اعتاد الناس اقتناء الحيوانات للتسلية كحيوان أليف أو للحراسة مثل الكلاب، لكن منذ عام 1927 بدأ ظهور حيوانات الخدمة بشكل موسع وهي الحيوانات التي تقدم مساعدات مادية أساسية للأشخاص المرضى مثل المكفوفين أو الصم أو المصابين بالشلل.
تعد الكلاب من أكثر الحيوانات شيوعًا في تقديم الخدمات للبشر، لكن هناك أيضًا بعض الحيوانات الأخرى التي يمكن تدريبها للمساعدة مثل الخيول الصغيرة والقرود، يستطيع الحصان الصغير توجيه المكفوفين وسحب الكراسي ودعم مرضى باركنسون.
كما تستطيع القرود مساعدة المرضى المصابين بالشلل الرباعي وغيره من إعاقات الحركة لكنها تستغرق سنوات لتدريبها مقارنة بالكلاب، ومع ذلك فالقرود تعيش لفترة أطول حيث يمكنها تقديم الخدمة حتى 30 عامًا، كما أنها تتميز بقدرتها على القيام بأعمال مشابهة للبشر مثل تسخين الطعام في الميكروويف وغسل الوجه وفتح الزجاجات.
حيوانات الخدمة مقابل حيوانات الدعم العاطفي
هناك فرق كبير بين الحيوانات التي تقدم خدمة محددة تؤثر بشكل أساسي في حياة المريض، فهذه الحيوانات تحتاج إلى تدريب مخصص ومعاملة مختلفة ويحتاج المريض إلى وجودها معه في أي مكان يذهب إليه، أما حيوانات الدعم العاطفي فهي لا تحتاج إلى تدريب خاص أو الوجود مع الأشخاص في كل وقت، فهي مجرد داعم نفسي في الأوقات السيئة غير المرضية.
أنواع المساعدة التي تقدمها كلاب الخدمة
توجد كلاب الخدمة في العالم العربي بشكل محدود للغاية، فهي تحتاج إلى مدرب متخصص حاصل على عدة شهادات تمكنه من تدريب الكلاب على التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة تحديدًا، ولأن هذه الثقافة غير منتشرة يصعب الوصول إلى مدرب كفء والعثور على كلب مناسب لتلك المهمة، فكلما ازداد نقاء سلالة الكلاب كانت أقدر على أداء المهمة.
تقول السيدة جهاد – أم لطفل مصاب بالتوحد 12 عامًا -: “من الضروري اختيار شخصية الكلب المناسبة للتعامل مع الأطفال، فهناك كلاب لا تصلح بتاتًا للتعامل مع الأطفال، وأفضل الأنواع المناسبة للتدريب هي الكلاب الجولدن واللابرادور”.
مرضى التوحد
تساعد الكلاب مرضى التوحد على تحسين نوعية حياتهم بتقليل العزلة وتهدئتهم في الأوقات العصيبة، كما تساعد في منع الأطفال من الهرب من المنزل وتتبعهم إذا هربوا.
تقول جهاد: “تم تدريب الكلبة للتعامل مع نوبات العصبية التي تصيب ابني حيث يقوم حينها بإلقاء نفسه على الأرض وضرب رأسه بشكل متكرر وقوي، تقوم الكلبة بالجلوس فوقه لتثبيته فلا يتمكن من إيذاء نفسه أو وضع رأسها بين رأسه والأرض فلا يتمكن من ضرب رأسه بالأرض، عندما يحاول الذهاب لمكان آخر تذهب معه وتكرر الأمر حتى يهدأ تمامًا ويتوقف عن ذلك”.
لكي تستمر الكلاب في مهمتها لا بد من مكافأتها على سلوكها الجيد، لذا يجب أن تكون هذه الكلاب شرهة للطعام وتحب تناوله في أي وقت حتى نستطيع مكافأتها، تقول جهاد: “في كل مرة تقوم الكلبة بمهمتها لا بد من مكافأتها بطعام أو حلوى تحبها بشدة، والآن بمجرد أن تسمع الكلبة صوت ابني في نوبة العصبية تذهب إليه دون أن ننبهها لذلك وتظل معه حتى يهدأ تمامًا”.
الإرشاد
تستطيع الكلاب تقديم المساعدة للمكفوفين وضعاف البصر عند اضطرارهم للخروج وحدهم أو حتى داخل المنزل، هذه المساعدة الإرشادية منتشرة منذ عدة قرون وربما يعود استخدامها إلى العصر الروماني.
تساعد كلاب الإرشاد أيضًا ضعاف السمع أو الصم حيث يمكنها تنبيههم عند دوي صفارة الإنذار أو عند بكاء طفل في المنزل أو عندما يُقرع جرس الباب.
