حذّر وزير الدفاع الهندي اليوم الخميس، باكستان وطالبها بوقف القصف “غير المبرّر” في كشمير، مؤكدًا أنها ستدفع ثمن أعمالها، وذلك بعد أسوأ أعمال عنف تشهدها المنطقة الحدودية المتنازع عليها منذ سنوات.
وقال “أرون جايتلي” إن القوات الهندية ستجعل باكستان “تدفع ثمن أعمالها” في حال تواصلت الهجمات.
وأضاف “إذا واصلت باكستان هذه المغامرة، فستواصل قواتنا القتال، وستكون تكلفة هذه المغامرة لا تحتمل”، وأعلن مسئولون هنود وباكستانيون الأربعاء أن ثلاثة مدنيين قتلوا في كشمير في تبادل لإطلاق نار بين جنود من البلدين، مما يرفع حصيلة القتلى المدنيين إلى 12 منذ الإثنين.
وقال مسئول أمني حدودي كبير من الجانب الهندي إن قوات الهند ردت بإطلاق نيران المدفعية وقذائف المورتر على حوالي 50 موقعًا أمنيًا حدوديًا خلال الليل، وكان هناك قصف متقطع اليوم الخميس.
ونزح ما يقرب من 20 ألف مدني هندي عن ديارهم في الأراضي المنخفضة حول جامو بسبب القتال ولجأوا إلى مدارس ومخيمات إغاثة.
وعقدت الهند اجتماعًا لكبار مسئوليها الأمنيين لبحث كيفية التعامل مع الأزمة بينما دعا رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف لاجتماع مماثل يوم الجمعة.
وهذه أول أزمة مع باكستان يواجهها رئيس الوزراء الهندي “ناريندرا مودي” منذ فوزه بالانتخابات قبل أربعة أشهر، وهي تجيء بعد احتجاجات مناهضة للحكومة في باكستان استمرت لأسابيع.
ورغم أن إطلاق النار العشوائي شائع على طول خط الحدود الذي يقسم المنطقة فإن نطاق وكثافة القصف هذه المرة كان غير معتاد إضافة إلى عدد القتلى المدنيين.
ورغم التفات المجتمع الدولي إلى قضايا مثل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) أو مرض الإيبولا، إلا أن محللين يقولون إن التوتر في كشمير قد ينعكس سريعًا على مناطق أوسع كثيرًا من شبه القارة الهندية، فقد قالت صحيفة نيويورك تايمز إن أحد العوامل في الأزمة الحالية هو إلغاء محادثات هندية باكستانية مفترضة خلال الصيف الماضي.
الجانب الهندي يرى في مودي صاحب موقف صلب، وبالتالي فمعظم الهنود سيدعمون مودي في أي موقف يتخذه ضد باكستان، ومع استمرار التحريض، واستمرار الخطاب الهندي الذي يلقي باللائمة على إسلام أباد، فإن الأمور قد تتجه إلى الأسوأ.
الهنود يقولون إن باكستان تستخدم الاشتباكات كغطاء للسماح بانتقال مسلحين “إرهابيين” إلى الهند، بينما تقول باكستان إن القصف من الجانب الهندي كان غير مسبب.
الخطاب من الجانبين حتى الآن لا يمكن اعتباره شديد الخطورة، فعلى الرغم من البيان شديد اللهجة التي قدمته إسلام آباد، إلا أنها ذكرت بموقف رئيس وزرائها نواز شريف وأنه “قام بمد يديه من أجل السلام” في إشارة إلى زيارته للهند في مايو الماضي إبان حفل تنصيب مودي.
كان مودي لمح أمس الأربعاء إلى نهاية وشيكة للقتال حين قال للصحفيين بعد اجتماع مع قائد القوات الجوية “كل شيء سيكون على ما يرام قريبًا”، في خطاب يبدو أقل حدة من خطاب وزير الدفاع.
وتبادل البلدان الاتهامات بالتسبب بالحادث الذي يؤجّج التوتر بين القوتين النوويتين، اللتين تواجهتا في ثلاثة حروب، اثنتان منها بسبب كشمير ذات الغالبية المسلمة.
ويعود النزاع بين الهند وباكستان حول إقليم كشمير إلى عام 1947، عندما قرر حاكم كشمير الهندوسي الانضمام إلى الهند بدلاً من باكستان، مع تقسيم شبه القارة الهندية بعد استقلالها عن الاستعمار البريطاني.
وفى أكتوبر من نفس العام، نشبت الحرب الأولى بين الطرفين بسبب إقليم كشمير، حتى أوقف مجلس الأمن فى يناير 1949 إطلاق النار بين البلدين، ثم مررت الجمعية العامة مشروع قرار يدعو إلى الاستفتاء فى إقليم كشمير، ويعطي لسكانه الحق في تقرير مصيرهم، وفي عام 1957، قامت الهند بضم ثلثي مساحة كشمير ذي الأغلبية المسلمة، في حين احتفظت باكستان بالثلث الشمالي من الإقليم، وقد حصل هذا الثلث الأخير على استقلال ذاتي، ويعرف اليوم باسم “كشمير الحرة”.
وفي سبتمبر عام 1965، تجدد الصراع مرة أخرى بنشوب الحرب الثانية بين الهند وباكستان بسبب النزاع حول كشمير أيضًا، ثم توقف القتال بموجب نداء مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، ثم كانت الحرب الثالثة بين البلدين في ديسمبر من عام 1971، والتي انتهت بانتصار الهند، وانفصال باكستان الشرقية عن باكستان، وظهور دولة بنجلاديش.
ثم التقى ذوالفقار علي بوتو، رئيس وزراء باكستان آنذاك، مع أنديرا غاندي، رئيسة وزراء الهند في ذلك الوقت، في مدينة شملا الباكستانية، في لقاء نادر، تباحث الطرفان فيه، ثم جرى الاتفاق بين الطرفين على حل أي نزاع مستقبلي بشكل ثنائي، كما تم الاتفاق على تحديد خط لوقف إطلاق النار بين الطرفين عُرف بخط الهدنة، ويبلغ طول هذا الخط حوالى 720 كم، وقد أقر الطرفان بعدم تعدى أي منهما على الآخر أو خرق اتفاق وقف إطلاق النار، وعدم تعدي خط الهدنة المتفق عليه بينهما.
استمر التوتر طوال العقد الأخير من القرن العشرين، قبل أن توافق الهند وباكستان على وقف إطلاق النار على الحدود المشتركة بينهما في كشمير عام 2003، إلا أن هذا الاتفاق تم خرقه مرارًا.
بعد الانتخابات الباكستانية في 2008، اجتمع وزير الخارجية الهندي مع وزير خارجية باكستان لتطوير المعادلة والتأكيد على الحفاظ على وقف إطلاق النار وزيادة الاتصالات الشعبية فيما بين البلدين، ولكن تفجيرات مومباي والهجوم على السفارة الهندية عام 2008 أعادت التوترات التي لم تهدأ سوى لفترات متقطعة بعد حوارات ثنائية.