ترجمة وتحرير نون بوست
لقد كان هذا الأسبوع صعبا على الرئيس دونالد ترامب، حيث تعثرت جهوده اليائسة لقلب نتائج الانتخابات، وبدأ حلفاؤه الجمهوريون يتخلون عنه؛ بينما يريد الديمقراطيون عزله من منصبه، ويحمّله الكثير من الأمريكيين مسؤولية أعمال الشغب في الكابيتول.
في ليلة الجمعة، تم إيقاف حسابه على منصة التواصل الإجتماعي المفضلة لديه. حظر موقع تويتر حساب ترامب بشكل دائم “بسبب خطر المزيد من التحريض على العنف” بعد الاضطرابات التي تسبب بها أنصاره في واشنطن.
أغلق موقع تويتر حساب ترامب مؤقتًا يوم الأربعاء – يوم أعمال الشغب، وسُمح له بالدخول مساء الخميس. ولكنه في صباح يوم الجمعة، نشر تغريدتين – قال في أحدهما إن مؤيديه، الذين وصفهم بـ”باتريوت أمريكا العظماء”، لن يتم “ازدراؤهم أو معاملتهم بشكل غير عادل”، وفي الأخرى أكد أنه لن يحضر حفل تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن في العشرين من كانون الثاني/ يناير.
وقال موقع تويتر في بيانه الذي يوضح أسباب الحظر، إن “من شأن [التغريدتين] تحريض آخرين لتكرار أعمال العنف التي وقعت” يوم الأربعاء.
أشادت منظمة “مسلم أدفوكاتس”، وهي منظمة حقوقية أمريكية، بحظر حساب ترامب. وقالت المنظمة في بيان لها: “من خلال تعليق حساب ترامب بشكل دائم، يبدي موقع تويتر ريادة حقيقية، ويتخذ خطوة مهمة نحو إسكات مصدر رئيسي لبث الكراهية والمعلومات المضللة عبر الإنترنت – كما يساعد في التصدي لأعمال العنف المستقبلية من قبل القوميين البيض”.
وصل تحريض ترامب إلى ذروته مع الفوضى التي اجتاحت واشنطن في وقت سابق من هذا الأسبوع، غير أن الرئيس المنتهية ولايته استخدم موقع تويتر طوال سنوات لنشر المعلومات المضللة والتعصب، وخاصة الإسلاموفوبيا.
وفيما يلي، يسلط موقع “ميدل إيست آي” الضوء على عشرة من تغريدات ترامب السابقة التي أثارت الجدل وأسهمت في نشر التعصب دون أن تؤدي إلى تعليق حسابه.
تأييد الرقابة على المسلمين في نيويورك
قبل بضع سنوات من إعلان ترشحه لمنصب الرئاسة، استخدم ترامب موقع تويتر للتعبير عن دعمه لبرنامج المراقبة غير الدستورية الذي قدمته إدارة شرطة نيويورك ضد الجالية المسلمة في المدينة. كتب ترامب على تويتر في سنة 2012: “لقد تصرف مسؤولو شرطة مدينة نيويورك بحكمة وفقا للقانون لمراقبة أنشطة بعض أفراد المجتمع المسلم. تحافظ الرقابة على سلامتنا”.
وفي عام 2020، قدم عمدة نيويورك السابق مايكل بلومبرغ، الذي أشرف على ذلك البرنامج، ترشحه لمنصب الرئاسة عن الحزب الديمقراطي، ودافع عن قرار التجسس على المسلمين باعتباره “التصرف الصائب” آنذاك.
الادعاء بأن المسلمين الأمريكيين احتفلوا بهجمات 11 أيلول/ سبتمبر
استهلّ ترامب حملته الرئاسية سنة 2015 بوصف المهاجرين المكسيكيين غير الشرعيين بـ”المغتصبين”، واستمر في نشر خطابات الكراهية والعنصرية طوال الأسابيع الأولى من حملته.
وفي الفترة التي شهدت ارتكاب تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” أعمال عنف مروعة في العراق وسوريا، وتنفيذ هجمات في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا، سارع ترامب إلى توجيه عدائه للمهاجرين نحو الجالية المسلمة في الولايات المتحدة.
زعم ترامب كذباً أن المسلمين الأمريكيين في نيوجيرسي احتفلوا بهجمات 11 أيلول/ سبتمبر، حيث غرد في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 مع رابط لمقال إخباري مزيف مفاده “مصدر موثوق يشير إلى احتفال المسلمين بهجمات 11 أيلول/ سبتمبر: مكتب التحقيقات الفدرالي”.
وخلال الأسابيع اللاحقة، قام ترامب بإعادة تغريد العديد من المنشورات التي يزعم فيها عدد من مستخدمي تويتر مشاهدة تلك الاحتفالات التي لم تحدث بتاتا.
“مشكلة هائلة مع المسلمين” في المملكة المتحدة
في أواخر سنة 2015، وقّع مئات الآلاف من الأشخاص في بريطانيا على عريضة برلمانية تحثّ الحكومة على منع ترامب من دخول البلاد بسبب مقترحه لحظر دخول المسلمين. رد ترامب على المملكة المتحدة آنذاك قائلا إن البلاد تعاني من “مشكلة مع المسلمين”.
