ترجمة وتحرير نون بوست
بعد أيام من الصدمة التي سبّبتها الإمارات العربية المتحدة في الشرق الأوسط عندما كشفت عن اتفاق تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، عُقد أول اجتماع معلن بين مسؤولين من الدولتين. شارك في هذا الاجتماع اثنان من أبرز المسؤولين في البلدين، وهما يعملان عادة في الخفاء. من جهة “إسرائيل”، رئيس الموساد يوسي كوهين، ومن الجهة الأخرى مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان.
أشار الاجتماع الذي عُقد في آب/ أغسطس من السنة الماضية في الإمارات العربية المتحدة إلى أن التعاون الاستخباراتي سيكون في صميم التحالف الجديد، كما جعل الشيخ طحنون، وهو أحد أكثر الشخصيات تأثيرا في الإمارات، محطّ الأنظار. يُلخّص بروز الشيخ طحنون خلال العقد الماضي العلاقة بين النفوذ السياسي والاقتصاد والمصالح الاستراتيجية في دول الخليج، مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر، حيث برز جيل أصغر سنا في العائلات المالكة، مواكب للتكنولوجيا ويتمتع بالذكاء والحس الأمني.
علاوة على ذلك، يقدم بروز هذه الشخصيّة لمحة عن طبيعة الحكم الملكي المطلق في الإمارات، حيث تهيمن الأسرة الحاكمة ومجموعة من المساعدين الموثوق بهم على قطاع الأمن والقطاعات الرئيسية للاقتصاد، مما يؤدي إلى طمس الحدود الفاصلة بين الشركات الحكومية والخاصة.
تقول كيرستين فونتنروز، المديرة السابقة لشؤون الخليج بمجلس الأمن القومي في إدارة ترامب: “إنه يشرف على جميع المهام وهو محلّ ثقة ولا يخضع لأي رقابة، مما يخلق نوعا من الغموض. يتسّم الشيخ طحنون بالهدوء ويوجد في كل مكان. قد يذهب إلى الولايات المتحدة، ثم يسافر لاحقا إلى طهران، لكنك لا تعلم مسبقا بتحرّكاته”.
الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، يحيي قوات بلاده في عرض عسكري بأبو ظبي عام 1996.
الشيخ طحنون هو شقيق الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي والقائد الفعلي للإمارات العربية المتحدة، وله عديد المهام التي تمتد من الأمن القومي إلى القطاع الاقتصادي في الدولة الغنية بالنفط. فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، يضع الشيخ محمد بن زايد ثقته في شقيقه البالغ من العمر 51 سنة، للتعامل مع أكثر القضايا حساسية في البلاد، على غرار العلاقة مع إيران واليمن، والتعاون الأمني والاستخباراتي مع الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة، وفقا لمسؤولين غربيين سابقين.
بالإضافة إلى ذلك، كان الشيخ طحنون في صدارة الجهود الإماراتية ضد فيروس كورونا. تمتد صلاحياته عبر مجموعة من الشركات الكبرى، إذ يتقلّد منصب رئيس مجلس إدارة شركة “القابضة” (ADQ)، وهي شركة حكومية تأسست منذ سنتين وأصبحت بسرعة واحدة من أكثر المستثمرين نشاطا في الإمارات.
كما يرأس الشيخ طحنون بنك أبوظبي الأول، وهو أكبر بنك في الإمارات العربية المتحدة، والذي تمتلك الحكومة والأسرة الحاكمة حصصا كبيرة فيه، بالإضافة إلى مجموعة شركات رويال غروب، والشركة الدولية القابضة، وهي شركات يمتد نشاطها من مصايد الأسماك إلى خدمات الرعاية الصحية، وقد تضاعفت أصولها أربع مرات لتبلغ قرابة 4 مليارات دولار سنة 2020، وهي السنة ذاتها التي تولى فيها الشيخ طحنون منصب الرئيس.
في كانون الثاني/ يناير، تم تعيين الشيخ طحنون رئيسا للمجموعة 42، التي تأسست سنة 2018 في أبو ظبي، وتصف نفسها بأنها شركة ذكاء اصطناعي وحوسبة سحابية. نشأت هذه المجموعة من رحم الدور الأمني الذي يضطلع به الشيخ طحنون، وهو المشرف الحقيقي على المجموعة منذ تأسيسها. لا يختلف ذلك عما يحدث في “إسرائيل”، حيث يترأس المحاربون القدامى شركات التكنولوجيا، ويعملون عن كثب مع الجيش الإسرائيلي ومجتمع الاستخبارات.
