ترجمة وتحرير: نون بوست
راودني السنة الماضية حلم غريب، رأيت فيه أنني أسبح مع أبي في قناة صناعية تشبه مترو الأنفاق أُطلقت فيها آلاف الأسماك التي يتم تربيتها. كانت الأسماك كثيرة ولزجة، ومتجمعة حول أرجلنا، وكنت أعرف (على النحو الذي يُدرك به المرء أنه يحلم) أنها تعلم أنها ستغرق بمجرد ملامستها للماء – وأن عليها تجربة الموت قبل البلوغ.
في اليوم التالي، قصصت على والدي الحلم. وقد أخبرني بأنني عندما كنت في الثالثة من عمري، عندما كنا نعيش في بيتسبرغ، اصطحبني لرؤية شاحنة مليئة بسمك السلور كانت بصدد تفريغ حمولتها في بركة اصطناعية. كنت أصغر من أن أتذكر هذه الجولة. ولكن مشهد رمي الأسماك في الماء ظلّ عالقا في مكان ما في ذهني، وعاد إلى الظهور بعد أكثر من خمسة وعشرين سنة في شكل حلم.
في هذه الأيام، من الشائع أن تنبثق صورة – دون سابق إنذار – من الماضي لتعيد إلى ذهنك بعض الذكريات المرتبطة بها. فنحن نقضي ساعات في تصفح عشرات الصور التي توثق العديد منها – وبطرق غير مسبوقة – حياتنا اليومية. اختُرع فيسبوك في سنة 2004. وبحلول سنة 2015، ذكرت كيت أيكورن في كتابها “نهاية النسيان: النشأة في ظل منصات التواصل الاجتماعي”، أن الناس كانوا يشاركون ثلاثين مليون صورة في الساعة على تطبيق “سناب شات”، وكان الآباء البريطانيون ينشرون في المتوسط نحو 200 صورة على الإنترنت لأطفالهم كل سنة”.
بالنسبة لأولئك الذين نشأوا مع منصات التواصل الاجتماعي – وهي مجموعة تضم إلى حد كبير كل شخص دون سن 25 – فإن بإمكانهم استرجاع ذكريات الطفولة بكل سهولة، خاصة أن هذه المرحلة العمرية تعتبر غامضة بالنسبة لمعظمنا. ووفقا لأيكورن، وهي مؤرخة إعلامية في جامعة “ذا نيو سكول”، من المؤكد أن هذا الأمر سيُخلّف تأثيرًا عميقًا على تطور الهوية. ولسنا متأكدين تماما من مدى هذا التأثير.
تحاول أيكورن فهم هذه الظاهرة من عدة زوايا. فمن ناحية، ترى أن الأطفال والمراهقين اكتسبوا مستوى من التحكم في حياتهم لم يكن موجودًا من قبل. ففي الماضي، كان الكبار يرفضون الاعتراف باستقلالية الأطفال وقدرتهم على اتخاذ القرارات، وفرضوا عليهم حتى مفهوما مثاليا للبراءة والنقاء. كان الكبار يؤلفون الكتب ويلتقطون الصور بكاميرات باهظة الثمن ويرسمون اللوحات، وكانت كلها تميل إلى إحياء ذكرى الطفولة – لكي نلقي عليها نظرة لاحقًا – بدلا من مشاركتها مع الآخرين.
تخشى أيكورن من أن النشأة عبر الإنترنت قد تؤدي إلى إعاقة قدرتنا على التحكم في الذكريات
في ستينات القرن الماضي، ساهم ظهور الصور الفورية منخفضة التكلفة في تمكين الأطفال من الاستفادة من أدوات الإنتاج، كما منحهم ظهور الإنترنت درجة غير مسبوقة من الإدارة الذاتية. وتوضح أيكورن أنه “كانت الطفولة في السابق مقيدة من قبل البالغين ليتم عرض ذكرياتها لاحقا على الأطفال (من خلال ألبوم صور عائلي منظم بعناية أو سلسلة من مقاطع الفيديو المنزلية)، لكن الحال لم يعد كذلك. اليوم، أصبح الشباب يلتقطون الصور وينشرونها دون تدخل الكبار”.
قد تكون هذه الممارسة مفيدة للغاية. بعبارة أخرى، تتيح لنا التكنولوجيا الجديدة – وخاصة الهاتف الذكي – سرد حياتنا على النحو الذي نريد، واختيار ما يجب تذكره. بالنسبة لأيكورن، هذا هو أحدث مثال على الممارسة طويلة الأمد – حتى وإن كانت غامضة – للتحكم في الذكريات، “وقبل وقت طويل من تمكن الأطفال من إنشاء وتعديل وتنظيم صورهم، كانوا يفعلون ذلك بالفعل على المستوى النفسي”.
