قبل بداية العام أعلنت الأمم المتحدة أن 2020 عام الصحة النباتية، لكن يبدو أن الطبيعة كان لها رأي آخر، فقد بدأ العام بحرائق الغابات في أستراليا أو ما أطلق عليه “الصيف الأسود” حيث تجاوزت الحد المعقول من الحرائق، فشملت ما يقرب من 46 مليون فدان وقتلت حوالي 34 شخص، وأكثر من 500 مليون حيوان بينهم حيوانات مهددة بالانقراض.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أعلنت الصين عن اكتشاف مرض جديد مُعدي يصيب الرئتين ويسبب الوفاة في بعض الحالات، هذا المرض من عائلة كورونا التاجية لكنه ليس واحدًا من أنواعها المكتشفة بالفعل، إنه مرض جديد وقبل أن ينتبه العالم ويتخذ إجراءاته لوقف المرض كانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنته جائحة في شهر مارس بعد أن انتشر في أنحاء العالم بشكل سريع.
قبل عام 2020 كان الناس ينتظرون هذا العام ذو الرقم المميز وبداية عقد جديد ويتحدثون عن أحلامهم وطموحاتهم، لكن الكوارث بدأت في تتالى شهرًا بعد آخرًا، وأصبح الأمر مثار تندر الناس على مواقع التواصل الاجتماعي.
“شر البلية ما يضحك”.. أصبح هذا المثل منهج الجميع في التعامل مع هذا العام، فمع بداية كل شهر يبدأ الناس في التساؤل بكل سخرية أي كارثة ستصيبنا هذا الشهر، ولم يخب ظنهم في ذلك فالكوارث لم تكن كافية لأشهر العام، لذا كان على كل شهر أن يتحمل أكثر من كارثة.
كان فيروس كورونا المستجد مرافقًا لنا في كوارث هذا العام، بل إنه تسبب في اضطرابات اجتماعية واقتصادية شديدة أدت إلى حدوث ركود اقتصادي كبير، وضعف السياحة العالمية، كما أعلنت الأمم المتحدة أنه لم يتم تحقيق أي من أهداف التنمية المستدامة هذا العام.
ويبدو أنه سيظل مرافقًا لنا عدة أعوام قادمة، فرغم الإعلان عن إنتاج أول لقاح لكوفيد-19 وشروع بريطانيا في استخدامه، إلا أن تجارب المرحلة الثالثة ما زالت مستمرة وستستمر مراقبة النتائج حتى يناير 2023، كما أن جميع الدول لن تتمكن من شرائه بكميات تناسب عدد سكانها خاصة الدول النامية.
شهر يناير.. طوارئ
في يوم 30 يناير تحديدًا أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ لتفشي فيروس كورونا بشكل عالمي، تعد حالة الطوارئ تلك هي السادسة التي تعلنها منظمة الصحة العالمية منذ عام 2009، ومن هنا بدأت اللعنة.
شهر فبراير.. عنف في الهند ضد المسلمين
في شهر فبراير وتحديدًا في ثلثه الأخير اندلعت أعمال العنف في دلهي بعد احتجاج المواطنين المسلمين على تعديل قانون المواطنة وتحول الأمر لما يشبه المجرزة ضد المسلمين، فقد قام الغوغاء الهندوس بمهاجمة المسلمين في الشوارع بشكل عنيف وممنهج وتدمير ممتلكاتهم وكان الشرطة الهندية في صف الهندوس لا تحرك ساكنًا بل ربما ساعدتهم في القتل، أدت هذه الوحشية إلى هرب الكثير من المسلمين من قراهم التي عاش فيها أجدادهم خوفًا من القتل.
لكن في نهاية الشهر يبدو أن السلام سيحل أخيرًا، فقد وقعت طالبان اتفاقية سلام مشروطة مع الولايات المتحدة في الدوحة بقطر وبموجبها ستنسحب أمريكا من أفغانستان خلال 14 شهرًا إذا التزمت طالبان بشروط الاتفاقية.
شهر مارس.. فيروس جائحة رسميًا
هذا السلام لم يدم طويلًا في العالم فقد انتشر الفيروس بشكل مفزع وفي 11 مارس أعلنت منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا جائحة، بعدها بيوم انهار سوق الأسهم العالمية وبدأ السقوط الاقتصادي الحر الذي أعقبه انهيار أسعار النفط.
انتهى الشهر باتجاه معظم دول العالم إلى الإغلاق الكلي أو الجزئي وفرض حظر التجول وإيقاف حركة الطيران منها وإليها، ولم يعد هناك حديث في العالم أجمع سوى عن فيروس كورونا.
شهر أبريل.. رمضان بلا تراويح
في شهر أبريل كانت الدراسة قد توفقت في معظم الدول أو أصبح التواصل عبر الإنترنت ومع قدوم شهر رمضان أعلنت غالبية الدول الإسلامة منع صلاة التراويح في المساجد في محاولة للسيطرة على فيروس كورونا، لكن هذه المحاولات جميعًا لم تمنع انتشار الفيروس فقد تجاوز عدد الوفيات 200 ألف حالة ووصل عدد الإصابات المؤكدة إلى 3 مليون إصابة.
يبدو أن الحظ سيبتسم ثانية فقد أعلن فريق من العلماء البريطانيين والكينيين في أول مايو عن اكتشاف ميكروب طفيلي يُسمى “ميكروسبورديا إم بي” والذي يمنع البعوض من نقل الملاريا مما يمهد للسيطرة عليها، بينما أعلن علماء الفلك عن اكشاف أول ثقب أسود يقع في نظام نجمي ويمكن رؤيته بالعين المجرد.
