يخسرون في كل عملية انتخابية فينكشف وجههم الإنقلابي ولو قدروا لفعلوا لكنهم يستعيضون بالأماني وكل تمن أفاد عند العرب العدم، فقد كانت ليت عزاء جميلا لكل خائب يرجو ولا يصل، لكن جماعة (من جماعات صغيرة) في تونس تزعم ممارسة السياسة عاشت ولاتزال بأمنية يتيمة أن يستفيقوا على بلد ليس فيه “خوانجية”، هؤلاء الخوانجية الذين لا يموتون بالانقلابات، رغم أن التجربة كشفت لكل ذي رأي أن الصندوق الانتخابي يقلص حجمهم ويدربهم على العيش المشترك. عن الحداثيين الانقلابيين في تونس الجميلة سأكتب ساخرًا إن قدرت، فالسخرية فن أعدمه انقلابيون يزعمون الديمقراطية.
بنكي وبراين الأسمران
مضطر لاستعارة صورة فأري التجارب بنكي وبراين الأبيضين يغزوان المدينة كل ليلة لقلب معادلة طبيعية ليحولا الإنسان من مجرب على فئران المخابر إلى موضوع للتجربة. ويفشلان كل فجر فيعودان حيث كانا فأري تجارب أبيضين. فئران التجارب الحالمة بقلب الأوضاع في تونس يفعلان نفس الشيء كل يوم. الاختلاف يظهر في اللون فقط، فسمرة الشمس تفسد الاستعارة ولكن الإصرار واحد لا يلين.
يشاركون في الانتخابات بحماس ويخسرون ويناورون بدون حجم برلماني ويربحون ما يرخي لهم عدوهم من حبل فيتعلقون ثم يكتشفون أن المكاسب قليلة فالخصم يحكم اللعبة ويقود ولو من وراء حجاب. يا له من خصم شرير خسر مليون ناخب بين 2011 و2019 ولا يزال يقود العملية السياسية.
كل الحكومات التي تشكلت بعد الثورة لم تعبر عن حقيقة الصندوق. الأخسرون يحكمون ولا يكتفون بتنازلات عدوهم، لن أقول خصمهم هذه المرة فالعداء مستحكم ولن يرتدع. فئران التجربة يريدون كل شيء بالسلطة ومن السلطة رغم حقيقة الصندوق التي تفجعهم كل دورة.
درس يدفعنا إلى إعادة التفكير في عملية صناعة الزعامة في كواليس المخابرات سننتظر الزمن ليقدم الأدلة فنحن في حل من الخضوع للظاهر
خلال هذا العام السياسي رفضوا أن يقود الحزب الفائز الحكومة فقدم شخصية مستقلة فرفضت ثم ثانية تكشفت عن لص صغير سقط فأسقطهم معه ثم شخصية ثالثة لم تقدم لهم هدايا بل اعتمدت على العدو الأزلي لتشكل حكومتها فإذا هم خارج السلطة ولا يزنون في البرلمان.
فاجعة كبيرة لمن كان يريد أن يصير رئيس البلاد فإذا هو أقل من حزب حاكم ولو بوزارة واحدة، وضع انتحاري انتهى باستقالة ثم غليان داخلي أعلن عن نفسه بالدعوة إلى انقلاب على المسار الانتخابي برمته فالخصم يعود حتما إلى موقعه الأول لو أعيد فتح الصندوق. ديمقراطي يحارب صندوق الاقتراع يا له من فأر تجارب أسمر يدمن الخسارات، عن محمد عبو أتكلم، الذي أعدم كل حظوظه في العودة إلى المشهد السياسي وتقديم نفسه للحكم في 2024.
في الاثناء شهادة في الذكاء السياسي للمنصف المرزوقي الذي لم يوله أهمية ويقدمه للحكم عندما كان قريبا منه. الذي كسر حزب المرزوقي لأنه لم يقده انتهى بعد تأليف حزب أو حزيب بالأحرى انقلابيًا يحارب الصندوق. وإنه لدرس يدفعنا إلى إعادة التفكير في عملية صناعة الزعامة في كواليس المخابرات، سننتظر الزمن ليقدم الأدلة فنحن في حل من الخضوع للظاهر.