أطلق فرويد على هذه الصور اسم “ذكريات الشاشة” كان يعتقد أننا استخدمناها لتخفيف أو إخفاء التجارب المؤلمة. لقد حاول البشر باستمرار التعامل مع الذكريات المؤلمة، وتحويلها “من رعب لا يُحتمل إلى شيء غير مؤذي ومطمئن”. ولا شك أن منصات التواصل الاجتماعي تجعلنا أكثر براعة في هذا الأمر.
من ناحية أخرى، تشير أيكورن إلى أنه يمكن لمثل هذه الوسائط أن تمنع أولئك الذين يرغبون في نسيان ماضيهم من المضي قدما دون مشاكل. ولكننا لسنا الوحيدين الذي ينشرون صورهم على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يُوثّق أصدقاؤنا وعائلاتنا حياتنا عادة من دون موافقتنا.
تخشى أيكورن من أن النشأة عبر الإنترنت قد تؤدي إلى إعاقة قدرتنا على التحكم في الذكريات، واستبعاد ما يجب استبعاده، والمضي قدمًا، مشيرة إلى أن “الخطر المحتمل لم يعد يتلخص في اندثار ذكريات الطفولة، بل في المرور بطفولة أبدية”. باختصار، نستطيع القول إننا استبدلنا “ذكريات الشاشة بالشاشات”.
إن هذا الأمر مهم بشكل خاص بالنسبة لأولئك الذين يتوقون إلى تأسيس هويات جديدة. فعلى سبيل المثال، يعتمد الأشخاص الذين يمرون بمرحلة انتقالية في كثير من الأحيان على فترة نقاهة يعلمون خلالها على التخلص من كل ما يذكرهم بحياتهم السابقة. وتؤكد أيكورن أنه من بين الوعود الأولى للإنترنت عندما كانت عبارة عن “نصوص ومقاطع فنية”، هو حقيقة كونها “ملاذا آمنا للشباب لمحاولة التعرف على جانب من جوانب هوياتهم والتي لم يكن بوسعهم استكشافها في حياتهم المادية”.
في الوقت الحالي، بعد أن أصبحت الإنترنت أكثر ديمومة وانتشارا، بات من الصعب علينا التخلص من آثار الهويات السابقة. وفي هذا السياق، استشهدت أيكورن بقصة أحد طلابها الذي يُدعى كيفن، وهو ناقد سينمائي طموح من بلدة صغيرة تقع في شمال نيويورك، الذي يقول إنه بحلول سنته الجامعية الثانية، أصبحت المنشورات على فيسبوك “غريبة حقا. كان أصدقائي الجدد من نيويورك ينشرون محتويات عن مصطلح الكوير، بينما كان الشباب من مدرستي الثانوية ينشرون عن ركوب الدراجات القذرة في مقلع حجارة ويضعون لي صورا من المدرسة الثانوية. ولكني كنت بحاجة إلى المضي قدما”.
تُقاطع الإنترنت خصوصية الأفراد، حيث تميل إلى توسيع نطاق الأخطاء إلى أبعاد هائلة، وتضعها في سجلاتنا الدائمة
رغم إلغاء تنشيط حساباته على منصات التواصل الاجتماعي وإنشاء حسابات جديدة باسم مستعار، استمرت صور كيفن القديمة في الظهور. وفي حديثه عن ذلك، يقول كيفن: “أعتقد أن صوري ستظل موجودة على صفحات الإنترنت إلى الأبد. لذلك، يتعيّن علي أن أتعايش معها ومع كل هؤلاء الأشخاص الذين كنت أحاول الهروب منهم”.
لا شك أن استمرار ظهور بعض الصور من الماضي يمثل مشكلة بالنسبة للبعض. هناك لحظات صادمة، لا يمكننا التخلص منها ليس بسبب توثيقها بل بسبب استحالة محوها. وهذه المواقف – التي تؤدي فيها صورة عارية أو تغريدة مسيئة إلى تدمير حياة شخص ما – مؤسفة، ويمكن تغطيتها على نطاق واسع (مثل ما حدث في رواية جون رونسون “إذا فقد جلبت العار علنا لنفسك”).
تحدثت أيكورن عن حالة غيسلين رازا، وهو مراهق كندي سجّل في سنة 2002 مقطع فيديو وهو يستخدم أداة استرداد كرة الغولف كما لو أنها سيف ضوئي. وتم تحميل الفيديو، الذي عثر عليه زميله في الدراسة تحت عنوان “ستار وارز كيد”، على الإنترنت، وشاهده ملايين الأشخاص.
تشير أيكورن إلى أن كل هذا حدث في وقت لم تكن فيه مقاطع الفيديو، باعتبارها ظاهرة، شيئا شائعًا. يُذكر أن رازا تعرض للتنمر في المدرسة وانتهى به المطاف في جناح الأمراض النفسية. حتى سنة 2013، كان رازا غير قادر على الهروب من آثار الفيديو رغم الإجراءات القانونية التي تم اتخاذها. وقد تحدث علنا عن تجربته، واصفًا الأفكار التي راودته حول الانتحار.
