يرى القادة المصريون أن حزمة المساعدات العسكرية الأمريكية التي تبلغ 1.3 مليار دولار سنويًا كحق من الحقوق المكتسبة والتي ستستمر للأبد بسبب توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979، والولايات المتحدة لم تفعل شيئًا يذكر لإثناء المصريين عن هذا التصور، والآن، حان الوقت لفعل ذلك.
لن يمكن لإدارة أوباما أن تدافع عن فشلها في تخفيض حجم المساعدات في وقت لاحق من هذا العام، عندما تواجه الإدارة خيارات صعبة بشأن مستقبل مصر، فمنذ تولي “عبد الفتاح السيسي” زمام الأمور في مصر من خلال انقلاب عسكري في يوليو 2013، عادت البلاد إلى مرساها مرة أخرى! فقد رجعت مصر إلى سجن المعارضين السياسيين وإسكات منتقدي النظام وتشويه صورة الإسلاميين السلميين.
قادة الإخوان المسلمين، التي كانت الحركة السياسية الأقوي في أعقاب الانتفاضة المصرية في 2011، يقبعون الآن في السجون، كما تم وصفهم ظلمًا بأنهم إرهابيون، ترك ذلك الكثيرين من أنصار الإخوان المسلمين بلا قيادة أو دفة توجيه، وهو ما أثار احتمالات بأن بعضهم قد ينحون تجاه التشدد، وفي الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وفي الوقت الذي تحاول فيه عزل المتطرفين، تسحق السلطات السلطوية في مصر المعارضة وهو ما يقنع عددًا كبيرًا من مواطنيها بأن العنف هو الأداة الوحيدة للدفاع عن أنفسهم.
مصر اليوم، ومن نواح متعددة، أكثر قمعًا مما كانت عليه خلال أحلك فترات حكم الديكتاتور القوي المخلوع حسني مبارك، فقد ضيقت حكومة السيسي الخناق على المظاهرات، وشددت الرقابة على وسائل الإعلام، وحاكمت الصحفيين أمام القضاء، هناك قانون جديد الآن، غامض الصياغة، يشدد العقوبات على الأشخاص الذين يتلقون مساعدات من جهات خارجية، ويجعل ذلك الأمر جريمة عقوبتها السجن مدى الحياة، القانون الذي يهدف ظاهريًا لمحاربة الإرهاب، يماثل تمامًا السياسات التي استخدمتها الدولة لقمع المنظمات المؤيدة للديمقراطية.
في سيناء، وبينما تنتقل المعركة ضد المسلحين إلى المناطق المأهولة بالسكان، قالت تقارير إن الجيش المصري استخدم الدبابات الأمريكية الصنع لقصف المناطق المدنية، وعندما حاولت هيومن رايتس ووتش أن تنشر تقريرًا حول القمع الوحشي المصري أثناء فض اعتصامات مؤيدي الإخوان المسلمين خلال العام الماضي، منعت السلطات ممثلي المنظمة من دخول البلاد.
عبد الفتاح السيسي الذي وصل إلى السلطة بانتخابات مزورة، يبدو أنه يعتقد أن بقية العالم لم يلاحظ ذلك! ادعى السيسي في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنه يعمل على بناء مصر الجديدة التي “تحترم الحقوق والحريات” و”تضمن التعايش بين جميع المواطنين دون استثناء أو تمييز”.
المسئولون الأمريكيون كانوا حذرين للغاية في نقدهم للسلطات المصرية، فهم يعتقدون أنهم أفضل حالاً في وجود مصر كحليف، حتى لو كان حليفًا مستبدًا، تاريخيًا، حاز الأمريكيون على تسهيلات كبيرة بشأن المرور عبر قناة السويس، كما لدى الطائرات الأمريكية الحرية في المرور غير المقيد بالمجال الجوي المصري.
وعلى الرغم من ذلك، فإن لدى الإدارة الأمريكية فرصتان لتصحيح مسارها والتأكيد على أنه لم يعد ممكنًا التغاضي عن وحشية السلطات في مصر.
أولاً: يجب على واشنطن أن تتوقف عن السماح لمصر بإعطاء طلبات شراء الأسلحة ضمن نظام يُدعى “تدفق التمويل الائتماني”، النظام المتاح فقط لإسرائيل ومصر يعمل كآلية بطاقة الائتمان، ويسمح للقاهرة ولتل أبيب بإرسال طلبات شراء الأسلحة الأمريكية بافتراض دائم أن الكونغرس الأمريكي سوف يؤمن – في نهاية المطاف – ما يكفي من الأموال لتغطية نفقات تلك الطلبات، إذا قررت الولايات المتحدة إيقاف هذا النظام فإن الأمر سيستغرق سنوات، إذ أن تلك الطلبات التي تم إرسالها بالفعل تستغرق وقتًا طويلاً لتنفيذها، لكن القيام بذلك الآن سيساعد حل العقد التشريعية والتعاقدية في المستقبل.
ثانيًا: وزير الخارجية الأمريكي عليه أن يشهد أمام الكونغرس أن مصر تسير على طريق الديمقراطية كشرط لإتمام إرسال عدة قطع عسكرية إلى القاهرة، الكونغرس أصر على هذه الشهادة عندما خصص حزمة مساعدات عسكرية لمصر خلال العام الماضي، الفشل في هذا سيوقف تسليم الدبابات والطائرات بقيمة 650 مليون دولار تقريبًا، الإجابة الوحيدة المقبولة من جون كيري على سؤال “إذا كانت مصر تسير على طريق الديمقراطية” هي: لا!
مصر تُقدر العتاد العسكري الأمريكي، واستمرار التعاون يأتي في مصلحة البلدين، لكن مسئولية استمرار تلك العلاقة الآن تقع على عاتق القاهرة.