“لقد آمنا بحقنا في الحياة بكرامة، بحقنا في العدالة، بحقنا في الديمقراطية، بحقنا في المساواة، بحقنا في دولة قانون، خرجنا معززين بسلميتنا وانتمائنا للإنسانية، وليحدث ما يحدث، الوحشية ليست القانون الذي ينبغي أن نرضخ له، سيبقى الكفاح من أجل وطن آمن يحكم بالقانون والمواطنة والديمقراطية هو هدفنا الأسمى”، بهذه الكلمات استرجعت الناشطة اليمنية توكل كرمان، ذكريات الثورة اليمنية في عامها العاشر.
10 سنوات كاملة مرت على ثورة الـ11 من فبراير/شباط 2011، تلك الثورة التي أطاحت بنظام علي عبد الله صالح الذي جثم على صدور اليمنيين لـ33 عامًا، غرقت فيها البلاد في مستنقعات الفساد والفقر والبطالة والركود على المستويات كافة.
قد تحمل السنوات العشرة الماضية الكثير من الذكريات الأليمة والأحداث الموجعة بعدما تبدل حال اليمن السعيد إلى واحد من أكثر مناطق العالم بؤسًا وشقاءً، إثر سقوطه في آتون حرب المصالح والأجندات الإقليمية والدولية، التي جردته من هويته وفرغته من مقومات الحياة.
وعلى قدر ما حملته تلك الأعوام من جرعات مكثفة من المرارة والألم، إلا أنها نجحت في فلترة المشهد وتمييز الصف وكشف الغث والسمين، كما أسقطت الكثير من الأجندات الداخلية والخارجية التي طالما استترت خلف أقنعة الأخوة والتسامح.
وكشفت الأحداث المتتالية أن الانتقال السريع من حالة الخصوبة الثورية في 2011 إلى العقم السريري في 2021، مرورًا بسنوات من الارتخاء الثوري، كانت بفعل فاعل، ووفق إستراتيجية معدة سلفًا، بتواطؤ بين الداخل والخارج، للإبقاء على تفاصيل المشهد وإن غاب عنوانه، والاحتفاظ بالجسد حتى ولو طارت رأسه.
ورغم جرعات الأسى المكثفة التي تجرعها اليمنيون على مدار 120 شهرًا، فإن نسمات الثورة وروحها لا تزال عالقة في الأذهان، دماء تجري في العروق وأفكار لا تنهزم بالرصاص، فهذا البلد الضارب بجذوره في عمق الحضارة لا يمكن أن تكون تلك محطته النهائية على أيدي حفنة من اللصوص والمنتفعين.
ليست كل الأحلام تسقط في فخ الكوابيس، فالأحلام المتبخرة تتحول إلى سحب، بل وسحب مظلمة رمادية اللون، وحين تمطر – وحتما ستمطر يومًا – سيكون الماء غزيرًا، وسيذهب كل الزبد جفاء ولن يبقى إلا ما ينفع الناس، ليعود اليمن كما كان، سعيدًا.. لكن كيف يتم ذلك؟
ما كان قبل عشر سنوات صالحًا كأرضية للحراك الثوري لا شك أنه اليوم فقد صلاحيته، وبات غير قابل للاستهلاك الآدمي، وعليه حين يفكر اليمنيون في استعادة ثورتهم المسلوبة، لا بد أن تكون الأدوات مختلفة، وأن تُراعي الدروس المستفادة طيلة الأعوام الماضية، فالتغيرات التي شابت المشهد تفرض إعادة النظر في الإستراتيجيات رغم وحدة الدافع والهدف.
3 أسئلة نسعى من خلالها في هذه الإطلالة إلى إخراج الثورة من على أجهزة التنفس الصناعي وإنقاذها من الموت الإكلينيكي الذي تعاني منه على مدار السنوات الأخيرة، الأول: لماذا قامت الثورة؟ الثاني: لماذا فشلت؟ الثالث: كيف يمكن وضعها على المسار مرة أخرى؟
لماذا قامت الثورة؟
سؤال قد يبدو تقليديًا في صياغته، قديمًا في حداثته، مملًا في طرحه، صفريًا في إجابته، غير أن استدعاءه في هذا الوقت بعد مرور عشر سنوات ربما يكون ضروريًا لاختبار صلاحية التربة المحلية لنمو بذور ثورية جديدة، بعدما لُوثت بأسمدة الطائفية والأطماع الإقليمية والدولية طيلة الفترة الماضية.
