ترجمة وتحرير: نون بوست
في آب/ أغسطس، كانت عزة سليمان تقضي إجازة في واحة سيوة في الصحراء الغربية بمصر عندما سمعت أنه ألقي القبض على العديد من شهود قضية اغتصاب جماعي اهتزت لها البلاد. قالت الناشطة النسائية والمحامية التي مثلت الضحية لفترة وجيزة: “كدت أصاب بجلطة. علمت أن أمرا مريبا كان يحدث عندما سمعت أنه قُبض على الشهود”.
أثارت التفاصيل المروعة لقضية “فيرمونت”، التي سميت نسبةً لفندق فاخر في القاهرة وقعت فيه جريمة الاغتصاب، انتباه الجمهور. في تموز/ يوليو، كشف نشطاء الإنترنت عن رواية مخيفة للهجمة على حساب عبر إنستغرام باسم “Assault Police” (شرطة الاعتداءات)، الذي كشف مؤخرًا عن متحرش جنسي مزعوم من خلفية غنية، مما أدى إلى اعتقاله. كما أقرت الحكومة قانونا بشأن البيانات لحماية خصوصية الضحايا.
في ذلك الوقت، شهدت مصر اندفاعا مشابهًا لحركة “أنا أيضا”، وساد شعور بأن البلاد على شوك دخول حقبة جديدة تتصدى فيها الدولة للمتحرشين الجنسيين بقوة غير مسبوقة، بغض النظر عن مكانتهم الاجتماعية. لم تلبث موجة التفاؤل تلك طويلا، وقد تلاشت الآن تماما. سلّط اعتقال الشهود الضوء على الصعوبات التي يواجهها الناشطون في مصر وجميع أنحاء المنطقة في حملاتهم للمطالبة بمنح المرأة المزيد من الحقوق في دولة محافظة يسيرها نظام استبدادي.
لطالما واجهت النساء العربيات قيودًا أكثر بكثير من الرجال، ولكن مع تزايد أعداد النساء الحاصلات على شهادات جامعية – بمعدلات أعلى من الذكور في العديد من البلدان – كافحت المرأة العربية لإعادة تشكيل دورها في المجتمع. بدا أن انتفاضات 2011 ستفتح نافذة لجيل أصغر من الناشطات الجريئات للدفاع عن قضيتهن. لكن بعد عقد، لم يشهد وضع المرأة العربية أي تحسن، حيث أصبحت المنطقة أكثر استبدادية، مع قمع العديد من مشاهد الحوار العام.
توضح قضية “فيرمونت” في مصر العقبات التي تعترض طريق التغيير. على الرغم من أن جريمة الاغتصاب المزعومة قد وقعت في سنة 2014، إلا أن النشطاء لم يعلنوا عنه حتى الصيف الماضي فقط. وقد زُعم أن المعتدين قاموا بتخدير الشابة في إحدى الحفلات، وتصوير جريمة اغتصابهم لها، ونشروا تلك اللقطات بين أصدقائهم.
في ظل انتشار معلومات حول القضية، شجع المجلس القومي للمرأة المعين من الدولة الضحية على تقديم شكوى رسمية، ودعت أي شاهد لتقديم شهادته. بعد أيام من صدور المنشور على منصة إنستغرام، طلب المدعي العام من الإنتربول اعتقال سبعة من الجناة المزعومين – معظمهم شباب من عائلات ثرية ذات معارف مهمة. وقد قُبض على ثلاثة منهم في لبنان، وأعادتهم السلطات لمصر. ولم يتم تحديد تاريخ المحاكمة حتى الآن.
لكن اعتقال الشهود الستة بعد أيام – حيث يواجهون جميعهم اتهامات مختلفة وبعضهم احتُجز لأشهر – أعقبته قصص تشهير وتسريبات لصور شخصية من هواتفهم. أثارت هذه الأحداث استياء النشطاء وبددت الآمال في إمكانية إخضاعهم لمحاكمة تاريخية.