وكتب على تويتر أن “المملكة المتحدة تحاول جاهدة إخفاء مشكلتها الهائلة مع المسلمين. والأمر الذي يدعو إلى الحزن أن الجميع يعرف ما يجري! كونوا صادقين”.
في وقت لاحق من ذلك اليوم، أشاد ترامب بالكاتبة البريطانية اليمينية المتطرفة كاتي هوبكنز، وأثنى على مقالاتها عن “مشاكل المملكة المتحدة مع المسلمين”.
وكانت هوبكنز قد قارنت المهاجرين بـ”الصراصير” في أحد مقالاتها، وهو ما جعل موقع تويتر يحظر حسابها بشكل دائم مطلع هذا العام بسبب “إساءة المعاملة والسلوك الذي يحض على الكراهية”.
إنكار وجود أبطال رياضة أمريكيين من المسلمين
بعد أن أشاد الرئيس باراك أوباما بالأمريكيين المسلمين ووصفهم بأنهم “أصدقاؤنا وجيراننا وزملاؤنا في العمل وأبطالنا في الرياضة”، شكك ترامب في ذلك الادعاء في كانون الأول/ ديسمبر 2015، قائلا: “ذكر أوباما في خطابه أن المسلمين هم أبطالنا في الرياضة. عن أي رياضة يتحدث؟ ومن هم أولئك الأبطال؟”
هناك العديد من أبطال الرياضة الأمريكيين المسلمين، مثل الملاكم الأسطوري محمد علي، وهداف الدوري الأمريكي لكرة السلة للمحترفين كريم عبد الجبار، وغيرهم كثيرون.
بعد أشهر، مدح ترامب محمد علي إثر وفاته، ووصفه – عبر تويتر – بأنه “بطل عظيم حقًا ورجل رائع”.
التهنئة على مقترح حظر دخول المسلمين
بعد أن قام المسلح عمر متين بقتل العشرات في ملهى ليلي في أورلاندو، تحدث ترامب عن تلقيه التهنئة على مقترحاته المناهضة للمسلمين، وكتب في حزيران/ يونيو 2016: “أقدّر التهاني بأنني كنت على حق بخصوص الإرهاب الإسلامي المتطرف، لكنني لا أريد التهاني، أريد الحذر والحزم. لا بد لنا أن نكون أذكياء”!
كما كرر مطالبته بفرض حظر تام على دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، قائلا: “ما حدث في أورلاندو ليس إلا البداية. قيادتنا ضعيفة وغير فعالة. لقد كشفتُ عن ذلك وطالبت بالحظر. يجب أن نكون صارمين”.
إعادة تغريد مقاطع فيديو مزيفة عن عنف “مهاجرين مسلمين”
في الأشهر الأولى من رئاسته، خفف ترامب من حدة خطابات الإسلاموفوبيا، من ناحية التغريدات على الأقل. إلا أنه في أحد أيام تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، أعاد تغريد ثلاث منشورات لناشط بريطاني يميني متطرف يزعم أنها تظهر أعمال عنف ارتكبها مسلمون في أوروبا.
كان أحد المقاطع في مصر، والثاني في سوريا، والثالث في هولندا ولم يشمل مسلمين. ولكن سارة ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض صرحت في ذلك الوقت: “سواء أكان مقطع الفيديو حقيقيًا أم لا، فإن التهديد حقيقي”، رافضة الإجابة عن التساؤلات بشأن صحة المنشورات.
في المقابل، أكد إبراهيم هوبر، المتحدث باسم مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية لموقع “ميدل إيست آي” حينها، أن المنشورات كانت “تحريضا على العنف ضد المسلمين الأمريكيين”.
التحذير من “أشخاص مجهولين من الشرق الأوسط” على الحدود
قبل انتخابات التجديد النصفي عام 2018، كان ترامب يبث الرعب بشأن “حشود المهاجرين” القادمين من أمريكا الوسطى نحو الحدود الجنوبية للولايات المتحدة.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر، زعم دون دليل أن من بين المهاجرين “أشخاصا مجهولون من الشرق الأوسط”، وقال في المنشور إن الحشود “تتضمن مجرمين وأشخاصًا مجهولين من الشرق الأوسط. لقد قمت بتنبيه حرس الحدود والجيش أن هذه حالة طوارئ وطنية. يجب تغيير القوانين”!
أدانت المنظمات الحقوقية حينها ذلك الادعاء الكاذب. وفي حديثه مع موقع “ميدل إيست آي”، قال مدير الشؤون القانونية والسياسية للجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز عادل أيوب معلقا على منشور ترامب: “إنها تغريدة معادية جدًا للأجانب، لقد نشرها لبث المزيد من الكراهية والتعصب والعداء ضد العرب”.
