بدأت حملة شعبية للتشجيع الهجرة من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بالرواج بشكل واسع داخل إسرائيل بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، في الوقت الذي ما زالت فيه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تدفع بدعم ميزانية الجيش على حساب مستوى حياة الفرد.
وكشف تقرير صادر عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار” البارحة الأحد، أن الدعوة إلى حملة هجرة عكسية من إسرائيل إلى الخارج، ستلقى زخما خلال الفترة القريبة القادمة، بسبب التراجع الاقتصادي الكبير، وارتفاع الأسعار الذى يعانى منه الإسرائيليون.
وقال المركز، في تقريره أن الإسرائيليين انضموا إلى الشعوب التي تعيش، أو يعيش قسم منها، في فقر وضائقة اقتصادية، وخوف من نزاعات مسلحة، وأن هذا قد يلجئهم إلى الهجرة من أوطانهم، سعيا وراء حياة أفضل وأكثر أماناً.
وتناول التقرير الحملة الشعبية التي أطلقها مجموعة من الإسرائيليين بعنوان “الصاعدون إلى برلين”، والتي تشجع على الهجرة إلى ألمانيا، بحثاً عن حياة اقتصادية أفضل، مع تصاعد مؤشرات غلاء المعيشة في إسرائيل.
وأشار تقرير “مدار” أن أحد أسباب تأسيس حملة “لنصعد إلى برلين” هو اقتصادي واجتماعي، أما السبب الثاني فيتعلق بالأمن الشخصي للمواطنين والمخاوف من الحروب والصراعات المتكررة، التي تشهدها إسرائيل مثل الحرب الأخيرة على غزة، وحرب لبنان الثانية، والانتفاضة الفلسطينية الثانية، حيث دارت هذه الصراعات للمرة الأولى داخل الجبهة الإسرائيلية.
وقال التقرير إن تزايد الاحتجاجات بين المواطنين الإسرائيليين، خلال الآونة الأخيرة، بين المطالبة بخفض أسعار السكن، والمواد الغذائية، والتعليم وغيرها، ساهمت في ارتفاع نسبة المهاجرين، خاصة مع عدم تعاطي الحكومة مع هذه الاحتجاجات.
وكشفت تقارير أخرى صادرة في يوليو الماضي أن نسبة التضخم داخل اسرائيل، ارتفعت خلال السنوات الثلاث الماضية بنسبة 7.1٪، فيما كانت الزيادة في أسعار السلع الغذائية خلال تلك الفترة، بنسبة أكبر بلغت 13.5٪.
في الوقت ذاته، أظهرت أرقام صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الإسرائيلي، الشهر الماضي، أن أسعار المساكن في إسرائيل ارتفعت خلال 7 أشهر من العام الجاري (من يناير حتى نهاية يوليو الماضي) بنسبة 4٪، بينما ارتفعت بنسبة 6.8٪ خلال الشهور الاثني عشر الماضية المنتهية في يوليو.
ويرى المبادرون للحملة، أن الارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات، لم يقابله أي تحرك من الحكومة الإسرائيلية التي تهتم فقط بافتعال الحروب، وتغطية نفقاتها على حساب المواطنين، من خلال رفع الضرائب ومستلزمات الحياة الأساسية، مؤكدين أن الحكومة لا يعنيها شيء من أمور المواطنين وحياتهم اليومية وفقا للتقرير.
وفي مقارنة أجراها القائمون على حملة “النازلين إلى برلين”، ذكروا أنه في ألمانيا يمنح المواطن تعليما مجانيا من سن 3 سنوات حتى إنهاء شهادته الجامعية، وأن ذلك يشمل الدراسات الإضافية، وحتى المساعدات التعليمية خارج اليوم الدراسي.
وفيما يتعلق بتكلفة السكن، يقول المبادرون بالحملة، إن سعر المسكن في منطقة مركزية في برلين أقل بثلاث مرات عن مثيله في تل أبيب، كما أشاروا إلى أن المانيا توفر شبكة مواصلات عامة جيدة، تتيح لكل إنسان العمل أينما أراد، دون أن يقلق من بعد المسافة أو أزمات السير التي قد تؤخره عن عمله.
وذكر المبادرون إلى الحملة، أن هناك فروقات واضحة بين ألمانيا وإسرائيل في أسعار المنتجات الغذائية، والضمانات ، وتأمين الشيخوخة، وتعويضات البطالة، حيث يمكنك في برلين أن تضمن الحياة الكريمة لكل مواطن في كل مراحل عمره، على عكس إسرائيل التي قد يبلغ المواطن فيها مرحلة الفقر الشديد، من دون الالتفات إليه من قبل الجهات الحكومية.
يذكر أن نسبة الفقر في إسرائيل، بحسب تقرير صادر عن مؤسسة الضمان الاجتماعي، بلغت نهاية العام الماضي 33٪، إلا أن المساعدات والمخصصات الاجتماعية التي تدفعها الحكومة، تقلص النسبة إلى 19٪.
وأعلن مسؤولو الحملة، في نهاية الأسبوع الماضي، أنهم تلقوا 9300 طلبا من إسرائيليين يطلبون الهجرة إلى برلين. وقالوا إنهم توجهوا إلى المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” بطلب للحصول على آلاف تأشيرات العمل لصالح المهاجرين الإسرائيليين.
يذكر أن تقريراً صادراً عن المعهد الوطني للتأمين على الوظائف والأجور – وهي مؤسسة إسرائيلية شبه حكومية-، نهاية الأسبوع الماضي، أظهر أن متوسط رواتب وأجور الموظفين والعمال في إسرائيل بلغ 9631 شيكلاً (2675 دولار أمريكي)، بحسب بيانات مجمعة حتى نهاية يوليو الماضي.
وبحسب التقرير فإن هذا الرقم جاء متوسطاً لرواتب أكثر من 3.307 مليون موظف وعامل إسرائيلي يعملون داخل إسرائيل والمستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، بمن فيهم فلسطينيو الداخل.