تعتقد سليمان أن الاعتقالات ستضعف القضية من خلال تقويض مصداقية الشهود، الذين ورد أنهم يواجهون تهم الفجور والمخدرات. كما تخشى أنها ستحول دون تقدم آخرين للشهادة في قضايا العنف الجنسي لاعتقادهم بأن حياتهم الشخصية ستخضع للتمحيص، وهذا الأمر “محبط للضحايا، وسيجعل إقناع الشابات باللجوء إلى المحاكم أكثر صعوبة”.
أوضحت لبنى درويش، مسؤولة الشؤون الجنسانية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي جماعة مجتمع مدني قد واجهت أنشطتها حملة قمع من قبل، أن اعتقال الشهود يشير إلى أن التحركات ضد الجناة المزعومين كانت متعلقة بالعزم على معاقبة “الفجور” بدلا من الالتزام بحماية أمن المرأة.
بالنسبة للنسويات المصريات، تدل هذه التطورات على محدودية إمكانيات النشاط عبر الإنترنت في بلاد لا تزال مجالات السياسة والإعلام والمجتمع فيها خاضعة للرقابة المشددة، ويخيم التهديد بالعقاب على أي محاولات تغيير.
بعد عشر سنوات من الثورة التي فتحت نافذة صغيرة لنشاط اجتماعي قوي سرعان ما أغلقها نظام جديد في سنة 2013، لا تزال مواقع التواصل الاجتماعي تشكّل الفضاء الوحيد المتاح للناشطين في مجال حقوق المرأة. لكن الناشطات النسويات يقلنّ إن هذه المنصات ليست كافية للتأثير على السياسات وتسخير الرأي العام لتأييد الإصلاحات الكبرى.
في سنة 2013، انتهت التجربة الديمقراطية الوجيزة للبلاد عندما أطاح الجيش بالرئيس المنتخب، وذلك من خلال إثارته للتفرقة في انقلاب دعمه ملايين المصريين. في عهد الرئيس الحالي والعسكري السابق عبد الفتاح السيسي، قامت السلطات منذ الانقلاب بقمع المعارضة بشدة ولم تترك مساحةً لمعظم أشكال المبادرات المستقلة التي تسعى إلى تحقيق التغيير. وكان النشاط النسوي، خارج مواقع التواصل الاجتماعي والحدود الضيقة التي تسمح بها الدولة، من ضحايا سياسة القمع.
أفادت مزن حسن، المديرة التنفيذية لمؤسسة “نظرة” للدراسات النسوية، بأنه “لا وجود لحركة نسوية حقيقية دون ميدان عام”. تعرضت حسن لحظر على السفر وتجميد الأصول منذ 2016 كجزء من حملة حكومية للضغط على المنظمات غير الحكومية وجماعات حقوق الإنسان التي تتلقى تمويلا أجنبيا.
أشارت حسن إلى أن ثورة 2011 أشعلت حركة حقوق المرأة. شاركت المرأة خلال الاحتجاجات في ميدان التحرير التي أجبرت حسني مبارك على التنحي عن رئاسة الجمهورية، وانضمت إلى الأحزاب السياسية وجماعات المجتمع المدني وتحدّت المعايير المحافظة التي تحكم سلوكيات الإناث.
لكن، حسب سليمان، حدّ إغلاق الميادين العامة بعد 2013 من العمل النشط من أجل حقوق المرأة، وقيّد قدرة النسويات على المطالبة بالتغيير. أوضحت رئيسة المركز الذي يقدم المساعدات القانونية للنساء اللواتي يواجهن قيودًا مشابهة لقيود حسن، أن “الثورة أسفرت عن ظهور العديد من المبادرات، وحتى فتيات القرى كنّ يعبرن عن رأيهن. لكن كل ذلك توقف لأن الحيز المتاح للنشاط قد أُزيل”.
تحدي الحداثة
في مصر ودول أخرى في العالم العربي، حققت المرأة مكاسب قانونية في العقود الأخيرة رغم القيود التي تفرضها الحكومات. في كثير من الأحيان، تم تصوير الإنجازات التي كانت ثمرة سنوات من الضغط والنشاط على أنها هدايا من الحكام الذين يحرصون على إبراز مدى حداثتهم.