في إشارة صريحة إلى التداخل بين المصالح الأمنية والاستراتيجية والعلاقات الدوليّة، كانت المجموعة 42 أول شركة إماراتية تفتح مكتبا لها في “إسرائيل” بعد التطبيع. كما دخلت هذه المجموعة في شراكة مع شركة “بي جي أي” الصينية لفتح مختبر لفيروس كورونا في أبو ظبي وإجراء تجارب لتطوير اللقاح.
في ظلّ تفشي الوباء، زاد تركيز أبوظبي على قطاع الصحة والتكنولوجيا والأمن الغذائي، حيث أبرمت الشركات التابعة للشيخ طحنون سلسلة من الصفقات في مجالات استراتيجية. في تشرين الثاني/ نوفمبر، استحوذت شركة “القابضة” على حصة غير مباشرة بنسبة 45 بالمئة في شركة لويس دريفوس. تضمنت الصفقة اتفاقية طويلة الأجل لتزويد شركة أبوظبي القابضة بالسلع الزراعية. مكّنت هذه الصفقات الشيخ طحنون من البروز على أنه الشخصية الأكثر نشاطا في الأسرة الحاكمة، والذي تتداخل مصالحه التجارية مع مصالح الدولة.
تتمثل إحدى نتائج السيطرة المتزايدة للعائلة الحاكمة على مجال الأعمال في تضييق الحيز المتاح للقطاع الخاص داخل اقتصاد تهيمن عليه الدولة. في هذا الشأن، يقول مسؤول تنفيذي أجنبي لديه سنوات من الخبرة في أبو ظبي: “إذا كنت تلعب البوكر مع رجل يملك ورقتين رابحتين، فمن الأفضل لك عدم مواجهته. لا يمكنك منافسة العائلة المالكة عندما تكون الدولة مسؤولة عن الأعمال التجارية الكبرى”.
الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على اليسار، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، يمثلان جيلا جديدا من العائلات الحاكمة في الخليج، مواكب للتكنولوجيا ويتمتع بحس أمني عال
فرض السيطرة
لطالما كان عدم وضوح الحدود الفاصلة بين الدولة ومصالح العائلة الحاكمة أحد مميزات السلطة في دول الخليج، لكن هذا الأمر أصبح جليا في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، في وقت أصبح فيه قادة البلدين أكثر استبدادًا ووعيًا بالتحديات الأمنية التي تواجههم وعزمًا على تطوير قطاعات جديدة ذات صبغة تكنولوجية.
في هذا الشأن، يوضح ستيفن هيرتوغ، الخبير في شؤون الخليج بكلية لندن للاقتصاد، أن القيادة باتت الآن تتسم بمركزية أكبر، مع مزيد من القدرة على السيطرة وتفاوت في موازين القوى بين الإخوة والأعمام وأبناء الإخوة. ويضيف قائلا: “يعد ذلك أمرا استراتيجيا، حيث يهدف بشكل أساسي إلى فرض السيطرة السياسية أكثر من السعى وراء الريع. تخضع السلطة إلى حد كبير لسيطرة محمد بن زايد في الإمارات العربية المتحدة”.
ويتابع هيرتوغ أن “ذلك يشبه إلى حد ما الجيل الجديد من أفراد العائلة المالكة السعودية الذين يعملون مساعدين للأمير محمد بن سلمان. يسمى هذا بالمركزية التي تخدم القائد، والتي أخذت مكان الاستراتيجيات السابقة”.
أصبح ولي العهد السعودي الشخصية المهيمنة على مستوى الأمن والاقتصاد، حيث تم تعيينه وزيرا للدفاع ورئيسا لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بعد أيام من تولي والده الملك سلمان الحكم في شهر كانون الثاني/ يناير 2015.
نظرا لتوليه منصب رئيس صندوق الاستثمارات العامة، قام الأمير محمد بن سلمان بتحويل صندوق الثروة السيادي للبلاد الذي تبلغ قيمته 400 مليار دولار، إلى أداة رئيسية للقيام بالاستثمارات الخارجية. على غرار نظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، اتبع ولي العهد السعودي سياسات خارجية حازمة.
في قطر أيضا، هناك جيل جديد من أفراد العائلة الحاكمة الذين يتولون دفة القيادة، وقد أصبح الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أميرًا للبلاد في عمر 33 سنة. خلال عهده، ذاع صيت الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي يبلغ من العمر 40 سنة. تمت ترقيته في مناصب مختلفة ليصبح وزير خارجية قطر والمستثمر الأقوى بعد توليه منصب رئيس مجلس إدارة جهاز قطر للاستثمار.
