أوفد حزب نداء تونس، الذي يتطلع للفوز بالمرتبة الأولى أو الثانية في الانتخابات التشريعية القادمة، عددًا من قياداته إلى العاصمة السورية دمشق لمقابلة قيادات نظام بشار الأسد وعلى رأسهم مساعد وزير الخارجية وأحمد حسون مفتي النظام.
وترأس وفد الحزب التونسي الوزير التونسي السابق “لزهر العكرمي” الذي أدلى بتصريحات نقلتها وسائل الإعلام التابعة لنظام بشار قال فيها: “نحن نتكامل في رؤيتنا لمنطقة آمنة مستقرة خالية من الإرهاب ومن التهديدات ومن التطرف، والحال من بعضه”، مضيفًا: “نحن نعاني تقريبًا من نفس المشاكل ومن نفس الوضعية ومن هذا العنف وعدم الاستقرار الذي نعيشه الآن، فجئنا لنطمإن على أهلنا في سوريا”.
وإذ تتضاد تصريحات وأفعال وفد حزب نداء تونس مع ما يروج له عن تونس بوصفها الشمعة المضيئة في المنطقة وآخر قلاع الربيع العربي وآخر أمل لشعوب المنطقة في تحقيق انتقال ديمقراطي سلمي ناجح، فإنها تتناغم مع أفعال وتصريحات سابقة للزهر العكرمي ولحزب نداء تونس الذي كان أول المبادرين إلى تهنئة الجنرال عبد الفتاح السيسي بفوزه بالاقتراع المزور الذي أقامه العسكر في مصر.
وكما حدث زعيم الحزب “الباجي قائد السبسي” التونسيين في صيف 2013 عن قرب تكرار “السيناريو المصري” في تونس، استبشر لزهر العكرمي بسقوط التجربة الديمقراطية في مصر وبالانقلاب العسكري الذي شهدته في يوليو 2013 فخرج وسط عدد من أنصاره مبشرًا إياهم بقرب لحظة يسقط فيها “إخوان تونس” كما سقط قبلهم “إخوان مصر”، مؤكدًا بذلك تصريحات سابقة له لا ترى في سطو الجنرال عبد الفتاح السيسي على كل السلطات في مصر انقلابًا عسكريًا وإنما مجرد تصحيح للمسار الديمقراطي.
https://www.youtube.com/watch?v=_es1CetWXQ0
ويذكر أن نظام بشار الأسد يواجه منذ 4 سنوات ثورة شعبية عارمة تحولت إلى عمل مسلح بعد تسليطه للآلة العسكرية على المظاهرات السلمية واستعانته بمليشيات حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني وقصفه للمدن بالبراميل المتفجرة وقتله لما يفوق 250 ألف مواطن سوري مات المئات منهم تحت التعذيب والتجويع داخل معسكرات النظام، كما أن مصر تشهد منذ انقلاب يوليو سطوًا عسكريًا على كل مفاصل الحياة السياسية وقمعًا أمنيًا وعسكريًا لكل التحركات الشعبية المعارضة للانقلاب، وذلك حسب عشرات التقارير الرسمية الصادرة عن كبريات المنظمات الحقوقية الدولية وعلى رأسها منظمة هيومن رايتس ووتش.
تاريخ زاخر للزهر العكرمي:
وأكثر الفترات التي برز فيها اسم لزهر العكرمي قبل الثورة كانت بعد إتمام زين العابدين بن علي لانقلابه على الرئيس الأول لتونس الحبيب بورقيبة، حيث شغل لزهر العكرمي منصب ملحق صحفي بوزارة العدل في الفترة الممتدة من 1992 و1994 وهي الفترة التي قام خلالها بن علي بتوظيف جهاز القضاء لتصفية معارضيه وإصدار آلاف الأحكام القضائية الجائرة في حق كل معارضيه بمختلف توجهاتهم وخاصة الإسلاميين منهم.
ومن المناصب التي يزعم أن لزهر العكرمي تولاها خلال فترة حكم بن علي ولم يتم إثباتها أو إنكارها، منصب “مروج دعائي” (propagansite) لدى الحزب الحاكم، وذلك حسب ما إدعاه القاضي التونسي الشهير “مختار اليحياوي” الذي استظهر بوثيقة قال إنها تمثل عقدًا بين لزهر العكرمي والحزب الحاكم، يلتزم بموجبه لزهر العكرمي بـ “التعريف بإنجازات العهد الجديد في مجال حقوق الإنسان بمختلف الوسائل” وذلك بمقابل 250 دينار شهريًا (حوالي 150 دولار في تلك الأيام).
https://www.youtube.com/watch?v=tDzTQoJ8-is
ومن التصريحات الشهيرة للزهر العكرمي والتي أراد من خلالها إلصاق تهمة العنف بخصمه السياسي الأقوى في تونس، حزب حركة النهضة ذو التوجه الإسلامي، قال عكرمي في مناظرة تلفزيونية إن “عادة الإسلاميين أن يصلوا للحكم بعد ممارسة العنف”، مشيرًا إلى أن الإسلاميين في العراق وصلوا للحكم بعد “ممارستهم العنف ضد الأمريكيين”، وأن حركة حماس وصلت للحكم بعد “ممارستها للعنف ضد الإسرائيليين”.