أعلنت الحكومة الكويتية أسماء المرشحين الفائزين في انتخابات مجلس الأمة (البرلمان) التي جرت أمس السبت، الخامس من ديسمبر الجاري، فيما حملت التشكيلة الجديدة للمجلس العديد من المفاجآت غير المتوقعة والتي سيكون لها دورًا كبيرًا في تغيير خارطة المشهد السياسي بالبلاد خلال المرحلة المقبلة.
النتائج شهدت تغييرات جذرية في هيكل البرلمان وصلت إلى مايقرب من 60 بالمائة، حيث لم ينجح من أعضاء مجلس 2016 إلا 19 نائباً، في سيناريو مكرر للانتخابات التي أجريت قبل أربع سنوات، فيما جاءت الأرقام صادمة للبعض، كونها أطاحت بعدد من الرموز السياسية الشهيرة أبرزها النائبة المثيرة للجدل خلال الفترة الأخيرة، صفاء الهاشم، في الوقت الذي أتت فيه بكوادر حديثة العهد بالعمل البرلماني وأخرى شابة.
وقد شارك في الانتخابات التي تم الانتهاء من فرز أصواتها صباح اليوم، 395 مرشحًا، بينهم 33 سيدةً، على 50 مقعدًا برلمانيًا في خمس دوائر انتخابية، فيما بلغ حجم من لهم التصويت 567 ألف ناخب وناخبة، مقسمين على خمس دوائر، 84 ألفًا في الدائرة الأولى، فيما يبلغ عدد الناخبين في الدائرة الثانية 64 ألفًا، وقرابة 101 ألف في الدائرة الثالثة، و150 ألف في الرابعة، وفي الدائرة الخامسة 166 ألفًا، وفق الأرقام الصادرة عن وزارة الداخلية الكويتية.
تغييرات جذرية
الأجواء التي فرضتها النتائج الحالية تعود بالمشهد إلى ثمان سنوات مضت، حيث التغيير الذي خيم على أركان المجلس، والنتائج غير المتوقعة، في ظل التوقعات الأولية التي كانت تشير إلى أن التشكيل الجديد لن يتغير كثيرًا عن التركيبة الأخيرة للبرلمان.
وتراوحت نسبة التغيير في المجلس القادم ما بين 50% في الدائرة الثانية وهي الأقل، إلى 70% في الدائرتين الأولى والثالثة، فيما تساوت الدائرة الرابعة والخامسة بنسبة تغيير بلغت 60%، الأمر الذي يشير إلى أن المشهد الكويتي على أعتاب مرحلة جديدة من العمل السياسي تختلف إلى حد ما عن السنوات الأربع الأخيرة.
اللافت في الانتخابات الحالية أنها شهدت سقوطًا كبيرًا للتكتل الموال للحكومة داخل المجلس، بجانب عدد أقل من المعارضين، ليصل عدد الأعضاء الذين لم ينجحوا في نيل ثقة الناخبين مرة أخرى إلى 22 عضواً، هذا بخلاف الأعضاء المنسحبين قبيل انطلاق الماراثون.
وأوضحت المؤشرات التي أعلنتها الحكومة وكشفت عنها صحيفة “القبس” الكويتية فوز كل من، حسن جوهر ويوسف فهد الغريب وأحمد الشحومي وحمد روح الدين وعيسى الكندري وعلي عبد الرسول القطان وعدنان عبد الصمد وعبدالله الطريجي وعبدالله جاسم المضف وأسامة الشاهين، في الدائرة الأولى.
أما الدائرة الثانية فتصدر قائمتها رئيس البرلمان مرزوق الغانم، بجانب محمد المطير وخليل الصالح وحمد المطر وسلمان العازمي وبدر الحميدي وبدر الملا وخالد العنزي وأحمد محمد الحمد وحمد سيف الهرشاني، وفي الثالثة فاز عبد الكريم الكندري وأسامة المناور ومهند الساير وعبد العزيز الصقعبي ويوسف الفضالة وفارس العتيبي وهشام الصالح وسعدون حماد العتيبي ومهلهل خالد المضف وعمار العجمي.
فيما حل شعيب المويزري على رأس قائمة الدائرة الرابعة ومعه مساعد عبد الرحمن المطيرى وفايز غنام المطيري وثامر الظفيري وسعود سعد المطيري ومحمد عبيد الراجحي ومرزوق الخليفة وفرز الديحاني ومبارك الحجرف وسعد الخنفور، وأخيرًا أُعلن عن فوز كل من حمدان العازمي وبدر الداهوم ومبارك عبدالله العجمي والصيفي مبارك الصيفي وخالد محمد العتيبي وحمود العازمي وصالح ذياب المطيري ومحمد الحويلة وناصر الدوسري وماجد مساعد المطيري في الدائرة الخامسة.
المفاجأة الأكبر التي شهدتها الانتخابات الحالية فقدان المرأة لمقعدها الوحيد، الذي كان ممثلا في صفاء الهاشم، وعليه يصبح مجلس الأمة 2020 هو أول برلمان خال من الوجوه النسائية منذ أول انتخابات خاضتها المرأة في البلاد عام 2008
خمس مؤشرات
خرجت النتائج المعلنة بالعديد من المؤشرات أبرزها نسبة الوجوه الجديدة التي نجحت في الفوز بمقاعد برلمانية، إذ فاز 21 مرشحًا جديدًا، لم يسبق لهم الحصول على عضوية البرلمان من قبل، وهو الأمر الذي من المتوقع أن يكون له تأثير كبير على قائمة التحالفات والتكتلات النيابية داخل المجلس.
