أنجيلا أيفون ديفيس (بالإنجليزية: Angela Davis) (ولدت 26 يناير 1944 ،برمنغهام ، ألاباما) ، وفي السبعينيات كانت رمز لحركات اخذ حقوق المعتقلين السياسيين ، وكانت ناشطة في مجال حقوق الانسان الأمريكية ، فيلسوفة ، وكاتبة انسانية . بالإضافة إلى ذلك في أنه في أعوام 1980 و 1984 رشحت لمنصب نائب الرئيس الأمريكي بالحزب الامريكي الشيوعي بالولايات المتحدة الأمريكية.
دعمت أنجيلا ديفيس النضال من أجل حرية الزنوج الأمريكان ، وبسبب عملها كعضو بالحزب الشيوعي الأمريكي ، فقد قامت بالدفاع في المحاكمة بسوليداد اوتشلو ضد هجوم الحكومة بالولايات المتحدة الأمريكية ، وذلك أثناء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتى. وقد دخلت ديفيس إلى قائمة المتهمين اللذين يتم البحث عنهم والهاربين بالفيدرالية، وذلك بسبب إتهامها بإحتمالية ارتكاب ذنب ، وتم إلقاء القبض عليها ، ولكن أفرج عنها بعد ذلك. وفي الفترة من 1991 ل فبراير 1995 عُينت كرئيس لجامعة كاليفورنيا.
في هذه المقابلة تتحدث ديفيس عن النضال العالمي وما يمسّه من الحركة النسوية الخاصة بالنساء السود، أهمية العمل المشترك، فلسطين، أوضاع السجون، وأكثر من ذلك، البروفيسورة آنجيلا شرحت أيضًا الدور الذي يجب على الجميع القيام به تجاه هذه الأمور.
ترجمة: نضال أحمد
- المراسل فرانك برات: دائمًا ما تتحدثين عن أهمية العمل الجماعي للحركة، كيف لنا ذلك في مجتمع يشجع الأنانية والنزعة الفردية؟
آنجيلا ديفيس: منذ نهوض الرأسمالية وما يتبعها من أيديولوجيات مرتبطة بالليبرالية الجديدة، أصبح من المهم تحديد مخاطر النزعة الفردية، وكل جهود النضال سواء كانت تجاه العنصرية أو القمع أو الفقر وغير ذلك من المعضلات، ستبوء بالفشل المحتّم في حال لم يكن هناك محاولات لتنمية الوعي تجاه الترويج الخبيث للنزعة الفردية الرأسمالية، حتى نيلسون مانديلا كان دائمًا حريصًا على أنّ تتم إنجازاته بشكل جماعي متضمنة جهودًا من الرجال والنساء اللذين كانوا رفاقه على حد سواء، على الرغم من أن الإعلام قام بتقديس إنجازاته كبطولة فردية، عملية مماثلة حاولت أن تنأى بجهود مشتركة بين الرجال والنساء ممن عملوا سويًا مع الدكتور مارتن لوثر كينج وشكلوا قلب حركة الحرية في منتصف القرن العشرين في الولايات المتحدة، لذا كان من الضروري جدًا معارضة فكرة تصوير بطولات التاريخ كعمل فردي حتى يعلم الناس اليوم أن جهودهم ماهي إلا جزء من جهد مجتمع كامل لا يتوقف عن النضال.
- فرانك برات: ماهي أهمية الحركة السوداء في هذا الوقت؟
آنجيلا ديفيس: الحركة السوداء أو كما يشار إليها الآن “حركة تحرير السود” أعتقد أنها اللحظة المعنيّة بالسعي لتحرير السود، فقد كانت هي ردة الفعل حينما أدركنا أننا نحتاج أكثر مما فرضته علينا الحقوق المدنية، نحتاج إلى حقوق أساسية وليست قانونية وحسب، نحتاج لحق العمل، السكن، التأمين الصحي، التعليم …إلخ، وحتى نواجه المجتمع الصلب بمطالبات كهذه قمنا بتخليصها في برنامج العشر نقاط في اجتماع النمر الأسود.
