ترجمة وتحرير: نون بوست
أثناء المكوث في المنزل مع تواصل انتشار فيروس كورونا، قد يكون البعض متلهفًا لإنفاق المال أو الاستفادة من عروض مبيعات الجمعة السوداء والإثنين الإلكتروني – حيث يرى بعض الخبراء أن التسوق لتخفيف التوتر من بين الطرق التي نحاول من خلالها الشعور بالسيطرة على حياتنا. في المقابل، قد يكون البعض الآخر أكثر قلقًا بشأن المصاريف المالية أو الأمن الوظيفي.
حتى في حالة عدم وجود جائحة، فإن الطريقة التي ننفق بها المال أو ندخره تكشف الكثير عن مدى سيطرة الشخص على الإنفاق والادخار والتحكم في نفسه. لا يعرف الخبراء على وجه التحديد السبب الرئيسي الذي قد يدفع الشخص في النهاية إلى هدر المال أو ادخاره، ولكن جزءًا من هذه الأسباب من المرجح أن يكون لها علاقة بالعادات والتربية الأسرية، وذلك وفقا لسكوت ريك، الأستاذ المساعد في كلية روس للأعمال بجامعة ميشيغان الذي يدور بحثه حول الأسباب والعواقب العاطفية لاتخاذ القرارات المالية الاستهلاكية.
إنها مسألة يدرسها الباحثون حاليًا عند الأطفال، حيث البيانات الأولية تشير إلى أن الناس يميلون إلى اكتساب عادات الإنفاق من أمهاتهم أكثر من أفراد الأسرة الآخرين. وحسب ريك، فإن تجارب الحياة الفردية تلعب أيضًا دورًا. فعلى سبيل المثال، إذا خسرت مبلغًا كبيرًا من المال في لحظة من حياتك، فقد يجعلك ذلك أكثر بخلاً. وإذا مررت بفترة من الوقت كنت فيها في حاجة ماسة للمال، فقد تتمسك بهذه العادات حتى عندما يتحسن وضعك المادي.
من المثير للاهتمام أن مقدار الأموال التي تجنيها ليس له أي تأثير على ما إذا كنت منفقًا أو مدخرًا، حسب رأي ريك. (في حين أنه من الواضح أن ميلك للإنفاق أو الادخار من شأنه أن يؤثر على مقدار الديون والمدخرات التي لديك.)
يرى مؤسس معهد علم النفس المالي براد كلونتز أن كل هذه العوامل تخلق معتقداتك واتصالك العاطفي بالمال، “وتتأقلم معك مع تقدمك في العمر وبينما تلاحظ سلوكيات الآخرين، وتتأقلم مع ثقافتك، ومع الحي الذي تعيش فيه، ومع أصدقائك”.
عمومًا، يبدو أن رغبتك في إنفاق الأموال تعتمد على عامل واحد وهو كم تشعر نفسيا بعدم الارتياح عندما تضطر إلى التخلي عن أموالك. وحسب سينثيا كرايدر، أستاذة مشاركة في مجال التسويق في جامعة واشنطن في كلية أولين لإدارة الأعمال في سانت لويس، فإن “الإنسان يتنبأ بأشياء مثل مقدار الأموال التي ادخرها، ومقدار ديون بطاقة الائتمان لديه”.
فيما يلي، إليك ما تقوله عاداتك عنك وعن شخصيتك. والخبر الجيد وفقًا لكرايدر هو أنه بإمكانك أن تتغير.
إذا كان إنفاق المال يقلقك
يقول ريك إن الأشخاص الذين يجدون صعوبة في إنفاق الأموال “يواجهون الكثير من التوتر والضغوطات عندما يفكرون في الإنفاق، لذلك لا يشترون الأشياء التي يعتقدون أنه يجب عليهم شراؤها أو يرغبون في شرائها”.
عادة ما يكون لدى هؤلاء الأشخاص القدرة على التحكم في أنفسهم والتصرف بشكل أكثر عقلانية والتخطيط أكثر. ويرى ريك أن هؤلاء الأشخاص معرضون للإفراط في التفكير في الأمور المتعلقة بالمال فضلاً عن شعورهم بالارتباك بسبب ذلك. ويوضح كلونتز أن “الإنفاق بالنسبة لهؤلاء الأشخاص أمر صعب لأنه يجعلهم يشعرون بالضعف”.