ومن المفاجأت التي شهدتها الانتخابات الحالية حصول القبليين على نصيب الأسد من المقاعد، إذ فاز 29 مرشحًا قبليًا بمقاعد من أصل 50 مقعد هم إجمالي كراسي البرلمان، لتعيد القبائل الكبرى ترسيخ مركزها السياسي في البلاد مرة أخرى بعدما أفقدها قانون الصوت الواحد الذي تم إقراره عام 2012 سيطرتها على مجلس الأمة خلال الدورتين الماضيتين.
ومن أبرز القبائل التي ظفرت بأكبر عدد من المقاعد قبيلة العوازم والتي حصلت على 7 مقاعد، تليها قبيلة مطير بـ 6 مقاعد ثم قبيلة العجمان بـ 4 مقاعد، وهي النتائج التي تعكس الكثير من الدلالات حول سيطرة القبلية على المشهد السياسي رغم مساعي الانخراط في المسار الديمقراطي.
وللمرة الثانية على التوالي يواصل التجمع الإسلامي السلفي اخفاقه في التمثيل داخل مجلس الأمة بخسارة مرشحيه، في حين حصل السلفيون المستقلون، الذين ينتمون للقبائل، على أربعة مقاعد في البرلمان، وفي المقابل نجحت الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) وهي الجناح السياسي للإخوان المسلمين في الفوز بـ3 مقاعد في البرلمان، لتحافظ على وجودها على الساحة السياسية.
خسارة الحكومة للجزء الأكبر من تكتلها البرلماني يضع العديد من التحديات أمامها لاسيما مع سيطرة الوجوه الشابة الجديدة على نسبة لا بأس بها من المقاعد
التمثيل الشيعي حافظ هو الأخر على حضوره داخل المجلس، ورغم تبدل الوجوه إلا أنه فاز ب، 6مقاعد، 3 منهم في الدائرة الأولى، ونائبان في الثانية ونائب عن الدائرة الثالثة، ومن مفاجأت هذا التيار أنه اختار نائب معارض، وهو حسن جوهر، رغم ميل الشيعة بصفة عامة لانتخاب المرشحين الداعمين للحكومة، ما يعني فقدان هذا التكتل لمسألة السيطرة الفوقية والتوجيه الممنهج، وهو تحول سيكون له انعكاساته على المشهد برمته.
المفاجأة الأكبر التي شهدتها الانتخابات الحالية فقدان المرأة لمقعدها الوحيد، الذي كان ممثلا في صفاء الهاشم، وعليه يصبح مجلس الأمة 2020 هو أول برلمان خال من الوجوه النسائية منذ أول انتخابات خاضتها المرأة في البلاد عام 2008، يأتي ذلك في الوقت الذي كانت تعول فيه المرأة على الدورة الحالية في حضور اكثر قوة، وتمثيل أوسع نطاقًا، إذ شاركت 33 سيدة في الماراثون لكن لم ينجح منهن أحد.
من السابق لأوانه استقراء انعكاسات تلك التغيرات الجذرية على المشهد خلال المرحلة المقبلة، غير أن رئيس تحرير صحيفة “السياسة” الكويتية، أحمد الجار الله، يرى أن الانتخابات أفرزت متغيرات مهمة في اختيار نواب مجلس 2020، مضيفًا في تغريدة له على حسابه على “تويتر” أن هذه التغييرات سيكون لها انعكاساتها على شكل الحكومة القادمة.
الجار الله تعليقًا على أداء مجلس الأمة وفق التشكيل الجديد يتوقع أن تغييرًا كبيرًا سيطال أداء المجلس وأن العديد من القوانين التي تم إبرامها مؤخرًا سيعاد النظر فيها مرة أخرى، مضيفًا : “متغيرات مهمة بنجاح هذه الكوكبة النيابية العالية الثقافة، ستحدث تغييرات على مستوى أداء الرئاسات الحكومية والنيابية”.
الانتخابات أفرزت عن متغيرات جد مهمه المتغيرات في إختيار نواب مجلس2020 وصلت إلي 70% وهذا سينعكس علي شكل الحكومه القادمه متغيرات مهمه بنجاح هذه الكوكبه النيابيه العاليه الثقافه ستحدث متغيرات
علي مستوي أداء الرئاسات الحكوميه والنيابيه أداء المجلس سيتغير قوانيين سيعاد النظر فيها
— أحمد الجارالله (@Ahmadaljaralah) December 6, 2020
وقد بعث أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وولي عهده الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ببرقيتي تهنئة للفائزين بعضوية مجلس الأمة، أملين أن يكونوا على قدر تحمل المسئولية لخدمة الوطن العزيز والإسهام في رقيه وتطوره ورفع رايته.
خسارة الحكومة للجزء الأكبر من تكتلها البرلماني يضع العديد من التحديات أمامها لاسيما مع سيطرة الوجوه الشابة الجديدة على نسبة لا بأس بها من المقاعد، هذا بخلاف ثبات المكونين، السلفي والشيعي، واستعادة المكون القبلي لسيطرته مرة أخرى، ما يضع البرلمان القادم أمام مسئوليات جسام في ظل المستجدات الإقليمية والدولية الراهنة، الأمر الذي يشير إلى أن الأداء العام داخل المجلس سيتغير بصورة كبيرة، وهو ما ستكشف عنه الأيام القادمة.