مصائب قوم عند قومٍ فوائد، رغم تزايد أعداد ضحايا فيروس كورونا حول العالم وشبح السقوط والإفلاس الذي يضرب الاقتصاد العالمي، يبقى هناك رابح من المعركة.
تسبب فيروس كورونا المستجد كوفيد19 في وضع الاقتصاد العالمي على المحك بصورة خطيرة، ألقت بظلالها على شركات وكيانات اقتصادية ضخمة أعلنت إفلاسها، وأخرى على وشك الإفلاس، وثالثة تتعافى وتصعد بقوة لتتصدر الأسواق العالمية، وبين رابحٍ وخاسرٍ من الأزمة من المتوقع أن تكون الآثار مستمرة لعقود قادمة.
فقد صرح صندوق النقد الدولي في بداية الوباء أن أزمة فيروس كورونا ستؤدي إلى أكبر انكماش اقتصادي منذ الكساد الكبير، كما أثارت السلالة الجديدة المكتشفة في بريطانيا، التي بدأ معها انتقال الإصابة بالعدوى بصورة سريعة، قلقًا ومخاوف عالمية، وتصدر هاشتاغ “كوفيد20” مواقع التواصل عالميًا.
قطاع الطيران
كانت شركات الطيران الكبرى أولى الضحايا، بدايةً من تعليق رحلات السفر وإغلاق المطارات والحدود بين الدول.
أولى ضحايا الجائحة شركة الطيران البريطانية “فلايبي flybe” وهي أكبر مشغل للرحلات الداخلية في المملكة المتحدة حيث أعلن إفلاسها، وأوقفت شركة رايان آير ryanair الإيرلندية (أكبر شركة طيران فى أوروبا) أسطول طائراتها، بعد أن تم تخفيض سعة الطائرة بنسبة 85% بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا على السفر.
في الوقت نفسه توقع اتحاد النقل الجوي الدولي إياتا “IATA” أن تصل خسائر شركات الطيران في العالم إلى 250 مليار دولار في 2020.
من خلال لزوم نحو مليار شخص منازلهم عبر العالم، يلجأ الجميع إلى الخدمات الإلكترونية والأدوات الجديدة التي تسمح لهم بالتكيف مع الظروف الاستثنائية السائدة حاليًّا
قطاع السياحة
شركات السياحة ثاني المتضررين من فيروس كورونا، حيث توقعت منظمة السياحة العالمية أن ينخفض عدد السياح الدوليين بمعدل يتراوح بين 1% و3% خلال عام 2020، ما يتسبب في نزيف خسائر يتراوح بين 30 و50 مليار دولار.
الأندية الرياضية
عدوى كورونا هددت عرش كرة القدم حول العالم وكبدت أنديتها خسائر فادحة، حيث تواجه أندية البطولات الخمسة الأوروبية في إنجلترا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا، خسائر تتراوح بين 3.5 الى 4 مليارات يورو من حقوق البث التليفزيوني والعائدات التجارية والتسويقية نتيجة القيود الكبيرة التي فرضها تفشي الفيروس على استئناف الدوريات الأوروبية الكبرى.
وكذلك الصعود والهبوط في الدولار والذهب والأسهم وتعطل عمل آلاف المصانع والشركات، فضلًا عن المليارات التي تنفقها الدول في سبيل مواجهة الجائحة.
شركات التكنولوجيا
تقف شركات التكنولوجيا الأمريكية مغردةً بأرباحها بعيدًا عن طوفان الخسائر الذي يلتهم الأخضر واليابس، فالرابح الأكبر من كورونا على ما يبدو بعض شركات قطاع التكنولوجيا والإنترنت.
فمن خلال لزوم نحو مليار شخص منازلهم عبر العالم، يلجأ الجميع إلى الخدمات الإلكترونية والأدوات الجديدة التي تسمح لهم بالتكيف مع الظروف الاستثنائية السائدة حاليًّا.
تقول سالي مايتليس، أستاذة السلوك التنظيمي في كلية وفيق السعيد لإدارة الأعمال في جامعة أوكسفورد: “أعتقد أن بعض أوجه العمل والتنظيم ستتبدل نهائيًا عند الخروج من الوضع الحاليّ”، وأوضحت “الناس سيكتشفون أن بإمكانهم العمل والتواصل بطريقة لم تخطر لهم حتى الآن، وهذا سيرغمهم على التأقلم أكثر مع التكنولوجيا”.
