شارفت سنة 2020 على الانتهاء وقد باتت تعرف بأنها سنة الحظ السيئ لدى كثيرين، لكونها تعتبر واحدةً من أكثر السنوات التي شهدت أحداثًا مختلفةً ومتتاليةً وتغيرات جوهرية حول العالم، وشهدنا فيها ما لم يشهده الآخرون منذ عقود طويلة. وفي هذا التقرير نجمل أهم الأحداث التي مرت في هذا العام منذ بدايته وحتى نهايته.
فيروس كورونا المستجد.. وباء عالمي
بدأ هذا العام مع خبر ظهور فيروس كورونا المستجد في مدينة ووهان الصينية منذ أواخر شهر ديسمبر/كانون الأول 2019 وحتى أول شهر يناير/كانون الثاني 2020، وفي 20 من يناير/كانون الثاني أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ أن فيروس كورونا مرض معد ينتقل بين البشر.
وخلال فترة بسيطة، قلب هذا الفيروس العالم رأسًا على عقب، خاصة بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة في 11 من مارس/آذار 2020، أن فيروس كورونا المستجد الذي يتفشى في مختلف أرجاء المعمورة أصبح “وباءً عالميًا”.
وبسبب تفشي الفيروس، اضطرت معظم دول العالم إلى فرض الحجر الصحي والإغلاق الكامل أو الجزئي وإغلاق المطارات، ما أدى إلى أضرار اجتماعية واقتصادية كبيرة، تتضمن أضخم ركود اقتصادي عالمي منذ الكساد الكبير، بالإضافة إلى تأجيل الأحداث الرياضية والدينية والسياسية والثقافية أو إلغائها، ونقص كبير في الإمدادات والمعدات تفاقم نتيجة حدوث حالة من هلع الشراء.
وحتى هذه اللحظة بلغ عدد المصابين بفيروس كورونا حول العالم ما يقارب 79.9 مليون، فيما توفي نحو 1.75 مليون، وتم تسجيل 45.1 مليون حالة شفاء.
أستراليا.. أسوأ الحرائق في تاريخها
بالتزامن مع ظهور فيروس كورونا المستجد، مع بداية يناير/كانون الثاني، كانت الحرائق تندلع في غابات في أستراليا بعد ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، وشهور متواصلة من الجفاف الشديد.
واجهت البلاد أحد أكثر مواسم حرائق الغابات تدميرًا، حيث استمرت الحرائق من ديسمبر/كانون الأول 2019 إلى شهر مايو/أيار 2020، وتسببت بمقتل 34 شخصًا وحرق مساحة تزيد على 6 ملايين هكتار من الأراضي – مساحة أكبر من حجم هولندا – وتدمير أكثر من 2000 منزل وتشريد آلاف الأشخاص، وجعل تلوث الهواء في المدن الأسترالية الأسوأ في العالم.
اغتيالات قادة إيران دون حرب معلنة
في 3 من يناير/كانون الأول 2020، غارة جوية أمريكية بطائرة دون طيار بالقرب من مطار بغداد تغتال اللواء الإيراني وقائد فيلق القدس قاسم سليماني، بأمر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أساس أن سليماني يشكل تهديدًا وشيكًا على الأرواح الأمريكية.
وفي 7 من يناير/كانون الأول 2020 بعد ساعات من دفنه، أطلق الحرس الثوري الإيراني صواريخ على القواعد الأمريكية في العراق ردًا على اغتياله.
وتعتبر حادثة اغتيال سليماني سابقة في تاريخ الممارسات الأمريكية، حيث لم يسبق، قبل هذا العام أن اغتالت الولايات المتحدة بشكل مباشر مسؤولًا في دولة أخرى على رأس عمله، دون وجود حرب معلنة بين الجانبين.
وشكل اغتيال سليماني، الذي كان يقود فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، ورد طهران عقب ذلك بقصف قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق، أول اشتباك مباشر بين الجانبين منذ عام 1988.
وفي 27 من نوفمبر/تشرين الثاني 2020 تم اغتيال العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده في هجوم مسلح بطهران، بعد استهداف سيارته من مهاجمين واشتباكهم مع مرافقيه، وفق ما ذكرته وسائل إعلام رسمية إيرانية.
وتحدث وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن وجود مؤشرات جدية لدور الموساد الإسرائيلي في العملية، فيما امتنع مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن التعليق على الهجوم.
لبنان أحداث مأساوية ونهاية قضية الحريري
في 4 من أغسطس/آب 2020، هز انفجار ضخم العاصمة اللبنانية بيروت ليدمر مرفأها ومحيطه الذي وقع في عنبر رقم 12 بمرفأ بيروت، كان يحتوي على نحو 2750 طنًا من مادة نترات الأمونيوم شديدة الانفجار، حيث كانت مُصادرة من سفينة ومُخزنة منذ عام 2014، وفق تقديرات رسمية.
أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حكمها بإدانة سليم عياش في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري
تسبب الانفجار بمقتل 200 شخص وأكثر من 6000 جريح وما يزيد على 300 ألف مشرد فقدوا منازلهم، وما زال عدد كبير من العائلات يقيم في الفنادق وأماكن أخرى حتى اليوم، وما زالت مشاهد الدمار التي هزت العالم كله أليمة.
