عرفت تونس خلال السنة الحالية أحداثًا كبرى، بدأت بإسقاط حكومة الحبيب الجملي واختيار إلياس الفخفاخ مكانه رغم فشله في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، واستقالة هذا الأخير، إلى جانب وباء كورونا والتجاء الحكومة لأول مرة في تاريخ البلاد إلى البنك المركزي لتمويل الميزانية. في هذا التقرير لنون بوست نرجع إلى أهم الأحداث التي عرفتها تونس خلال هذا العام.
إسقاط حكومة الجملي
بداية سنة 2020، كانت ساخنة سياسيًا في تونس، حيث تم إسقاط حكومة الحبيب الجملي المقترحة (حكومة مستقلين) في البرلمان بعد فشله في إقناع أغلبية النواب بحكومته. نتيجة ذلك تحوّلت المبادرة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي اختار بدوره رئيسًا جديدًا للحكومة وهو إلياس الفخفاخ.
أول زيارة خارجية لسعيد
أول زيارة رسمية خارجية للرئيس التونسي قيس سعيد كانت للجزائر، تنفيذ لتعهد التزم به أثناء أدائه اليمين الدستورية بعد انتخابه رئيسًا جديدًا لتونس. هذه الزيارة كانت في الثاني من شهر فبراير/ شباط 2020، خلالها أجرى مباحثات مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تتناول خصوصًا الوضع في ليبيا، وقضايا اقتصادية واستثمارية مشتركة بين البلدين الجارين.
حكومة الفخفاخ تنال الثقة
في 27 فبراير/ شباط 2020، منح البرلمان التونسي الثقة لحكومة إلياس الفخفاخ بأغلبية 129 صوتًا، وقال الفخفاخ في بيانه الحكومي إن المضي في الإصلاحات، وتحسين الأوضاع المعيشية، وتحقيق الانتعاش الاقتصادي، ومكافحة الفساد ستكون على رأس أولويات فريقه الحكومي.
ضمّ الائتلاف الحكومي أربعة أحزاب وهي حركة النهضة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس إضافة إلى كتلة الإصلاح. عقب تشكيل هذه الحكومة، أصبح الفخفاخ ثامن رئيس للوزراء في تونس منذ ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
أمير قطر في تونس
في نفس الشهر، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يزور تونس، خلال الزيارة أعرب الأمير القطري عن استعداد بلاده للمساهمة في إنجاز مشاريع تنموية في تونس، وتتصدر قطر صدارة الدول العربية المستثمرة في تونس، حيث تمثل استثماراتها نحو 43% من مجموع الاستثمارات الخارجية في البلاد، بحسب أرقام رسمية صادرة عن وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، بما يفوق 580 مليون دينار (حوالي 215 مليون دولار).
كورونا تصل تونس
في 2 من مارس/آذار، تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا في تونس، لمواطن تونسي عائد من إيطاليا، عقب ذلك أقرت تونس جملة من القرارات منها غلق المجال البري والبحري، فضلًا عن إقرار حجر صحي عام في كامل التراب التونسي مع تأمين الدولة للمرافق الحيوية من أمن وصحة وغذاء والإبقاء على المحلات التجارية مفتوحة.
بداية التوتر بين الرئاسات الثلاثة
في إبريل/ نيسان الماضي، بدأ التوتر بين الرئاسات الثلاثة يظهر إلى العيان بعد أن كان سريا فالرئيس سعيد جاء إلى جانب رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ لضرب البرلمان، الأمر الذي رفضته عديد الأحزاب على رأسها النهضة التي رفضت أي انقلاب على أصوات الناخبين داخل البرلمان.
دعوات لإسقاط البرلمان
بداية شهر مايو/ أيّار، انطلقت دعوات حلّ البرلمان التونسي، البداية كانت من طرف مجهولين دعوا إلى “ثورة الجياع” في تونس، بهدف حل الأحزاب الحاكمة والبرلمان والمطالبة بمحاسبتهم، وتعليق العمل بالدستور، ثم اعتصام 1 يونيو/ حزيران الذي قاده المحامي المعزول عماد بن حليمة قبالة البرلمان التونسي، يليه “حراك الإخشيدي 14 يونيو 2020 “، وآخرها حراك “ائتلاف الجمهورية الثالثة”.
جميعها طالبت بحلّ بحل مجلس نواب الشعب والذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة وتشكيل حكومة لتصريف الأعمال، فضلًا عن إجراء استفتاء على النظام السياسي والتوجه نحو نظام رئاسي ديمقراطي وتنقيح قانون الأحزاب، لكنها لم تجد صدى عند التونسيين ما عجّل بفشلها.