يقول المحللون إن هذه الممارسة تعكس أسلوب حكم “من أعلى إلى أسفل” في منطقة استبدادية يُنظر فيها إلى الحشد الشعبي والنقاشات المفتوحة على أنها تهديدات مزعزعة للاستقرار. دائما ما يضع الحكام الذين قدموا تنازلات دورية بشأن حقوق المرأة حدودًا للتغيير ويتحكمون في منحى النقاش.
قالت أستاذة الأدب النسوية في جامعة القاهرة وعضو اللجنة التي صاغت دستور البلاد لسنة 2014، هدى الصدة: “على مر التاريخ، تم التلاعب بقضايا المرأة من قبل الدول الديكتاتورية في مصر ودول أخرى في المنطقة. وكان الهدف من ذلك إظهار البلاد بهيئة حديثة وفي صفوف الأمم المتحضرة. كما أنها كانت وسيلة [لكي تشير الأنظمة إلى] أنها أفضل من خصومها الإسلاميين”.
في تونس، التي تعد واحدة من أكثر البلدان الليبرالية اجتماعيًا، والمثال الوحيد على انتقال ديمقراطي ناجح في العالم العربي، سُنّ قانون في سنة 2017 يهدف إلى مكافحة العنف ضد المرأة، ووصفته الأمم المتحدة بكونه “تاريخيًا”. بينما يشكوا النشطاء من مدى بطء تطبيق القانون، أشارت المحامية والنائبة السابقة بشرى بلحاج حميدة إلى أن “القانون لم يكن ليصل هذا المستوى الشامل لولا جلوس أعضاء نسويات على مقاعد البرلمان أو دون الديمقراطية التعددية”. وما زالت حميدة مستمرة في مطالبتها بقوانين تضمن المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة.
في المغرب، يعود الفضل في سن قانون الأسرة الإصلاحي لسنة 2004 إلى الملك محمد السادس، على الرغم من أن الجماعات النسائية عملت لسنوات من أجل هذه التحسينات. سهلت “قوانين سوزان” في مصر الطلاق للنساء ومددت حضانة النساء للأطفال حتى سن 15، وهي مجموعة قوانين كانت تدافع عنها سوزان مبارك، أرملة الرئيس السابق. وضمنت مداخلتها في سنة 2000 اعتماد التغييرات التي طالبت بها النساء منذ فترة طويلة، كما ساعدت على الحصول على تأييد المؤسسة الدينية المحافظة.
تعتبر المملكة العربية السعودية المثال الأكثر تطرفا في هذا السياق، فقد قام محمد بن سلمان، ولي العهد والحاكم الفعلي، في سنة 2017 بإلغاء الحظر الذي واجه انتقادات كثيرة المتعلّق بقيادة النساء للسيارات، كجزء من الإصلاحات التي عززت شعبيته في صفوف الشباب السعودي. حتى أنه حدّ من صلاحيات شرطة الأخلاق في المملكة وسمح للنساء بالسفر دون موافقة ولي الأمر. لكن ولي العهد أشرف أيضًا على حملات القمع التي شُنت ضد جميع أشكال النقد والناشطين، بما في ذلك سجن ناشطات بارزات في مجال حقوق المرأة اللواتي أطلقن حملات لرفع الحظر المفروض منذ عقود على قيادة المرأة للسيارة قبل أسابيع فقط من رفعه.
تعرضت الناشطة السعودية البارزة، لجين الهذلول، للتعذيب في السجن، وذلك وفق ما أفادت به عائلتها. كما تم تشويه سمعتها وإدانتها في محاكم خاصة تنظر في قضايا الإرهاب. وحُكم على الهذلول في شهر كانون الأول/ ديسمبر بالسجن لمدة ستة سنوات بتهمة محاولة الإضرار بالأمن القومي والتشجيع على أجندة أجنبية. وقد أُطلق سراحها الأسبوع الماضي بعد أن أمضت ألف يوم في السجن.
مقاومة العنف
بعد اندلاع الثورة المصرية في سنة 2011، أعقب ذلك فترة من المرونة السياسية مع الإسلاميين وخصومهم العلمانيين الذين يتنافسون على السلطة والحق في تشكيل المجتمع حسب تصوّرهم. كان المشهد الإعلامي مفعما بالحيوية وغير مقيّد، لاسيما التلفزيون، حيث وقع عرض نقاشات مفتوحة حول مكانة المرأة في المجتمع. ولكن مع فوز الإخوان المسلمين والإسلاميين السلفيين المتشددين بأغلبية ساحقة في الانتخابات، أصبحت العديد من النساء يخشين تراجع الحقوق القانونية.
