انتهى حوالي 13 ألف قاضي تركي أمس الأحد من انتخاب 22 عضوا (منهم 12 عضوا احتياطيا) من أعضاء الهيئة العليا للقضاة والمدعين، السلطة القضائية الأعلى في البلاد والسلطة الوحيدة المسؤولة عن استقلالية القضاء والمكلفة بتعيين وعزل كبار القضاة ومعاقبة من تتوجب معاقبتهم.
وبهذه الانتخابات، حسم حزب العدالة والتنمية أحد أهم التحديات التي يواجهها في صراعه مع جماعة فتح الله كولن، حيث كانت الجماعة تسيطر بشكل شبه كامل على الهيئة الأمر الذي مكنها من التحكم بشكل مباشر أو غير مباشر في مؤسسة القضاء التركي وكان حجر الأساس في “عملية 17 ديسمبر” التي قامت الجماعة خلالها بتمرير قضايا ضد شخصيات بارزة في حكومة العدالة والتنمية معتمدة على أدلة ثبت الآن أن معظمها تم تلفيقها بناء على معلومات جمعت بشكل غير قانوني وبأوامر قضائية استخرجها القضاة التابعون للجماعة.
وفازت القائمة المدعومة من حزب العدالة والتنمية ب8 مقاعد من أصل 10 مقاعد دائمة، ومقعدين من أصل 12 مقعدا احتياطيا، وفي أول تعليق رسمي من الحكومة على هذه النتائج قال وزير العدل “بكير بوزداغ” أن “التصويت الذي جرى كان ديموقراطياً واتاح تشكيل هيكلية تعددية”، مضيفا: “أنه انتصار للقضاة والمدعين العامين والقضاء ودولة القانون والمفهوم المستقل والموضوعي للعدالة”.
وأما رئيس الجمهورية التركية، رجب طيب أردوغان، فقد قال في خطاب ألقاه في جامعة مرمرة تعليقا على نتائج الانتخاب بالقول: “الفائز في هذه الانتخابات هو شعبنا هو بلدنا هو العدالة”، مضيفا: “بتكوين المستقل سيسير المجلس الأعلى للقضاء والنيابة صوب المستقبل بتشكيل يحل مشاكل القضاء”.
وقد اعتمدت الجماعة بشكل كبير على جهاز القضاء في صراعها مع حكومة العدالة والتنمية، حيث نجحت من خلال الهيئة العليا للقضاة والمدعين في تشكيل دوائر قضائية منفصلة بشكل كامل عن باقي المؤسسة القضائية، استخدمت في ما بعد لإصدار آلاف أوامر التنصت على شخصيات بارزة في الحكومة والحزب وفي أهم مؤسسات الدولة بما في ذلك رئيس جهاز الاستخبارات المستشار هاكان فيدان.
ومنذ أزمة 17 ديسمبر، ردت حكومة أردوغان ثم حكومة داوود أوغلو بقوة على جماعة فتح الله كولن، فتمت إقالة آلاف المنتسبين إليها من مناصبهم في مختلف أجهزة الدولة وخاصة في وزارة الداخلية، كما ينتظر أن تبدأ عملية الإصلاح داخل جهاز القضاء في الأيام القادمة عبر الهيئة العليا للقضاة والمدعين، حيث سيكون بإمكان هذه الهيئة محاسبة القضاة والمدعين المشتبه في تلقيهم أوامر من جماعة فتح الله كولن.