قد تبدو مهمة قراءة كتاب أمرًا بسيطًا، فأنت تفتح الكتاب وتقرأه ثم تغلقه، الأمر فعلًا بهذه السهولة في كثير من الأحيان عندما تكون القراءة ترفيهية، لكن غالبًا الناس لا تقرأ الكتاب لمجرد المتعة، بل لاستخلاص قيمة منه وفهم مقصده، حينها لا يصبح الأمر بتلك البساطة.
في عام 1940 قدم الفيلسوف والمؤلف الأمريكي مورتيمر أدلر نصائح بالغة الأهمية لكيفية القراءة، ورغم مرور 80 عامًا على تلك النصائح إلا أنها ما زالت مفيدة للكثيرين.
أنواع القراءة
تحدث أدلر عن 4 أنواع أو مستويات للقراءة، والهدف من القراءة هو ما يحدد أي الطرق ستختارها، فقراءة رواية يختلف عن قراءة كتاب لأفلاطون والقراءة من أجل المتعة فقط تختلف عن القراءة للحصول على معلومات أو من أجل المعرفة، إليكم هذه المستويات الأربعة:
القراءة الأولية: في هذه الطريقة نقرأ الكلمات ونفهم معناها الأساسي فقط وما يدور حوله الكتاب.
أسأل نفسك عدة أسئلة واضحة لوضع إطار للموضوع وتحديد المشكلة التي يدور حولها الموضوع.
القراءة الاستقصائية: في تلك الطريقة تقرأ النقاط البارزة وبدايات ونهايات الفصول والنقاط الهامة لتحاول فهم أكبر قدر ممكن من المعلومات واستخلاصها، أو لاتخاذ قرار بشأن قراءة الكتاب بتعمق أكثر أم أنه لا يستحق الاهتمام.
القراءة التحليلية: هنا تبدأ القراءة ببطء وتتعمق في النص وتدون الملاحظات وتبحث عن معاني الكلمات وربما تلجأ إلى مراجع أخرى لفهم الكتاب، للقراءة بتلك الطريقة وتحقيق أقصى استفادة ستحتاج إلى تصنيف الكتاب حسب نوعه وموضوعه ومعرفة الفكرة العامة للكتاب وأقسامه وعلاقتها ببعضها البعض، وتحديد المشكلة أو الهدف الأساسي للكتاب.
القراءة التركيبية: هذه القراءة لا تتعلق بكتابًا بعينه لكنها تدور حول موضوع محدد، عادة ما يستخدم الكتاب والأساتذة هذا النوع حيث يقرأون كتبًا متعددة حول موضوع واحد لتشكيل أطروحة أو فكرة أصلية بالمقارنة بين الأفكار المختلفة في تلك الكتب.
تعد هذه الطريقة من أصعب الطرق وتحتاج لتركيز شديد وأنت تسأل نفسك عدة أسئلة واضحة لوضع إطار للموضوع وتحديد المشكلة التي يدور حولها الموضوع، ثم البحث بين مختلف الآراء للوصول إلى نتيجة مرضية.
كيف تقرأ بفاعلية؟
هناك عدة استراتيجيات بسيطة تساعدك في القراءة بفاعلية:
قبل القراءة
اختر كتابًا مناسبًا: اختيار الكتاب بالطبع مسألة شخصية، لكننا ننصحك باختيار كتاب يساعدك في النمو الشخصي أو في عملك أو في مشكلة تواجهها في تلك الفترة.
اسأل نفسك:قبل أن تبدأ القراءة يجب أن تسأل نفسك عدة أسئلة: ما الذي أعلمه بالفعل، وما المعرفة التي أود اكتسابها؟ وما الذي أتوقعه من هذا الكتاب.
اقرأ عن الكتاب: قد تبدو هذه النصيحة غير جيدة فيما يتعلق بالروايات لأنها قد تفسد عليك النهاية، لكنها قد تفيدك في أنواع الكتب الأخرى فهي توضح لك ما أنت مقبل عليه وربما توضح لك بعض النقاط الصعبة التي قد تواجهها.
أثناء القراءة
أسأل نفسك ثانية: وسط القراءة تحتاج لأن تتوقف عدة مرات وتسأل نفسك عدة أسئلة: هل يبدو الكتاب منطقيًا؟ ما علاقة تلك المعلومات بما أعرفه بالفعل؟ ما الذي يقصده المؤلف بكلماته؟ ما الذي أود أن أعرفه أيضًا؟
هذه الأسئلة تساعدك على تقييم ما تقرأه والتأكد من فهم محتوى الكتاب ومدى أهمية المعلومات بداخله، إضافة إلى ذلك عندما تواجه جزءًا صعبًا فمن الأفضل أن تتناقش فيه مع أحدهم أو تبحث عن المزيد من المعلومات حول الموضوع في مكان آخر.
اصنع روابط: من المهم أن تربط بين المعلومات التي تقرأها والمعلومات التي تمتلكها بالفعل، فهذا الأمر يساعد في تثبيت المعلومة وتكوين قاعدة معلومات جيدة ومتماسكة وثرية.
من الأفضل أن تعيد ترتيب تلك الملاحظات والاستنتاجات التي توصلت إليها، للاستفادة منها جيدًا.
دون ملاحظاتك: من الجيد أن تتدون بعض الملاحظات أثناء القراءة حول الأفكار الأساسية للكتاب والكلمات الهامة أو المفتاحية، يمكنك كذلك أن تكتب نبذة مختصرة للفقرات الهامة بطريقة منظمة وبسيطة.
بعد القراءة
ربما انتهيت من القراءة واكتسبت الكثير من المعرفة، لكن هذه المعرفة قد تفقدها سريعًا إذا لم تسجلها وتحفظها بشكل صحيح.
تصفح الكتاب مرة أخرى: لاسترجاع المعلومات يمكنك أن تتصفح النقاط الرئيسية والفقرات الهامة لتتأكد من دمج المعلومات في عقلك بشكل جيد.
رتب ملاحظاتك: هذه الملاحظات ستكون مرجعًا لك في المستقبل عندما تحتاج للبحث عن معلومات في موضوع الكتاب دون أن تضطر لقراءة الكتاب مرة أخرى، لذا من الأفضل أن تعيد ترتيب تلك الملاحظات والاستنتاجات التي توصلت إليها، للاستفادة منها جيدًا.
كيف تتذكر ما قرأته؟
هناك 3 عناصر هامة تساعد الدماغ على تخزين المعلومات، لذا يجب أن تضع هذه العناصر في اعتبارك عند القراءة:
الانطباع: تخيل المشهد الذي تقرأه في ذهنك ويمكنك إضافة بعض العناصر لتعزيز هذا الانطباع، تساعد القراءة بصوت عال أيضًا على تعزيزه.
الترابط: اربط النص الذي تقرأه بمعلومة قديمة لديك، هذه الطريقة تساعد في بناء قصور الذاكرة وحفظ المعلومات بشكل مذهل.
التكرار: يقول المثل “التكرار يعلم الشطار”، هذه حقيقة فكلما أعدت قراءة الفقرة ودونت ملاحظات حولها كلما تمكنت من تذكرها واسترجاعها بشكل أسرع.
وختامًا؛ قد تجد هذه الطرق تزيد عملية القراءة تعقيدًا، لكن تذكر أن الممارسة تجعل كل شئ أسهل، لذا تحتاج لبذل الكثير من الجهد في البداية حتى يصبح الأمر اعتياديًا وأكثر سهولة، ولا تنس الفائدة التي ستجنيها عند القراءة بشكل فعال.