الاحتجاجات الطلابية التي خرجت من جامعة صنعاء في 27 من يناير/كانون الثاني 2011، بجانب أخرى لنشطاء حقوقيين، وطالبوا برحيل صالح، لم تكن وليدة اللحظة، كما أنها لم تكن تقليدًا أعمى لما حدث في تونس ولا في مصر، بل كانت نتاجًا لثلاثة عقود من الفساد والقمع وكبت الحريات ونهب المال العام والتسلط الأسري البغيض.
نجح صالح في تحويل اليمن إلى “وسية” و”ملكية فردية” يتقاسم نفوذها مع أقاربه وأفراد عائلته، حتى وضع مقدرات الدولة في حفنة من الفاسدين والمفسدين، أذاقوا الشعب ويلات التنكيل والتعذيب وسرقوا قوته وعروا جسده وألقوه في غياهب جب الفقر والفساد، يلفظ أنفاسه الأخيرة، دون يد تمسك به أو ذراع تحاول إنقاذه.
كان اليمنيون كغيرهم من الشعوب العربية التي استقلت قطار الربيع العربي، ينظرون إلى أنظمة الحكم الديكتاتورية على أنها أنظمة إلهية لا تقبل الهزيمة ولا يُنتظر لها السقوط، لكن ما حدث في تونس والقاهرة كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر بعير الخوف، فانتفض الشعب مثقلًا بسنوات من الاحتقان ضد نظام صالح الذي أودى ببلاده إلى ذيل العالم وفق مؤشرات الفساد والتنمية الأممية الصادرة عام 2010.
كانت الثورة في بدايتها “نقية” تحمل أحلام شعب مقهور وأماني الملايين في حياة كريمة وبلد يحفظ لهم كرامتهم ويعيد لهم عزهم المفقود، لكنها في الوقت ذاته كانت “مخترقة”، فحين ثبّت الثوار أول أقدامهم ميدانيًا (الرئيس يعلن عدم ترشحه للرئاسة ويجمد التعديلات الدستورية وعدم تسليم الحكم لابنه) بدأت هرولة أركان نظام صالح للانخراط في الحراك، رافعين شعارات الثورة، كأنهم أيقونات تمشي على الأرض.
وكان على رأس المنضمين للثورة علي محسن الأحمر، نائب رئيس الجمهورية وأحد مؤسسي حزب المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم آنذاك)، فيما خاضت الفرقة الأولى مدرع اشتباكات مع الحرس الجمهوري، بما يوحي أن بعض فرق الجيش قد انضمت للثوار، وهنا كانت الخديعة الأولى التي وقع فيها اليمنيون مثل المصريين.
ولماذا فشلت إذًا؟
“حين سمعت حميد الأحمر يتكلم عن الثورة الشعبية قلت حينها إنه سيكون من المضحك والمبكي أن يتحدث حميد عن ثورة شعبية وهو من هو، مكانة إقطاعية وبرجوازية وفساد وفوضوية وشراكة حقيقية في السلطة”، كان هذا تعليق الكاتب اليمني علوي شملان، في مقال له يسترجع ذكرياته مع الثورة وتفاصيلها.
وأضاف “صحيح أن هناك ملايين الناس خرجت إلى الخيام والشوارع، لكن هذه الملايين من الشهر الأول أسقطوا شعار (إسقاط النظام) وبدلوه بـ(ارحل) وهذا عمليًا يعني أن جزءًا من النظام اخترق الثورة ووضع نفسه الأساس لها بعض رموز النظام ووضعوا أنفسهم أعمده لهذه الثورة”.
الموقف هنا يذكرنا بما حدث في مصر المحروسة، حين أدى عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، اللواء محسن الفنجري، التحية العسكرية، لشهداء الثورة في 12 من فبراير/شباط 2011، وقتها استبشر الثوار بدخول الجيش على خط الثورة، لكن سرعان ما سقطت الأقنعة وتكشفت الأطماع التي يدفع المصريون ثمنها حتى اليوم.