على الرغم أن الفرد الأسود (أمريكي – أفريقي) خاض مراتب متنوعة في المجال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، إلا أن عددًا كبيرًا من السود لازال معرضًا للاضطهاد الاقتصادي والاجتماعي والعنصري أكثر مما كان الوضع عليه أيام الحرب الأهلية، على أية حال مطالبات جماعة النمر الأسود بـ برنامج العشر نقاط كان ملائمًا جدًا، ربما أكثر ملائمة مما كان عليه في الستينات.
- فرانك برات: تم الاحتفال بانتخاب أوباما كنصر على العنصرية، هل تعتقدين أنه مجرد استرضاء؟ حيث إنه شلّ حركة الكفاح التي خاضها الأمريكيون الأفريقيون لوقت طويل؟
آنجيلا ديفيس: الكثير من الفرضيات بشأن أهمية فوز أوباما بالانتخابات كانت خاطئة، بالأخص تلك التي تظن أن ترشيح رجل أسود للرئاسة سيكون كالضربة القاضية التي ستمحو العنصرية، لكنني أعتقد بأن الانتخابات بذاتها كانت مهمة، خصوصًا أن كثير من الناس – يتضمنهم السود – لم يكونوا يؤمنون بإمكانية ترشيح رجل أسود للرئاسة في بادئ الأمر، قام بعض اليافعين من تكوين حركة – أو يجدر بنا – تسميتها حركة إلكترونية ساهمت في تحقيق ما ظنناه يومًا مستحيلًا .
المشكلة أن هؤلاء الذين قاموا بتلك الحركة لم يستمروا باستغلال هذه القوة المشتركة لدفع أوباما للقيام بأعمال تسهم بالتقدم في توجهات مختلفة، على سبيل المثال: التصعيد العسكري في أفغانستان واتخاذ إجراءات سريعة إزاء غوانتانامو أو إيجاد خطة قوية للرعاية الصحية، حتى نحن كمنتقدين يجب علينا التأكيد على فكرة أننا لن نكون بحال أفضل في حال كانت رئاسة البيت الأبيض لرومني، فالمشكلة خلال السنوات الخمس المنصرمة ليست في اختيار الرئيس المناسب بل كانت في الافتقار لتخطيط جيد لتحركات الجماعات التنظيمية.
- فرانك برات: بم تُعرفين حركة النسوية السوداء ودورها الرئيسي اليوم؟
آنجيلا ديفيس: حركة النسوية السوداء نشأت بعد جهود نظرية وعملية تخص العرق والجنس والتصنيف الاجتماعي في هذا العالم الذي نعيشه، في الوقت الذي نشأت فيه هذه الحركة كانت النساء السود يتم سؤالهن دائمًا لاختيار إما الحركة السوداء أو حركة النسوية السوداء، وكان هذا السؤال خاطئًا، السؤال المناسب هو كيف نفهم التناقضات وأوجه الشبه بين هاتين الحركتين، لازلنا نواجه التحدي المتمثل في فهم تعقيدات وتشابك المسائل المتعلقة بالعرق، النوع، الجنس والأمة، لكن أيضًا علينا أن نعرف كيف نتجاوز هذه التصنيفات المعقدة حتى نفهم العلاقات المتبادلة بين الأفكار والعمليات التي تبدو غير متصلة ببعضها، والتأكيد على الترابط بين النضال والعنصرية في الولايات المتحدة، والنضال ضد قمع إسرائيل للفلسطينيين، في هذا المعنى بالضبط تتجسد حركة التأنيث.
