بدون أية مقدمات أكّدت وزارة الخارجية الروسية الأربعاء الماضي، خبر عودة 24 شخصاً من مواطني روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا إلى بلدانهم كانوا معتقلين في ليبيا منذ عام 2011 ومحكوم عليهم بالسجن لفترات طويلة بتهمة التعاون مع نظام القذافي. ونقل موقع الخارجية الروسية الإلكتروني عن “ألكسندر لوكاشيفيتش” الناطق الرسمي باسم الوزارة تأكيده أن “أهم ما يمكن قوله اليوم إن جميع المواطنين الروس عادوا إلى وطنهم”.
بحسب الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية فإنهم قد عادوا إلى بلادهم، لكنه ليس أهم ما يمكن قوله، حيث أن المعتقلين الروس والأوكرانيين والبيلاروسين كانوا معتقلين ومحتجزين لدى كتيبة القعقاع بأحد السجون التابعة لها بطريق مطار العاصمة الليبية طرابلس.
وعندما اشتد الخناق على كتائب القعقاع والصواعق والمدني بسبب الحملة العسكرية التي شنتها قوات فجر ليبيا عليها في الثالث عشر من يوليو/تموز الماضي، نُقل السجناء إلى مدينة الزنتان بالجبل الغربي. لقد أصبح السجناء في قبضة الزنتان، ضمن محتجزين آخرين أبرزهم سيف الإسلام نجل العقيد الراحل معمر القذافي.
في الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول الماضي زار رئيس الأركان المعين من قبل مجلس النواب الليبي بطبرق شرقي ليبيا اللواء عبد الرازق الناظوري مدينة زنتان، وأفادت الأخبار الصحفية أن هدف الزيارة هو الاطلاع على الأحوال الأمنية بمدينة الزنتان، وبحث كيفية دعم قوات ما يُعرف بجيش القبائل بالعتاد والأسلحة، تجهيزاً لاقتحام العاصمة طرابلس للقضاء على ما يُعرف بقوات فجر ليبيا.
إلا أن رسالة الناظوري كانت وبحسب معلومات خاصة حصل عليها العربي الجديد كانت أن روسيا ترغب في الإفراج عن مواطنيها المعتقلين لدى الزنتان في أقرب وقت ممكن، وذلك مقابل دعم سلاح يأتي من بيلاروسيا عن طريق مصر إلى كتائب القعقاع والصواعق والمدني المتجمعة بمدينة الزنتان، وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر المتجمعة بمعسكر الرجمة على أطراف مدينة بنغازي شرقي ليبيا، بالإضافة إلى التأييد الدولي لمجلس نواب طبرق، أو الصمت عن أي قرار يدين قوات فجر ليبيا بمجلس الأمن أو المنظمات الدولية.
ثمة معلومات أخرى تفيد بأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت وراء صفقة الإفراج عن المتهمين الروس بدعم نظام العقيد الراحل معمر القذافي، وأن الولايات المتحدة تدعم مليشيات الزنتان عن طريق مصر وبيلاروسيا ولا ترغب في الظهور في صورة الداعم لأحد طرفي الصراع الليبي للمحافظة على حالة اللاسلم واللاحرب حتى تحافظ على التوزان القائم، وذلك لفرض ترتيبات سياسية تقبل بها جميع الأطراف، وصعود موالين جدد لها يتحكمون في دواليب الدولة الليبية.
لا شك أن روسيا وبحسب المحللين استفادت من هذه الصفقة خاصة، خاصة وأن بينهم ثمانية عشر معتقلا من أوكرانيا التي تشهد علاقاتها توترا كبيرا مع روسيا بسبب ما أصبح يُعرف أزمة القرم عقب الثورة الأوكرانية العام الجاري التي أطاحت بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش وحكومته، واتهام روسيا للدول الغربية بالتدخل في مجالها الحيوي والاستراتيجي.
ومن ثم ستستخدم روسيا ورقة المفرج عنهم من أوكرانيا كرسائل مزدوجة، أولا، لتهدئة الأوضاع المضطربة سياسيا وأمنيا مع أوكرانيا، وثانيا كرسالة مفادها قدرة روسيا الاتحادية على مد نفوذها لمناطق خارج شرق أوروبا وقدرتها على الضغط بما تملكه من أوراق للإفراج عن معتقلين كانوا سيواجهون حكم الإعدام فيما لو ثبت تورطهم في مساندة نظام القذافي السابق.