معاول الهدم التي أفشلت الثورة تشير إلى أن هدمها كان خطة تأمرية مسبقة، ساعد على تنفيذها سوء إدارتها وحداثة خبرات الثوار السياسية، يأتي على رأسها القفز على مكتسباتها من العديد من القوى السياسية وفي المقدمة منها أحزاب المعارضة التي جاء انضمامها للثورة سلبيًا على عكس ما كان يروج له وقتها.
استغل نظام صالح دخول أحزاب المعارضة للماراثون السياسي للوقيعة بين الثوار ومحاولة تشتيت تركيزهم وتفتيت وحدتهم، محذرًا من أجندات خاصة تسعى تلك الأحزاب لفرضها عبر الثورة، وهو ما كان له تأثيره في إحداث الفتنة وتلاشي الزخم الثوري المتنامي تصاعديًا خلال تلك الفترة.
ورقة الطائفية والقبلية كانت من الأوراق المهمة التي تم تغذيتها لإجهاض الثورة مبكرًا، حيث انضم للحراك العديد من مشائخ القبائل الكبرى من رموز العهد البائد، التي تلطخت أيديهم وسمعتهم بالمال الفاسد والكسب غير المشروع، وهو ما سهل الأمر على استهداف الثورة إعلاميًا من خلال الإعلام الداعم لنظام صالح، لتشويه الثورة ورجالها.
هذا بخلاف “حزب الكنبة” أو الشريحة الصامتة، غير المؤدلجة سياسيًا، التي لا يعنيها ثورة ولا نظام، تلك الفئة رغم غياب حضورها السياسي إلا أنها تمثل القطاع الأكبر في الشارع اليمني، وعليه وجدها النظام البائد فرصة للتحدث باسمها لإثبات شرعيته وجماهيريته لإحداث الخلخلة النفسية والمجتمعية في نفوس الشباب الثائر.. وقد كان.
وقبل هذا وبعده، الدور السعودي الإماراتي الأمريكي الذي سعى قدر الإمكان إلى إفشال الثورة وعدم تجاوزها الحدود اليمنية خشية انتقال العدوى للعواصم الخليجية، ومن ثم كان التدخل المبكر عبر المبادرة الخليجية التي جاءت بمثابة طوق النجاة للنظام ولكل من تلطخت يده بدماء الثوار وامتلأت كروشهم بأموال الدولة المنهوبة.
ونجح التدخل الخليجي في الإبقاء على الوضع على ما هو عليه، رغم الإطاحة برأس النظام، لكن في المقابل ظل الجيش والأمن والسلطة العملية في أيدي الرئيس السابق وأقاربه، هذا بخلاف ما سببته المبادرة من شق الصف الثوري وبث الخلاف بين مكونات الحراك الثوري والشبابي المستقل والحزبي، فضلًا عن حالة الفوضى التي خلفتها، فكان تأثيرها واضحًا في إطفاء شعلة الثورة المتقدة.
ما الذي تغير؟
هل أسباب الثورة لا تزال قائمة؟ بالطبع الإجابة نعم، بل ربما زادت رقعتها بعدما تحولت البلاد إلى قصعة مستباحة من كل الأطراف والقوى، حتى أجهزوا على ما تبقى منها، فباتت اليوم على رأس قائمة الدول الأكثر معاناة من الكوارث الإنسانية.
هل فقد الشباب اليمني إيمانه بثورته بعد الخذلان الذي تعرض له طيلة السنوات الماضية؟ وفق شهادات الكثير منهم فإن إيمانهم بحلمهم في بلد عادل ومتطور ومدني ديمقراطي زاد تماسكًا وقوة عما كان في البداية، خاصة بعدما سقطت الأقنعة عن الكثير من الذين خُدع فيهم الثوار بداية الأمر.