فشل التجمعيين والقوميين في إدانة تركيا
فشل نواب حركة الشعب في البرلمان التونسي، إلى جانب نواب الحزب الدستوري الحر -سليل التجمع المنحل، يونيو/حزيران في إدانة ما اعتبروه تدخلًا تركيًا في ليبيا، حيث سقطت اللائحة التي قدمتها كتلة الحزب الدستوري الحر لرفض ما وصفته بـ “التدخل التركي في ليبيا” ومساءلة رئيس البرلمان راشد الغنوشي على ضوء مواقفه المساندة للشرعية الدولية هناك، واتصاله برئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج بعد استعادة قاعدة الوطية من قوات حفتر.
السيطرة على كورونا
تونس تعلن في بداية يونيو/ حزيران السيطرة على فيروس كورونا في وقت ما زالت فيه كبرى الدول المتقدمة تعاني من هذا الوباء الذي فتك بمئات الآلاف عبر مختلف الدول، نتيجة ذلك فتحت حدودها أمام الرحلات الدولية وألغت كلّ الإجراءات الاحترازية.
أول زيارة رسمية إلى دولة أوروبية
في الـ 22 من يونيو/ حزيران، وصل قيس سعيد إلى باريس في أول زيارة رسمية إلى دولة أوروبية، وتم خلالها التأكيد على مكانة فرنسا كشريك استراتيجي أساسي تربطه بتونس علاقات قوية ومتينة اقتصادية وسياسية وغيرها.
استقالة الفخفاخ
في يوليو قدم رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ استقالته بعد خمسة أشهر على توليه المنصب، وجاءت الاستقالة إثر إعلان حركة النهضة أنها قررت سحب الثقة من الفخفاخ على خلفية اتهامات في ملف تضارب مصالح، ما زاد من احتدام الصراع السياسي بين الطرفين وفتح الباب أمام مشهد سياسي جديد في البلاد.
تجديد الثقة في الغنوشي رئيسًا للبرلمان
جدد البرلمان التونسي الثقة في زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، نهاية شهر يوليو/ تمُّوز رئيسا للمجلس، بعد فشل بعض الكتل النيابية في سحب الثقة منه، ما اعتبره البعض انتصارا للديمقراطية التونسية ضد القوى المناهضة لها في الداخل والخارج، ويترأس الغنوشي البرلمان التونسي منذ ديسمبر/كانون الأول 2019، وكان قد ترشح للمرة الأولى لانتخابات تشريعية في تشرين الأول/أكتوبر 2019.
حكومة جديدة
بداية سبتمبر/ أيلول، صادق البرلمان التونسي، على منح الثقة لحكومة هشام المشيشي، التي تتكون من كفاءات مستقلة وتغيب عنها الوجوه السياسية، حكومة جديدة جاءت في وضع اجتماعي متأزم وواقع اقتصادي شديد الخطورة، فضلًا عن أزمة سياسية هي الأعمق منذ انتخابات أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
صراع متواصل
بالتوازي مع مصادقة البرلمان على الحكومة في سبتمبر/أيلول، توترت العلاقات بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة رغم أن الرئيس قيس سعيد هو من اقترح هشام المشيشي لتولي رئاسة الحكومة خلفًا لإلياس فخفاخ الذي استقال نتيجة اتهامه بقضايا فساد. هذه الأزمة ازدادت حدّتها في ظل إصرار سعيد على تجاوز صلاحياته والمسك بكل السلطات حتى التي لا يخولها له الدستور.
الحكومة تلجأ للبنك المركزي، لكن..
أمام الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد التونسية والتراجع الحاد في اقتصاد البلاد، قرّرت حكومة هشام المشيشي نهاية أكتوبر/ تشرين الثاني اللجوء للبنك المركزي لشراء سندات تموّل بها الميزانية وذلك للمرة الأولى في تاريخ البلاد، عوض فرض ضرائب جديدة أو خفض الإنفاق، وهو ما رفضه البنك المركزي.
رفض إيقاف نشاط الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
محكمة تونسية ترفض، في نوفمبر/ تشرين الثاني، دعوى استعجاليه، تقدم بها الحزب الدستوري الحر ورئيسته عبير موسي، ضد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فرع تونس، لإيقاف نشاطه داخل البلاد.
أثناء كلّ ذلك، لم تعرف تونس خلال هذه السنة الهدوء، فالاحتجاجات والاعتصامات والإضرابات متواصلة، في مناطق عدّة من البلاد، حيث يطالب الأهالي بالتنمية والتشغيل وتوفير مقومات العيش الكريم.