القذاذفة يعودون فرحين
لم يستمر التمويه طويلا فالقوميون أعداء الصندوق الانتخابي كشفوا سريعا عن وجههم الإنقلابي. فوز صغير لم يستثمر في اتجاه تجذير الانتماء الى الديمقراطية وكسر الصورة النمطية عن الفكر القومي وأنصاره على طول الخريطة العربية. لم نر حركة قومية وصلت للسلطة عبر الصندوق بل كان الأمر دوما على ظهر دبابة.
فوجئنا بهم في تونس يشكلون أحزابا ويشاركون وقلنا استثناء تونسي جميل، ولكن منذ البداية طالبوا بحكومة الرئيس وتجاوز الدستور ونجحوا ثم انخرطوا في حكومة وقلنا تجربة بناءة فإذا نصيرهم لص صغير وعادوا بحكومة الرئيس ثم لما انكشف فقرهم السياسي انخرطوا مع الفاشية في حركة ترذيل البرلمان والدعوة الى تجاوز الدستور. ليس لديهم دبابات حتى الآن ومن يدري قد يكون لهم فالأجندة الخفية مخفاة بعناية تحت الخطاب الديمقراطي وإنها لنكتة أن تكون ديمقراطيا في تونس وتناصر الشبيحة في الشام وعسكر الخيانة القومية في مصر.
على كل كانت خسارة حفتر في ليبيا ضربة قاسمة سرعت كشف العقل الإنقلابي الأصيل ونرجح أن ما نسمعه الآن حشرجة خاسر في انتخابات 2024. لذلك نتذكر بنكي وبراين وندافع عن المسار الانتخابي.
الصندوق لحماية الحرية
لسنا راضين عن نتائج الصندوق حتى الآن لكننا لن ننقلب عليه. وسنحميه ونحمي من يحميه، هذا موقف سياسي فردي يلتزم الديمقراطية ولو استفاد منه من لم يكتبه. فهناك متواكلون على النصوص يخجلون أو يعجزون أو يحبون أكل الثوم بأفواه غيرهم، وأعني بهم طيف واسع من الإسلاميين يبدون كالخرس في السوشيال ميديا كأنهم غير معنيين فعلا بالدفاع عن الديمقراطية. وأن خرسهم ليثير فينا كل الاحتقار. لذلك نود أن يعلموا أن دفاعنا عن الصندوق ليس حمية لهم بل هو حقنا في وضع علامتنا على طريقنا الخاص.
الانقلابيين يهددون حريتنا مثلهم مثل الفاشية العائدة بخطاب استئصالي ومثلهم الفاشية المتسربلة بالعمل النقابي تخرب الدولة على رأس الجميع لتخفي عجزها
نكتب دفاعا عن الحرية والديمقراطية ضد كل نفس انقلابي يختصر الطريق إلى السلطة بتوظيف وسائل إعدام الحرية كما نكتب ضد المتواكلين على كل نفس حر ليقطفوا جنى قوله في سلتهم الانتخابية. فالمتهاون في الدفاع عن الصندوق انقلابي وإن لم يصرح.
لم نجن الكثير من التنمية ولم يتحسن وضعنا المادي بعد الثورة بل إنه يتدهور بفعل الهياج الإنقلابي الفاشي في البرلمان وحوله. لكننا ننعم بحرية مطلقة في القول والفعل ونخشى على هذا المكسب الكبير خشيتنا على أولادنا. فقبل الحرية لم نكن شيئا مذكورا. لذلك فإننا وإن سخرنا من بنكي وبراين الفاشلين دوما نصر على القول إن معركة الحرية تجري الآن في تونس وقد حمى وطيسها.
إن الانقلابيين يهددون حريتنا مثلهم مثل الفاشية العائدة بخطاب استئصالي ومثلهم الفاشية المتسربلة بالعمل النقابي تخرب الدولة على رأس الجميع لتخفي عجزها عن الحكم بالصندوق.
لسنا نخشى على قوتنا بل على حريتنا، ونحن نرى أعداء الحرية من الديمقراطيين المزيفين يتهددونها جهرة بالدعوة إلى تحريك الآلة العسكرية والأمنية ضد أعدائهم ولا نشك لحظة أنهم يحسبوننا في الأعداء فنحن لم نعرب لهم عن أي ولاء بل إنهم ليعرفون جيدا مقدار الاحتقار الذي نحمله في نفوس حرة وهم عندنا أقل قيمة من فأري التجارب بنكي وبراين اللذين أضحكانا ذات طفولة لم تكن عرفت زيف الخطاب الديمقراطي وزيف منتحليه.