح أن ينجح هذا النهج في بلد يشهد استقطابا مثل الولايات المتحدة.
على ضوء الاحتمالات القاتمة للتفكك تحول العديد من المراقبين إلى المطالبة بتفعيل قابلية نقل البيانات لإدخال المنافسة إلى سوق المنصات.
بالعودة إلى ذروة البث التلفزيوني، يطلب مبدأ الإنصاف التابع لهيئة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية من الشبكات الحفاظ على تغطية “متوازنة” للقضايا السياسية. وقد هاجم الجمهوريون هذا المبدأ بقسوة، مدّعين أن الشبكات كانت متحيزة ضد المحافظين، وهو ما دفع هيئة الاتصالات الفيدرالية لإلغائه في سنة 1987. تخيل اليوم أن توجد هيئة تنظيمية حكومية تحاول أن تقرر ما إذا كان سيتم حظر تغريدة رئاسية. أيا كان القرار، فإنه سيكون مثيرا للجدل على نطاق واسع.
هناك نهج آخر للتحقق من قوة منصات الإنترنت والذي يتلخّص في التشجيع على زيادة المنافسة. وفي حال كان هناك العديد من المنصات، فلن يتمتع أي منها بالهيمنة التي يتمتع بها فيسبوك وغوغل اليوم. ومع ذلك، تكمن المشكلة في أنه لا يمكن للولايات المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي على الأرجح تفكيك شركتي فيسبوك أو غوغل بالطريقة التي فُكّكت بها شركتا “ستاندرد أويل” و”إيه تي أند تي”. ستقاوم شركات التكنولوجيا اليوم بشدة محاولات حلها، وحتى لو خسرت في نهاية المطاف، فإن عملية تفكيكها ستستغرق سنوات، وحتى عقودا، حتى تنجح تماما.
والأهم من ذلك، من غير الواضح ما إذا كان تفكيك فيسبوك مثلا يمكن أن يحل المشكلة الأساسية. وهناك حظوظ وافرة بأن يظهر فرع جديد لشركة فيسبوك من رماد الشركة الأم ليحل محلها بسرعة. فقد استعادت شركة “إيه تي أند تي” هيمنتها بعد تفككها في الثمانينات. بالتالي، إن قابلية التوسع السريع لمنصات التواصل الاجتماعي من شأنه أن يجعل تحقيق هذه الغاية أسرع.
على ضوء الاحتمالات القاتمة للتفكك تحول العديد من المراقبين إلى المطالبة بتفعيل “قابلية نقل البيانات” لإدخال المنافسة إلى سوق المنصات. وتماما مثلما تطالب الحكومة من شركات الاتصالات السماح للمستخدمين بأخذ أرقام هواتفهم معهم عندما يقومون بتغيير الشبكات، يمكن أن تفرض على المستخدمين الحق في نقل البيانات التي قاموا بتسليمها من منصة إلى أخرى. اعتمد النظام الأوروبي العام لحماية البيانات (جي بي دي آر)، قانون الخصوصية القوي في الاتحاد الأوروبي الذي دخل حيز التنفيذ في سنة 2018، الذي يقضي باعتماد تنسيق قياسي يمكن قراءته آليا لنقل البيانات الشخصية.
مالقة، إسبانيا، يونيو/ حزيران 2018
في المقابل، تواجه قابلية نقل البيانات العديد من العقبات، من أهمها صعوبة نقل أنواع كثيرة من البيانات. وعلى الرغم من سهولة نقل بعض البيانات الأساسية – على غرار اسم الشخص وعنوانه ومعلومات بطاقة الائتمان وعنوان البريد الإلكتروني – إلا أنه سيكون من الأصعب نقل جميع البيانات الوصفية للمستخدم.