المساعدة على التنقل
هذا النوع من المساعدة يحتاج إلى كلاب كبيرة بما يكفي لتساعد الأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية في التنقل أو إحضار الأشياء وسحب كرسيهم المتحرك وقرع الأجراس، يحتاج مرضى الشلل الرباعي أو إصابات النخاع الشوكي والتهاب المفاصل إلى هذا النوع من المساعدة.
مرضى السكر
توفر الكلاب الاستقلال والأمان لمرضى السكر وذلك بتنبيههم إلى التغيرات الكيميائية لنسبة السكر في الدم حيث إنها تتعرف على الرائحة المرتبطة بارتفاع أو انخفاض السكر في الدم، وبذلك يستطيع المريض أن ينتبه ويعالج الأمر قبل أن يصل إلى مستويات خطيرة.
النوبات المرضية
تمتلك بعض الكلاب قدرةً مثيرةً على التنبؤ بالنوبات المرضية قبل حدوثها مثل نوبات الصرع، ورغم عدم وجود دليل طبي موثق على هذه القدرة لدى الكلاب، فإن المرضى يؤكدون قدرة كلابهم على التنبؤ بالنوبة القادمة.
هناك كلاب أخرى تستطيع تقديم المساعدة للمريض عند إصابته بنوبة كأن تنبح للحصول على مساعدة أو تضغط على زر ما للتنبيه بأن المريض يعاني من نوبة، ويمكنها إخراج المريض من مكان غير آمن أو إحضار دواء معين يحتاج إليه أو هاتف للاتصال.
الأمراض النفسية
تحتاج بعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب الشديد والقلق واضطراب ما بعد الصدمة مثل الذي يصيب من قاتلوا في الحرب أو بعد الكوارث وغيرها من الأحداث التي تغير الحياة، إلى مرافقة مستمرة حرصًا على سلامتهم.
تساعد كلاب الخدمة في تلك الحالات بدخول المنزل قبل المريض للتأكد من أمانه أو تشغيل الأضواء، كما أن امتلاك كلب يجبر المريض على الاعتناء به وبالتالي الاعتناء بنفسه والخروج من المنزل مما يحسن حالته.
الكشف عن الحساسية
هناك بعض المواد الغذائية التي تسبب حساسية لبعض الأشخاص حتى إنها قد تتسبب في قتلهم إذا لم يحصلوا على العلاج بشكل سريع خاصة الأطفال، يتم تدريب الكلاب على شم روائح تلك المواد الغذائية مثل الفول السوداني والغلوتين والتنبيه لوجودها في الأطعمة، هذا الأمر يمنح الوالدين اطمئنانًا أكبر على أطفالهم المصابين بالحساسية.
مشكلات كلاب الخدمة
لا يخلو الأمر من المشكلات، فالكلاب مثل الأطفال تحتاج لرعاية، تقول جهاد: “أشعر أنني أمتلك طفلًا آخر فلا بد من تدريب الكلبة على قضاء حاجتها في المكان المخصص لذلك، والانتباه لطعامها حتى لا تصاب بالسمنة، كما أنني اضطر لعقابها عند القيام بأخطاء حتى لا تكررها”.
هناك أيضًا بعض الصفات الشخصية للكلاب التي قد تسبب مشكلة، تضيف جهاد: “في أول الأمر كانت الكلبة تكره أن يلمسها أحد في أثناء نومها ولأنها معتادة على النوم بجوار الطفل أو تحت قدميه فقد لمسها مرة في أثناء نومهم فاستيقظت وقامت بعضه لكن دون إيذائه، وعندما انتهبت إلى أنه الطفل الذي ترعاه اقتربت منه واعتذرت بطريقتها، لكنها لا تقبل أن يقترب منها أو من أغراضها كطعامها وألعابها، أي طفل سواه”.
ولعلاج التصرفات السيئة للكلب تقول جهاد: “عندما تقوم الكبلة بتصرف خاطئ أعاقبها بوضعها في قفصها لمدة معينة دون حلوى حتى لا تكرر الخطأ، والآن أصبحت مدركة للأمر وتذهب بنفسها للقفص حتى أسمح لها بالخروج، لكن عندما اضطر لوضعها في القفص بسبب وجود أطفال كثيرين بالمنزل فيجب أن أضع لها الحلوى وألاعبها كل فترة واطمئن عليها لتدرك أنها ليست معاقبة”.
ولتحسين سمات الكلب الشخصية ومهمته المطلوبة منه تنصح جهاد باختيار كلب خدمة كان والداه أو والدته على الأقل تقوم بنفس المهمة لأنه سيتعلم المهمة المطلوبة منذ صغره ويتشرب الطريقة المناسبة من والدته لأنه سيسعى إلى تقلديها خاصة عندما يرى حصولها على مكافأة مقابل إنجاز المهمة بنجاح.