لكن الأحزاب الدينية المحافظة لم تكن الوحيدة التي طرحت تعديلات رجعية على قوانين الأسرة، التي حفزت الحركات النسوية على الاحتشاد. لكن بروز النساء أكثر في ميدان التحرير، مركز الثورة، جعلهن أيضا هدفا للعنف. وقد خضعت المتظاهرات اللاتي قُبض عليهن في سنة 2011 لاختبارات العذرية المهينة. وفي وقت لاحق من تلك السنة، انتشرت صورة متظاهرة ملقاة على الأرض، وكانت عباءتها السوداء مفتوحة مما كشف عن ملابسها الداخلية بينما كان الجنود يضربونها ويركلونها.
أشعلت هذه الصورة غضب آلاف النساء اللاتي خرجن في مسيرة في وسط القاهرة للتنديد بما حصل، والذي يعتبر غير معقول حاليًا. لم يتم الكشف عن هوية “الفتاة صاحبة حمالة الصدر الزرقاء” المشهورة ولكنها أصبحت أيقونة للثورة.
لعل أكثر الأمور إثارة للصدمة هو أن الهجمات الجنسية الجماعية التي وقعت في ميدان التحرير والتي ازدادت وتيرتها في أواخر سنة 2012، كانت مرتكبة من قبل حشود من الرجال كانوا يطوقون المتظاهرات بعد حلول الظلام لتمزيق ملابسهن والتحرش بهن في نوبات عنف مرعبة ومطولة. صدمت الاعتداءات المجتمع المدني وشجعت على ظهور مجموعات مثل حراس التحرير ومجموعة قوة ضد التحرش، حيث قام متطوعون شبان بمراقبة المظاهرات لإنقاذ النساء المعرضات للهجوم.
قالت الصدة إنه خلال فترة وجيزة من سنة 2013 “رأينا ضحايا العنف من الإناث اللاتي تم تمكينهن من الظهور على شاشات التلفزيون العامة ورواية قصصهن بصراحة، وسرعان ما أصبح الأمر قضية رأي عام. ووقع عقد مناقشات عامة جادة للمرة الأولى ولم تكن هذه المناقشات القديمة نفسها التي كانت تلقي باللوم على النساء”.
تجادل الصدة بأن النشاط الذي شهدته تلك الفترة المضطربة زاد من وعي المجتمع بالتهديدات التي تتعرض لها المرأة، ومهّد الطريق لتبني مادة في دستور 2014 في عهد السيسي والتي تُلزم الدولة بمكافحة العنف ضد المرأة. وتبع ذلك قانون يجرم التحرش الجنسي.
وأضافت الصدة: “كنا دائما نواجه الحجة القائلة بأن مجتمعنا المحافظ كان العقبة الرئيسية أمام النهوض بقضايا حقوق المرأة، لكن سنة 2011 أظهرت لنا أن الأمر يتعلق بالسياسة. وعندما فُتح المجال السياسي، كان من الممكن اتخاذ بعض الخطوات الكبيرة بالفعل. ومع أن المساحة السياسية قد أصبحت ضيقة حاليًا بالتأكيد، إلا أن التغيير على مستوى الوعي والإدراك لم يندثر”.
دفعة الأجيال
بدأ انتشار وسم “#أنا أيضا” في مصر في صيف سنة 2020 عندما أنشأت نادين أشرف، وهي طالبة تبلغ من العمر 22 سنة، حسابا على إنستغرام أطلقت عليه اسم “شرطة الاعتداءات” تحديدا للتشهير بالطالب أحمد بسام زكي الذي يُزعم أنه كان متحرشا متسلسلا.
في البداية، نشرت زميلة نادين أشرف تحذيرا للشابات عن بسام زكي ثم حذفته بعد تلقيها تهديدها بشكوى تشهير. لكن الشهادات الأولية ضده التي شاركتها نادين على الحساب أثارت سيلا من القصص من شابات أخريات كن قد التحقن بالمدرسة والجامعة مع زكي.
