أمضى جون جرينوود العقدين الأخيرين من حياته في مطاردة الوكالات الأمريكية الحكومية، للكشف عما لديها من أسرار ومشاريع سرية وفق قانون حرية المعلومات. جرينوود طارد الوكالة في كل مكان: في الإعلام والمحاكم والشوارع، وأنشأ موقعًا يسمى “القبو الأسود”، يضم 2.2 مليون وثيقة رسمية سرية عن تلك المشاريع، كما كتب عن تلك الملفات كتابًا يحمل نفس الاسم.
الضغط الذي سلطه جرينوود أثمر عن فتح الكثير من الملفات، فقد كشفت الـ”سي آي إيه” عن كل ما تعرفه عن الأجسام الطائرة المجهولة أمام الكونغرس بموجب بند تم إدخاله في مشروع قانون الإغاثة من فيروس كورونا البالغ 2.3 تريليون دولار الذي تم توقيعه ليصبح قانونًا من الرئيس السابق دونالد ترامب في ديسمبر/كانون الأول 2020.
كشفت سلسلة الوثائق مشاريع سرية غريبة قامت بها وكالة المخابرات الأمريكية، يحمل أحدها اسم stargate، وهي تجارب قامت بها الـ”CIA” لتطوير الذكاء والبحث وتطوير القدرات الخارقة واستخدامها في الحصول على المعلومات، إحدى هذه القدرات هي التواصل عن بعد.
توضح المذكرات بالتفصيل كيف تمكن جيلر من تكرار الصور المرسومة جزئيًا في غرفة أخرى بدقة متفاوتة
امتد المشروع منذ 1973 ولم يتوقف إلا عام 1995 عندما تم إزالة الستار عنه بعد إيقافه لأنه لم يحقق النجاح المنشود، لكن إغلاقه لا يعني أنه لم يحقق بعض النجاحات اللافتة ومنها تجارب “علم الطاقة النفسية”. تضمنت تلك التجارب “عمليات عقلية”، حيث يمكن للشخص أن يدرك أو يتواصل أو يغير خصائص شيء ما أو شخص ما يفصله عن ذلك الشخص المكان أو الزمان.
تضمنت التجارب أيضًا أشياء مثل المشاهدة عن بُعد، حيث يمكن للأشخاص رؤية الأشياء في مكان آخر، والتحدث عن بُعد، حيث يمكن لشخص ما تحريك كائن لم يلمسه في الواقع، وإحدى تلك التجارب كانت تخص الطبيب النفسي الشهير أوري جيلر في عام 1973.
توضح المذكرات بالتفصيل كيف تمكن جيلر من تكرار الصور المرسومة جزئيًا في غرفة أخرى بدقة متفاوتة – ولكن دقيقة في بعض الأحيان – ما دفع الباحثين إلى كتابة أنه أظهر قدرته الإدراكية الخارقة بطريقة مقنعة لا لبس فيها.
تظهر هذه الصور كيف استطاع جيلر رسم صور بدقة كبيرة في مكان آخر.
الأطباق الطائرة.. مشاهدات غريبة
لكن أكثر الملفات الغريبة هي تلك التي تتعلق بالأطباق الطائرة، حتى طريقة نشرها كانت ملفتة للنظر، وهو ما بعث جرينوود على الشك عما إذا ما كان ما تم نشره هو فعلًا كل ما تمتلكه الوكالة عن الأطباق الطائرة. “لقد نشروا الملفات الأصلية بذاتها، وبطباعة قديمة دون تحميلها على ملفات مقروءة، الصيغة التي نشرت بها الملفات تقود لنفس النتيجة، لقد نشروها بصيغة قديمة “TIF”، لا تزال بعض المذكرات غير قابلة للقراءة” يقول جرينوود.
تعتبر ملفات الأطباق الطائرة المنشورة في 13 من يناير/كانون الثاني 2021، التي تضم 2700 وثيقة امتدادًا للوثائق الأخرى التي تتحدث عن مشاهدات اليوفو وتجارب التواصل مع الفضائيين، وتظهر الملفات أيضًا مراسلات عن مشاهدات أجسام غامضة بين ضباط وكالة المخابرات المركزية وأفراد من الجيش.
أحيانًا يتجاهل المسؤولون قصص المراقبين ويعتبرونها مجرد خرافات، حتى عندما يكون أي تفسير آخر غير مقنع، لكن في حالات أخرى، يُظهر الضباط قلقًا حقيقيًا من احتمال وجود شيء خطير.
يصف أحد أقدم السجلات اجتماع عام 1952 حيث ناقش كبار مسؤولي المخابرات والجيش الأمريكيين تشكيل تحالف لدراسة الزيادة المقلقة في مشاهدات الأجسام الطائرة المجهولة، هذا التحالف الذي يقوده سلاح الجو ويطلق عليه اسم Project Blue Book، سيستمر في مراجعة آلاف المشاهد في الداخل والخارج لتحديد ما إذا كان هناك سبب للخوف من شيء آخر غير أعداء أمريكا في الحرب الباردة.
