منذ البداية، تتربع شركة “تيسلا” على عرش السيارات الكهربائية، ويعتقد الكثير من الناس أن ما زاد شعبيتها، ليس تفردها في هذه الصناعة فقط بل وشعبية الرجل الواعد ذي الأحلام المجنونة والحالم بتغيير مصير البشرية، إيلون ماسك، فهو مؤسس ومالك الشركة ورائد الأعمال الأول في العالم التقني وصاحب التصريحات والنظريات الصادمة.
اغتنام الفرص وتعثر “تيسلا”
خلال هذا العقد وبسبب التوجه العالمي للاستثمار ضمن سوق السيارات الكهربائية، ظهرت شركات جديدة تحاول دائمًا الإطاحة بشركة “تيسلا” ودائمًا ما كان ينتهي بها الأمر إلى الإفلاس أو الإغلاق، ومن الشركات التي شكلت أملًا واعدًا في عالم السيارات الكهربائية شركة “NIKOLA”، التي اقتربت قيمتها السوقية من شركة “فورد” عن طريق إعلاناتها ووعودها.
لكن اليوم حديثنا عن تجربة مختلفة تمامًا في الشكل والمضمون وهي شركة “ATIVA” التي نشأت عام 2007، واختصت بمجال البطاريات والمولدات الكهربائية لمحركات السيارات، ولغياب المنافسة في سوق السيارات الكهربائية الذي شكل قبلة للعديد من المستثمرين، لم يكن هناك أي منافس إلا شركة “تيسلا” التي كانت على وشك الإفلاس أكثر من مرة، فبدأت الشركة في عام 2011 بالعمل على تحويل الفكرة إلى واقع وذلك بعد أن استقطبت العديد من الموظفين من شركات عالمية مثل (TESLA وFORD وMAZDA).
مسيرة هادئة
7 سنوات وشركة “أتيفا” تعمل على تحويل النموذج من فكرة إلى واقع، حتى عام 2016 حيث طرحت النموذج الأول لسياراتها الذي ميزها بشكل كبير عن “تيسلا” المهتمة بشكل أساسي بالتكنولوجيا والقوة، أما “أتيفا” فاهتمت بالرفاهية أكثر.
ولاهتمام القائمين على الشركة بأدق التفاصيل غيرت اسمها في ذات العام من “أتيفا” إلى لوسد موتورز والسبب أن الاسم الأول كان يمثل شركة صغيرة مهتمة بمجال البطاريات والمولدات الأمر الذي قد يعطي طابعًا متواضعًا للشركة التي أرادت أن تكون “بي إم دبليو” المستقبل، وتميزت السيارة التي طرحتها بما يلي:
- قوة المحرك: 1000 حصان.
- التسارع: من 0 وحتى 60 ميلًا في 2.5 ثانية.
- الشحن الواحد يمكنك من قطع مسافة 300 ميل وفي نماذج أخرى 400 ميل.
وبهذه المواصفات امتلكت “لوسد موتورز” ملامح الرفاهية المميزة ابتداءً بالسقف البانورامي حتى النظام الذكي في قيادة السيارة.
أحداث جعلت من “لوسد” أقوى
عام 2013، تم تعيين بيتر راولينسون المدير التنفيذي للشركة الذي يعتبر الورقة الرابحة لـ “لوسد”، وهو إنجليزي مخضرم في عالم السيارات، حيث عمل سابقًا في شركتي “لوتس” و”جاغوار” للسيارات، كما شغل منصب رئيس المهندسين لطراز “إس” في “تيسلا”.
خبرته الطويلة والكاريزما التي يمتلكها كان لها دور كبير في منح الشركة طابعًا راقيًا، والأهم أنه كان قادرًا على تلافي الأخطاء والتحديات التي تواجه الشركة.
ومن أهم المخاطر التي واجهتها الشركة في عهده قلة الدعم المالي والتمويل، وهذا ما حصل في 2017، حيث تعرضت “لوسد” لنقص في السيولة المالية، فبدأت الشركات الكبيرة بالتهافت عليها، ومن بينهم “فورد” التي تم رفض عرضها بسبب السعر المنخفض، وفي النهاية كانت الصفقة من نصيب صندوق الاستثمارات العامة السعودي، حيث بلغت قيمة الصفقة 1.3 مليار دولار ليمتلك صندوق الاستثمار السعودي الحصة الأكبر من الشركة.