تتضمن البيانات الوصفية إبداءات الإعجاب والنقرات والطلبات وعمليات البحث وما إلى ذلك. هذه الأنواع من البيانات على وجه التحديد هي التي تشكل قيمة كبيرة في الإعلان المستهدف. ملكية هذه المعلومات ليست غير واضحة فحسب، بل إن المعلومات في حد ذاتها غير متجانسة وذات منصة محددة. كيف يمكن، على سبيل المثال، نقل سجل عمليات البحث السابقة على غوغل إلى منصة جديدة تشبه فيسبوك؟
تعتمد الطريقة البديلة للحد من سلطة المنصات على قانون الخصوصية. بموجب هذه المقاربة، ستحد الأنظمة من الدرجة التي قد تتمكن بها شركات التكنولوجيا من استخدام بيانات المستهلك الناتجة في أحد القطاعات لتحسين وضعها في قطاع آخر، ما يحمي الخصوصية والمنافسة على حد سواء. فعلى سبيل المثال، يتطلب النظام الأوروبي العام لحماية البيانات استخدام بيانات المستهلك فقط للغرض الذي تم الحصول على المعلومات من أجله في الأصل، ما لم يمنح المستهلك إذنا صريحًا بخلاف ذلك.
إذا كانت حلول الأنظمة والتفكك وإمكانية نقل البيانات وقانون الخصوصية لا تجدي نفعا، فما الذي يجب فعله بشأن سلطة عملاقة التكنولوجيا؟
إن مثل هذه القواعد مصممة للتعامل مع أحد أكثر المصادر فاعلية لقوة المنصة: فكلما زادت البيانات الموجودة في المنصة، كان تحقيق المزيد من الإيرادات والمزيد من البيانات أكثر سهولة. لكن الاعتماد على قانون الخصوصية لمنع المنصات الضخمة من الدخول إلى أسواق جديدة يطرح مشاكله الخاصة. وكما هو الحال مع قابلية نقل البيانات، ليس من الواضح ما إذا كانت الأنظمة، مثل النظام الأوروبي العام لحماية البيانات، تنطبق فقط على البيانات التي قدمها المستهلك طواعية إلى المنصة أم على البيانات الوصفية أيضا. وحتى إذا نجحت مبادرات الخصوصية، فمن المرجح أن تعمل على الحد من تخصيص الأخبار لكل فرد فقط.
لقد جمع عمالقة التكنولوجيا بالفعل كميات هائلة من بيانات العملاء. وكما تشير الدعوى القضائية الجديدة لوزارة العدل، فإن نموذج أعمال غوغل يعتمد على جمع البيانات المتولدة عن منتجاتها المختلفة – جي ميل وغوغل كروم وخرائط غوغل ومحرك البحث الخاص بها – والتي تجتمع لتكشف عن معلومات غير مسبوقة عن كل مستخدم. كما جمع فيسبوك أيضا بيانات شاملة حول مستخدميه، وذلك بشكل جزئي عن طريق الحصول على بعض بيانات المستخدمين أثناء تصفحهم لمواقع أخرى. وإذا منعت قوانين الخصوصية المنافسين الجدد من جمع واستخدام مجموعات بيانات مماثلة، فإنها تخاطر ببساطة بتأمين مزايا لهؤلاء العملاقين.
يكمن الحل في البرمجيات الوسيطة
إذا كانت حلول الأنظمة والتفكك وإمكانية نقل البيانات وقانون الخصوصية لا تجدي نفعا، فما الذي يجب فعله بشأن سلطة عملاقة التكنولوجيا؟ لقد حظي أحد أكثر الحلول الواعدة بقدر ضئيل من الاهتمام، ألا وهو البرمجيات الوسيطة. تُعرَّف البرمجيات الوسيطة بشكل عام على أنها برمجيات تستند إلى منصة موجودة ويمكنها تعديل عرض البيانات الأساسية. كما أن إضافة البرمجيات الوسيطة إلى خدمات منصات التكنولوجيا الحالية، من شأنها أن تسمح للمستخدمين باختيار كيفية تنظيم المعلومات وتصفيتها.
سوف يختار المستخدمون خدمات البرمجيات الوسيطة التي من شأنها أن تحدد أهمية وصحة المحتوى السياسي، بينما تستخدم المنصات هذه التحديدات لتنظيم ما يشاهده المستخدمون. بعبارة أخرى، ستتدخل الطبقة التنافسية من الشركات الجديدة ذات الخوارزميات الشفافة وتتولى وظائف بوابة التحرير التي تشغلها حاليا منصات التكنولوجيا المهيمنة التي عادة ما تكون خوارزمياتها غير شفافة
يمكن تقديم منتجات البرمجيات الوسيطة من خلال مجموعة متنوعة من الأساليب. يتمثل أحد الأساليب الفعالة بشكل خاص في تمكين المستخدمين من الوصول إلى البرمجيات الوسيطة عبر منصة تكنولوجية مثل آبل أو تويتر. لنتأمل هنا المقالات الإخبارية حول آخر أخبار المستخدمين أو التغريدات الشائعة لشخصيات سياسية. في خلفية آبل أو تويتر، يمكن أن تضيف خدمة البرمجيات الوسيطة علامات مثل “مضللة” و”لم يتم التحقق منها” و”غير مؤطرة”. وعندما يقوم المستخدمون بتسجيل الدخول إلى آبل و تويتر، سيرون هذه العلامات على المقالات الإخبارية والتغريدات.