الرحلة البيلاروسية
في 30 من يناير/كانون الثاني عام 1985، كانت الرحلة رقم 8352 تعبر الأجواء البيلاروسية قادمة من جورجيا باتجاه العاصمة الإستونية تالين، تألف طاقم الطائرة “TU-134” من القائد إيغور تشيركاشين ومساعده غينادي لازورين والملاح إيغور أوجنيف والميكانيكي غينادي كوزلوف.
في الساعة 4:10 فجرًا، على بعد 120 كيلومترًا من مدينة مينسك البيلاروسية، لمح الطيار المساعد لازورين قرصًا مضيئًا أعلى يمين النافذة على بعد 40-50 كيلومترًا.
“لا بد أن هذا انعكاس ضوئي في الغلاف الجوي”، فكر لازورين، وفجأة بدأ الجسم بإطلاق شعاع عمودي نحو الأرض، توسع الشعاع ليكون مخروطا، تبعه شعاع ثان وثالث.
“يجب أن نبلغ برج المراقبة”، صرخ لازورين. “لا تفعل.. ماذا سنقول لهم، ماذا سنكتب في التقرير، لا أحد سيصدق ما نراه، انتظر لنرى ما سيحصل”، أجابه تشيركاشين.
بدأ لازورين برسم ما يراه لتسجيل التقرير وإرساله، لكن الجسم بدأ بتسليط الضوء على الطائرة فجأة، ثم اندفع نحوهم بسرعة! “اتصل بالأرض بسرعة.. إنه يتجه نحونا” صرخ القائد تشيركاشين.
فجأة، توقف الجسم عن الاندفاع، ثم بدأ يتحرك في الأعلى والأسفل، قبل أن يهبط إلى الأرض، ولم يكد وقت طويل يمر قبل أن تحيط بالجسم سحابة دخانية تغطيه.
كان برج المراقبة في مينسك قد استقبل تقرير الطائرة، لكنه أجاب بأنه لا يرى شيئًا على الرادار غيرهم. ارتفعت المركبة بعدها لتطير على يمين الطائرة على بعد 10 كيلومترات منها، شاهد الركاب ذلك بوضوح وبدأوا يتساءلون عن ذلك الجسم الطائر الغريب.
“أخبرهم أن هذه إحدى الظواهر الجوية الغريبة”، قال تشيركاشين للميكانيكي كوزلوف.
في تلك الأثناء، كان هناك طائرة ركاب أخرى قادمة في الاتجاه المعاكس، لكنها على مسار الطائرة “السحابة”، تدخل حينها برج المراقبة في مينسك ليؤكد ظهور الجسم على الرادار، ويرسل تحذيرًا للطائرة المدنية الأخرى بضرورة تجنب هذا الجسم الغريب أمامه، كذلك فعلت أبراج المراقبة في مدن ريغا وفيلنيوس.
ظلت السحابة ترافق الرحلة الإستونية على بعد 10 كيلومترات منها، ورغم تلك المسافة، كان يمكن جيدًا تمييز الأضواء المنبعثة منها واللهيب الخارج من محركها، كما أن جسمها كان يبدو بشكل قرص مدبب الأطراف.
تكمل الوثيقة “C00174708” تفاصيل أخرى عن ذلك الجسم، فعند وصول الطائرتين إلى بحيرة بسكوفسكوي وهي بحيرة تقع قرب الحدود الإستونية وتبلغ مساحتها 702 كيلومتر مربع، أطلقت السحابة شعاعًا عموديًا بدا أنه يمسح البحيرة بأكملها، عند ذلك أدرك طاقم القيادة الحجم الحقيقي لتلك السحابة: إنه يعادل حجم البحيرة نفسها!!
عند وصول الطائرة الإستونية إلى العاصمة تالين كان ذلك الجسم لا يزال يرافقهم، بعد الهبوط انفرد مراقب البرج بالطيار تشيركاشين ليسأله: “ما ذلك الجسم الذي كان يرافقكم طوال الرحلة؟ لقد كان ظاهرًا على الرادار دون أن يكون هناك رحلة مسجلة أخرى لدينا”!
دفع الحادث الاتحاد السوفيتي لتشكيل لجنة من علماء في أكاديمية العلوم السوفيتية لدراسة الحالة شارك فيها الطاقم كاملًا، ولم تصل اللجنة إلى نتيجة محددة، لكن أحد الاحتمالات التي أوردتها هي احتمالية أن يكون ذلك الجسم “مركبة يوفو”.
تسجل باقي الوثائق حوادث مختلفة عن رؤية الأطباق الطائرة، وتذكر تقارير أخرى أن مجموع مشاهدات الأطباق الطائرة يصل إلى 12600 مشاهدة لم يتم حل الكثير منها، وهو ما سيتم إفراد عدة حالات منها في مقال منفصل.