الخريطة السياسية اليمنية تغيرت كثيرًا عما كانت عليه في 2010، فانزوت الكثير من القوى والأحزاب التي كانت تتصدر المشهد سابقًا، فيما قفز الحوثيون فوق المنصات، قادمين من كهوف الجبال إلى منصات الحكم، هذا بخلاف سقوط النخب سقوطًا مدويًا.
كثرت كذلك الأصابع الخارجية التي تعبث بمقدرات الشعب اليمني، فالسعودية والإمارات والولايات المتحدة ودول التحالف من جانب، وإيران وروسيا من جانب آخر، كما دخلت “إسرائيل” على الخط مؤخرًا بفضل أبو ظبي التي فتحت الباب أمامها لتحقيق حلمها القديم في الحضور على الممرات الملاحية في باب المندب.
التغيرات التي شهدتها الساحة الإقليمية والدولية مؤخرًا ربما تعيد النظر في تشكيل تلك التحالفات، فوقف الدعم الأمريكي لقوات التحالف وتغليب المسار الدبلوماسي والعمل على وقف الحرب، ربما يكون شمعة من بعيد تضيء النفق المظلم منذ سنوات.
الخسائر التي تكبدتها معظم الأطراف الفاعلة في اليمن دفعت الجميع لإعادة النظر في مسألة استمرار الاقتتال الذي من الواضح أنه لو استمر لن ينتهي وسيعيد التجربة الأفغانية وإن كان على شكل أوسع أفقيًا وأشرس رأسيًا، وهو ما يجعل من إنهاء حالة الحرب انتصارًا رمزيًا للجميع.
المشهد الثوري قبل عشر سنوات لا يمت بأي صلة للمشهد الحاليّ، حيث تغير معظم اللاعبين، بل والأجهزة الفنية كذلك، ولم يتبق من اليمن إلا احتضانه للمباريات الدولية التي تجري فوق أرضه وتحت سمائه، فيما تستقبل شباكه عشرات الأهداف يومًا تلو الآخر، انهيار في المنظومة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بل والإنسانية كذلك.
التربة الآن رغم الركام الذي يخفي ملامحها، فإنها الأكثر مناسبة لإحياء الروح الثورية مرة أخرى، فالثوابت التي أعاقت نجاح الثورة في 2011 غاب كثير منها عن الساحة اليوم، لكن يبقى السؤال: هل يمكن للأدوات السابقة التي فشلت قبل عقد كامل أن تنجح الآن في تحقيق أهدافها الثورية؟ بالطبع الإجابة لا.. إذًا ما البديل؟
المشروع السياسي هو البديل
الحروب الممتدة التي دخلها اليمن منذ 2014 وحتى اليوم التي أخذت طابعًا مذهبيًا، لا شك أنها تتطلب برامج وإستراتيجيات مطولة، تختلف عما هي عليه الآن، الأمر الذي يدفع الجميع لأن يعيدوا التفكير في أدوات الخلاص من حالة التأزم المستمرة، إذ بات من الواضح أن التحول الديمقراطي المدني الشامل هو الطريق الوحيد لعودة الاستقرار لهذا البلد.
سياسيون يمنيون يرون أن معركة الشباب ضد الثورة المضادة هي معركة وجود للشعب اليمني، معركة ممتدة لا تنتهي بهزيمة جولة أو حتى جولات، المهم أن يخرج الفريق الثوري بعيدًا عن التقوقع داخل ثنائية الطائفية الحوثية الإيرانية، والوصاية السعودية الإماراتية.
مقوم البناء قديمًا بات معول هدم اليوم، فعشوائية الحراك الثوري غير المؤدلج في 2011 كانت السبب الأبرز في إسقاط نظام صالح، لكن صلاحيتها الآن فُقدت، فالأمر يحتاج إلى مرحلة انتقالية ثورية، يتضافر فيها الجميع تحت هدف واحد، بأدوات جديدة تتعاطى مع المستجدات الراهنة بصورة برغماتية بحتة.
الأرضية السياسية ممهدة بشكل كبير لإحياء الروح الثورية في الجسد اليمني الخامل منذ سنوات، ولعل إصرار الشباب على استكمال حلمهم المسلوب هو العامل الأبرز لبث تلك الروح مرة أخرى، وهو ما أشار إليه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في مقال له بصحيفة “14 أكتوبر” الحكومية التي تصدر من العاصمة المؤقتة عدن (جنوب)، قال فيه “صمود الشباب (..) الأهم في إنجاز الانتقال السلمي للسلطة بشكل حضاري”.
