بعد تزايد أعداد المتظاهرين الداعمين لإضرابات الريفيين وعمال المزارع في بوجوتا عاصمة كولومبيا والتي تصاعد نسقها بسرعة بعد قيام شباب ملثمين بالإعتداء على قوات الأمن وبعد مقتل اثنين من المتظاهرين، أمر الرئيس الكولومبي مانيال سانتوس قوات الجيش بالانتشار في الشوارع لفرض الأمن بدأ من يوم الجمعة بالإضافة إلى إيقاف المفاوضات الجارية مع المزارعين.
وفي الوقت الذي تشير فيه التقارير الاقتصادية إلى أن الاقتصاد الكولومبي يمر بفترة ازدهار وتتحدث فيه الحكومة عن طيها لصفحات عقود من من الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية، فإن اضطرابات الأسبوع الماضي أظهرت عكس هذا عندما خرجت الفئة الأخرى من سكان كولومبيا من المزارع والأرياف إلى أهم شوارع العاصمة بوجوتا وأكثرها حيوية.
وبحسب التقارير الحكومية الرسمية، حققت كولومبيا سنة 2012 نسبة نمو تقدر ب6 بالمائة، وبقي مؤشر نمو الناتج المحلي إجابيا طيلة السنوات الأخيرة رغم تباطئه أحيانا، بالإضافة إلى ارتفاع الدخل الفردي العام من 4400 يورو سنة 2000 إلى 7500 يورو سنة 2011.
وفي تعليق على هذا التضارب بين الأرقام الحكومية وبين ما شهدته شوارع بوجوتا هذا الأسبوع، يقول الدكتور ماركو روميرو مدير استشارية حقوق الانسان والنزوح المتغلغلة في أرياف كولومبيا أن الطفرة الاقتصادية لم تصل إلى الأرياف وان هؤلاء المزارعين خاصة لم يخرجوا بعد من الوضع المعيشي الذي كانت كولومبيا عامة تعيشها قبل سنوات عديدة، كما أكد روميرو أن “60 بالمائة من الريفيين يعيشون حالة فقر مدقع على عكس الواقع في المدن”.
وأكدت سينثيا آرنسون مديرة مشروع أمريكا اللاتينية في مركز وودرو ويلسون هذا التفسير، فشبهت النمو الاقتصادي الذي تعيشه كولومبيا بالحفلة التي شعر الريفيين بأنه لم يدعوا إليها، كما أضافت أن الاحتجاجات التي خرجت في كولومبيا لا يمكن تشبيهها بتلك التي خرجت في البرازيل قبل فترة، فقالت: “هذه الاحتجاجات لا تشبه احتجاجات البرازيل، هذه ليست احتجاجات لفئات مجتمعية وسطى للمطالبة بتحسين بعض الخدمات.. هؤلاء فقراء معدمون يريدون الحصول على ثمار النمو في كولومبيا”.