العنصرية داخل مجتمع المهاجرين في الغرب.. إلى أي مدى يمكن أن تصل؟

integration_germanx

تعد الهجرة في أيامنا الحاليّة من أكثر المواضيع أهميةً وحساسيةً، ليس فقط في بلداننا العربية، بل في جميع أنحاء العالم، فالهجرة وإن اختلفت دوافعها إلا أنها موجودة في ثقافة جميع شعوب الأرض، وحتى إن كانت أوروبا والدول الغربية مقصد الحصة الأكبر من المهاجرين في العالم، إلا أن الأوروبيين أنفسهم يهاجرون إلى دول أخرى وبأعداد كبيرة، فعلى سبيل المثال هاجر ما يقارب ٩ مليون شخص من الاتحاد الأوروبي إلى دول أخرى خلال عام 2018.

إذًا الهجرة هي حركة بشرية واسعة النطاق ومستمرة بشكل دائم، لذلك خصصت الدول العظمى الموارد المالية والبشرية لفهم وتنظيم هذه الحركة الحيوية والاستفادة منها، إلا أن هناك شريحة كبيرة من البشر لم تعتد بعد على مفهوم الهجرة ولا تشعر بالارتياح لوجود الغرباء أو التعامل معهم، ولا تحبذ فكرة الاحتكاك بشعوب وثقافات أخرى، لذلك يعارضون الهجرة ويكرهون المهاجرين إلى بلادهم أو كل المختلفين عنهم عرقيًا أو دينيًا أو فكريًا وما نتحدث عنها هنا هي العنصرية بشكلها التقليدي والمعروف.

لكن ماذا عن كراهية المهاجرين – أنفسهم – لغيرهم من المهاجرين ممن هم من نفس عرقهم وثقافتهم؟ ما الأسباب التي من الممكن أن تدفعهم للإعراض عن أبناء وطنهم الأم أو ممن يجمعهم معهم لغة أم واحدة تسّهل عليهم التواصل والتقارب؟ عدا عن تشابههم بتجربة الهجرة وما تحمله من تحديات وعقبات.

القديم ضد الجديد

تستقبل دول الاتحاد الأوروبي مئات آلاف المهاجرين واللاجئين سنويًا، وكذلك الحال بالنسبة إلى أستراليا وكندا ونيوزيلندا وأمريكا، مع اختلاف إجمالي عدد المقبولين للهجرة في كل بلد سنويًا، لذلك يتمايز المهاجرون في بلدان الاغتراب من حيث الأقدمية، فالأقدم أكثر خبرةً واستقرارًا من الجديد، وأفصح لغةً، وهذا ما يدفع الكثير من المهاجرين القدماء إلى المبادرة لمساعدة القادمين الجدد، ومحاولة توفير عناء ما عانوه هم في السابق من خلال تقديم النصيحة والتوجيه، لكن من جهة أخرى، يستخدم بعض المهاجرين هذه الأقدمية وسيلةً لممارسة الفوقية والإحساس بالتفوق على غيرهم فقط لكونهم سبقوهم إلى البلد المُضيف.

نور حسن سورية مقيمة في ألمانيا منذ ما يقارب الأربع سنوات، تشرح تجربتها الاجتماعية في ألمانيا منذ الوصول بحديث لها مع “نون بوست” فتقول: “نادرًا ما لاحظت وجود صداقات بين السوريين القادمين حديثًا والمهاجرين القدماء منهم، إلا بحالة وجود معرفة سابقة أو صلة قرابة، أما غير ذلك فالقدماء يتحاشون الجدد والاختلاط معهم، إلى درجة قد تصل أحيانًا إلى اصطناع عدم القدرة على تحدث اللغة العربية، ومنهم من يسمنا جمعيًا – القادمين الجدد – بالكسل والجهل وحتى عدم النظافة”.