وفي 18 من أغسطس/آب 2020، أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حكمها بإدانة سليم عياش في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، لتطوى واحدة من أشهر قضايا الاغتيالات السياسية والمحاكمات الدولية في المنطقة.
وفاة رؤساء عرب
في 10 من يناير/كانون الثاني 2020 توفي سلطان عُمان قابوس بن سعيد صاحب أطول فترة حكم من بين الحكام العرب والثالث في العالم حتى وفاته، بعد معاناة مع مرض السرطان.
وفي 25 من فبراير/شباط 2020، توفي الرئيس المصري الأسبق الذي تنحى بعد ثورة 25 يناير 2011، عن عمر ناهز 91 عامًا، وشُيع في جنازة عسكرية بحضور رئيس الجمهورية الحاليّ عبد الفتاح السيسي، وأعلن الحداد الرسمي لثلاثة أيام.
أثارت وفاة مبارك وجنازته الرأي العام المصري ما بين مؤيد ومعارض لإقامة جنازة عسكرية له بصفته رئيسًا سابقًا، وكان المؤيدون قد أبدوا موقفهم المتعاطف مع مبارك بحكم أنه حكم أكثر من 30 عامًا وأنه أحد أبطال حرب 1973، أما المعارضون فعارضوا لسبيين: أولًا أن مبارك قد تنحى بمطالب الثورة الشعبية التي قالت إنها ثارت ضد حكمه الديكتاتوري وفساد نظامه، وأنه مثل أمام القضاء لكن تمت تبرئته، ثانيًا أن قبل وفاته بأشهر، توفي الرئيس المصري السابق محمد مرسي في 17 من يونيو/حزيران 2019 في ظروف غير إنسانية في أثناء مثوله للمحاكمة في قضية التخابر مع قطر، ولم يتم التعامل معه بعد وفاته وفي جنازته كرئيس سابق، بل كمجرم.
وفي 29 من سبتمبر/أيلول 2020، توفي أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد في الولايات المتحدة، عن عمر ناهز 91 عامًا، وأقيمت صلاة الغائب على الشيخ صباح الأحمد في المسجد الحرام والمسجد النبوي عقب صلاة العشاء من يوم 30 من سبتمبر/أيلول 2020، وعقب صلاة الظهر من يوم 1 من أكتوبر/تشرين الأول 2020 في المسجد الأقصى.
مظاهرات عنيفة في أمريكا
في 25 من مايو/أيار 2020 قُتل جورج فلويد وهو مواطن أمريكي من أصل إفريقي، في مدينة منيابولس، مينيسوتا في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك أثناء تثبيته على الأرض بُغية اعتقاله من شرطة المدينة، حيث قام ضابط شرطة يدعى ديريك تشوفين بالضغط على عنق فلويد بركبته لمنعه من الحركة في أثناء الاعتقال لما يقارب تسع دقائق.
أجج موته الغضب في أنحاء الولايات المتحدة مع جنوح بعضها إلى أعمال عنف، واعتقل أكثر من 1600 شخص في عشرات المدن، ونشرت قوات الحرس الوطني في 15 ولاية، وقد شهدت كبرى العواصم الأوروبية، قيام مظاهرات واحتجاجات عارمة على خلفية مقتله بشكل عنصري.
حرائق وأعمال عنف وتخريب في فرنسا
اندلعت في عدة مدن فرنسية مظاهرات حاشدة عم فيها التخريب وإضرام الحرائق في 28 من نوفمبر/تشرين الثاني 2020، تنديدًا بقانون “الأمن الشامل” الذي ينص على عقوبة بالسجن سنة ودفع غرامة قدرها 45 ألف يورو حال بث صور لعناصر من الشرطة والدرك بدافع سوء النية.
واشتدت هذه الاحتجاجات في ظل أزمة قضية جديدة عن العنف الذي يمارسه بعض عناصر الشرطة، بعد ظهور لقطات فيديو لثلاثة من رجال الشرطة البيض يعاملون منتجًا موسيقيًا أسود بشكل عنصري ويضربونه، وشهدت المظاهرات تعاملات عنصرية كثيرة مع المواطنين السود.
الحرم المكي خالٍ من المصلين
في شهر مارس/آذار 2020 أعلنت وزارة الحج والعمرة السعودية إيقاف إصدار تأشيرات العمرة، وتعليق دخول المملكة لمن حصل على تأشيرة العمرة، كإجراء وقائي لمنع وصول فيروس كورونا، وسمحت السلطات لعدد محدود جدًا بأداء الفريضة التي تحن إليها قلوب الملايين حول العالم سنويًا.
رسوم مسيئة للرسول الكريم
في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2020 اجتاحت موجة غضب عارمة العالم الإسلامي بسبب الرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، التي دافعت عنها فرنسا باعتبارها حرية تعبير، ما دفع لانطلاق حملات شعبية لمقاطعة البضائع الفرنسية.