ستقوم البرمجيات الوسيطة لوحدها بتحديد جوهر وأولويات نتائج بحث أمازون أوغوغل
يمكن أن تؤثر البرمجيات الوسيطة الأكثر تدخلا أيضا على تصنيفات بعض الموجزات، مثل قائمات منتجات أمازون أو إعلانات فيسبوك أو نتائج بحث غوغل أو توصيات فيديو يوتيوب. فعلى سبيل المثال، يمكن للمستهلكين اختيار موفري البرمجيات الوسيطة التي قامت بتعديل نتائج بحث أمازون الخاصة بهم لإعطاء الأولوية للمنتجات محلية الصنع أو المنتجات الصديقة للبيئة أو السلع منخفضة السعر. ويمكن للبرمجيات الوسيطة أن تمنع المستخدم من مشاهدة محتوى معين أو حظر مصادر معلومات معينة أو الشركات المصنعة بشكل تام.
سيُطلب من كل مزود للبرمجيات الوسيطة أن يكون شفافا في عروضه ومميزاته التقنية، حتى يتمكن المستخدمون من اتخاذ قرار رشيد. وسيشمل مقدمو البرمجيات الوسيطة كلا من الشركات التي تسعى إلى تحسين الموجزات وعمل المنظمات التي تعمل على تعزيز القيم المدنية. قد تقدم مدرسة الصحافة برمجيات وسيطة تفضل التقارير المتفوقة وتحظر القصص غير المتحقق منها أو توفر برمجيات وسيطة تعطي الأولوية للقضايا المحلية. من خلال التوسط في العلاقة بين المستخدمين والمنصات، يمكن أن تلبي البرمجيات الوسيطة تفضيلات المستهلكين الفردية مع توفير مقاومة كبيرة للإجراءات أحادية الجانب للاعبين المهيمنين.
لا شك أن هناك حاجة لصياغة العديد من التفاصيل. ولعل السؤال الأول الذي ينبغي طرحه يتمحور حول قوة المعالجة التي يجب منحها إلى الشركات الجديدة. فمن جهة، سيكون لمقدمي البرمجيات الوسيطة القدرة على تغيير المعلومات المقدمة بشكل كامل من المنصة الأصلية إلى المستخدم، لتكون المنصة بمثابة أنبوب توصيل محايد فحسب.
وفقا لهذا النموذج، ستقوم البرمجيات الوسيطة لوحدها بتحديد جوهر وأولويات نتائج بحث “أمازون” أو “غوغل”، ولن توفر هذه المنصات سوى إمكانية الوصول إلى خوادمها فقط. وفي الطرف الآخر، يجب أن تستمر المنصات في تنظيم المحتوى وترتيبه بالكامل وفق خوارزمياتها الخاصة، وستعمل البرمجيات الوسيطة فقط كمرشح تكميلي. فمثلا، بموجب هذا النموذج، لن يطرأ تغيير كبير على واجهة “فيسبوك” أو “تويتر”، حيث ستقوم البرمجيات الوسيطة بتحري الحقائق أو وصف المحتوى دون إعطاء أهمية لفحوى النص أو تقديم توصيات أكثر دقة.
يكمن أفضل نهج في إيجاد حل وسطي بين هذا وذاك. وقد يعني تسليم شركات البرمجيات الوسيطة قدرا عاليا من السلطة فقدان منصات التكنولوجيا الأساسية اتصالها المباشر مع المستهلك. ستقاوم شركات التكنولوجيا ذلك التقويض لنماذج أعمالها. في المقابل، قد يؤدي عدم منح شركات البرمجيات الوسيطة أي سيطرة تذكر إلى فشلها في كبح قدرة المنصات على تنظيم المحتوى ونشره.