صورة

نور (منتصف الصورة) في صورة جماعية مع زملائها في آخر يوم لدورة الاندماج

هالة محمود، سورية أيضًا ومقيمة في فرنسا منذ عامين، لا تعارض نور فيما قالت، بل أكدته في حديثها لنا:

“ما لاحظته منذ قدومي إلى فرنسا أن مجتمع السوريين هنا ينقسم إلى عدة فئات: فالقدماء والحاصلون على الجنسية الفرنسية معظمهم يتحاشى الاحتكاك مع كل من قدم واستقر هنا مؤخرًا، وأشعر أن ما يروه بنا هو الصورة المخجلة عن بلادهم التي هربوا منها، والبعض منهم يخالط القادمين الجدد أحيانًا فقط في سبيل تقديم المساعدة أو الدعم، لكن لا يتقبل فكرة تكوين صداقات معهم ويراهم بمستوى أدنى منه، ويمكن رؤية هذا النوع من الانقسام بوضوح عند تنظيم الجالية السورية للفعاليات، فمن النادر رؤية السوريين-الفرنسيين إلا بحالة علمهم بوجود فرنسيين من أصول أوروبية في الفعالية”.

أما لمى الشامي، سورية مقيمة في كندا منذ نحو الأربع سنوات، لها رأي آخر عبرت عنه في مقابلتنا معها:

“من خلال تعاملي مع أشخاص من خلفيات متنوعة من الجالية السورية هنا، أستطيع القول إنني لم ألحظ وجود فوقية من القدماء على غيرهم، مع أنني من خلال عملي مع منظمة تُعنى بمساعدة اللاجئين، كنت على تواصل مكثّف مع مختلف شرائح المجتمع، وأذكر أنني تلقيت الكثير من الاتصالات من السوريين-الكنديين الراغبين بمساعدة اللاجئين السوريين في كندا بأي طريقة، لكن لاحظت أيضًا أن الدافع لديهم للمساعدة هو اعتبارهم أن هؤلاء اللاجئين بحاجة للمساعدة والدعم، وليس الهدف تكوين العلاقات أو تقديم أي شكل من أشكال الدعم الاجتماعي”.

غالبًا ما يحدث أن المحتاجين فعلًا يرفضون الاستفادة من هذه الخدمات خوفًا من نظرة مجتمعهم

يواجه اللاجئون عمومًا من جميع الجنسيات الكثير من الصور النمطية والرفض خصوصًا خلال سنواتهم الأولى في البلد المستقبل لهم، سواء كان من السكان الأصليين للدولة أم الأعراق والثقافات الأخرى، وفي حالة اللاجئين المسلمين فإن الاتهامات الموجهة ضدهم تكون في غالبها أنهم إرهابيون أو غير مؤهلين للاندماج.

ولحسن الحظ أن شريحة محدودة فقط من الناس تحمل هذه العقلية، لكن بالمقابل من المؤسف أن يضطر اللاجئ لمواجهة جميع هذه الادعاءات بالإضافة إلى ما يتم وسمه به من جاليته العربية نفسها، وذكرت نور حسن في حديثها معنا بعض هذه الوسوم، مثل الكسل وعدم السعي لكسب الرزق، وكيف تسببت هذه الصور النمطية بإحداث ضرر عميق في المجتمع السوري مثلًا في ألمانيا، حيث يتاح في معظم البلدات والمدن مراكز لتوزيع مواد غذائية مجانية وثياب مستعملة لمن هم في حاجة لها، وغالبًا ما يحدث أن المحتاجين فعلًا يرفضون الاستفادة من هذه الخدمات خوفًا من نظرة مجتمعهم.

وتتابع نور شرحها للموضوع من وجهة نظرها، وتستعرض الحجج التي يستخدمها البعض ضد اللاجئين قائلة:

“بعض المهاجرين القدماء لديهم نظرة حسد للقادمين الجدد، لأننا وفقًا لرأيهم نعمنا بمزايا لم يحصلوا هم عليها عندما قدموا، مثل التعليم المجاني للغة والدعم الاجتماعي والرواتب الحكومية وما إلى ذلك، وأننا كلاجئين سوريين لا نستحق كل هذه الفرص التي قُدّمت لنا على طبق من ذهب، لكن ما لا يأخذونه بعين الاعتبار أننا كسوريين وصلنا إلى أوروبا بظروف مختلفة كليًا عن الظروف التي جاؤوا هم فيها، لذلك تطلب الأمر معاملة خاصة لنا كوننا قادمين من أجواء حرب وظروف غير عادية”.

والمثير للاهتمام وفقًا لنور، هو الاستمرار بنفس طريقة التعامل مع موجة اللاجئين التي وصلت إلى أوروبا مؤخرًا مهما مر من الوقت على وجودهم في ألمانيا، فهم في عرف البعض ما زالوا في عداد اللاجئين الجدد.