وأكد كلونتز أن بعض الأشخاص الذين يجدون صعوبة في إنفاق المال لا يسمحون لأنفسهم بفرصة الاستمتاع بثرواتهم، نظرا لأنهم “يشعرون بالقلق إزاء المستقبل لدرجة أنهم لا يسمحون لأنفسهم بالاستمتاع في الوقت الحاضر”. وإذا فقدت وظيفتك مؤخرًا أو تعطل عملك بسبب جائحة كورونا، فقد يؤثر ذلك على الطريقة التي تنظر بها إلى أموالك أيضًا.
لهذه الأسباب، تؤكد كرايدر أن الأشخاص الذين يجدون صعوبة في إنفاق الأموال قد يكونون أقل سعادة في حياتهم لأنهم تخلوا عن بعض المشتريات أو التجارب التي كانت ستجعلهم سعداء. ويرى ريك أن “هؤلاء الأشخاص لا يفوتون على أنفسهم متع الحياة فحسب بل يمتنعون أيضا عن إنفاق المال على الأمور العملية مثل طلب المشروة المالية أو شراء الأثاث”.
إذا كنت تحب التسوق والإنفاق
إن الأشخاص الذين يجدون صعوبة في الحد من إنفاقهم للأموال يكونون أقل اكتراثا بشأن المستقبل ويركزون على الحاضر، خاصة عندما يتعلق الأمر باقتناء أغراض جديدة واتخاذ قرارات التسوق. لهذا السبب، غالبًا ما يشترون أكثر مما يعتقدون. وتقول كرايدر إنه يبدو أيضًا أن هناك علاقة بين كونك مبذرًا والشعور بالملل وكونك ماديا.
إذا كنت تعرف شخصا إنفاق المال يقلقه فمن المرجح أنه يملك قدرًا كبيرًا من المدخرات ولا يعاني سوى من مشكلة ديون صغيرة مع بطاقة الإئتمان
لكن يعتقد كلونتز أن ميل الشخص للإنفاق أعمق بكثير من مجرد السعي إلى تقليد الأشخاص الأغنياء. قد يكون شراء الأشياء أمرًا ممتعًا، ويساعدنا في التواصل مع الآخرين. ومع مرور الوقت، قد يتطور لديك إحساس بالفخر بشأن شراء أشياء “مرتبطة بالحاجة النفسية لنيل تقدير أقراننا”.
إذا كنت مقتصدًا وصارمًا بخصوص إدخار الأموال
يقول ريك إن “الأشخاص المقتصدين يحبون ادخار الأموال ويعتقدون أن هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب فعله”. ولكن هناك فرق بين إنفاق المال بحكمة ومواجهة مشكلة في إنفاق الأموال. قد يبذل الأشخاص المقتصدون جهودًا كبيرة بخصوص ادخار الأموال وتجنب التبذير. قد يقومون بتجديد ملابسهم بدلاً من شراء ملابس جديدة أو الاستمتاع بالتسوق في متاجر البضائع المستعملة. قد لا يكون هناك قواسم مشتركة بين الأشخاص الذين يشعرون بالتوتر في كل مرة يضطرون فيها لإنفاق المال، لكن المؤكد أنهم لا يحبون إنفاق المال.
يرى ريك أنه “من الجيد أن تكون مقتصدًا”، بينما تشير كرايدر إلى أنه إذا كنت تعرف شخصا إنفاق المال يقلقه “فمن المرجح أنه يملك قدرًا كبيرًا من المدخرات ولا يعاني سوى من مشكلة ديون صغيرة مع بطاقة الإئتمان”، أما إذا كنت تعرف شخصًا “ينفق ماله بطريقة غير مسؤولة ولا يستمتع بالادخار، فمن المحتمل أنه ينفق أكثر مما يملك”.
يقول كلونتز إن هناك مكانة ترتبط عادة بالشخص المقتصد وهو ما يضيف عنصرًا تنافسيًا من شأنه أن يلغي بعض الفوائد، “فنحن نفكر دائمًا أن المكانة مرتبطة بالإنفاق الزائد أو شراء ساعات جميلة، بينما توجد مجموعة أخرى من الأشخاص الذين يتنافسون على جمع المال والحفاظ عليه”.
المصدر: سي إن بي سي