السيرة الذاتية للشيخ طحنون بن زايد آل نهيان
ولد طحنون بن زايد في الرابع من كانون الأول/ديسمبر 1971، وهو أحد الأبناء الستة للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان من زوجته الثالثة الشيخة فاطمة. يعدّ الشيخ طحنون خبيرا في الفنون القتالية، وهو مولع بركوب الدراجات والعدو والشطرنج.
سنة 1992، أسس بنك الخليج الأول، وفي 2013 عُيّن نائبا لمستشار الأمن الوطني. سنة 2016، تمت ترقيته إلى منصب مستشار الأمن الوطني، وفي 2020 عُيِّن في مجلس إدارة المجلس الأعلى للشؤون المالية والاقتصادية.
وترى فونتنروز بأن الشيخ طحنون يتميز باتساع دائرة مهامه وقدرته على البقاء بعيدا عن الأضواء والأعين. وتضيف قائلة: “لا أعتقد أن لديه نظيرًا في دول الخليج الأخرى”. كما يصف دبلوماسي أمريكي سابق الشيخ طحنون بأنه “رجل الظل”، مؤكدا أن “لديه مهارات تخدم مصالح السياسة الخارجية والأمن القومي”.
الرجل الأقرب لمحمد بن زايد
طحنون بن زايد هو أحد الأشقاء الستة الأقوياء من أبناء مؤسس الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والذين يقودهم الشيخ محمد بن زايد. ومن بين الأشقاء الستة، وهم أبناء الشيخة فاطمة، الشيخ منصور بن زايد، مالك نادي مانشستر سيتي الإنجليزي، والشيخ عبد الله الذي يشغل منصب وزير الخارجية.
نظرا لامتلاكه خبرة تسع سنوات في القوات المسلحة منذ 1991، عُيّن الشيخ طحنون في 2013 نائبا لمستشار الأمن الوطني، المنصب الذي كان يشغله شقيقه هزاع آنذاك، وقد حل مكانه بعد ذلك بثلاث سنوات. تزامن صعوده مع حقبة انتهج فيها الشيخ محمد بن زايد سياسة قائمة على التدخل الخارجي، فاستغل قدرات أبو ظبي في التصدي لإيران والحركات الإسلامية في جميع أنحاء المنطقة، مع تضييق مساحة الحريات في الداخل.
في الوقت الراهن، يمكن القول إن ولي عهد أبو ظبي هو الزعيم الأكثر نفوذاً في العالم العربي، رفقة ذراعه الأيمن، الشيخ طحنون. في هذا الإطار، يقول دبلوماسي غربي آخر: “لدى محمد بن زايد دائرة مصغرة من الأشخاص الذين يتحدث معهم عن هذه القضايا، و طحنون هو الرجل رقم واحد”.
صورة لطلاب عسكريين دربتهم الإمارات وانضموا لقوات الشرطة اليمنية. يعتبر مستشار الأمن الوطني الشيخ طحنون بن زايد من أبرز الأشخاص الذين يثق بهم ولي العهد للتعامل مع القضايا الحساسة والصعبة، بما في ذلك الصراع في اليمن.
سنة 2015، قبل سنة من تولي الشيخ طحنون منصب مستشار الأمن الوطني، نشرت الإمارات العربية المتحدة قواتها في اليمن كشريك رئيسي في التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران. سنة 2017، انضمت الإمارات العربية المتحدة إلى المملكة العربية السعودية في حصارها الذي فرضته على قطر. أما في ليبيا، فقد زودت اللواء المنشق خليفة حفتر بالأسلحة وكل أشكال الدعم الأخرى.
وصف مسؤولون أجانب الشيخ طحنون بالشخص العملي الذي يتسم بخبرة وقدرة تحليلية كبيرة. ويقول دبلوماسي أمريكي سابق بأن طحنون كان أول مسؤول إماراتي كبير يثير احتمال انسحاب الإمارات من الحرب في اليمن سنة 2016، بعد أن أدرك أنه لا يمكن تحقيق النصر في هذه الحرب. بعد ثلاث سنوات، بدأت الإمارات بسحب قواتها بعد أن تعرضت إلى سيل من الانتقادات لدورها في الصراع اليمني.
يضيف الدبلوماسي السابق أن الشيخ طحنون أعطى الانطباع بأنه قلق من دعم الإمارات للجنرال خليفة حفتر، مدركا بأنه “ليس زعيمًا سياسيًا مناسبا”، واعتبره قائدا عسكريا “متقلبا”. شوّه التدخل في ليبيا صورة دولة الإمارات، حيث اتهم خبراء الأمم المتحدة أبو ظبي خلال مناسبات عدة بانتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا.