يزن بشير، مهندس فلسطيني-ألماني مقيم في ألمانيا منذ أكثر من 16 سنة، أخبرنا في مقابلة معه عن تجربته الخاصة خلال الفترة التي شهدت ذروة وصول اللاجئين السوريين إلى ألمانيا:

“من دون شك يمكن ملاحظة تجنّب بعض السوريين لأبناء جلدتهم بوضوح، ومع أنني فلسطيني إلا أنني أذكر عند بداية قدوم السوريين إلى ألمانيا وذهابي للتطوع في مراكز الإيواء المؤقتة، حينها تعرضت كثيرًا للوم من أصدقائي السوريين، بداعي أن هؤلاء اللاجئين هم حثالة المجتمع السوري وجهلة وأمييّن”.

ويحاول يزن تفسير هذه الصورة النمطية المأخوذة عن هذه الدفعات من اللاجئين:

“الموجة الأولى والأكبر من اللاجئين كانت بين عامي 2014 و2015، لذلك ظهر فيها الكثير من غير المتعلمين أو أصحاب المشاكل، وبسبب هذه الفئة نمت شعبية الحزب اليميني المتطرف AFD، من خلال تسليطهم الضوء على أخطاء اللاجئين وتتبع زلاتهم”.

الآراء السياسية يمكن أن تلعب دورها بالتفريق في بعض الأحيان

لكن في المقابل، ما ردة فعل القادمين الجدد على كل ما سبق؟ وما طريقة تفاعلهم مع من حولهم، بالنسبة ليزن حاول نقل إحدى النواحي لنا:

“هنالك مجموعة من العرب القدماء في ألمانيا تصرفت بطريقة استغلالية جدًا مع القادمين الجدد، من خلال عمليات النصب والاحتيال بحجة تأمين سكن أو عمل “بالأسود”، فانتشرت هذه الصورة بأوساط اللاجئين، فعمّم البعض على كل من هو قديم أنه محتال أو استغلالي”.

أما القدماء من جهتهم لديهم رواية أخرى عن موضوع النصب والاحتيال، تقول لمى الشامي:

“بعض المهاجرين القدماء في كندا يرون أن القادمين الجدد قاموا باستغلال المساعدات التي قدمتها الدولة لهم، بالإضافة إلى التهرب من دفع الضرائب من خلال العمل في السوق السوداء، مما خلق نوعًا من الضغينة لديهم، واعتبروا أن هؤلاء اللاجئين حصلوا على الكثير من الدعم والمساعدة التي لم يحصلوا هم عليها عندما قدموا إلى كندا، ومع ذلك استغلوا هذا الدعم بشكل سلبي”.

هالة محمود تعتقد أن الآراء السياسية يمكن أن تلعب دورها بالتفريق في بعض الأحيان، أما نور تحاول أن تعطي تفسيرًا آخر لهذا التجافي بين أبناء العرق والدين والثقافة واللغة الواحدة في بلاد الغربة:

“لربما سبب عدم تكوين صداقات بين هاتين الفئتين يرجع أيضًا إلى عدم وجود مكان التقاء في بعض الحالات، ونمط الحياة المختلف بين المستقر في البلد منذ وقت طويل والقادم الجديد”، لكن تعود نور لتذكّر بالمدى الخطير الذي يمكن أن تصل له العنصرية ضد اللاجئين من مجتمعهم:

“أحيانًا يصل هذا التمييز إلى درجات خطيرة وغير إنسانية، فعلى سبيل المثال الأطباء العرب القدماء هنا بمن فيهم السوريين، يلجأ لهم السوريون القادمون حديثًا لسهولة التواصل معهم بلغتهم الأم، لكن بعض هؤلاء الأطباء يعامل اللاجئين باستحقار واضح، أذكر في إحدى المرات عندما أخبرت الطبيب أنني سورية من الحسكة وقادمة جديدة إلى ألمانيا، رمقني بنظرة مليئة بالازدراء، ما تسبب لي بشعور غير مريح، ومثل هذه التصرفات تدفع بعض اللاجئين إلى التوقف عن الذهاب إلى الأطباء حتى لو كانوا بحاجة لهم، فهم بين خيارين، إما صعوبات التواصل وإما المعاملة السيئة”.