- فرانك برات: هل تظنين أنه حان الوقت للناس بأن يتحرروا من الأحزاب السياسية ومن الديموقراطية التي يدّعي قادتنا بأنهم يمثلونها والتي يتم عن طريقها الاشتراك في نظام فاسد وعفن يتم إداراته بجشع وحب للمال، هذه الأمور تفقده شرعيته .. لمَ لا نقوم بإيقاف هذه المهزلة وإيقاف التصويت والبدء من جديد؟
آنجيلا ديفيس: بالتأكيد لا أظن أن الأحزاب الأساسية الحالية تمثل المطالبات الرئيسية في ميدان المناضلين، لكن أظن أن ساحة الانتخابات قد تكون مناسبة للتنظيم بشكل عام، لطالما احتجنا في الولايات المتحدة لحزب سياسي مستقل ضد العنصرية ويدعم طاقم العمل النسائي، أيضًا أظن أنك صائبُ تمامًا في وصفك للنشاط الشعبي بالمكون الرئيسي الأهم لبناء حركة راديكالية.
- فرانك برات: العالم العربي خاض تغييرات هائلة خلال السنوات الأخيرة، لاسيّما الثورات التي لازالت تحدث حتى الآن في عدة بلدان، ما مدى أهمية فهم الناس في الغرب مدى تأثير تواطؤ حكوماتهم في دعم الديكتاتورية لدى حكومات العرب؟
آنجيلا ديفيس: أعتقد أنه من الممكن تمامًا أن يطالب الناس في العالم العربي أولئك الذين يعيشون في الغرب بأن يمنعوا حكوماتهم من دعم الأنظمة القمعية، خصوصًا إسرائيل، ما يسمى بالحرب ضد الإرهاب نتج عنه أضرار جسيمة في العالم، تشمل ازدياد حدة العنصرية تجاه المسلمين في الولايات المتحدة، أوروبا، أستراليا والتي انتشرت بشكل واسع في شمال الكرة الأرضية أيضًا، نحن بالتأكيد لم نعترف بعد بدورنا الكبير في استمرار الهجمات العسكرية والأيدولوجية على الناس في العالم العربي.
- فرانك برات: مؤخرًا قمتِ بإعطاء كلمة في لندن حول فلسطين ومنظمة G4S (Group 4 Security) وهي أكبر منظمة للأمن الخاص في العالم، وأيضًا تحدثتي بشأن صناعة السجون، أخبريني فضلًا ما هو الرابط بين هذه المواضيع الثلاثة؟
آنجيلا ديفيس: G4S دسّت نفسها في حياة الناس تحت ستار أمن الدولة وأمن المواطنين حول العالم وفي بريطانيا خاصًة، تعد هذه الشركة ثالث أكبر شركة خاصة في العالم بعد وولمارت وفوكسكوم، وتعد الأكبر في القطاع الخاص على نطاق القارة الأفريقية، هذه الشركة تأخذ أرباحًا من خلال استفادتها من العنصرية والممارسات المعادية للمهاجرين، ومن خلال تكنولوجيات المعاقبة في إسرائيل والعالم G4S هي المتسبب الأول في سجن الفلسطينيين لأسباب سياسية، و تتحمل جزءًا من فكرة إقامة الجدار الفاصل العنصري هناك، ومسئولون عن الاعتقالات في جنوب أفريقيا والسجن الأشبه بالمدرسة في الولايات المتحدة وعن الجدار الفاصل بين حدود الولايات المتحدة والمكسيك، وقد تفاجأنا أثناء اجتماع لندن أن G4S تدير مراكز للاعتداء الجنسي في بريطانيا.