تبع ذلك، أن قتل طالب أستاذ تاريخ فرنسي عرض هذه الرسوم على تلاميذه، لتنتشر القضية في البلاد والعالم أجمع بين تصريحات جدلية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتظاهرات ضد هذه الرسوم في العالم العربي والإسلامي.
عودة مسجد آيا صوفيا
في 10 من يوليو/تموز 2020 أصدرت المحكمة الإدارية العليا في تركيا قرارًا يقضي بإلغاء وضع آيا صوفيا في إسطنبول كمتحف وإعادة العمل به كمسجدٍ، بعد إلغاء المحكمة القرار الصادر عام 1934 بتحويل مسجد آيا صوفيا إلى متحف، وسط اعتراضات البابا وبعض الدول الأوروبية.
وفي 24 من يوليو/تموز، أقيمت صلاة الجمعة في مسجد آيا صوفيا الكبير لأول مرة منذ 86 عامًا، بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونائبه فؤاد أوقطاي ورئيس البرلمان مصطفى شنطوب ووزراء ومسؤولين آخرين ورؤساء أحزاب.
حرب قره باغ بين أذربيجان وأرمينيا
في 27 من سبتمبر/أيلول 2020 اندلعت اشتباكات عسكرية عنيفة بين الجيشين الأذربيجاني والأرمني في إقليم ناغورني قره باغ المتنازع عليه وإعلان الدولتين الأحكام العرفية تماشيًا مع حالة الحرب.
تمكنت أذربيجان من تحرير محافظات فضولي وجبرائيل وزنكيلان وشوشة وهدروت من الاحتلال بعملية عسكرية بدأت في 27 من سبتمبر/أيلول الماضي، كما تمكنت أيضًا من وضع حد لسياسة احتلال أرمينيا وإجبارها التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار، بوساطة روسية، وإخلاء 3 مدن كانت لا تزال تحت سيطرة القوات الأرمينية.
وانسحبت القوات الأرمينية المحتلة من محافظات أغدام وكلبجار ولاجين (جنوب غربي أذربيجان)، ليتم تحرير تلك المناطق وإعادتها لأذربيجان بعد نحو 29 عامًا من الاحتلال الأرميني.
وتبدأ أذربيجان مرحلة مهمة من إعادة إعمار جميع المدن التي دمرتها أرمينيا، وإزالة الألغام من المنطقة لتحقيق السلام والأمن وضمان عودة النازحين الذين أجبروا على ترك أراضيهم قبل نحو 3 عقود.
عام التطبيع مع الكيان
في 28 من يناير/كانون الثاني 2020 أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إطلاق ما يُسمى صفقة القرن، ومن هنا بدأت الدول العربية التي لم تدخل أصلًا في حالة حرب مع “إسرائيل” بالهرولة نحو التطبيع لإحلال عملية السلام بالشرق الأوسط.
فقد تم التطبيع الكامل بين “إسرائيل” والإمارات العربية المتحدة في 13 من أغسطس/آب 2020، ومع البحرين في 18 من أكتوبر/تشرين الأول 2020، ومع السودان في 23 من أكتوبر/تشرين الأول 2020، ومع المغرب في 10 من ديسمبر/كانون الأول 2020، في أسوأ موجة تطبيع عربية مع دولة الاحتلال منذ النكبة.
الانتخابات الأمريكية مختلفة عن سابقاتها
شهدت الانتخابات الرئاسية الأمريكية في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2020 العديد من الأحداث نادرة الحدوث، أولها المشاركة التي كانت الأكبر منذ قرن، وثانيها كبر سن المتنافسين في تاريخ البلاد على الرئاسة، جو بايدن (78 عامًا) ودونالد ترامب (74 عامًا)، وثالثها كان فوز كامالا هاريس بمنصب نائبة الرئيس، لتصبح أول سيدة تنتزع المنصب، وكذلك أول أمريكية ملونة تحقق ذلك، وستكون نائبة لبايدن في السنوات الأربعة القادمة، لكن عدة تقارير رجحت أن تكون لها بصمة قوية في الحكم بالنظر إلى كبر سن بايدن، فضلًا عن احتمال أن تتولى هي الرئاسة بعده.
ومن الجوانب المثيرة في انتخابات 2020، رفض ترامب المتواصل الاعتراف بالهزيمة، وهو ما لم يحدث له مثيل منذ عقود، ما دفع كثيرين إلى التحذير من مغبة تقليله من شأن الديمقراطية الأمريكية ونزاهتها، كما حدثت تهديدات من أبنائه بإشعال حرب داخلية في حال خسر ترامب.
ونختم بهذا الحدث النادر لن يتكرر حتى عام 2080، فقد شهد العالم، مساء يوم 21 من ديسمبر/كانون الأول، تقارب أكبر كوكبين في نظامنا الشمسي، المشترى وزحل، إلى أقصى حد منذ نحو 400 عام، وأحدثت ظاهرة تعرف باسم “الاقتران العظيم” تناثرًا ساطعًا في سماء الليل، وخلدتها لقطات عديدة مذهلة من جميع أنحاء العالم.