صورة

 

الجديد ضد الجديد

تطرح تجربة نور مع الطبيب السؤال التالي: هل عاملها بطريقة سيئة كونها من الحسكة أم لأنها لاجئة؟ لا يخفى على أحد انتشار مرض المناطقية في البلدان العربية وغيرها من دول العالم، لكن ما يجهله البعض أن المهاجرين يحملون معهم هذه العقلية إلى بلاد الاغتراب، ولا يتخلى عنها البعض مهما طالت مدة إقامتهم في الخارج.

وتعلق لمى الشامي على هذه النقطة وتفسر لنا كيف تُمارس المناطقية في بلدان الهجرة:

“هنالك نظرة عامة لدى الجالية السورية تعتبر أن اللاجئين وخصوصًا القادمين عن طريق الأمم المتحدة هم سكان المخيمات والبسطاء من أهل الريف، ومرد هذه النظرة السلبية برأيي هو وجود مرض العنصرية في مجتمعنا السوري حتى من قبل الحرب، وافتقارنا إلى التربية المنفتحة بسبب أكثر من 50 عامًا من الانغلاق الكامل على أنفسنا، وجميعنا نعرف العنصرية الموجودة في المجتمع السوري بين أهل الريف والمدينة، وغيرها من الفوارق الاجتماعية والطبقية التي اختلقناها بأنفسنا، فأهل المدن ينظرون بشكل دوني لأبناء الريف، وأبناء الريف يعتبرون جميع أبناء المدن يعانون مرض الغرور، حتى إن لم يكونوا فعلًا كذلك”.

لمى الشامي

لمى الشامي في كندا

وبالإضافة للمناطقية، ابتدعت الجالية العربية في المغترب نوعًا جديدًا من التمييز، وهو التفريق بين القادمين عن طريق منظمة الأمم المتحدة والقادمين عن طريق السفارات أو الكفالات الخاصة أو غيرها من الطرق.

هالة محمود في فرنسا تولّت شرح هذه النقطة لنا، فقالت:

“هنالك انقسام واضح جدًا بين القادمين عن طريق الأمم المتحدة أي الحاصلين على لجوء إنساني، والناشطين والحقوقيين الحاصلين على لجوء سياسي، حيث يعتبر معظمهم النشطاء أن القادمين عن طريق منظمة الأمم المتحدة أميون وبسطاء وليسوا بمستوى نضجهم الثقافي والسياسي. والنقطة الأهم الواجب ذكرها هنا، أن قسمًا كبيرًا من هؤلاء الناشطين كثيرًا ما نراهم يبكون فئة البسطاء وأهالي المخيمات على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه الفئة تشكل قسمًا كبيرًا من اللاجئين القادمين عن طريق الأمم المتحدة، لكن في الواقع لا يخالطونهم ولا يعاملونهم بود، ولا يقدمون لهم أبسط أنواع الدعم وهو الدعم الاجتماعي بشكل عام”.

وتتابع هالة في شرحها لهذه النقطة، وتتطرق إلى طبيعة قوانين اللجوء الموجودة في فرنسا، التي ساهمت بدورها في تعزيز هذا الانقسام:

“سياسة الحكومة الفرنسية ساعدت بترسيخ هذا الانقسام، حيث يُمنح الحاصل على لجوء سياسي إقامة دائمة لمدة عشر سنوات، بينما يحصل أصحاب اللجوء الإنساني على ما يُعرف بالحماية المؤقتة أو إعادة التوطين، وهي إقامة مؤقتة لمدة أربع سنوات، وهذا أحد الأسباب بتكوين نظرة دونية عنهم، نظرًا لإمكانية عودتهم لبلادهم عند انتهاء الظروف الحاليّة القائمة على عكس الناشطين الذين ضمنوا استقرارهم هنا بشكل أكبر”.

ولا تقف العنصرية بين أبناء الجالية العربية أو الإسلامية عند هذا الحد، بل هناك أيضًا العنصرية بين الجنسيات، والصور النمطية التي يصورها أبناء كل بلد إسلامي عن الآخر، وعدم تجانسهم تحت أي من الرايات، وتعلّق نور حسن على هذه النقطة بالقول: “بعض السوريين والعرب يفضلون السكن بأحياء خالية تمامًا من “الأجانب”، ويقصدون بذلك أن تكون خالية من جميع الأعراق ما عدا الألمان”.