من جهتها، قالت نادين أشرف: “كنت غاضبة ومحبطة لأن النساء من حولي يتهمن هذا الرجل بالاعتداء الجنسي، ولكن لم يكن أحد يستمع إليهن. وقد فوجئت كثيرا بمثل هذه الاستجابة القوية”.
في شهر كانون الأول/ ديسمبر، حُكم على زكي بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة سوء استخدام منصات التواصل الاجتماعي ومن المقرر أن يمثل أمام المحاكم الجنائية بتهمة الاعتداء الجنسي. لقد نفى زكي جميع التهم الموجهة إليه. لكن كان اعتقاله الذي جاء بعد التحرك السريع للسلطات القضائية لتوجيه التهم إليه وتشجيع الشهود على الاعتراف بجريمته، هو ما زاد التوقعات المتعلقة بقضية فيرمونت عندما كشف عنها حساب “شرطة الاعتداءات”. تعرضت نادين أشرف نفسها للتهديد من قبل الجناة المزعومين واضطرت إلى عدم الاتصال بالإنترنت لبضعة أيام إلى أن قدمت الضحية شكواها الرسمية وأخذت الإجراءات القانونية مجراها.
تقول نادين أشرف إنها شعرت بالإحباط بسبب المنحى الذي اتخذته قضية فيرمونت لكنها تأمل أن تؤدي المحاكمة إلى معاقبة الجناة. يواصل حساب شرطة الاعتداءات الإعلان عن حالات العنف الجنسي وإثارة قضايا مثل الاغتصاب الزوجي غير المعترف به في القانون المصري وكذلك في الدول العربية الأخرى. تقول نادين أشرف: “أرى الكثير من التغيير الذي يبادر به جيلي. لكنني أدرك أيضًا أنني منحصرة في الطبقة الوسطى العليا، والتغيير الجذري سيحدث عندما نكون قادرين على ممارسة الضغط من أجل الدفع نحو المزيد من الإصلاحات القانونية”.
حتى مع كل القيود والعوائق، يقول نشطاء في دول الشرق الأوسط إنهم مصممون على الاستمرار في الضغط من أجل إجراء تحسينات كبيرة على مستوى حقوق المرأة التي ستوفر حماية أفضل ضد التحرش والانتهاكات الجنسية. في مصر، إن استمرار شرطة الاعتداءات وحسابات منصات التواصل الاجتماعي الأخرى في تسليط الضوء على بعض الحالات الجنائية يؤدي إلى الضغط على الأفراد المتهمين بارتكاب الجرائم. من جانبها، تقول لبنى درويش: “لا نعرف ما إذا كان هذا الضغط سيستمر ويصبح مؤسسيا ومنهجيا. لكن في نفس الوقت، هناك شيء ما قد تحرك وأشعر أنه لا يمكن إيقافه”.
تناقش الحركات النسوية في مصر مجموعة من القضايا التي يرغبن في تغييرها من خلال الضغط على أصحاب القرار، مثل التشريع الجديد الذي يتعلق بشؤون الأسرة الذي لم يتم تقديمه إلى البرلمان بعد، والذي يخشى البعض أنه قد يؤدي إلى تراجع المكاسب القانونية. في المقابل، أدت المخاوف بشأن التهمة الغامضة والأخلاقية المتمثلة في انتهاك “قيم الأسرة المصرية” إلى سجن فنانات يستخدمن تطبيقات مثل “تيك توك”. في الوقت الحالي، يبقى طرح هذه القضايا منحصرًا داخل منصات التواصل الاجتماعي.
تقول عزة سليمان إنه “لدى الجمعيات النسوية أنشطة محدودة الآن في ظل غياب التمويل”، كما كان لتجميد الأصول وحظر السفر تأثير على الأجيال الثانية من النشطاء وأعاق عمل البعض منهم. ولكن رغم كل ما حدث، يبقى إقدام الفتيات على مشاركة حالات العنف الذي تعرضن له في العلن وتقديم الشكاوي ضد أساتذة وأطباء وغيرهم من المتحرشين، من أهم المكاسب التي حققتها هذه الحركات”
المصدر: فايننشال تايمز