بغض النظر عن الحدود المرسومة، سيكون التدخل الحكومي ضروريًا. وقد يضطر الكونغرس الأمريكي لسنّ قانون ينص على استخدام المنصات واجهات برمجة تطبيقات علنية وموحدة، من شأنها أن تسمح لشركات البرمجيات الوسيطة بالعمل بانسياب مع المنصات التكنولوجية المختلفة. وسيتعين على الكونغرس أن ينظم عمل موفري البرمجيات الوسيطة بعناية، بحيث يستوفون الحد الأدنى من معايير الموثوقية والشفافية والاتساق.
أما المشكلة الثانية فتتعلق بإيجاد نموذج عمل من شأنه أن يحفز التنافسية لتشجيع شركات جديدة على الظهور. لعل النهج الأكثر منطقية في هذه الحالة هو قيام المنصات المسيطرة ومزودي البرمجيات الوسيطة من طرف ثالث بإبرام اتفاقيات تنص على تقاسم الإيرادات.
يجب أن يسمح إطار العمل للبرمجيات الوسيطة بتقييم ثلاثة أنواع مختلفة من المحتوى على الأقل
فعلى سبيل المثال، عندما يقوم شخص ما بإجراء بحث على غوغل أو زيارة صفحة فيسبوك، تتم مشاركة عائدات الإعلانات من تلك الزيارة بين المنصة الأساسية وموفر البرمجيات الوسيطة. وقد يتطلب ذلك خضوع تلك الاتفاقيات للإشراف من قبل الحكومة، لأنه حتى إن كانت المنصات الأم حريصة على مشاركة عبء تصفية المحتوى، فإنه من البديهي توقع مقاومتها مشاركة عائدات الإعلانات.
من بين التفاصيل الأخرى التي يجب النظر فيها، إيجاد إطار تقني معين من شأنه أن يشجع على ظهور مجموعة متنوعة من منتجات البرمجيات الوسيطة. يجب أن يكون إطار عمل بسيط بما يكفي لجذب أكبر عدد ممكن من المشاركين، وفي ذات الوقت متطورا لدرجة تلائم المنصات الكبرى، حيث تتسم كل منها بهيكلها الخاص.
يجب أن يسمح إطار العمل للبرمجيات الوسيطة بتقييم ثلاثة أنواع مختلفة من المحتوى على الأقل: المحتوى العام المتاح وفي متناول الجميع (مثل القصص الإخبارية، والبيانات الصحفية، والتغريدات من الشخصيات العامة)، والمحتوى الذي ينتجه المستخدمون (مثل مقاطع فيديو اليوتيوب، والتغريدات العامة من الأفراد العاديين)، والمحتوى الخاص (مثل رسائل واتساب، ومنشورات فيسبوك).
قد يجادل المشككون في نهج البرمجيات الوسيطة بأمنه قد يؤدي لانقسام الإنترنت وتعزيز فقاعات الترشيح. على الرغم من أن الجامعات قد تطلب من طلابها استخدام منتجات برمجية وسيطة لتوجههم إلى مصادر موثوقة للمعلومات، إلا أن المجموعات ذات العقلية المؤامراتية قد تفعل عكس ذلك. قد تؤدي الخوارزميات المصممة بمواصفات محددة إلى تنامي الانقسام داخل النظام السياسي الأمريكي، وتشجيع الناس على العثور على الآراء التي تعكس وجهات نظرهم، والمصادر التي تؤكد معتقداتهم، والقادة السياسيين الذين يضخّمون مخاوفهم.
لعل حل بعض هذه المشكلات يتمثل في التنظيمات التي تلزم البرمجيات الوسيطة بتلبية الحد الأدنى من المعايير. ولكن من المهم الإشارة أيضا إلى أنه بإمكان ذلك الانقسام أن يبدأ الآن، وقد يكون من المستحيل منع حدوثه من الناحية التكنولوجية في المستقبل. فلننظر مثلا في المسار الذي سلكه أتباع “كيو أنون”، وهي نظرية مؤامرة يمينية متطرفة مفصلة تفترض وجود عصابة عالمية من المتحرشين بالأطفال. بعد تقييد المحتوى الخاص بهم بواسطة فيسبوك وتويتر، تخلى مؤيدو “كيو أنون” عن المنصات الكبرى وانتقلوا إلى “فورتشان”، وهي لوحة رسائل أكثر تساهلاً.