صورة

نور وزوجها في زيارة لباريس

الجديد ضد نفسه

في حين توجد شريحة في المجتمع الأجنبي ضد اللاجئين لأسباب تتعلق بكراهية الغرباء أو الخوف من فقدان الوظائف، فالمجتمع العربي أيضًا يحوي شريحة مماثلة تكره التعامل مع اللاجئين لأسباب تتعلق في معظمها بالبريستيج وفقًا لما قالوه ضيوفنا في هذا التقرير، ولا يتمتع اللاجئ – خصوصًا سكان الخيم – بشعبية واسعة في المجتمع العربي، ورغم تسابق الناس بالشفقة عليهم كلاميًا، فإن قسمًا كبيرًا منهم يحمل نظرة سلبية اتجاههم، ولهذا الأمر أسباب وتعقيدات كثيرة لكن لعل السبب الأكثر وضوحًا هو موضوع المناطقية مجددًا.

لكن عند اللجوء إلى البلدان الغربية، يقع الجميع تحت مسمى “مهاجر” في نظر سكان البلد، إلا أن الجاليات العربية قسم منها يُصر على تقسيم أنفسهم بين مهاجر ولاجئ، ولا يحظى أولئك الذين يقعون تحت مسمى لاجئ بـ”البريستيج الاجتماعي” نفسه الذي يحظى به المهاجر، طبعًا هذا وفقًا لبعض أبناء الجاليات العربية وليس جميعها، ومن هنا يمكننا فهم تهرب بعض اللاجئين من تسمية لاجئ.

يوجد مصطلح في علم الاجتماع هو Internalized Racism، يُطلق على ظاهرة قبول الفئات العرقية المهمشة للمعتقدات المجتمعية السلبية والصور النمطية عن أنفسهم، ويمكن اعتبار هذا التعريف من التفسيرات لظاهرة رفض بعض اللاجئين تسمية أنفسهم باللاجئين، ومحاولة الهرب من هذه التسمية قدر الإمكان.

وفي حديثنا مع يزن بشير عن موضوع اللاجئين في ألمانيا، تحدث عن إحدى فئات المجتمع التي ربما تعاني هذا الاضطراب:

“هنالك فئة من القادمين الجدد وهي فئة الطلاب الذين جاؤوا بهدف الدراسة، لكن لديهم حرصًا مبالغًا به على تسمية أنفسهم طلاب وليس لاجئين رغم نيتهم تقديم طلب لجوء عند انتهائهم من الدراسة”.

يزن بشير

يزن بشير

لمى من جهتها تتحدث عن طريقة أخرى يظهر فيها هذا الاضطراب: “بعض اللاجئين يشعرون بالعار من كلمة لاجئ، ويبحثون عن أي طريقة للهروب من تسميتهم بها، فبعض القادمين عن طريق برنامج الكفالة الخاصة ينفون صفة اللجوء عن أنفسهم ويعتبرون أنهم قدموا على شكل هجرة، مع العلم أن الكفالة الخاصة هي شكل من أشكال اللجوء في الأساس”.

اختتمت نور حسن حديثها معنا بالتعليق على ديناميكية العلاقات بين المهاجرين السوريين في ألمانيا، قائلة: “برأيي ووفقًا لتجربتي الخاصة المجتمع السوري أكثر المجتمعات هشاشة في ألمانيا حاليًّا، ألاحظ تفرقهم والعنصرية بأشكالها المختلفة بينهم، وتحاشيهم لبعضهم، بالإضافة إلى قطع الصداقات لأتفه الأسباب أحيانًا، لعل السبب هو كثرة ما تعرضنا له وكثرة النزوح واللجوء ففقدنا القدرة على التمسك بأي شيء”.

وبالإضافة إلى تفسير نور لربما هنالك عشرات الأسباب والتفسيرات لظاهرة تفكك مجتمع المهاجرين العرب في الغرب، خصوصًا الجيل الأول منهم، بانتظار أخصائيين في مجال علم النفس والاجتماع القادرين على تحليل هذه المشاكل وتسميتها بمسمياتها.