اعترفت الحكومة التركية ضمنيًا بفشل منظومتها الأمنية الداخلية، وذلك من خلال تصريح أصدره “بولنت آرينتش” نائب رئيس الوزراء، وقرار اتخذه المجلس الوزاري بعد أكثر من 5 ساعات من الاجتماع، جاء فيهما أن المنظومة الأمنية الداخلية في تركيا تحتاج لبرنامج إصلاح وإعادة هيكلة شاملة حتى تكون قادرة في المستقبل على مواجهة التحديات الأمنية الشبيهة بالتي واجهتها على إثر أزمة مدينة عين العرب السورية المعروفة لدى الأكراد بكوباني.
وبسبب اشتداد القتال في مدينة عين العرب السورية بين المقاتلين الأكراد الموالين لحزب العمال الكردستاني ومقاتلي تنظيم داعش، دعا حزب الشعوب الديمقراطية (الممثل السياسي لأكراد تركيا) لمظاهرات شعبية لمطالبة الحكومة التركية بدعم المقاتلين الأكراد لوجستيًا وعسكريًا، غير أن لجوء المتظاهرين للعنف ولاستخدام الأسلحة جعل المظاهرات تتحول إلى مواجهات بين المتظاهرين والأمن أحيانًا وبين المتظاهرين بعضهم بعض في أحيان أخرى.
وحسب ما أعلنته الحكومة فإن الاحتجاجات أسفرت عن مقتل 33 مواطنًا وشرطيين، وعن إصابة 135 شرطيًّا بجروح، وإحراق 531 سيارة شرطة و631 سيارة مدنية، إضافة إلى تخريب 1122 مبنى، من بينها 214 مدرسة، ومراكز تعليم القرآن الكريم، ومتاحف ومكتبات.
وقال “بولنت آرينتش” إن المجلس الوزاري قرر وضع خطة شاملة لإصلاح المنظومة الأمنية الداخلية، وأن الذين سيضعون هذه الخطة سيدرسون المنظومات الأمنية في الدول الأوروبية وخاصة المنظومة الأمنية الألمانية.
وتواجه تركيا تحديات أمنية داخلية كبيرة، أخطرها في المحافظات الشرقية الجنوبية، حيث توجد خلايا قديمة لحزب العمال الكردستاني الذي كانت له أنشطة عسكرية كثيفة طيلة العقود الماضية في هذه المنطقة ولم ينسحب منها سوى في السنتين الأخيرتين بعد اتفاق مع جهاز الاستخبارت التركي ومع الحكومة على حل اللمشكلة الكردية بشكل تدريجي وعبر مفاوضات مباشرة بين الحكومة والأكراد وعبر إصلاحات تشريعية تعيد للمواطنين الأكراد حقوقهم المدنية كاملة وتساوي بينهم وبين باقي المكونات الثقافية والعرقية للجمهورية التركية.
ومن التحديات الأخرى التي تواجهها المنظومة الأمنية التركية الداخلية؛ قيام جماعة فتح الله كولن باختراق الجهاز الأمني عبر آلاف المنتمين للجماعة والذين يقدمون ولاءهم للجماعة على ولائهم لمسؤوليهم في مؤسسات الدولية، وهو الأمر الذي جعلهم يتنصتون على آلاف الشخصيات البارزة في تركيا ويلفقون عشرات القضايا للإطاحة بكل من يحاول إيقاف تغلغلهم داخل أجهزة الدولة أو يحاول كشف ممارساتهم غير القانونية.
ومن التحديات الأمنية الداخلية الأخرى التي تواجهها تركيا، تحدي عصابات الجريمة المنظمة؛ فرغم النجاحات الكبيرة التي حققتها حكومات العدالة والتنمية المتعاقبة منذ 12 سنة، ورغم الأرقام القياسية دوليًا في محاربة تجارة المخدرات، مازال معدل الجريمة في تركيا مرتفعًا، ولازالت المنظومة الأمنية التركية مفتقرة للنجاعة التي تتوفر في الدول الأوروبية المتقدمة.