الأزمة الحقيقية التي وقع فيها ثوار 11 فبراير/شباط غياب المشروع السياسي، إذ كانت التحركات تتم بصورة عشوائية، تقودها مرارة الاحتقان ضد النظام البائد لسنوات طويلة، وهو ما جعلهم – رغم تسديد أول هدف في مرمى صالح – مرتهنين لقيادات تقليدية عاجزة عن الدفع بقطار الثورة نحو الأمام.
عشر سنوات كافية لتعزيز الخبرة السياسية المتراجعة لدى المشاركين في حراك 2011، وما تعرضوا له من خذلان على أيدي النخب والقوى السياسية، الحزبية والمجتمعية، كفيلة بتشكيل عقلهم السياسي بما يسمح لهم البناء على أرضية نقية خالية من تلك الشوائب.
خلق مشروع سياسي متخفف من أثقال الماضي ومبرأ من العقد الأيديولوجية الجامدة هو أول خطوة نحو استعادة الثورة، وتوظيف تطورات المشهد المائل لإنهاء الحرب من أجل تدشين كيان سياسي قوي يضم الأطراف والقوى الثورية كافة تحت لواء واحد، ويتحدث بخطاب واحد لتحقيق هدف واحد، لا عودة لرموز صالح ولا بقاء للطائفية ولا وصاية خليجية على الشعب اليمني.
في الـ10 من فبراير/شباط 2019 غرد وزير الخارجية السابق ومستشار الرئيس اليمني الحاليّ عبد الملك المخلافي، في تدوينة له قائلًا “الاحتفال الأكبر بذكرى ثورة 11 فبراير يتمثل في التوصل إلى برنامج وطني شامل لاستعادة الدولة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، برنامج يعزز الوحدة الوطنية تشترك فيه كل القوى السياسية من خلال جبهة وطنية عريضة في مواجهة الانقلاب ودعم مؤسسات الشرعية التي يجب تفعيل سلطاتها الدستورية جميعًا”.
استجماع كل القوى الثورية مرة أخرى وتوحيد الصف، من خلال تكتل شامل يجمع ثوار الداخل والخارج (قريبًا نسبيًا من ائتلاف قوى الحرية والتغيير السوداني) قد يكون التحرك الذي سيحظى بدعم كبير في الداخل والخارج، لا سيما إن كان معبرًا عن كل ألوان الطيف السياسي اليمني بعيدًا عن الخلافات الأيديولوجية القديمة.
الطبقة البروليتارية (العمال والفلاحون والمنتجون بجانب حزب الكنبة) لا بد أن تتصدر المشهد الثوري، فهم الأقوى تأثيرًا والأكثر عددًا، فثورة يقودها رموز الإقطاع والبروجوازية لا يمكن لها أن تنجح، كما أن العقد الاجتماعي الذي ذهب إليه جاك روسو عن المواطنين والحقوق لا يمكن أن يتم دون نسف البنية الفوقية للنخبة التي تؤلف المجتمع الرسمي حسب كارل ماركس وانجلز، كما أشار الكاتب علوي شملان، الذي قال: “أعتقد أن آراء ماركس وانجلز في هذا الخصوص صائبه للحالة اليمنية”.
عشر سنوات كاملة تفصل بيننا وبين ثورة الـ11 من فبراير/شباط، مدة كافية لإعادة النظر في الأدوات والإستراتيجيات، دروس يجب الاستفادة منها، وأقنعة ضروري ألا ينخدع الشارع فيها مرة أخرى، أخطاء تتطلب المعالجة، تشتت يحتاج إلى وحدة، مشروع سياسي متكامل يفرض نفسه، أحداث وتغيرات متلاحقة من الأهمية بمكان توظيفها، عقلية أخرى تدير المشهد لإنعاش روح الثورة المتقدة في نفوس الشباب الذي آمن بحتمية التغيير وإن طال الأمد.