أشارت وسائل الإعلام العالمية إلى تراجع حدة الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في هونغ كونغ اليوم الأربعاء بعد أن وافق النشطاء الذين يقودون الحراك على إجراء محادثات مع الحكومة للبحث عن حل للأزمة التي تفجرت بعد إصدار النظام الصيني لقانون ينظم الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في هونغ كونغ خلال سنة 2017؛ مما يجعل كل المترشحين لهذه الانتخابات في حاجة لـ “تزكية من النظام الصيني” في بكين.
وأشارت حكومة هونغ كونغ إلى أن المحادثات المقررة يوم الجمعة ستركز على “أساس التطوير السياسي” المتمثل في انتخاب رئيس هونغ كونغ، دون أن تشير إلى الحلول التي سيقدمها الرئيس الحالي لنظام هونغ كونغ “ليونج تشون ينج” الموالي لنظام بكين، حتى يرضي المحتجين ويقنعهم بالتنازل عن مطالبهم المتمثلة في الحصول على استقلالية أكبر عن نظام بكين وفي تمكين سكان هونغ كونغ من اختيار رئيسهم دون وصاية من النظام الصيني في بكين.
ويحكم زعماء الحزب الشيوعي الصيني هونغ كونغ بمبدأ “دولة واحدة ونظامان” الذي تم إقراره سنة 1997 عند خروج الاحتلال البريطاني من هونغ كونغ والذي ينص على كون “هونغ كونغ تبقى تابعة لجمهورية الصين الشعبية ولكنها تتمتع بنظام حكم مستقل عن النظام المركزي في بكين”، وستمثل انتخابات 2017 نقطة فارقة في تاريخ هونغ كونغ، فمن خلالها قد يترسخ مبدأ استقلالية نظام هونغ كونغ أو ربما تترسخ وصاية نظام بكين على سكان هونغ كونغ.
البعد الاقتصادي:
وفي عددها الصادر أمس الثلاثاء، قالت صحيفة “الفاينانشيال تايمز” البريطانية إن الأوضاع الاقتصادية المتردية وما لها من انعكاسات سلبية على المواطنين في المدينة لعبت دورًا أساسيًا في تأجيج الاحتجاجات، حيث أشار مراسلها “جوش نوبل” إلى أن أسعار العقارات شهدت في السنوات الأخيرة ارتفاعًا حادًا مما جعل الخبراء الاقتصاديين يحذرون منذ فترة من أن المدينة تقف على أعتاب زلزال اجتماعي سيتفجر بسبب اعتماد السكان بشكل كبير على قروض التجزئة التي تتزايد فوائدها يوما بعد يوم.
وأشارت الصحيفة إلى أن مصارف “جولدمان ساكس” Goldman Sachs، و”نومورا” Nomura و”إتش إس بي سي” HSBC ومؤسسات أخرى أوصت بخفض تواجدها في هونغ كونغ قبل فترة طويلة من بدء الاحتجاجات، حيث قال أحد كبار المسئولين في بنك جولدمان ساكس: “تعزى نظرتنا المشوبة بالحذر إلى الرياح المعاكسة المزدوجة التي تواجه اقتصاد هونغ كونغ، وتحديدًا تطبيع السياسة النقدية الأمريكية التي نتوقعها خلالها الأعوام القليلة المقبلة، وكذا تواضع النمو الاقتصادي للصين”.
في حين قال مايكل كورتز، كبير الخبراء الاستراتيجيين للأسهم الأسيوية في بنك نومورا: “هونغ كونغ حساسة بالسلب لأسعار الفائدة الأمريكية عبر قطاعها العقاري الضخم وتعرضها للقطاع المصرفي”، مضيفًا: “أي تعافي في السوق -بعد الاحتجاجات – ينبغي أن يُستغل كفرصة لخفض التعرض تجاه القطاع المصرفي”.
ويذكر أن هونغ كونغ استقبلت تدفقات نقدية تُقدر بمئات المليارات من الدولارات في السنوات التي تلت الأزمة المالية العالمية؛ مما أدى إلى رفع احتياطي النقد الأجنبي ليسجل رقمًا قياسيًا بلغ 311 مليار دولار في أغسطس الماضي”، ويرى المحللون أن ربط هونغ كونغ لعملتها المحلية بالدولار الأمريكي يجعلها تتأثر بشكل مباشر بالتقلبات والهزات التي يشهدها سوق أسعار الصرف في الولايات المتحدة الأمريكية.