مطالبة عضوات الكونغرس الأمريكيات بالعودة إلى بلادهن
لقد كان الأمر مدهشا حتى بمعايير ترامب نفسه، عندما قام في تموز/ يوليو 2019 بنشر تغريدات تطالب عضوات الكونغرس الأمريكيات التقدميّات ذوات البشرة الملونة بالعودة إلى “الأماكن المليئة بالجرائم التي أتين منها”.
كان تعليقه موجها إلى 4 عضوات يساريات، من بينهن عضوتان مسلمتان، والمشرعة ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز المولودة في نيويورك.
كتب ترامب حينها: “من المثير للاهتمام أن نرى عضوات الكونغرس الديمقراطيات ‘التقدميات’، اللائي قدمن في الأصل من بلدان تديرها حكومات كارثية، تُعتبر من أسوأ وأكثر الحكومات فسادًا وعجزًا في العالم (وذلك إن كان هناك حكومة من الأساس)، يحاولن الآن بكل جرأة وشراسة إخبار شعب الولايات المتحدة، أعظم وأقوى دولة على وجه الأرض، كيف يجب أن تدار حكومتنا”.
وأضاف قائلا: “لماذا لا يرجعن ويساعدن في إصلاح المناطق الفاسدة والمليئة بالجرائم التي أتين منها، ثم يعدن إلينا لتوضيح كيف تم ذلك. تلك الأماكن بحاجة ماسة إلى مساعدتكن، لذلك عليكن المغادرة بأسرع وقت ممكن. أنا متأكد من أن نانسي بيلوسي ستكون سعيدة جدًا للعمل بسرعة على ترتيبات السفر المجانية”!
إن مطالبة المهاجرين وأصحاب البشرة الملونة بـ”العودة” إلى بلادهم من الأساليب العنصرية الشائعة، وقد استخدمه رئيس الولايات المتحدة ليس في إطار زلة لسان، ولكن عبر منشور في تويتر. لاقت التغريدة رد فعل عنيف من الديمقراطيين، بينما واصل معظم حلفاء الرئيس الجمهوريين الدفاع عنه.
حينها، علقت عضوة الكونغرس المسلمة إلهان عمر أن “هذه هي أجندة القوميين البيض، سواء كان ذلك في غرف الدردشة، أو على التلفزيون الوطني، لكنها الآن وصلت حدائق البيت الأبيض”.
اتهام إلهان عمر بالرقص في ذكرى هجمات 11 أيلول/ سبتمبر
في 13 أيلول/ سبتمبر 2019، جدد ترامب مزاعمه الكاذبة عن احتفال المسلمين بأحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، وصعّد من حدة تصريحاته المعادية لإلهان عمر، حيث قام بإعادة تغريد منشور يتهم عضوة الكونغرس بالاحتفال في ذكرى الهجمات، وجاء نصه كالآتي: “أخرجوا هذه المرأة من منصبها. احتفلت إلهان عمر في ذكرى 11 أيلول/ سبتمبر”.
أظهر المنشور مقطع فيديو لإلهان عمر وهي ترقص وسط حشد من الناس على أغنية لنجمة البوب الأمريكية ليزو.
في واقع الأمر، كانت عمر تشارك في حدث نظمته كتلة النواب السود بالكونغرس بعد يومين من ذكرى الهجمات. وكتبت إلهان ردًا على ترامب: “هذا [المقطع] من احتفال “سي بي سي” الذي نظمناه نهاية هذا الأسبوع احتفالا بالنساء السود في الكونغرس”.
وأضافت: “يواصل رئيس الولايات المتحدة نشر الأكاذيب التي تعرض حياتي للخطر. ماذا سيفعل تويتر لمكافحة هذه المعلومات المضللة”؟
التحذير من أن بايدن سيحوّل الغرب الأوسط إلى “مخيم للاجئين”
في أعقاب تفشي جائحة كوفيد-19 والتوتر العرقي في جميع أنحاء البلاد، لم يهاجم ترامب المسلمين مثلما فعل في 2015 و2016.
لكن مع دخول الانتخابات شوطها الأخير، عاد ترامب مجددا إلى فزاعة اللاجئين وإلهان عمر لنشر الرعب بين الناخبين. قبل أيام من انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، توجه إلى تويتر ليحذر من أن خصمه جو بايدن سوف يجلب لاجئين من “دول إرهابية” إلى الولايات المتأرجحة.
كتب ترامب: “جو بايدن سيزيد أعداد اللاجئين من الدول الإرهابية بنسبة 700 بالمئة. ستطغى خطته على مجتمعاتكم، وستتحول ميشيغان ومينيسوتا وويسكنسن والغرب الأوسط بأكمله إلى مخيمات للاجئين. أما أنا فأحمي عائلاتكم وأبقي الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين بعيدا عن بلادنا”!
لاحقا، خسر ترامب الانتخابات بفارق ملايين من الأصوات، بعد أن هُزم في ولايات الغرب الأوسط الثلاث التي ذكرها في التغريدة. وفي نهاية المطاف، تم حظره من موقع تويتر.
المصدر: ميدل إيست آي