وفي ظل انتقال عدد متزايد من الأشخاص إلى العمل من منازلهم، ازداد الطلب على التكنولوجيا التي تتيح الاجتماعات عبر الإنترنت، إذ ارتفع سعر سهم Zoom بأكثر من الضعف منذ ديسمبر/كانون الأول، وازداد أعداد مستخدميه من 10 ملايين في اليوم إلى 200 مليون.
تتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD فرض ضرائب جديدة على عمالقة التكنولوجيا في منتصف عام 2021، حيث صرحت الحكومات إن الشركات العملاقة لا تخضع لنظام ضريبي قوي في الوقت الذي يواجه فيه العالم تحديات مالية ضخمة خلفها الوباء العالمي، حسب مجلة فوربس الشرق الأوسط.
وتظهر بيانات خمس شركات تعد من أكبر شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة الأكثر ربحًا التي حققها القطاع رغم تزايد الإصابات بفيروس كورونا، التي تعرف بمجموعة “فاانغ” faang وهو اختصار لـ”فيسبوك وآبل وأمازون ونتفليكس وغوغل”، باتت تشكّل أكثر من 20% من قيمة مؤشر”S&P 500″ وهي كما يلي:
زادت عائدات جوجل خلال الربع الثالث من 2020 إلى 46 مليار دولار مقابل 40.225 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2019
1- Amazon
تحت قيادة أغنى رجل في العالم، جيف بيزوس المؤسس والرئيس التنفيذي، تصدرت أمازون عناوين الأخبار في منتصف شهر أبريل/نيسان، بوصفها أحد أبرز الرابحين من أزمة فيروس كورونا، بعد تدفق الزبائن إلى مواقعها ليصرفوا على عمليات الشراء منها ما يقدر بنحو 11 ألف دولار في الثانية، وقد ارتفعت أسهم الشركة إلى مستوى قياسي في أعقاب ذلك.
ارتفع صافي مبيعات شركة أمازون (عملاق التجارة الإلكترونية) بنسبة 37% إلى 96.1 مليار دولار خلال الربع الثالث من 2020، مقارنة بنحو 70 مليار دولار في نفس الربع من العام 2019، فهي الرابح الأكبر من الإغلاقات والقيود المفروضة على الحركة.
أما صافي دخل أمازون ازداد بنسبة 200% إلى 6.3 مليار دولار في الربع الثالث من 2020 مقارنة بصافي الدخل البالغ 2.1 مليار دولار في نفس الربع من عام 2019، وصرح بيزوس في بيان للشركة، أن أمازون وفرت أكثر من 400 ألف وظيفة هذا العام فقط.
ارتفع سهم أمازون بأكثر من 1.5% في وول ستريت إلى 3211 دولارًا بعد إعلان نتائج الربع الثالث، وحصد بيزوس، أرباحًا خلال 2020 تقدر بـ73 مليار دولار إضافية، لتبلغ ثروته نحو 182 مليار دولار، ليكون بذلك الأغنى في العالم، وهو يتربع على عرش قائمة فوربس لأثرياء عالم 2020.
شهدت خدمات أمازون السحابية أيضًا ارتفاعًا في الطلب، حيث تحولت الشركات إلى مكاتب افتراضية في ظل الوباء، وارتفعت عائدات “Amazon Web Services “AWS، التي تبيع تخزين البيانات وقوة الحوسبة في السحابة، بنحو 29% لتصل إلى 10.81 مليار دولار أمريكي.
أحد أسباب زيادة الطلب في أمازون أن المتسوقين يشترون مجموعة متنوعة من السلع من موقع واحد.
2- ألفابيت وجوجل
ارتفعت إيرادات ألفابيت الشركة الأم لجوجل Google بنسبة 14% خلال الربع الثالث من 2020، لتسجل 46.173 مليار دولار مقابل 40.5 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2019، كما ارتفع صافي دخل الشركة خلال الربع الثالث من 2020 إلى 11.247 مليار دولار مقابل 7.068 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2019.
وزادت عائدات جوجل خلال الربع الثالث إلى 46 مليار دولار مقابل 40.225 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2019.
وتمكنت الشركة من الأداء بشكل قوي في الربع الأخير من عام 2020 بما يتوافق مع البيئة الأوسع عبر الإنترنت ما يعزز أهمية الاستثمارات العميقة التي قامت بها الشركة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الأخرى.
ويعكس إجمالي الإيرادات البالغ 46.173 مليار دولار في الربع الثالث نموًا واسع النطاق بفضل زيادة إنفاق المعلنين في البحث وYouTube بالإضافة إلى استمرار الأداء القوي لكل من Google Cloud، وPlay، وفقًا للمديرة المالية روث بورات.