تؤكد أيكورن أن الجميع يستفيدون من التجارب التي يمرون بها في مرحلة المراهقة. خلال تلك الفترة، نشهد ما أطلق عليه المحلل النفسي إريك إريكسون اسم “توقف الهوية” – وهي مرحلة نمر من خلالها عبر “الأخلاق التي تعلمناها في الطفولة والأخلاقيات التي يجب أن نطورها في مرحلة البلوغ”. إن التوقف الاختياري هو عبارة عن فترة من التجارب والأخطاء التي يسمح بها المجتمع للمراهقين، الذين يُتاح لهم المجازفة دون خوف من العواقب على أمل أن يؤدي ذلك إلى توضيح “جوهر الذات – الشعور الشخصي الذي يضفي معنى للحياة”.
في هذا العصر، تُقاطع الإنترنت خصوصية الأفراد، حيث تميل إلى توسيع نطاق الأخطاء إلى أبعاد هائلة، وتضعها في سجلاتنا الدائمة. وفي الوقت الراهن، أضحت الجامعات وأرباب العمل ينظرون إلى حسابات منصات التواصل الاجتماعي باعتبارها انعكاسا للشخصية. لم تخصص أيكورن في كتابها جزءًا كبيرا للحديث عن كيفية تأثير ذلك على المراهقين اليوم؟ وما معنى العيش تحت التهديد؟ وما هي التداعيات التي قد تترتب عن عدم حصول جيل بأكمله على فرصة لخوض التجارب بحرية أو إعادة تشكيل أنفسهم؟
تشير أيكورن إلى نوع من حقوق الإنسان العالمية، وهو حق يتعارض مع نزوات الشركات التي تستخدم البيانات، موضحةً أن “النسيان – الذي كان ذات يوم من المسلّمات وموردا مضمونا يمتلكه جميع البشر – لا يخدم مصالح شركات التكنولوجيا”- مشيرة ضمنيا إلى أنه لدينا الحق في النسيان.
كما تستشهد بمصطلح “حق المرء في أن ينُسى”، في إحالة لكل من لوائح خصوصية البيانات في أوروبا والحركات المناهضة للتشهير بالقاصرين في وسائل الإعلام. وفي كلتا الحالتين، فإن المعنى الضمني يتلخّص في أن القدرة على الانفصال عن الذات السابقة – للانتقال كفرد، إلى جسد أو شخصية جديدة – يعتبر بمثابة مُثل ديمقراطي. ويحق لنا أيضا البقاء كما نحن.
التقاط الصور الاجتماعية يغير من آلية عمل الإبصار – عملية قد بدأت مع ظهور الكاميرات ولا تزال تتطور حتى اليوم
في بعض الحالات، قد يكون الاحتفاظ بإحساسنا الذاتي خلال المرور بالتحولات التي قد تدمرها أكثر أهمية من المرور بمرحلة التمرد. لنأخذ على سبيل المثال حالة المهاجرين، التي تطرقت إليها أيكورن باختصار في كتباها، حيث قالت إنه “بات بإمكان أفراد العائلة الذين ظلوا في أرض الوطن أن يبقوا على اتصال دائم بأبنائهم وبناتهم، بل وحتى تتبع خطواتهم في جميع أنحاء أوروبا”. وهنا، تكاد الذاكرة أن تكون شكلا من أشكال التمثيل السياسي، وبفضل منصات التواصل الاجتماعي، أصبحت هذه المجموعات قادرة على الحفاظ على تاريخها أثناء سفرها عبر القارات.
هل يمكن اعتبار جميع الصور توثيقية؟ في كتابه “الصورة الاجتماعية“، طرح ناثان جورجنسن مقترحا قد يساعد في الإجابة عن هذا السؤال، مفاده أن الهدف من معظم الصور عبر الإنترنت يتمثل في تبادل التجارب، وليس صنع الذكريات. في إحدى الفقرات، كتب جورجنسن، أحد مؤسسي مجلة “ريل لايف”، أن الصور الذاتية (السيلفي) “ليست صورة دقيقة لي في هذا المكان وهذا الوقت بقدر ما هي.. تصوير مرئي للمفهوم المجرد لذاتي”.
تشكل صور “السيلفي” وحدات اتصال؛ أيقونات تعبيرية وهيروغليفية أكثر من كونها صورًا؛ لأنها توفر القليل حول السياق الذي التقطت فيه، ولا تصور موقعا يمكن تمييزه بنظرة، وعادة ما تُلتقط الصورة ذاتها عدة مرات. وإلى حد كبير، لن يكون من المهم حقًا أن تكون متواجدة بعد عشرين سنة.