عندما بدأت فرق الإشراف لدى “فورتشان” في تخفيف الخطابات المحرّضة، انتقل أتباع “كيو أنون” إلى منصة جديدة: (تسمى الآن “إيت كون”). ولا يزال بإمكان أصحاب نظريات المؤامرة التواصل مع بعضهم البعض عبر البريد الإلكتروني العادي أو عبر القنوات المشفرة مثل “سيغنال” و”تيليغرام” وواتساب. وحتى هذا النوع من الخطاب، مهما كان إشكاليًا، محمي بموجب التعديل الدستوري الأول للولايات المتحدة.
لعل الأمر الأكثر خطورة هو أن الجماعات المتطرفة تعرض الديمقراطية للخطر بصورة أساسية عندما تغادر الفضاء الرقمي لتدخل إلى المشهد العام. يحدث ذلك عندما يتم نشر أصواتهم في وسائل الإعلام أو عند تضخيمها بواسطة إحدى المنصات. على عكس “إيت تشان”، يمكن للمنصات الرئيسية التأثير على شريحة واسعة من السكان، رغما عن هؤلاء الأشخاص ودون علمهم.
على نطاق أوسع، حتى لو قامت البرمجيات الوسيطة بتعزيز الانقسامات، فإن هذا الخطر يبدو ضئيلا مقارنةً بالخطر الذي تشكله قوى المنصات المركزة. لن يتجلى التهديد الأكبر للديمقراطية على المدى البعيد في انقسام الآراء، وإنما في السلطة غير الخاضعة للمساءلة التي تتمتع بها شركات التكنولوجيا العملاقة.
إعادة السيطرة
يجب أن يقلق عامة الناس من القوة المتنامية لمنصات الإنترنت الكبرى، وهناك سبب وجيه وراء لجوء المشرعين إلى قانون مكافحة الاحتكار كوسيلة لحل هذه المعضلة. لكن ذلك ليس سوى واحد من عدة ردود محتملة لمشكلة تمركز القوة الاقتصادية والسياسية الخاصة.
يتم تحديد المحتوى الذي تقدمه المنصات من خلال خوارزميات غامضة تم إنشاؤها بواسطة برامج الذكاء الاصطناعي
الآن، تطلق الحكومات إجراءات لمكافحة الاحتكار ضد منصات التكنولوجيا الكبرى في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، ومن المرجح أن يتم رفع الدعاوى القضائية الناتجة عن ذلك في السنوات القادمة. لكن هذا النهج ليس بالضرورة أفضل طريقة للتعامل مع التهديد السياسي الخطير الذي تشكله هذه المنصات على الديمقراطية.
كان التصوّر من التعديل الدستوري الأول بناء سوق للأفكار حيث تحمي المنافسات الخطاب العام، وليس التنظيمات. مع ذلك، في عالم تقوم به المنصات الكبيرة بالتحكم وتضخيم وقمع واستهداف الرسائل السياسية، لا يسع ذلك السوق سوى الانهيار.
يمكن للبرمجيات الوسيطة معالجة هذه المشكلة. تستطيع أن تسلب منصات التكنولوجيا هذه القوة، وتسلّمها لا إلى جهة تنظيمية حكومية واحدة وإنما إلى مجموعة جديدة من الشركات المنافسة التي تسمح للمستخدمين بتخصيص تجاربهم عبر الإنترنت. لن يمنع هذا النهج خطاب الكراهية أو نظريات المؤامرة من الانتشار، ولكنه سيحد من نطاقها بطريقة تتماشى بشكل أفضل مع الهدف الأصلي من التعديل الأول للدستور.
اليوم، يتم تحديد المحتوى الذي تقدمه المنصات من خلال خوارزميات غامضة تم إنشاؤها بواسطة برامج الذكاء الاصطناعي. باستخدام البرمجيات الوسيطة، سيتم إعطاء مستخدمي المنصات الرئيسية أجهزة التحكم ليكونوا هم – وليس بعض برامج الذكاء الاصطناعي غير المرئية – الذين يحددون ما يرونه.
المصدر: فورين أفيرز