وفقًا لتقرير المفتش العام في البنتاغون، الصادر خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، تعتقد المخابرات الأمريكية أنه من المحتمل أن الإمارات تقوم بتقديم بعض الدعم المالي للعمليات التي تنفذها مجموعة فاغنر الروسية في ليبيا، والتي نشرت حوالي 2000 مرتزق لدعم الجنرال حفتر. خلال الشهر ذاته، أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرا زعمت فيه أن الشركة الإماراتية “بلاك شيلد للخدمات الأمنية”، جندت عددا من السودانيين كحراس أمن ثم أرسلتهم للقتال في ليبيا. وقالت المنظمة الحقوقية إن ذلك كان “مجرد مثال على تورط الإمارات المشبوه في صراعات خارجية”. لم تستجب وزارة الخارجية الإماراتية إلى طلبات التعليق على هذه الاتهامات.
صورة لمركز قيادة شركة بترول أبوظبي الوطنية. يقول المقربون من الشيخ طحنون إنه يؤمن بالتكنولوجيا، وبأنها ستساعد الإمارات العربية المتحدة على تنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط.
التركيز على الأمن
ينظر المراقبون إلى إنشاء شركات مثل “المجموعة 42” للذكاء الاصطناعي على أنه امتداد للأهداف الاستراتيجية الوطنية للدولة التي باتت تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا في العديد من القطاعات، من الأمن إلى الصحة. ومن المتوقع أن تركز علاقة الإمارات مع “إسرائيل” على هذه المجالات وغيرها، مثل التكنولوجيا الزراعية، وتأخذ كيانات مرتبطة بالدولة والعائلة الحاكمة بزمام المبادرة.
مع ذلك، هناك مزاعم تفيد بوجود جانب داخلي أكثر قتامة للقيادة ذات العقلية الأمنية. فالسلطات الإماراتية – التي لاحظت تهديدات من الإسلاميين السنة والمسلحين الشيعة وإيران على مدى العقد الماضي – متهمة بالتجسس على المنتقدين والمعارضين المحليين. وقد حُكم على الناشط الحقوقي أحمد منصور بالسجن 10 سنوات في 2018 بتهمة إهانة “مكانة وهيبة الإمارات العربية المتحدة ورموزها”. وزعم نشطاء أن هاتفه استُهدف من قبل أجهزة الأمن باستخدام برامج تجسس تابعة لشركة “مجموعة إن إس أو” الإسرائيلية.
في 2019، نَقل تقرير لصحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين أن تطبيق المراسلة المجاني “تو توك” الذي وقع إطلاقه في الإمارات العربية المتحدة في تلك السنة، قد استُخدم للتجسس على مستخدميه. ووصفت شركة “تو توك” هذه المزاعم بأنها “مضللة وكاذبة تماما”. كما أصرت الشركة، التي أزيل تطبيقها من متجري التطبيقات “آب ستور” و”غوغل بلاي”، على أن سياسة الخصوصية الخاصة بها تتوافق مع المعايير الدولية وأنه لا علاقة لها بالحكومة.
استثمرت “المجموعة 42” في تطبيق المراسلة. وكان أسامة الأهدلي الذي يعد جزءًا من “الشبكة التنفيذية” للشيخ طحنون ومن مساعدين الموثوقين في مجال الأعمال، وفقا لشخص مقرب من عضو بارز في الأسرة الحاكمة، حتى الشهر الماضي مدير “تو توك”. أما حمد الشامسي، وهو عضو آخر في شبكته وعضو سابق في مجلس إدارة الشركة العالمية القابضة، فهو المدير الوحيد المدرج في “المجموعة 42″. كما أن الشامسي هو المدير العام للمكتب الخاص للشيخة فاطمة، والدة الشيخ طحنون. ويقول شخص مقرب من الشيخ طحنون، إنه لا الأهدلي ولا الشامسي كان لهما مناصب تنفيذية في” تو توك” أو “المجموعة 42”.
تفرّعت “المجموعة 42”. وفي تشرين الأول/ أكتوبر، أعلنت كابل أن المجموعة كانت جزءًا من الائتلاف التجاري الذي وقّع عقودًا مع هيئة الطيران الأفغانية في مجال “خدمات الأمن وإدارة العمليات والمناولة الأرضية وأنظمة وتكنولوجيا الطيران”.
أحمد منصور، ناشط حقوقي إماراتي سُجن في 2018. زعم نشطاء أن هاتفه استُهدف من قبل الأجهزة الأمنية باستخدام برامج تجسس تابعة لشركة مجموعة إن إس أو الإسرائيلية.