- فرانك برات: كيف لصناعة السجون أن تكون ربحية؟ كثيرًا ما تقولين إنها الوجه الآخر للعبودية الحديثة؟
آنجيلا ديفيس: مجمعات السجون في توسع مستمر عالميًا وهذا الأمر واضح من خلال مثال G4S، يمكن للمرء أن يفترض أن ربحهم في ارتفاع، ليس فقط السجون الخاصة والعامة، حتى السجون العامة تم خصخصتها بشكل أكبر مما يتصوره المرء وبذلك أصبحت عرضة بشكل متزايد للمطالب الربحية، بل حتى مرافق الأحداث والسجون العسكرية ومراكز التفتيش، علاوة على ذلك أكثر قطاع للمصدر الربحي لمراكز السجون الخاصة يأتي من مركز احتجاز المهاجرين، بذلك يفهم الشخص أن محاولات تشريع قانون ضد الممارسات المعادية للمهاجرين تم سحبها من قبل شركات الأمن الخاص للحفاظ على أرباحهم.
- فرانك برات: هل فكرة وجود مجتمع بلا سجون خيالية ومستحيلة، أم أنه احتمال ممكن؟ ما هو رأيك حيال الموضوع؟
آنجيلا ديفيس: بالفعل أؤمن أنه من الممكن العيش في مجتمع بلا سجون وقد تكون الفكرة ملائمة للمستقبل في مجتمع متبدل حيث القوة الدافعة فيه هي حاجات الناس وليست الأرباح، في نفس الوقت فكرة إلغاء السجون الآن مستحيلة لأن أيدولوجية تدعيم السجون مغروسة بعمق في جذور عالمنا المعاصر، هناك عدد كبير من الناس خلف القضبان يتجاوز عددهم 2 مليون ونصف، السجون تم استخدامها كاستراتيجية لمحاربة الانحراف الناتج عن العنصرية، الفقر، العطالة، الأمية، هذه المشاكل لم تعالج حتى يتم سجن من ارتكب جريمة بسببها، إنها مسألة وقت حتى يدرك الناس أن السجون ليست حلاً، الجهود المبذولة في دعوى وقف الإعدام يمكن ويجب أن تحدث في مجال المطالبة بالمساواة بالتعليم وإتاحة فرص وظيفية بلا عنصرية و توفير عناية مجانية للصحة وأيضًا قد تساهم في صنع حركات نهضوية، وفي الترويج ضد الرأسمالية و انت الدعوة للاشتراكية.
- فرانك برات: ازدهار صناعة السجون، تُشير إلى ماذا في مجتمعنا؟
آنجيلا ديفيس: الأعداد المتزايدة للسجناء وتزايد العائد الربحي من اب إبقائهم كأسرى، هو أبشع مثال على القوة التدميرية للرأسمالية العالمية، لكن هذا الربح الفاحش يأتي أيضًا بسبب العناية الصحية والتعليم، وغيرها من الحقوق الإنسانية التي يفترض بها أن تكون مجانية.
- فرانك برات: في الفيلم الوثائقي The Black Power mixtape الذي أُصدر قبل سنتين ويتحدث عن الحركة السوداء/ النمر الأسود، كان هناك مشهد حيث يسألك أحد الصحفيين إذا ما كنتِ تؤيدين العنف، وكانت إجابتك ” أتسألني أنا عن العنف؟ .. هذا ليس منطقيًا!”، هل من الممكن أن تشرحي أكثر عن مقصدك بهذه الإجابة؟
آنجيلا ديفيس: كنت أحاول بإجابتي هذه أن أشير إلى أن هذا السؤال كان الأجدر به أن يوجّه إلى المؤسسات التي احتوت العنف ودعمته بكافة أشكاله كالجيش والشرطة والسجون، سبق أن قلت إنني نشأت في جنوب الولايات المتحدة في الوقت الذي سمحت فيه الحكومة لـ Ku Klux Klan بالقيام بتعديات إرهابية تجاه المجتمع الأسود، كنت وقتها في السجن بعد أن اتهمت زورًا بالقتل والخطف والمؤامرة، تحولت بذلك إلى هدف لمؤسسات العنف، ومن ثمّ يتم سؤالي في إذا ما كنتُ أؤيد العنف أم لا؟ عجيب! .. أيضًا كنت أريد الإشارة لدعوى التحول الثوري، فالعنف لم يكن هدفها في المقام الأول وحسب، بل سعت لقضايا حيوية مهمة كصنع ظروف حياة أفضل للناس الفقراء وذوي العِرق.