لعل ذلك ما يفسر انتشار الصور المؤقتة، مثل ميزة “ستوريز” في أنستغرام وصور “السناب شات” (علما بأن جورجنسن عالم اجتماع في شركة “سناب”؛ الشركة الأم لتطبيق “سناب تشات”). كما يفسر ذلك سبب التقاط صور الطعام أيضًا، التي نادرًا ما تكون ذات طابع فني أو ذات قيمة كافية للاحتفاظ بها.
بالنسبة لجورجنسن، فإن التقاط الصور الاجتماعية يغير من آلية عمل الإبصار – عملية قد بدأت مع ظهور الكاميرات ولا تزال تتطور حتى اليوم. فقد أصبح المراهقون بمثابة “سايبورغ” تمثل هواتفهم عيونا ميكانيكية تساعدهم على ترجمة تجاربهم. لكن جورجينسون يجادل بأن “التوثيق يكمن في الانخراط فعلا في تجاربنا الخاصة، بدلاً من أن ندعها تنساب بخمول”.
إن وجهة نظر جورجنسن صحيحة لعدة أسباب حتى وإن لم تكن مثيرة للجدل. ففي حين يرى أن هناك مبالغة في تقدير الحنين إلى الماضي، فإنه لا يحبذ “التقشف الرقمي”؛ فلا يجب أن نعود إلى حقبة كنا فيها أقل ارتباطًا بالتكنولوجيا – وذلك لأنه ليس لتلك الحقبة وجود. يقول جورجنسن: “لطالما تجسد واقعنا من خلال الوساطة والتعزيز والتوثيق، وليس هناك إمكانية للوصول إلى حالة النقاء من دون هذه الوسائط”. بعبارة أخرى، لا ينبغي أن نتساءل ما إذا كان التصوير الاجتماعي جيدًا، بل كيف له أن يكون كذلك.
مع ازدياد جوانب الحياة التي يتم التعرض لها من خلال شاشات الكاميرا، هل باتت التجارب الأخرى تحدث من على بعد مماثل
على عكس أيكورن، لا يخشى جورجنسن من أن تحول الإنترنت دون دفن شخصياتنا الماضية، بقدر ما يخشى سيادة الموت من خلالها. يقول في كتابه إن الصور تقوم “بتحنيط” صاحبها، وتغليفه في “حزن ساكن يقتل ما تحاول الصورة إنقاذه خوفًا من فقدانه”. بالنسبة له، إن خطر التوثيق المستمر يكمن في الاغتراب والإحساس بأن أجسادنا تولّد لحظات ثابتة عوضًا عن حركات مستمرة.
يستشهد جورجنسن بما قاله الباحث الألماني فولفجانج شيفيلبوش عن تأثير السكك الحديدية على الإدراك البشري: “بفضل سرعته ونوافذه الزجاجية، يعمل القطار على إعطاء الطبيعة منظورا مسطحا سلسا وسهل التنبؤ؛ ليس باعتبارها عالما يمكن الترحال فيه، بل شيئا يسهل رؤيته واستهلاكه. ومع ازدياد جوانب الحياة التي يتم التعرض لها من خلال شاشات الكاميرا، هل باتت التجارب الأخرى تحدث من على بعد مماثل، حيث تتحول فوضى التجارب الحياتية إلى مشاهد مرئية فحسب”؟.
لا شك أنه سيكون من المذهل أن نرى اللحظات المؤلمة من الماضي – تلك التي لا نتوقف عن التفكير فيها لسنوات – مشاهد ميتة ومحنطة. لكن المشكلة تكمن في أن أشد الذكريات صعوبة لا يتم التقاطها بالصور أو مقاطع الفيديو أو التغريدات. فالشاشات في طبعها انتقائية، تماما مثل “ذاكرة الشاشة”، حيث تبتعد عن كل ما هو مؤلم. لذلك لن ترى العديد من الأطفال الباكين على الإنستغرام.
مؤخرا، أخبرتني صديقة قامت والدتها برقمنة جميع مقاطع الفيديو المنزلية القديمة لعائلتها عن أحد أهم احتفالات عيد ميلادها في حلبة التزلج. كل ما كانت تذكره هي المشاكل التي حصلت: في ذلك الوقت، كانت مهووسة بالتزلج، وعند إدراكها أن حلبة التزلج لا تحتوي سوى على أحذية تزلج ذات زوجي عجلات أمامية وخلفية، هرعت والدتها إلى متجر رياضي للحصول على زوج ذو عجلات مصطفة، وأنقذت الموقف بصعوبة. واتضح لاحقا أن جهود أمها لم يوثقها الفيديو. فكل ما ظهر فيه كان لحظات الانتصار – لحظة بهجة بعد ذرف دموع، وجولة سعيدة حول حلبة التزلج.
المصدر: ذا نيويوركر