تعززت علاقات هذه الشركة بالدولة عندما استحوذت “مبادلة”، وهي أداة استثمارية سيادية يرأسها الشيخ محمد، على حصة لم يُكشف عنها في “المجموعة 42” في تشرين الثاني/ نوفمبر. ويقول المسؤول التنفيذي الأجنبي إن “الخط الفاصل بين العائلة المالكة ورجال الأعمال [في أبو ظبي] أصبح غير واضح. لا أعتقد أنه موجود الآن. من الصعب للغاية تحديد ما هو حكر على القطاع الخاص. ولا أعتقد أن هناك أي لاعبين يتمتعون بالمصداقية في القطاع الخاص في القطاعات الاستراتيجية”.
المشاريع الملكية
عندما كان الشيخ زايد على قيد الحياة، تولى الشيخ طحنون “الإدارة الخاصة” للعائلة، وذلك حسب ما صرّح شخص مقرب من الشيخ طحنون. أسس بنك الخليج الأول، الذي اندمج لاحقا مع بنك أبوظبي الوطني ليشكل بنك أبوظبي الأول، عندما كان عمره 23 سنة فقط. وفي السنوات التي أعقبت وفاة الشيخ زايد في 2004، سار العديد من الأبناء الآخرين مثل الشيخ منصور في طريقهم الخاص في مجال الأعمال.
يقول المسؤول التنفيذي الأجنبي: “إذا كنت تريد التفاوض على صفقة تجارية مع العائلة، وليس في القصر، فسوف تتواصل معهم من خلال الشيخ طحنون. بمجرد أن حصل الأبناء على نصيبهم من المال عندما توفي الشيخ زايد… أراد بعضهم القيام بأعمال خاصة بهم”. ويضيف أن الشيخ طحنون كان دائما “مهتما جدا بالأعمال. كان يتحدث عن الموضوع الذي تتحدث عنه من خلال الإشارة إلى الأشياء التي قرأها في جلسات الإحاطة”.
على مدار السنتين الماضيتين، كانت الشركة العالمية القابضة تركز على عمليات الشراء، بما في ذلك الاستحواذ على “تراست إنترناشيونال غروب” الدفاعية، وأصول أخرى من المجموعة الملكية. لقد أوجد الوباء فرصًا جديدة للشركات التابعة للشيخ طحنون، بما في ذلك شركة “بيور هيلث”، مشغل المختبرات المملوك بنسبة 30 بالمئة من قبل الشركة العالمية القابضة؛ وشركة “طموح” للرعاية الصحية، المملوكة من قبل الشركة العالمية القابضة التي شاركت في برنامج الاختبارات الخاص بفيروس كورونا في الإمارات العربية المتحدة.
بنك الخليج الأول، الذي أنشأه الشيخ طحنون عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره. ومنذ ذلك الحين، اندمج مع بنك منافس لإنشاء بنك أبوظبي الأول، حيث يتولى طحنون رئاسة مجلس الإدارة.
يقول الشخص المقرب من الشيخ طحنون إنه من أشد المؤمنين “بالتكنولوجيا، وخاصة في عالم ما بعد كوفيد”. ويضيف قائلا: “إنه يدعم التكنولوجيا بالأفعال لا بالأقوال. كما أنه يسعى إلى توسيع نطاق أعماله من خلال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والرقمنة. الأمن الاقتصادي عنصر أساسي في أهداف الأمن القومي لأي دولة، خاصة في دولة مثل الإمارات العربية المتحدة، التي تطمح إلى إنشاء اقتصاد قائم على المعرفة وأقل اعتمادًا على النفط“.
يقول مستشار مخضرم في المنطقة إن تكامل أدواره الاقتصادية والأمنية يجعل الشيخ طحنون ثاني أكثر الرجال نفوذًا في أبوظبي بعد الشيخ محمد، وقد يصل إلى ذروة سلطته بينما يتولى أبناء ولي العهد، ولا سيما الشيخ خالد بن محمد، مناصب بارزة في السياسة الأمنية والاقتصادية. ويؤكد المستشار أن “السؤال الكبير هو ما إذا كنا قد رأينا العلامة المائية العالية لتأثيره، أو ما إذا كان ظهور جيل جديد من القادة يعني أن مسؤولياته يمكن أن تتضاءل”. قد تعتمد استمرارية الشيخ طحنون على مدى دعم مشاريعه لاقتصاد الإمارات العربية المتحدة. ويتساءل خبير إقليمي آخر: “من سيكون سوبرمان إلى الأبد؟”.
المصدر: فاينانشال تايمز