- فرانك برات: الكثير يظنون أنك أحد أعضاء حركة النمر الأسود وكنتِ من المؤسسين، هل من الممكن أن تشرحي دورك في هذه الحركة بالضبط؟ وماذا كانت انتماءاتك وقتها؟
آنجيلا ديفيس: لا لست أحد الأعضاء المؤسسين، فعندما تم تأسيس الحركة عام 1966 كنت وقتها أدرس في أوروبا، وفي عام 1968 انضممت إلى الحزب الشيوعي وأيضًا إلى حركة النمر الأسود حيث عملت في أحد فروعهم في لوس أنجلوس وكنت مسئولة عن التثقيف السياسي، على أية حال القيادة قررت أن أعضاء النمر الأسود لا يمكن لهم أن يرتبطوا بمنظمات أو أحزاب أخرى؛ لذلك اخترت البقاء في الحزب الشيوعي لكن لم أتوقف عن مساعدة ودعم النمر الأسود وعندما ذهبت للسجن كانوا قوة كبيرة في الدفاع عن حريتي.
- فرانك برات: نعود لسؤال العنف، عندما سمعت إجابتك لأول مرة في الوثائقي خطر في بالي قضية فلسطين، وكيف أن المجتمع الدولي والإعلام الغربي يطالبهم بوقف العنف! يطالبون المظلوم بضمان سلامة الظالم .. وهذا المطلب يلقى رواجًا كبيرًا، ما هو السبب برأيك؟
آنجيلا ديفيس: وضع مسألة العنف في المقدمة هو أمر حتمي للقضاء على المشاكل التي تعرقل النضال لأجل العدال، هذه القضية تشبه ما حدث في جنوب أفريقيا حيث كان نيلسون مانديلا أهم أحد أدعياء السلام في وقتنا الحاضر، موجودًا في لائحة الإرهابيين الأمريكية حتى عام 2008!. أهم قضايا فلسطين الآن في التحرر وحرية تقرير المصير يتم تقليصها ومحاولة طمسها من قبل أولئك الذين يربطون المقاومة الفلسطينية والعنصرية الإسرائيلية بالإرهاب.
- فرانك برات: عندما كنتِ في فلسطين ما الانطباع الذي تكون لديك من زيارتك؟
آنجيلا ديفيس: ذهبت إلى فلسطين في يونيو من عام 2011 مع وفد من المواطنين والنساء الناشطات حقوقيًا، تضمن الوفد أيضًا نساء ممن عايشن صراع الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في جيم كرو الجنوبية، وعلى المحميات الهندية، رغم تورطنا في عدة نشاطات تضامنية قبلًا هناك إلا أن ذلك لم يمنعنا من الدهشة مما رأيناه؛ لقد توصلنا لفكرة تشجيع دوائرنا الانتخابية للانضمام في منظمة BDS (Boycott, Divestment and Sanctions ) للتشديد على فكرة إقامة حملات لتحرير فلسطين، في الآونة الأخيرة ساهم بعض منا في نجاح فكرة مقاطعة المشاركة الثقافية والأكاديمية بواسطة رابطة الدراسات الأمريكية، وأيضًا بعض أعضاء الوفد ساهموا في جعل جمعية اللغات الحديثة تستنكر منع إسرائيل الأكاديميين الأمريكيين من التدريس والقيام بالأبحاث في جامعات الضفة الغربية الفلسطينية.