لكن في منتصف الشهر حذرت الأمم المتحدة من أزمة في الصحة النفسية نتيجة العزلة والخوف والقلق والانهيار الاقتصادي بسبب الجائحة، وفي بداية الثلث الأخير وبعد أن نشرت الصين الفيروس في أنحاء العالم، أعلنت ولأول مرة عن عدم وجود حالات جديدة مما كان مثالًا للتندر بين الكثيرين.
شهر مايو.. حياة السود مهمة
قد تعتقد أن هذا الشهر هو الأول في هذا العام دون حوادث، لكنه لم ينته على خير ففي نهايته اندلعت الاحتجاجات في أنحاء الولايات المتحدة تنديدًا بمقتل المواطن الأسود جورج فلويد بعد تعرضه للخنق على يد الشرطة الأمريكية مما أثار موجة عارمة من الاحتاجاجات ضد العنصرية.
شهر يونيو.. تسرب نفطي
في شهر يونيو ارتفعت أعداد الإصابات العالمية بفيروس كورونا بشكل متسارع فمن 7 مليون حالة مؤكدة في أول الشهر تجاوزنا 10 مليون حالة مؤكدة بنهاية الشهر، بينما أعلنت روسيا حالة الطوارئ أول الشهر بعد تسرب 20 ألف طن من النفط إلى نهر أمبارنايا في سيبيريا، هذه الحادثة تعد ثاني أكبر حادثة في التاريخ الروسي الحديث.
أعلنت ناسا في نهاية شهر يوليو عن وصول سفينتها بنجاح إلى المريخ في مهمة للبحث عن علامات قديمة للحياة وجمع عينات ثم العودة إلى الأرض.
شهر يوليو.. إلى المريخ
ما زالت أعداد إصابات كورونا في تزايد مستمر فقبل منتصف يوليو كانت قد وصلت إلى 12 مليون حالة مؤكدة، كما وصلت وفيات كورونا إلى أكثر من 600 ألف حالة وفاة، بينما أدت فيضانات نهر براهمابوترا إلى تشريد 4 ملايين شخص في نيبال والهند، لكن الفضاء يواصل انتصاراته فقد أعلنت ناسا في نهاية الشهر عن وصول سفينتها بنجاح إلى المريخ في مهمة للبحث عن علامات قديمة للحياة وجمع عينات ثم العودة إلى الأرض.
شهر أغسطس.. مأساة بيروت وعار التطبيع
بدأ شهر أغسطس بداية دامية، ففي الرابع منه وقع انفجار مروع في مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت أدى إلى مقتل أكثر من 220 شخص وإصابة الآلاف مع إلحاق أضرار جسمية بميناء بيروت والمنازل المحيطة مما أدى إلى تشريد 300 ألف شخص.
في منتصف الشهر أعلنت الإمارات العربية المتحدة تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في اتفاقية سلام أثارت غضب الجماهير العربية، وما زالت أعداد إصابات فيروس كورونا في تزايد فقد وصلت بنهاية الشهر إلى 25 مليون حالة مؤكدة.
شهر سبتمبر.. مليون إصابة بكورونا
سارت البحرين على خطى الإمارات، ففي الرابع من سبتمبر أعلنت تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، بينما توفي في نهاية الشهر أمير الكويت شيخ صباح الصباح ليخلفه ولي العهد الأمير نواف الأحمد الجابر الصباح، أما حالات وفيات كورونا الرسمية فقد تجاوزت المليون حالة.
شهر أكتوبر.. زلازل
يبدو أن ناسا هي الفائز الوحيد هذا العام فقد أعلنت في شهر أكتوبر عن هبوط المركبة الفضائية أوزيريس ريكس على كويكب بينو للحصول على عينات منه ومن المقرر عودتها إلى الأرض عام 2023، كما أكدت أيضًا على وجود الماء الجزيئي على الجانب المضاء بنور الشمس من القمر بالقرب من فوهة كلافيوس.
في الوقت نفسه يواصل العرب انبطاحهم بعد إعلان السودان بدء المفاوضات للتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي بمباركة أمريكية، وانتهى الشهر نهاية مأساوية حيث ضرب زلزال قوته 7 ريختر بحر إيجه متسببًا في أضرا جسيمة في اليونان وتركيا حيث تضررت مدينة أزمير التركية بشدة وانهارات عشرات المباني انهيارًا تامًا مع وصول عدد الوفيات لما لا يقل عن 81 شخص.
شهر نوفمبر.. أمل
يبدو أن شهر نوفمبر سيكون شهر الانتصارات فقد بدأ بخسارة ترامب في السياق الرئاسي الأمريكي وفوز بايدن، ثم أعلنت شركتا “Pfizer” و”BioNTech” عن نجاح تجارب اللقاح بمعدل عالية 95% دون نتائح سلبية، كما أثبت لقاح “AZD1222” لشركة “AstraZeneca” بالتعاون مع جامعة أوكسفورد عن فعاليته بنسبة 70%، بينما أعلنت شركة “Moderna” عن تحقيق لقاحها فعالية بنسبة 94%.
شهر ديسمبر
مع نهاية العام وفي شهر ديسمبر وصل عدد حالات إصابات كورونا إلى 65 مليون حالة مؤكدة بينما تجاوزت أعداد الوفيات مليون ونصف حسب تقارير منظمة الصحة الحالية، في وقت كانت بريطانيا أول دولة تعلن عن موافقتها على استخدام لقاح “BNT162b2” لشركة ” Pfizer“، وبدأت بالفعل في استخدامه.
صورة لأول سيدة في العالم تتلقى لقاح كورونا في بريطانيا
لنأمل أن يحمل لنا العام الجديد أخبارًا أفضل وكوارث أقل وأن يكون عامًا مليئًا بتحقيق الطموحات والآمال وما فيه الخير للبشرية جمعاء.