طورت الشركة من بطارياتها لتمكنك من قطع مسافة 514 ميلًا في الشحنة الواحدة، والمدة التي تحتاجها لشحن 80% من البطارية 20 دقيقة فقط
وبعد التمويل الكبير بدأت الشركة بالعمل سريعًا، فقد أسست مصنعها الضخم في ولاية أريزونا الأمريكية والمتميز بتقنيته العالية والمتطورة، وخلال نفس العام ولخبرة الشركة في مجال تطوير البطاريات طورت من بطاريتها لتصبح بسعة كبيرة تمكن السيارة من قطع مسافة 500 ميل في الشحنة الواحدة والأهم من ذلك أن شحن البطارية لا يحتاج أكثر من 20 دقيقة وهذا الرقم أيضًا هو ثورة في عالم السيارات الكهربائية.
إضافة إلى عقد شراكة مع شركة “ELECTRIFY AMERICA” المتخصصة بمحطات الشحن الكهربائي للسيارات الأمر الذي سيوفر مبالغ كبيرة على الشركة من ناحية توفير مراكز شحن للسيارات على عكس شركة “تيسلا” التي احتاجت لإنشاء محطات جديدة لشحن خاصة بها.
وبالنسبة للشحن فقد طورت الشركة من بطارياتها لتمكنك من قطع مسافة 514 ميلًا في الشحنة الواحدة، والمدة التي تحتاجها لشحن 80% من البطارية 20 دقيقة فقط مقارنة مع “تيسلا” التي تحتاج إلى 30 دقيقة، وهي واحدة من المزايا التنافسية التي تدعم الحصة السوقية لـ “لوسد”.
الأسعار والحداثة
لعبت شركة “لوسد” في صناعة سياراتها على وتر الرفاهية والتقنية المتطورة جدًا، ما دفعها إلى طرح سياراتها بسعر مرتفع في الأسواق، وهي الإستراتيجية التي جعلتها تستقطب شريحة محددة من السوق تعتبر الأقل عددًا، وأيضًا مكنتها من تجاوز مشكلة الطلب الكبير مع إمكاناتها المتواضعة في البداية، على العكس من شركة “تيسلا” التي تعاني من مشكلة الطلب الكبير.
لكن هل فعلًا السعر المرتفع سيكون من نقاط قوة الشركة؟ حيث تراوحت أسعار السيارات بداية من 80.000$ وحتى 141.000$، وانقسمت الآراء حول هذه النقطة إلى فريقين:
يرى الفريق الأول أن السعر غير مبالغ فيه مقارنة بعدد المزايا التي تقدمها الشركة ضمن السيارة الواحدة إذا قورنت بالعديد من شركات السيارات التي من الممكن أن توفر بعض المزايا وبفارق كبير في السعر، أما الفريق الثاني فقد استهجن السعر على اعتبار أن الشركة الجديدة لم تطرح حتى الآن أي نموذج في الأسواق وكل ما تم إعلانه بشكل عام هو مجرد وعود، وبناءً على ذلك، فهم ينتظرون طرح “لوسد” لسيارتها في السوق منتصف العام القادم 2021.
تشبه “لوسد” إلى حد كبير تجارب الشركات السابقة التي لم تستمر، وكل ما طرحته هو عبارة عن إعلانات ومؤتمرات ووعود، لكن سبب التركيز على هذه الشركة بالتحديد أنها أعطت موعدًا صريحًا لبداية طرح سيارتها في السوق وهو قبل منتصف عام 2021 وهي نقطة تحسب لها مقارنة بشركة “تيسلا” التي لن تتمكن من طرح نموذجها الأخير في السوق قبل نهاية عام 2020.
إضافة إلى أن المواصفات التي طرحتها شركة “لوسد” قد تكون بمثابة نقطة تحول في عالم السيارات بشكل عام وليس الكهربائية فقط.
حتى لو لم تدخل “لوسد” الملقبة بـ “قاتلة تيسلا” إلى مضمار المنافسة، فإن الشركات العملاقة مثل “مرسيدس”وغيرها من الشركات ذات التصنيف الأول عالميًا ستدخل سوق السيارات الكهربائية لأنه طريق واحد لا مفر منه، ولا بد من السؤال هنا: هل فعلًا نحن في طريق واحد لا رجعة عنه حيث ستصبح فيه حتى الطائرات والبواخر العملاقة والغواصات وجميع وسائل النقل تعمل بالطاقة النظيفة؟ وهل فعلًا سيشهد عام 2050 تغير الاقتصاد العالمي بالكامل، حيث لن يبقى النفط مصدر الطاقة الأول في العالم؟