- فرانك برات: هناك الكثير من المقاومات التي يقوم بها الناس المظلومين بسبب العنصرية أو الاستعمار أو الاحتلال الأجنبي باستخدام القوة المسلحة (على سبيل المثال اتفاقية مؤتمر جنيف الأول)، هذه الأيام حركة التضامن الفلسطيني سلكت مسلكًا باعتماد المعارضة السلمية، هل تعتقدين أن هذه الأمر وحده كفيل بردع عنصرية إسرائيل؟
آنجيلا ديفيس: بالطبع هذا نهج حركات التضامن، في جنوب أفريقيا حتى التضامن الدولي كان منظمًا حيث الكونغرس الوطني الأفريقي و الحزب الشيوعي الأفريقي توصلوا إلى قرار أنهم بحاجة لقوة مسلحة لتنظيم الأمور (Umkonto We Siswe) وكان لهم كامل الأحقية في اتخاذ قرار كهذا، كذلك المثل مع الفلسطينيون، لهم الأحقية باختيار ما يرونه مناسبًا ويخدم مطالبهم، لكن في الوقت نفسه إذا أصبحت إسرائيل معزولة سياسيًا واقتصاديًا لن تتمكن من مواصلة عدوانها، وهذا ما تسعى إليه حملات BDS، على سبيل المثال إذا ما استطعنا نحن في الولايات المتحدة إجبار أوباما على قطع الثمانية مليون دولار التي يدعم بها حكومة إسرائيل يوميًا، سيكون إنجازًا عظيمًا يجعل إسرائيل تنهي الاحتلال.
- فرانك برات: كنتِ ضمن لجنة للإفراج عن الأسير السياسي الفلسطيني “مروان البرغوثي” وعن بقية الأسرى السياسيين، ما أهمية أمر إفراجهم في قضية العدالة بشكل عام؟
آنجيلا ديفيس: من الضروري أن يتم الإفراج عن مروان البرغوثي وجميع السجناء السياسيين، البرغوثي قضى عقدين من الزمن خلف القضبان، حالته الصعبة عكست واقع الفلسطينيين حيث تم اعتقال فرد واحد على الأقل من كل عائلة، حاليًا لدى السجون الإسرائيلية ما يقارب 5000 معتقل فلسطيني و نحن نعلم أنه من عام 1967 تم اعتقال 8000,000 فلسطيني – أي ما يقارب 40% من التعداد السكاني – من قبل ا؟إسرائيل وزجهم بالسجن!، المطالبة بتحرير هؤلاء المعتقلين هو مفتاح رئيسي للمطالبة بإيقاف الاحتلال الإسرائيلي.
- فرانك برات: في حديث لكِ في جامعة Birkbeck في لندن، قلتِ إن القضية الفلسطينية يجب أن تكون قضية عالمية وأي حركة أو تنظيم لأجل العدالة يجب أن يدرجوا هذه القضية في أجندتهم .. ماذا قصدتي بذلك؟
آنجيلا ديفيس: كما حصد النضال في جنوب أفريقيا ضد العنصرية الكثير من الدعم حول العالم، وتم إدراجه في أجندة كثير من مؤسسات وتنظيمات العدالة، قضية فلسطين يجب أن تحصل على المثل، يجب أن يكون هناك تضامن معها من قبل المنظمات والحركات حول العالم لأجل أن تتقدم أكثر، لكن للأسف القضية بدأت تنحى منحنًى آخر، أصبحت كالقضايا الهامشية، لذلك يجدر بنا تنويه كل من يؤمن بالمساواة في الحقوق والعدالة أن يدعو إلى تحرير فلسطين .
- فرانك برات: هل النضال أبدي؟
آنجيلا ديفيس: أود القول بأن النضال ينضج وينتج عنه أفكار جديدة، معضلات جديدة ينتج عنها مجالات جديدة تنتظر أن نخوضها بالسعي إلى الحرية، مثل نيلسون مانديلا يجب علينا الاستعداد للسير في طريق طويل من أجل الحرية.
هذه الأسئلة تم إجراؤها على مدى عدة أشهر، وتم اختصارها في هذه المقابلة، جزء من هذه المقابلة نُشر في مجلة The Nation