3- أبل Apple
ارتفع صافي المبيعات الكلية لشركة Apple بنسبة 1% تقريبًا إلى 64.698 مليار دولار خلال الربع المنتهي في سبتمبر/أيلول الماضي، وتراجع صافي دخل Apple خلال الربع الرابع من العام المالي للشركة، المنتهي في سبتمبر/أيلول بنسبة 7.4% إلى 12.673 مليار دولار مقابل 13.686 مليار دولار في نفس الفترة من العام المالي الماضي.
لكن إجمالي دخل الشركة في العام المالي ارتفع بنحو 4% إلى 57.411 مليار دولار مقابل 55.256 مليار دولار في العام المالي المنتهي في 30 سبتمبر/أيلول 2019.
وارتفع صافي المبيعات الكلية لشركة Apple بنسبة 1% تقريبًا إلى 64.698 مليار دولار خلال الربع المنتهي في سبتمبر/أيلول الماضي، مقابل 64.040 مليار دولار خلال نفس الربع من 2019.
مع انهيار العديد من الشركات الناشئة، ستتوسع شركات التكنولوجيا العملاقة في القوة التي تراكمت لديها باستخدام قواعد اللعبة في العقد الماضي: اقتناص المواهب وشراء المنافسين أو نسخهم وتآكل الصناعات التقليدية
في حين تراجعت مبيعات الشركة من هواتف آيفون بنسبة 20.7% خلال الربع الرابع من العام المالي 2020 إلى 26.444 مليار دولار مقابل 33.362 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالي 2019 إلا أنها ظلت الأكثر مساهمة في إجمالي المبيعات للشركة.
4- فيسبوك:
ارتفع إجمالي عائدات فيسبوك Facebook بنسبة 22% خلال الربع الثالث من عام 2020 إلى 21.470 مليار دولار مقابل 17.652 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2019.
ومثلت إيرادات الإعلانات 98.8% من إجمالي عائدات فيسبوك خلال الربع الثالث حيث بلغت 21.221 مليار دولار من إجمالي الإيرادات بـ21.471 مليار دولار.
وزاد صافي دخل شركة فيسبوك بنسبة 29% خلال الربع المنتهي في 30 من سبتمبر/أيلول الماضي إلى 7.846 مليار دولار مقابل 6.091 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2019 .
وارتفعت ثروة مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي، بنسبة 4.84% لتصل إلى 103.1 مليار دولار، وهو يحتل المرتبة السابعة في قائمة فوربس لأثرياء العالم 2020.
5- Netflix
قللت خدمات البث مثل Netflix من مبيعات شباك التذاكر للأفلام في السنوات الأخيرة، والآن مع إغلاق دور السينما بموجب أوامر حكومية، تكتسب Netflix وYouTube جمهورًا جديدًا.
تؤدي طلبات البقاء في المنزل إلى زيادة حركة المرور بشكل غير مفاجئ إلى مواقع بث الفيديو والتطبيقات ومنصات الوسائط الاجتماعية.
قفزت تنزيلات تطبيق Netflix بنسبة 66% في إيطاليا، وفقًا لبيانات من شركة Sensor Tower، وهي شركة بيانات تطبيقات، وفي إسبانيا ارتفعت بنسبة 35%، أما في الولايات المتحدة، حيث كانت Netflix تتمتع بشعبية بالفعل، كان هناك ارتفاع بنسبة 9%، إذا اجتذبت 16 مليون مشترك جديد.
رفضت Netflix التعليق على ما إذا كانت تشهد زيادة في عدد المشتركين، حتى إن المسؤولين الحكوميين في أوروبا اتصلوا بـReed Hastings، الرئيس التنفيذي، ليسألوا عما إذا كان بإمكان Netflix تقليل جودة الفيديو لتخفيف الضغط على شبكة الإنترنت في المنطقة، ووافقت الشركة على القيام بذلك لمدة 30 يومًا، كما وافق يوتيوب على تعليق بث الفيديو عالي الوضوح في أوروبا لمدة شهر.
كما صرحت Netflix بعد التصوير فعليًا كل المحتوى الخاص بها لهذا العام، أن لديها محتوى جديدًا مجدولًا لشهور قادمة.
مع انهيار العديد من الشركات الناشئة، ستتوسع شركات التكنولوجيا العملاقة في القوة التي تراكمت لديها باستخدام قواعد اللعبة في العقد الماضي: اقتناص المواهب وشراء المنافسين أو نسخهم وتآكل الصناعات التقليدية، وقد تختفي بعض تلك الشركات الضعيفة تمامًا وتتنازل عن المزيد من الأراضي للتكنولوجيا.