ترجمة وتحرير نون بوست
في التوتر بين اتحاد الإمارات ومصر، من منهما يتعين على “إسرائيل” أن تؤيده؟ لمنظومة العلاقات الناشئة مؤخرا مع العالم العربي أهمية كبيرة وفضائل هائلة. وهي تطرح ايضا معاضل مركبة وغير معروفة. عندما لا يكون العالم العربي “كله ضدنا”، ينبغي أن نتعلم كيف نناور في التوترات بين الشركاء العرب الكثيرين والمتنوعين لـ”إسرائيل” في المنطقة.
وفي العصر السابق ايضا، الذي تميز بعلاقات سرية وعداء شعبي عميق، كانت حاجة إلى مناورة رقيقة. وفي الظروف الجديدة تعد هذه “مشاكل أغنياء”: خيارات عديدة لاستثمار المال الاستراتيجي لـ”إسرائيل” ومحاولة مواظبة لضمان مردود عالٍ.
قول شكسبير الشهير عن أن المعاناة والضائقة تقربان بين من لم يكن بوسعهم أن يتصوروا ذلك تحور في البحث الاستراتيجي ليصبح السياسة تجعل الغرباء أحبة من حيث الشراكات الغريبة في الساحة السياسية. وهكذا مثلا وجدت “إسرائيل” في العصر السابق نفسها في “السرير” إلى جانب ناصر في منتصف الستينيات عندما حاولت الدولتان الامتناع عن الحرب وافشال الراديكاليين في دمشق ممن ارادوا جر مصر إلى مواجهة مع “إسرائيل” حول مياه نهر الأردن. في العصر الجديد نجد ان الساحة اكثر تعقيدا، اللاعبون اكثر تنوعا والساحات تنتشر إلى ما وراء مجالات المنطقة.
إن الحليف الإقليمي الأهم لـ”إسرائيل” هي مصر السيسي. فمعاهدة السلام المنفردة في عهد السادات غيرت من الأساس ميزان القوى الإقليمي في صالح “إسرائيل”. السيسي أنقذ مصر، الشرق الأوسط و”إسرائيل” من رعب حكم الاخوان المسلمين، والذي كان سيجر المنطقة إلى الراديكالية، إلى الحرب وإلى حمام دماء. أما الحلف الأهم في السنة الأخيرة فهو مع اتحاد الإمارات. وهذا يبشر بالتقارب مع السعودية، يعد بالكثير في مجال التعاون الاقتصادي والامني، ودور على مستوى عال في الصراع ضد جملة من المحافل الراديكالية في المنطقة. نخبة الإمارات تعرض لأول مرة صيغة شرعية واسعة وكاملة للدولة اليهودية. قد تكون مصر أهم، ولكن الإمارات تجلب قيمة اضافية هامة في المنطقة وفي واشنطن.
“إسرائيل” ملزمة بان تعترف بهذه الحساسيات وتحذر جدا في المناورة بينها. من المهم تطوير الفرص الجديدة ومحظور ان يغرينا هجر الشراكات التي أثبتت قيمتها
مصر، الإمارات و”إسرائيل” تنتمي إلى المعسكر الإقليمي ذاته. ذاك الذي يخاف تطلعات الهيمنة الإقليمية لإيران، يكافح الإخوان المسلمون بصفتهم هذه، يخاف محاولات أردوغان فرض إمرته في الحوض الشرقي للبحر المتوسط، يعارض الحكومة الليبية المعترف بها، التي تعمل بالتشاور وبالدعم من السلطان التركي، ويدعم الجنرال الليبي المتمرد خليفة حفتر. وفي الساحة الدولية يستند إلى الولايات المتحدة.
غير أن في هذا المعسكر توجد فروقات هامة من حيث التشديد. فبينما تقلق مصر أساسا من الاخوان المسلمين ومن التهديد الفوري الليبي والتركي على حدوده الغربية، فإن الإماراتيين والسعوديين يخافون أساسا من ايران وفروعها. وبينما ترى مصر في المشاريع الاثيوبية في أعالي النيل تهديدا ذا أبعاد وجودية، يفحص الإماراتيون الساحة الجنوبية في البحر الأحمر في سياق أوسع من التصدي للحوثيين في اليمن وفي البحر الأحمر.
في كل هذه المجالات يوجد توتر ومنافسة: الإماراتيون، وفي أحيان قريبة باسناد سعودي، يكونون أقل تشددا تجاه القطريين الداعمين للاخوان المسلمين وتجاه حكومة السراج في ليبيا، يؤيدون اثيوبيا دون أن يشترطوا المساعدة بضمان مستهلكي المياه المصريين، وليقيمون مكانتهم في الجار السوداني في مصر من الجنوب. كما أن عمق العلاقات الإماراتي مع “إسرائيل” والولايات المتحدة يثير القلق في القاهرة.
لقد رحبت مصر بالسلام مع “إسرائيل”. ولكن ابن زايد والولايات المتحدة لم يكونا يحتاجان إلى السيسي كي يقيمانه، والعلاقات الثنائية تتجاوز القاهرة ومن شأنها أن تأتي على حسابها. ومن المتوقع لإدارة بايدن أن تضغط على السيسي في موضوع حقوق الإنسان ومكانة مصر كالعراب الحصري للسلام مع “إسرائيل” قد لا تدافع عنها مثلما في الماضي. من غير المتوقع لمصر أن تفقد مكانتها كالدولة العربية الأكبر والأكثر تماسكا. ولكنها تتعلق جدا بالمساعدات الاقتصادية بخلاف منافسها في الخليج. وقد توازن هذا التعلق دوما بالاعتراف باهميتها الإقليمية، وهذا يتآكل امام عينيها.
“إسرائيل” ملزمة بأن تعترف بهذه الحساسيات وتكون على حذر بالغ في المناورة بينها. من المهم تطوير الفرص الجديدة ومحظور أن يغرينا هجر الشراكات التي أثبتت قيمتها.
المصدر: “إسرائيل اليوم”